250 مليار جنيه تضيع على مصر سنوياً بسبب عدم استغلالها مصر تمتلك 1.9 مليار متر مكعب كأكبر احتياطى من الرمال السوداء فى العالم
على طول شواطئنا المصرية تدوس أقدامنا كنزا غاليا لا نعرف قيمته اسمه الرمال السوداء ذلك الكنز الذى لو تم استغلاله جيدا لربحت مصر مليارات الجنيهات دون أدنى تعب وصعدت مؤشرات اقتصادنا إلى القمة فعلى جانب فرعى رشيد ودمياط وشرق بحيرة البرلس والسهل الساحلى الممتد من شرق بحيرة البردويل وحتى العريش شمال سيناء تتواجد هذه الرمال الثمينة وتتركز بخاصة بمنطقة البرلس بمحافظة كفر الشيخ. فالرمال السوداء رمال شاطئية ترسبت نتيجة لاصطدام مياه البحر بمصبات الوديان والأنهار وهى منتشرة فى بعض مناطق ساحل البحر الأحمر والبحر العربى وأغناها على سواحل مصر المطلة على البحر الأبيض من رشيد حتى رفح بطول400 كيلومتر حيث تملك مصر أكبر احتياطى من الرمال السوداء فى العالم، تنتشر هذه الرمال بفعل التيارات البحرية والأمواج. تضم تلك الرمال الموجودة بالعديد من المناطق وأهمها البرلس قرابة مليون طن من خامات (الألمنيت- الروتيل- أكاسيد حديدية - ماجنتيت-الزيكرون- الثوريا- الجارنت- أملاح السيريوم والبثوريوم- السليكا الثقيلة- الليكوكزين- الذهب-الكاسيتريت- خام اليورانيوم الأسود).
كما أن استخدامات هذه المواد شائعة جدا فى التطبيقات العسكرية والتكنولوجية والصناعية الفائقة التطور. وتصل نسبة تركيز المواد المشعة بها 5.4٪ وهى نسبة عالية وفقًا للمعايير العالمية وتدخل هذه الخامات فى صناعة الصواريخ الباليستية والمفاعلات النووية والبويات والسيراميك، والغريب أن مصر تمتلك ما يقرب من 4 مواقع على السواحل الشمالية تنتشر بها الرمال السوداء بتركيزات مرتفعة، أى لدينا حوالى 4 مواقع للكنز المصرى الدفين. ولقد أثبتت آخر دراسة جدوى فى هذا الشأن أن العائد الاقتصادى من موقع واحد فقط من يمكنه أن يوفر ربحا لمصر بأكثر من 255 مليون جنيه سنوياً والأغرب أننا نستورد معدنا واحدا من نفس المعادن المتواجدة برمالنا السوداء من الخارج بملايين الدولارات فى نفس الوقت الذى من المفترض أن نكون فيه مصدرين لتلك المعادن بملايين الدولارات. والأكثر إثارة هو أن رواسب الرمال السوداء المصرية تمثل أكبر احتياطى من هذه الرواسب فى العالم. أى أننا نتصدر العالم فى تواجد أهم مادة طبيعية تحوى مئات المعادن حبانا بها الله على أرضنا تستخدم فى أهم الصناعات الحيوية فى تاريخ البشرية الحديث وأولها الصواريخ والسكك الحديدية والغواصات وهياكل الطائرات دون أن ندرى. كما أكد المختصون أن الاحتياطى الجيولوجى لرواسب الرمال السوداء المصرية يقدر بنحو مليار ومئة مليون متر مكعب من الرمال الجافة تكفى لتشغيل مصنع لاستخراج المعادن الاقتصادية لمدة مائة وخمسين عاماً!
