السوق العربية المشتركة | د.فخرى الفقى أستاذ الاقتص اد بجامعة القاهرة ومساعد مدير صندوق النقد الدولى الأسبق فى حوار خاص لـ«السوق العربية»: قرار رفع الدعم كان ضرورياً.. والمساعدات الخليجية رد للجميل

السوق العربية المشتركة

الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 - 05:24
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

د.فخرى الفقى أستاذ الاقتص اد بجامعة القاهرة ومساعد مدير صندوق النقد الدولى الأسبق فى حوار خاص لـ«السوق العربية»: قرار رفع الدعم كان ضرورياً.. والمساعدات الخليجية رد للجميل

فخرى الفقى
فخرى الفقى

شهدت مصر خلال الثلاث سنوات الأخيرة منعطفات اقتصادية هائلة وازمات غاية فى الخطورة، وبعد انتخاب الرئيس السيسى رئيسا جديدا لمصر بدأ فى اتخاذ كثير من الاجراءات الاقتصادية العاجلة لاصلاح منظومة الاقتصاد المصرى والتى أثارت جدلا واسعا وتأييدا من الكثيرين، وينتظر المصريون نهضة اقتصادية جديدة تضع مصر فى مصاف الدول المتقدمة وتدخل مصر حيزا جديدا من النمو والازدهار، السوق العربية حاولت أن تخترق قضية الاقتصاد المصرى ما بين الآمال والتحديات القادمة فالتقت واحدا من اهم رجال الاقتصاد فى مصر هو الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتور فخرى الفقى الذى شغل منصب مساعد مدير صندوق النقد الدولى بالشرق الأوسط ليشرح لقراء السوق العربية أهم التحديات القادمة لمصر واقتصادها واهم احتياجات النمو والتقدم الذى تحتاجه.



العجز الهائل فى الموازنة وراء قرار الحكومة خفض الدعم

■ فى البداية ما رأيكم فى قرار حكومة محلب برفع اسعار الطاقة والذى أثار جدلا واسعا خلال الايام الماضية؟

- اقتصاديا ارى أن قرار رفع الدعم هام جدا وحيوى وكان يجب اتخاذه منذ فترة طويلة ولكن خوف الحكومات السابقة التى كان معظمها مؤقتا كان سببا فى ذلك ولكن القرار فى ذاته سليم جدا لانه يحمل الدولة وميزانيتها خسائر طائلة وفى نفس الوقت الدعم فى الغالب لا يصل الى الفقير وانما يصل الى الاغنياء وأصحاب المصالح، فكان من الضرورى ان تتخلص الحكومة من هذا العبء والذى يثقل الاقتصاد المصرى بمزيد من الخسائر والتراجع، اذا فالقرار صحيح وكان لابد منه وخبراء الاقتصاد اجمعوا على ضرورة القيام بهذا الاجراء مع بعض القرارات الاخرى والتى كان لا غنى عنها.

■ ما هذه الاجراءات التى كان يجب على الحكومة اتخاذها مع قرار رفع الدعم؟

- كان من الواجب على حكومة المهندس ابراهيم محلب أن تتخذ بعض الاجراءات الاحترازية كما نسميها نحن الاقتصاديين لتقلل من حجم الضرر الذى سيلاقيه المواطن الفقير او المواطنين فى الشريحة الاقل دخلا فى المجتمع، واول هذه الاجراءات واهمها هو اتمام منظومة الكروت الذكية والتى تستطيع الحكومة من خلالها معرفة مستحقى الدعم من غير المستحقين فيجب على الحكومة ان تسرع فى البدء بالعمل بمنظومة الكروت الذكية والتى ستحمى حق المواطن الفقير فى ان يظل مستفيدا من الدعم ويرفع الدعم فقط عن اصحاب الدخول الكبيرة الاغنياء فهم غير مستحقين للدعم وبهذا يكون لدينا قاعدة بيانات نعرف من خلالها اين نضع الدعم ومتى نرفعه عن اى شريحه من المواطنين.

