السوق العربية المشتركة | أوراق رمضانية 10رمضان في اليابان

السوق العربية المشتركة

الأربعاء 6 أغسطس 2025 - 19:48
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
أوراق رمضانية 10رمضان في اليابان

أوراق رمضانية 10رمضان في اليابان

عندما كنا في الميدان إبان حرب العاشر من رمضان  وفي الوقت الذي كانت فيه المعارك محتدمة على الجبهتين المصرية والسورية، كان هناك قائد عربي يقود معركة كبرى في ساحة النضال العربي بسلاح لم يرد على أذهان من خططوا للعبور أو أولئك الذين ساندوا الجيش الإسرائيلي المقهور من النجاح المذهل الذي حققته القوات المصرية وأسفر عن  دك النقاط الحصينة على امتداد خط بارليف المزود بالنابالم الحارق وعبور الحاجز المائي وتسلق الساتر الترابي ومن ثم الوصول إلى داخل أرض الفيروز ، سيناء ، حامية الوطن على مر العصور.



كان القائد العربي ، هو المغفور له بإذن الله  الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان  ، وهورجل منقطع النظير في عصرنا الحديث ، يخوض من أجل جيوش أمته العربية ، أخطر معركة في زماننا وكان  سلاحه فيها هو  النفط العربي،الذي يشكل عصب الحياة في بلدان لم تعرف الحق فارتمت في أحضان عدو الأمة  ، بالدعم العسكري تارة ، وبالمساندة السياسية تارة أخرى.

حينها أعلن حكيم العرب ، زايد الخير وممتد الفضل، قراره بقطع البترول نهائيا عن الدول المساندة للعدو، ولم يكتف بما اتخذه وزراء البترول العرب في مؤتمرهم حينذاك في الكويت من خفض لإنتاج النفط ، وعندها اتجهت أنظار العالم إلى أبوظبي مقر قائد جبهة النفط التي أدهشت العالم كله؛ بالتضامن الرائع مع أشقائها مهما كانت التضحيات من أجلهم، ومن أجل نصرة أمتهم العربية.

وفي ذلك التوقيت سمع العالم ما أدهشه عندما  أدلى حكيم العرب زايد، بعبارته الملفتة والنادرة أيضا عندما قال علانية وعلى مسمع من الجميع :"إننا على استعداد للعودة إلى أكل التمر مرة أخرى فليس هناك فارق زمني كبير بين رفاهية البترول وبين أن نعود إلى أكل التمر" وهي العبارة التي تزامنت مع وقف تصدير النفط وما يتبعه بالتالي من توقف عوائده عن منتجيه، وكانوا حينذاك  أحوج ما يكونون للمال من أجل بناء دولتهم الناشئة التي تأسستقبل عامين فقط من حرب أكتوبر 1973.

وكان من الطبيعي أن تكون أهم  تداعيات هذه المواقف أن ينشغل العالم بما تحمله من مضامين لم يشهد أحد مثيلا لها في تاريخ البشر، وكانت اليابان من الدول التي انشغل شعبها بتفسير مدلولات هذه المواقف، بالرغم من أنها، أي اليابان، لم تكن ضمن الدول المستهدفة بقرار قطع النفط.

ومن أبرز هذه التداعيات ما تشير إليه الأدبيات المنشورة عن اليابان حول تلك الحقبة المهمة أواخر عام 1973، حيث ازداد  معدل اعتناق اليابانيين للدين الإسلامي بشكل ملفت للنظر، بل إن هذا المعدل أخذ في الارتفاع ليصل قبل نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي إلى دخول وزير ياباني زمرة المسلمين في بلاد الشمس المشرقة والتكنولوجيا المتقدمة العصرية، وهي البلاد التي شهدت في عام 1891 إسلام أول ياباني، وهو صحافي اسمه "أوسوتارا نودا" اختار اسم" عبدالحليم أفندي" بعد اعتناقه الدين الحنيف على يد بريطاني مسلم هو عبدالله كيليام أثناء وجودهما في تركيا.

أما حكاية الوزير الياباني جوشيرو كومياما، والذي أصبح اسمه "محمد كوميام"، فتستحق أن تروى بكل فخر؛ لأن مواقف زايد العرب في حرب رمضان؛ دفعت هذا الوزير إلى إمعان النظر ليكتشف وهو يحمل حقيبة المواصلات في حكومة بلاده، عظمة التضامن العربي المستمد من تعاليم الإسلام، بعد أن أدرك أن معظم الدول المصدرة للنفط هي دول عربية ومسلمة، وأن العرب والمسلمين، سخروا نفطهم في خدمة معركتهم الحضارية، وأصبحوا بفضل المواقف الرائعة قوة يعترف بها العدو قبل الصديق، فكانت بداية رحلته إلى المعرفة الكاملة في خطوات حثيثة نحو الدين الذي اهتدى إليه، وأشهر إسلامه بعد سنوات معدودة من وقائع ما جرى في حرب العاشر من رمضان 1393هـ، ليفسر لنا معنى العنوان الذي حمله هذا المقال.

ومما يذكر عن "كوميام" عقب إسلامه قبل نهاية عقد السبعينات من القرن المنصرم، أنه قام مع صديقه الياباني البروفيسور الحاج شوقي فوتاكي بتنظيم مؤتمر للتضامن الإسلامي في طوكيو، هو الأكبر من نوعه، حيث شاركت في أعماله 26 دولة اسلامية، وهو أول مؤتمر إسلامي يُعقد في دولة غير مسلمة، وحضره ما يزيد على سبعة آلاف مسلم ياباني، وكان من أهم نتاجات هذا المؤتمر، حدوث حركة واسعة في إنشاء المساجد والمراكز الإسلامية في المدن الكبرى في اليابان.

ومن واجبنا اليوم أن نفخر بحرب العاشر من رمضان فقد كشفت معادن الرجال في أمة العرب وأيضا فوق أرض اليابان .