فاستغلال هذه الرمال وتحويلها إلى منتجات اقتصادية تقدر بملايين الدولارات لا يكلف من الناحية التكنولوجية سوى بعض الأجهزة التى تعمل على فصل رواسب هذه الرمال الثقيلة فى أماكنها وإعادة الرمال الباقية إلى أماكنها مرة أخرى حتى لا تكون هناك تغيرات بيئية أو فى التضاريس وتتم هذه العملية باستخدام معدة عائمة تعتبر جرافة وشفاطة فى نفس الوقت وتسمى دردج وثمنها بخس جدا. وكل ما فعلناه فى مصر تجاه هذه الثروة العظمى هو تركها وكأن لا قيمة لها تذكر والتصرف الوحيد الذى تم حيالها هو قيام البعض بسرقتها وبيعها لمصانع الطوب ومقاولى البناء بأسعار زهيدة جدا فلم يصل سعر المتر إلى العشرة جنيهات فيتم تحميلها على سيارات تحوى قرابة المائة متر وتهريبها إلى المصانع من منطقة البرلس رغم أنها محمية طبيعية لا يجوز الاقتراب منها وتخضع لقوانين الحماية.
تأتى الرمال السوداء إلى شواطئنا عبر أمواج البحر الأبيض المتوسط واليوم تم تهريب الرمال وبيعها دون رقابة وبأسعار مخزية أمام كنز لا يقدر بثمن يختبئ بداخل عناصر ومواد هذه الرمال. الجديد بالذكر هو ما قامت به حكومة البيبلاوى السابقة من عقد بروتوكول تعاون بين محافظة البحر الاحمر وهيئة الطاقة النووية لاستغلال تلك الرمال فى منطقة سفاجا والقصير ورأس غارب ما يساهم فى انتعاش الاقتصاد القومى وخلق المزيد من فرص العمل بالاضافة الى تطور صناعة مواتير السيارات حيث انها تتحمل دراجة حرارة مرتفعة تصل اكثر من 4200 درجة مئوية. يقول سعد معطى بمهعد الفلزات: ان الرمال السوداء الموجودة داخل الاماكن الاربعة بمصر خاصة منطقة البرلس بكفر الشيخ هى كنز وثروة قومية حيث نمتلك اكبر احتياطى من الرمال السوداء على مستوى العالم وتأتى بعدنا بمراحل استراليا والولايات المتحدة الامريكية والبرازيل ثم الهند بما يعدل 1.9 مليار متر مكعب والتى تقدر باكثر من 250 مليار سنويا وتأتى خريطة توزيعهما كاالتالى: 300مليون متر مكعب بدمياط و600 مليون متر مكعب برشيد و200 مليون متر مكعب بلطيم وحوالى 200 مليون متر مكعب بشمال سيناء.
واشار معطى الى ان ملف الرمال السوداء هو ملف شائك ومتشابك حيث يخضع الى اشراف اكثر من هيئة منها هيئة الطاقة النوويه ووزارة الكهرباء والطاقة والبيئة ما اثر سالبا على كيفية ادارة مواردها وان هناك محاولات كثيرة فى هذا الشأن بدأت منذ عام 1995 حينما فكرت الحكومة فى انشاء مصنع بالبرلس بكفر الشيخ لتدوير وتنقية الرمال السوداء واستغلال جميع مواردها بدل من تصديرها وبيعها باسعار رخيصة او بيعها لاصحاب مصانع الطوب دون معرفة قيمتها الاقتصادية والامنية حيث انها تحوى عنصرين مهمين يستخدمان فى الصناعات النوويه والطاقة الذريه هما (اليورانيوم- والثوليوم) شديدا الاهمية ودخولهما ضمن برنامج مصر النووى السلمى.