■ إذا لماذا لم تتخذ الحكومة هذه الاجراءات وأخرجت القرار بهذه السرعة؟

- يرجع ذلك بسب العجز الهائل الذى الموازنة العامة لهذا العام ما دفع الرئيس السيسى لعدم اقرارها واصدر اوامره للحكومة بتخفيض الدعم لسد هذا العجز الهائل والوقت لم يكن فى صالح الحكومة لان منظومة الكروت الذكية امامها حوالى 3 شهور حتى تكتمل ويبدأ العمل بها فكان يجب اصدار القرار حتى يتم الاستفادة من هذه الشهور للتغلب على عجز الموازنة باى شكل ومحاولة انقاذ الاقتصاد من الانهيار.

■ هل هناك إجراءات اخرى؟

- بالطبع هناك اجراءات هامة جدا على حكومة محلب ان تتخذها واهمها البدائل الحقيقية لرفع الدعم حتى يشعر المواطن بالتعويض المناسب الذى يفيده مثل استمرار الحد الادنى ورفع المعاش الاجتماعى والنهوض بقطاع التعليم والصحة بشكل اكبر وتطوير العشوائيات حتى يشعر المصريون بقدر الاستفادة من رفع الدعم خصوصا الطبقة الفقيرة منهم، فعندما يجد المواطن تعليما جيدا ومستشفيات بها خدمة صحية جيدة له ولاسرته ويجد الدولة اتخذت اجراءات حاسمة فى قضية العشوائيات واستمرار تطبيق الحد الادنى وثبات المرتبات وتوافر الاسكان الاجتماعى الذى يحل مشاكل ابنائه وشباب مصر بعد كل هذه الاجراءات يجد المواطن نفسه مستفيدا من رفع الدعم ومؤيدا لذلك بشده.

■ لاحظت أن حضرتك ذكرت فقط الحد الادنى لم تذكر الحد الاقصى.. لماذا؟!

- لاننى فى الحقيقة لست موافقا على تطبيق الحد الاقصى لانه يتسبب فى هروب الكفاءات من الجهاز الادارى للدولة وهذا يؤثر على سير العمل فى الدولة ما يعود بالخسارة على الاقتصاد وكأننا لم نفعل شيئا فما فائدة المال ولا وجود للكفاءات! واما قول البعض من اراد ان يرحل فليرحل هذه مقولة خاطئة لان مصر الان لا تمتلك الا هذه الكفاءات ولا وجود لأمثالهم فيجب اولا علينا ان نخلق كوادر جديدة وكفاءات تستطيع ملء هذه الفراغ ثم نتحدث بعد ذلك عن حد اقصى، وحتى القيادات التى ستوافق وهى مرغمة على الحد الاقصى سوف تتأثر نفسيا وتؤثر على حجم العمل وكفاءته وهذا ما لا نريده مطلقا باى شكل.

■ ما المطلوب من حكومة المهندس ابراهيم محلب والمجموعة الاقتصاديه تحديدا؟

- مطلوب بشكل أساسى وعاجل خروج المهندس ابراهيم محلب معلنا بكل شفافية وصدق خططه المستقبلية واجراءاته الاقتصادية وبرنامجه الاقتصادى حتى نعرف الى اين نسير بالظبط واهم ما نرجوه فى هذا البرنامج هو ان يكون صادقا وليس كلام انشاء بلا فائدة وايضا ان يكون متدرجا وطويل الاجل خلال 10 سنوات على الاقل يهدف الى خلق اقتصاد قوى وجاذب للاستثمارات الاجنبية والمحلية معا وبالطبع يجب ان يكون البرنامج الاقتصادى لحكومة محلب مقبول اجتماعيا حتى لا تحدث اضطرابات جديدة او اعتراضات من المغرضين واصحاب المصالح الذين يهدفون الى الصيد فى الماء العكر واستغلال اى حدث تمر به مصر لتحقيق اغراضهم الخبيثة.

