السوق العربية المشتركة | بعد توجيهات الرئيس الحكومة تبدأ تنفيذ قرار منع تصدير المواد الخام

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 نوفمبر 2024 - 18:29
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

بعد توجيهات الرئيس الحكومة تبدأ تنفيذ قرار منع تصدير المواد الخام

فى الخطاب الأول له عقب توليه رئاسة الجمهورية تحدث الرئيس السيسى أثناء خطابه عن رؤيته المستقبلية للاقتصاد المصرى وكيفية النهوض به والعمل على تنميته بشكل كبير خلال فترته الرئاسية الأولى وقد أعلن السيسى خلال خطابه عن نيته وقف تصدير المواد الخام تدريجيا والتى يتعين معالجتها وتصنيعها لزيادة القيمة المضافة وتحقيق العائد المناسب.



حيث قال: «سنعمل على تحفيز الصناعة وجذب المستثمرين وسنعمل تدريجيًا على وقف تصدير المواد الخام وإعادة تصنيعها بالإضافة الى تدوير المخلفات واستخدامها لتوليد الطاقة الحيوية».

وقد لقيت هذه الرؤية ترحيبا كبيرا من قبل خبراء الطاقة والاقتصاد الذين أكدوا أن هذا القرار تأخر كثيرا، مضيفين أنه سيخلق سوقا جديدة وفرص عمل جديدة عن طريق بناء مصانع لتصنيع تلك المواد وتصديرها بالعملة الصعبة، وأضافوا أيضا أن الحد من تصدير المواد الخام المصرية الذى أشار اليه المشير عبدالفتاح السيسى فى أول خطاباته الرسمية عقب تنصيبه رئيسا للبلاد سيساهم بفاعلية فى زيادة القيمة المضافة للمنتجات والصناعات الوطنية، وكذلك فى حل أزمات المصانع المتعثرة وحل أزمة البطالة.

فى حين طالب عدد آخر من الخبراء، بضرورة الالتزام بالتدرج فى تطبيق ذلك القرار وأن الاتجاه نحو وقف تصدير المواد الخام يفتقد للجانب العملى، فى ظل العقود التصديرية التى أبرمتها الدولة طيلة السنوات الماضية. وفى استجابة سريعة وفى استجابة منها لاقتراح الرئيس بعد الخطاب الأخير له، صرح مصدر مسئول فى وزارة البترول قائلا: إن الحكومة تستهدف الحد من تصدير بعض المواد الخام ومنها الفوسفات الخام والرمال البيضاء خلال 4 سنوات ورفع مستوى تصنيعها فى الداخل لتصديرها بقيمة مضافة إلى السوق العالمى. وأضاف المصدر إن اللجنة الاقتصادية بالحكومة، وضعت خطة شاملة لتنمية الثروة المعدنية، تنص على تخفيض صادرات الفوسفات الخام، والرمال البيضاء على مدار 4 سنوات بنسبة 25% فى كل عام، تحتسب من تاريخ اتخاذ القرار، مع منح المصنعين حوافز لزيادة إنتاجهم وإنشاء

وأوضح أن مصر تنتج 6 ملايين طن سنويا من الفوسفات، يصدر منها نحو 4 ملايين طن، ويجرى تصنيع الكميات المتبقية فى السوق المحلى، فيما بلغ حجم الصادرات من الرمال البيضاء، نحو 1.5 مليون طن العام الماضى. وأكد أيضا أنه فى حال عدم قدرة الحكومة على الحد من تصدير المواد الخام فستتجه إلى زيادة رسوم التصدير المفروضة عليها لضمان تحقيق أعلى عائد للدولة. وتدرس الحكومة الجديده رفع رسوم التصدير المفروضة على الرخام الخام من 150 جنيها إلى 200 جنيه بهدف الحد من تصديره.

من جانبه أكد الدكتور إبراهيم زهران، الخبير البترولى أن دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى وقف تصدير المواد الخام وإعادة تصنيعها لتوليد الطاقة الحيوية من خلال تدوير المخلفات، ستوفر للدولة أموالا هائلة تتعدى الـ10 مليارات جنيه سنويا وأن القرار جاء متأخرا فييجب أن يمنع تصدير المواد الخام ومنها الرمال وصخور الهيمالايت، خاصة أننا نستطيع أن نصنعها ويضاف لها قيمة تقدر بمئات الأضعاف، موضحا اننا نمتلك التكنولوجيا والخبرات لذلك.

وأضاف زهران أن قرار وقف تصدير المواد الخام سيقضى إلى حد ما على أزمات الطاقة فى مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة أنها ستساهم فى الحد من عودة هذه الأزمات فى السوق المحلية من خلال إيجاد طاقة بديلة تخفف الضغط على الغاز والمازوت المستخدم فى محطات توليد الكهرباء والتى يتسبب النقص فيها الى الانقطاع المستمر فى الكهرباء الذى يعانى منه المواطنون منذ سنين طويلة تقريبا فى ظل كل الانظمة الماضية المتعاقبة.