وصرح عادل الملهى خبير جيولوجى بان الرمال السوداء تحتوى على ثمانية عناصر معدنية تدخل فى العديد من الصناعات مثل حوائط الصواريخ وبعض المنتجات الطبية مثل عمل الاشعاعات النووية والذرية بجانب الصناعات الحديثة مثل صناعة السيراميك والادوات الصحية حيث تحتوى على مادة (الزركون) واشار الى ان هناك خطرا حقيقيا يهدد تلك الثروة بجانب عنصر الاهمال من مسئولى الدولة يكمن الخطر فى الزحف العمرانى داخل مناطق تواجد تلك الرمال وبناء المنتجعات السياحية وعمل مصدات للامواج والكثبان الرمالية التى تساعد على تراكم وتكوين تلك الرمال علر شواطئ البحر وانه كثيرا ما اعلنت الهيئة العامة للتنمية والصناعات عن طرح مشروع لاستغلال موارد الرمال السوداء بالتعاون مع وزارة الكهرباء والتجارة والصناعة حيث انها تحتوى على متوسط قدره 3.6 فى المائة من المعادن الثقيلة على طول 26 كيلومترا من منطقة البرلس بجانب المناطق الاخرى وان تكلفة المشروع لا تتجاوز 120 مليون دولار فقط لاستثمار المناطق الاربعة التى تعود على الدولة بفائدة حوالى 22 فى المائة على الدولار الواحد المستهلك.
واوضحت دراسة بحثية للدكتور محمد عبدالمنعم استاذ الجيولوجيا والفيزياء التطبيقية بعلوم دمياط ان هناك العديد من المواد المعدنية داخل الرمال السوداء يمكن الاستفادة منها كالحديد الاسنفجى واليورانيوم ودخولهما ضمن الصناعات الهامة التى تدخل ضمن الصناعات النووية.
واشار مسعد كمال مستثمر وعضو لجنة الصناعات المعدنية بالغرف التجارية الى ان هناك مشكلة حقيقة فى ادارة ملف الرمال السوداء من جميع القطاعات سواء الحكومى او الخاص حيث التخبط الواضح فى من يدير تلك الثروة فمثلا هناك مصنع انشأته هيئة الطاقة النووية لغربلة الرمال واعادة تدويرها بدلا من التصدير والتعامل معها بانها مجرد محاجر وذلك منذ 15 عاما ولم يتم تشغيله الى الان فانا ارى انه يجب اعادة ملف ذلك المشروع الى رئاسة الوزراء مباشرة وحل تلك الصراعات القائمة بين جميع الاطراف المتنازعة عليه دون جدوى، ومن ناحية اخرى يجب زيادة اقبال القطاع الخاص على الاستثمار فى مثل هذه المشروعات القومية بدل من الشركات الاجنبية حيث كانت ترغب اسرائيل فى استغلال الرمال السوداء التى تقع على الحدود بشمال سيناء وذلك بهدف الاستفادة من المواد النووية بها ولكن جاء رد الحكومة المصرية رادعا وقاطعا بمنع اتمام الاتفاق.
من جانبه قال الدكتور اكثم ابوالعلا وكيل وزارة الكهرباء والطاقة والمتحدث الرسمى للوزارة: إن مصر تتوافر بها احتياطيات هائلة من الرمال السوداء بمنطقة الساحل الشمالى من مياه النيل، مشيرا إلى أن هذه الرمال تستخدم لانتاج العشرات من المعادن النادرة والنفيسة من أشهرها معدن التيتانيوم الذى يستخرج منه الالمنيت عالى الجودة والروتيل الذى يعتبر المادة الخام لصناعة البويات والدهانات والبلاستيك والمطاط والسيراميك والزجاج والمثير للدهشة هو قيامنا بتصدير تلك الرمال باسعار زهيدة لا تتجاوز 100 جنيه للطن واعادة شرائها بعد تنقيتها باسعار تتجاوز 700 فى المائة وبعملة الصعبة وحل الاشكالية بسيط حيث انشاء مصانع تقوم على فلترة تلك الرمال من الشوائب عن طريق القوة المغناطسية بازاحة المواد الترابية وغير المفيدة على السطح وتراسب الثمانى مواد الصالحة لصناعات السيراميك والطبية والفلزات مما يساهم فى اثراء البحث العلمى وتوفير فرص عمل لقطاع عريض من المتخصصين فى الفيزياء والجيولوجياء وبذلك نكون قد حافظنا على اكثر من 320 مليار جنيه. تستخدم فى قلب المفاعلات النووية وسبائك السيارات والمواتير ومستحضرات التجميل والزجاج، بالاضافة إلى معادن أخرى مثل الجرانيت وخام الماجنيت الذى يستخدم فى صناعة الحديد وإزالة ملوحة التربة.