■ ما رأيكم فى تعامل النظام الحالى مع الملف الامنى وما تأثيره على الاقتصاد؟

- انا راضٍ بشكل كبير عن الأداء الامنى حاليا واريد ان انوه الى ان الامن مصطلح نسبى فليس بالضرورة ان يكون يكون الامن مستتب مائة بالمائة فالطبيعى فى بلد كمصر تحاك لها المؤمرات وبها اضطرابات وقلائل منذ 25 يناير ان يظل هناك بعض المشاكل والازمات الامنية التى اثق انها ستقل تدريجيا حتى نتخلص منها تماما باذن الله ومصر قيادة وشعبا ستعبر هذه المرحلة الصعبة وستمر الى الامام وستشهد مزيدا من التقدم والتطور خلال الفترات القادمة بارادة ابنائها المخلصين.

■ ما رأيكم فى المساعدات الخليجية وهل حل مناسب لانقاذ الاقتصاد المصرى؟

- يجب ان يفهم الناس ان هذه المنح والمساعدات ليست هبة من الاخوة الاشقاء انما هى رد للجميل فمصر اعطت دائما ومازالت تعطى وما فعله الاخوة من باب قول النبى صلى الله عليه وسلم كان الله فى عون العبد ما كان العبد فى عون اخيه، فهؤلاء اخوتنا وقفوا بجوارنا فى محنتنا وأرفض ان يزايد البعض ويتهم مصر بالتسول فمصر اعطت من قبل وساعدت من قبل فوجب على اخواتنا ان يردوا الجميل وهم لهم كل الشكر والتقدير على ذلك ولن تنسى مصر لهم هذا الموقف، اما بالنسبة لسؤالك هل هى حل ام لا؟ بالطبع حل ليس امامنا غيره الان فماذا على مصر فعله، هل الاقتراض من مؤسسات دولية شروطها فى منتهى القسوة ولن توافق على مساعدة مصر الان، اذ هو حل جيد فى الوقت الراهن حتى تستطيع مصر ان ترتب اوارقها من جديد.

■ بمناسبة مساعدات المؤسسات الدوله، ما آخر اخبار قرض صندوق النقد الدولى وهل هناك جديد؟

- ما يردده البعض منذ مدة عن وجود مفاوضات او قرض قريب هو محض خيال فصندوق النقد من المعروف انه لا يتفاوض حتى مع حكومات مؤقتة ولا يتعامل الا مع مؤسسات منتخبة، انما يمكن لبعثة صندوق النقد فقط ان تزور مصر لتساهم فنيا مصر فى اخر الخطط الاقتصادية والاصلاحات التى تنوى مصر اتخاذها، فهذ لا تعد الا مساهمة فنية لا علاقة لها بالقرض او حصول مصر عليه من عدمه.

■ اذا متى تستطيع مصر البدء فى مفاوضات حقيقية مع صندوق النقد؟

- يحدث ذلك عند مرور مصر من منعطف الانتخابات البرلمانية ويصبح لدى مصر مجلس شعب منتخب يفرز حكومة ائتلافية منتخبة تستطيع ان تقود مفاوضات حقيقية بل ويمكنها بعد اطلاع الصندوق على خطط اقتصادية حقيقية واصلاحات للاقتصاد المصرى الحصول على القرض من صندوق النقد الدولى وهو يعد بمثابة ثقة اقتصادية كبيرة فى مصر من النظام الاقتصادى العالمى كله.