وأوضح زهران أن وقف تصدر المواد الخام سيحل أزمة الكهرباء فى مصر بنسبة كبيرة لكن يجب بشكل قاطع وفورى أن يتم مراعاة مصالح المستثمرين الأجانب والخسارة الكبيرة التى سيتعرضون لها جراء تنفيذ هذه القرار، مشيراً إلى أن قرار وقف تصدير المواد الخام يجب أن يكون تدريجياً لكى نتمكن من استيعابه فى مصر، ولعدم تعريض المستثمرين لخسائر فادحة تؤثر على ضخ استثماراتهم فى مصر خلال السنوات المقبلة، مع العلم أن القرار سيوفر لمصر حوالى الربع من عمليات استيراد المنتجات البترولية، ويقلل من قيمة دعم الطاقة سنوياً فى الموازنة العامة للدولة والذى اتمنى إلغاءه تماما لانه الفساد بعينه.

وأشار إلى أن استقرار السوق المحلية خلال العام الحالى جاء بعد قرار المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والذى احتفظ بحقيبة البترول فى التشكيل الوزارى الجديد بزيادة الاعتماد على الصناعات القائمة على الخامات التعدينية، بما يسهم فى زيادة العائد من هذه الخامات وتوفيرها بالأسواق المحلية بدلاً من اللجوء إلى عمليات الاستيراد. وشدد زهران على أنه لابد من إصدار قرار يلزم المستثمرين الأجانب بإقامة تجمعات صناعية، للاستفادة من الثروات التعدينية التى يتم التنقيب عنها واستخراجها، حتى تضاف كقيمة مالية كبيرة للاقتصاد القومى بما يضمن فى نفس الوقت مصالح هؤلاء المستثمرين.

وفى هذا الصدد أيضا قالت الخبيرة الاقتصادية والمالية بسنت فهمى أن ثروات مصر تنهب كل يوم بشكل مستمر ومخيف وما زال نظام الإدارة والروتين القديم مسيطر على مؤسسات الدولة خصوصا فى قطاع البترول، موضحة أن هناك ملايين الجنيهات تهدر سنويا ضمن منظومة الفساد التى ما زالت مستمرة. واوضحت أنه على طول البحر الأحمر يوجد جبال من الذهب والحديد ترى بالعين المجردة يلزمها فقط الاستثمار الجيد ووجود قوانين تحميها، مشيرة إلى أن رمال سيناء «كنز» ويصنع منها أعظم انواع الكريستال، بالاضافة إلى الجرانيت والرخام والتى تصدر بملاليم ويذهب الفرق لجيوب الفاسدين.

وأوضحت أن الشراكة مع الدول الاجنبية كانت تأتى ضد مصلحتنا بنظام «التلت» التى كانت تحصل عليه جراء مساهمتها فى استخراج المواد الخام من ابارنا واراض سيناء، موضحة أن اننا نبيع الغاز بـ2 دولار، فيما يبيعه الاتحاد الأوروبى بحوالى عشرة دولارات. من جانبه قال الدكتور حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية إن اتخاذ قرار بوقف تصدير المواد الخام يفيد الاقتصاد القومى كثيرا ويقلل بشكل كبير من عمليات استيراد المنتجات البترولية التى أرهقت مصر كثيرا فى الآونة الاخيرة، خاصة أن أزمة الكهرباء فى مصر وهى ازمة كبيرة جدا وتؤثر فى حياة المواطنين اليومية تعود بالأساس إلى نقص الوقود والذى سيعوضه هذا القرار كثيرا.

وأضاف عرفات إلى أن الكثير من محطات الكهرباء تحتاج إلى عمليات صيانة، بالإضافة إلى ضخ كميات إضافية من الغاز الطبيعى والمازوت بانتظام لمنع قطع التيار عن المواطنين بالمحافظات خصوصا فى فصل الصيف، خاصة أن إيجاد بدائل للغاز الطبيعى هو المنقذ الوحيد للقضاء على أزمات الطاقة فى مصر، فى ظل ارتفاع فاتورة الاستيراد الباهظة التى تكلف الدولة المليارات سنويا.