من ناحية أخرى كشف خبراء بهيئة الطاقة النووية أن الرمال السوداء بصحراء مصر محملة بقدر كبير من المواد المشعة خاصة الموجودة بصحراء بلطيم فى محافظة كفر الشيخ، واصفين الحكومة المصرية فى السنوات الماضية بأنها أساءت استخدام هذه الرمال.
من جانبه قال المهندس إبراهيم اسماعيل خبير الطاقة بجامعة القاهرة «إن الرمال السوداء نستطيع من خلالها استخراج اليورانيوم ونستطيع أن نقوم بهذا المشروع دون أن نحتاج الى تدخل أى شركة أجنبية فى هذا المشروع حيث يعتبر مشروعا قوميا لمصر كلها ونحن قادرون على عمل هذا المشروع منفردين، مطالبا المستثمرين بالتعاون فى انتاج هذا المشروع وعمل دراسة جدوى له والعمل على تنفيذه».
يذكر أن الرمال السوداء تتواجد فى مناطق منتشرة على ساحل البحر الابيض المتوسط ويرتبط تواجدها بالمصبات الحالية والقديمة لنهر النيل وهو الذى حمل فتات صخور وجبال المنابع فى افريقيا حتى البحر الذى يلقى بها على الساحل وتتوزع الرمال السوداء فى منطقة ساحل الدلتا وساحل شبه جزيرة سيناء حيث توجد 11 منطقة تتوافر فيها هذه الرمال ما بين إدكو ورفح.
ويتواجد فى الرمال السوداء عدة معادن هامة للصناعة مثل التيتانيوم الذى يستخرج منه كل من «الالمينيت» والالمينيت عالى الجودة والروتيل حيث يتم استخدامهم فى صناعة البويات والدهانات والبلاستيك والمطاط وانواع الحبر والمنسوجات وبلاط السيراميك ومستحضرات التجميل والجلود والأدوية والصابون والمواد الغذائية والصلب “الكربونى”، والصلب المقاوم للحرارة، وأسياخ اللحام، وتبطين الأفران، وتغليف أنابيب البترول تحت سطح البحر. وأكد الدكتور حمدى سيف النصر مدير مشروع الرمال السوداء التعدينى أن الرمال السوداء تحتوى على كثير من الغازات النادرة والذهب والذى يُقدر بحوالى نصف جرام فى الطن، والتى تستخدم فى إنتاج معدن «التيتانيوم» لصناعة هياكل الطائرات والصواريخ ذات الارتفاعات لمقاومة الظروف الكونية، وعنصر «الروتيل» هو المادة الاساسية فى صناعة البويات «الأصباغ»، كما أنها غنية بمعدن «الثوريا»- أكسيد «الثوريوم» الذى يستخدم فى المفاعلات النووية لإنتاج الطاقة.
الجديد بالذكر هو ما صرح به الرئيس السيسى لاهالى سيناء عند زيارته لهم اكثر من مرة قبل توليه الرئاسة مباشرة بانه لن تخرج حبة رمال من سيناء الا الى اهالى سيناء، فى اشارة من الى تعمير سيناء وبناء مصناع لاستغلال موارد وثروات الرمال السوداء او الذهب الشاطئى كما يحلو لعلماء الجيولوجيا تسميتها.