■ ما رسالتك الى الاعلام فى الوقت الحالى؟

- بالطبع الاعلام هو ضمير الأمة ويجب ان يكون له دور ايجابى فى توعية المواطنين بالاخطار التى تمر بها مصر حاليا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وان تساهم فى توعيتهم بالحث على مزيد من العمل والوقوف بجانب مصر فى محنتها وايضا مطلوب من الاعلام ان يعلى مصلحة مصر العليا بعيدا عن الاثارة والانفرادات التى تكون على حساب الوطن ونرجو منهم ان يبتعدوا عن المغرضين وان يفوتوا الفرصة على مثيرى الشغب والطامحين لاسقاط مصر والذين عملون على اثارة الناس البسيطة بايصال معلومات خاطئة عن قرارات تصدرها الحكومة لكى تعلم على اسقاطها بل واسقاط مصر كلها، لقد اكتفينا فى السنوات الماضية من مدعى الثورة ومن فعالهم التى تجلب مزيدا من التأخر والازمات الطاحنة.

وايضا أقول للاعلام المصرى بجميع طوائفه حكومياً وخاصاً ومستقلاً وحزبياً مسموعاً ومرئياً أقول: عليك مسئولية كبيرة فى توصيل رسائل متبادلة بين الشعب وحكومته فمن خلال الإعلام يستطيع المسئولون فى الدولة على جميع المستويات أن يصارحوا الشعب بكل ما يحدث من سياسات وإجراءات تخص حياة كل مواطن ومن جهة أخرى يستطيع الإعلام أن ينقل هموم الشعب المصرى ومشاكل المواطنين على جميع المستويات لتوصيلها للمسئولين، وأن يعكس الإعلام آراء المواطنين حول ما يدور من إصلاح اقتصادى والإجراءات التى ستطبق على حياة المصريين حتى يعبروا عن تفضيلاتهم.

■ ما أهم القرارات التى كنت ستتخذها لو كنت وزيرًا حاليًا للمالية؟

- هناك قرارات كثيرة، لكن أهمها إلغاء الضريبة على تعاملات البورصة لأنها لا تعطى المستهدف منها، ولكن سيكون لهذا الإلغاء آثار إيجابية على الاستثمار فى البورصة، ثانيًا إعادة هيكلة شرائح الضريبة التصاعدية على الدخل وإضافة شريحتين جديدتين على دخل الأفراد وهى 30 بالمئة، و35 بالمئة، لضمان حد أدنى لمعيشة كريمة بما فيها معاشات الضمان الاجتماعى، ومعاشات الحكومة، وإعادة هيكلة الأجور.

كما لابد من الاشتراك مع وزير التأمينات فى إعادة النظر فى منظومة الاشتراكات فى التأمينات الاجتماعية لتحفيز صاحب العمل على التأمين على عماله، وأن يكون الاشتراك على الدخل الإجمالى وليس الثابت فقط، بالإضافة إلى المساعدة فى إعادة النظر فى قوانين الاستثمار الحالية، للمساعدة فى تحفيز الاستثمار الأجنبى، والمساهمة فى تشجيع القطاع غير الرسمى على الدخول فى القطاع الرسمى عن طريق إعفاءات ضريبية قد تصل إلى 10 سنوات مثلًا، والمساهمة فى تحصيل المتأخرات الضريبية، والمساهمة فى تخفيض المبالغ التى تذهب لمستشارى الوزارات عن طريق إبلاغ كل وزارة لى بعدد المستشارين المطلوبين، وإبعاد المستشارين غير الضروريين وغير الكفء.

■ ما رايك فى المشهد السياسى الحالى؟

- أرى بكل أسف أداء ضعيفا جدا للاحزاب السياسية فى مصر وليس لها اى دور ايجابى حاليا فى توعية المواطنين بل على العكس تعمد بعض الاحزاب اصحاب المصالح على تكدير الصفو العام واثارة الرأى العام لكسب ارضية سياسية زائفة، فيجب على هذه الاحزاب ان تثرى الحياة السياسية فى مصر وتشارك بقوة فى الانتخابات القادمة حتى يتسنى لمصر الخروج من ازمتها.