وأكد عرفات أن الاستفادة من قرار وقف تصدير المواد الخام مرتبطة بشكل كبير بحالة معامل التكرير المحلية فى مصر والتى تحتاج إلى تطوير مستمر بعد تهالكها بشكل غير مسبوق خلال الأعوام الماضية، وأيضا الحكومة مجبرة على توفير الغاز بالكامل لمحطات توليد الكهرباء حتى تخفف من معاناة المواطنين. وقال الدكتور وليد جمال الدين رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء، ان اتخاذ أى خطوات نحو منع تصدير المواد الخام يجب ان يصاحبه وجود قدرات تصنيعية فى داخل مصر حتى يتسنى الاستفادة من هذا المنع واعادة تصنيع هذه المواد من جديد والاستفادة منها بشكل اكبر

وأضاف جمال الدين أنه على سبيل المثال لا توجد مصانع لغسل الرمال البيضاء، وتجهيزها للدخول فى صناعة الزجاج بسبب نقص الطاقة وبالتالى يجب توفير البديل قبل اتخاذ قرارات مثل ذلك والتى قد تؤثر على حجم الصادرات حيث شهدت صادرات مصر من الرخام والجرانيت زيادة على مدى الأعوام الستة الماضية، حيث قفزت من 187 مليون دولار عام 2007 إلى نحو 348 مليون دولار العام الماضى بنسبة زيادة 86% طبقا لبيانات المجلس التصديرى لمواد البناء المصرى.

ومن جانبه أكد الدكتور محمد سعد الدين رئيس جمعية مستثمرى الغاز على أهمية قرار منع تصدير المواد الخام، حيث إنه يعطى قيمة مضافة للمنتجات المصرية ويزيد من رواجها، وكذلك لقدرته على تشغيل المصانع التى تعانى من مشكلات كبيرة خلال الفترات الماضية. وأضاف أن ذلك القرار سيساهم فى توفير فرص العمل جديدة، والقضاء على البطالة إلى حد مشيرا إلى أن منع تصدير المواد الخام سيعمل على توفير كميات هائلة من المواد البترولية، خصوصا الغاز الطبيعى الذى يتم تصديره بأسعار مخفضة ليتم استيراده مرة أخرى بأضعاف هذه الاسعار ومن نفس الدول أحيانا.

وقال عمر مهنا رئيس مجلس إدارة مجموعة السويس للأسمنت، أن منع تصدير المواد الخام للخارج يعد من أفضل القرارات التى تم اتخاذها لتشجيع الصناعة المصرية، مشيرا إلى أن ذلك القرار جاء متأخرا ولكن من الضرورى استغلاله بشكل كبير بهدف خلق قيمة مضافة للمنتجات المصرية.

وأوضح أن ذلك القرار يدفع إلى الحفاظ على موارد الدولة وتوفيرها، متسائلا: هل يعقل لدولة أن تقوم بتصدير البترول مادة خام، ثم ترجع لتستورد مشتقاته مرة أخرى؟! وطالب مهنا بضرورة مراجعة كافة الاتفاقيات المتحكمة فى عملية تصدير المواد البترولية للخارج خاصة أن اغلبها تم توقيعها فى عهد النظام الأسبق دون أن تحقق الدولة أى استفادة منها، خاصة أن تلك الاتفاقيات ستعوق اتجاه الدولة الجديد.

وأكد الخبير البترولى رمضان بدوى أن وقف تصدير المواد الخام سيحل العديد من المشاكل كتوفير العملة الأجنبية وأيضا إيجاد فرص عمل حقيقية للشباب والتى عجزت الانظمة السابقة عن ايجاد حلول جذرية لها، مشيرا إلى انه بذلك ستقوم الدولة بعمل مصانع ومشروعات جديدة وستوفر فرص عمل حقيقية.

وأضاف اننا نمتلك ابار حقول بترولية فى مناظق عدة ولكننا نحتاج إلى استثمار قوى وشركات كبيرة تشاركنا، موضحا أن الاستقرار السياسى فى الفترة السابقة كان عائقا اما الآن فأصبح الوضع مبشرا لدخول استثمارات جديدة تستطيع مصر أن تفرض شروط لصالحها بدلا من استنزافها من قبل الشركات الاجنبية التى تعمل فى مصر لاكتشاف الغاز والبترول ونستطيع تغييرها لصالح الدولة. قال الدكتور حمدى عبد العظيم أستاذ الاقتصاد أن القرار جاء فى وقت مهم للغاية، مشيرا إلى أن القرار يطالب به خبراء الاقتصاد منذ أعوام ماضية مؤكدا انه بمجرد تطبيق القرار ستحدث قيم مضافة للناتج القومى تتمثل فى زيادة الإنتاج وتوفير فرص عمل للشباب.

وأضاف عبد العظيم أن أبرز المنتجات التى تقوم مصر بتصديرها بثمن بخس تتمثل فى منتجات المحاجر وتحتكرها رجال الأعمال والشركات الصينية التى تقوم باستخراجه من المحاجر الموجودة فى محافظة أسوان، مشيرًا إلى أن المستفيد الوحيد من تلك العمليات هو الدول المصدرة وان هناك محافظات عديدة بها خامات يتم تصديرها بأسعار منخفضة، ويتم تصنيعها بالخارج وإعادتها لمصر بأسعار باهظة، مثل رمال محافظة سيناء التى يتم تصديرها بأسعار رخيصة، وتعود فى شكل صناعات زجاجية بأسعار باهظة.