كتب
أشرف كاره
أزمــــــــــــة الســـــــيارات الصـــــــــينية
02:49 م - الثلاثاء 14 يناير 2020
لاشك أن التطبيق التام لإتفاقية التجارة الحرة الأوربية بقطاع السيارات مع بداية العام الماضى 2019 وتحول القيم الجمركية لكافة السيارات الأوربية إلى (الصفر) وما تبعه من جملة تخفيضات عليها – وعلى غير الأوربية أيضاً - ثم الوصول إلى (صفرية الجمارك) على السيارات التركية المنشأ مع مطلع العام الجارى 2020 ... قد أدى جميعه إلى وضع السيارات الآسيوية المنشأ فى مأزق كبير بشكل عام .. والصينية منها بشكل خاص ، الأمر الذى قلب موازين وكلاء السيارات الصينية رأساً على عقب ، وهو ما فرض عليهم عدداً من الإستراتيجيات .. إختلفت بين شركة وأخرى بحسب رؤيتها وقدرتها المالية ، وكذا مدى تمكنها من هذا السوق العجيب والتى كان من أهمها:
إستراتيجية التصنيع: سارعت بعض الشركات بالسعى للرد على ما واجهته السيارات الصينية من ضغوط تنافسية سعرية ومدعومة بجودة عالية من تلك السيارات الأوربية الآخذة فى الخفض السعرى ، بأن قدمت سيارات إقتصادية ذات تجهيزات متميزة وجودة جيدة .. شأن ما قامت به مجموعة غبور وخاصة مع علامة "شيرى" مع طرحها لطراز (أريزو 5) الذى جسد رؤية تنافسية شرسة فى فئتها ، وذلك بخلاف طرحها للجيل المحدث من (تيجو 3) بفئة السيارات الـ SUV.
إستراتيجية الهجوم بوكالات جديدة: وهى الإستراتيجية التى إتبعتها – وبخلاف باقى الشركات – مجموعة IFG وكلاء العديد من العلامات الصينية .. مع طرحها لمجموعة جديدة من الوكالات الصينية لتقوية مجموعتها من الوكالات تأكيداً منهم لرؤيتهم المستقبلية فى تصدر السيارات الصينية للمبيعات العالمية وخاصة بعد تصاعد مستوى جودتها الصناعية ، وأن المستقبل سوف يشهد إبرام إتفاقيات تجارة حرة مع الصين (لا محالة) ... وكان من أهم أمثلة ما طرحت هذه المجموعة مع كل من علامة (هانتينج) ، (ساوإيست) وكذا (فــهد التجارية).
إستراتيجية الترقب: وهى السياسة التى أرى أنها غير واضحة المعالم شأن ما أرى من أداء وكالة (بريليانس) حيث أنها أعلنت منذ عدة سنوات عن سعيها لتجميع سيارتها الأنجح (V5) ضمن فئة الـ SUV وهو مالم يتم حتى يومنا هذا ، فيما تأخر تقديم سياراتها الأحدث فعلياً شأن (V6 & V7) لما يزيد عن عام كامل بعد عرضها لأول مرة خلال معرض أوتوماك – فورميلا 2018. ومن ثم ضبابية الأداء والرؤية العامة للشركة وخاصة مع إدارتها بالنسبة الأكبر من الجانب الصينى صاحب الحصة السيادية بالشركة.
إستراتيجية الموت الإكلينيكى: ويقصد هنا بالإكلينيكى (هى حالة الموت مع بقاء الروح) شأن ما حدث مع وكالتى (بايك - سينوفا) و (جاك) اللتان تقعا تحت إدارة مجموعة القصراوى ، حيث شهد عام 2019 إنحساراً كبيراً فى تواجد هاتين العلامتين بالسوق المصرى .. بل وحتى تم التضحية بالمركز الرئيسى لسيارات (جاك) وكذا مركز خدمتها الذى كان قد أفتتح منذ سنوات قليلة بمنطقة محور الشهيد بالمقطم وذلك لصالح وكالة المجموعة الأخيرة لسيارات سيتروين (الأوربية)، وذلك بالرغم من محاولة إعطاء "قبلة حياة" لعلامة (جـــاك) مؤخراً مع تقديم سيارة الشركة الجديدة (S4) .. إلا أن المؤشرات المبدئية لا تشير إلى جديد.
إستراتيجية الخروج من السوق: وهى الإستراتيجية التى أكدت على أن بعض العلامات التجارية لم ولن تكن قادرة على الإستمرار بهذا السوق فى ظل هذه المنافسة الضارية وخاصة مع إقتراب أسعار السيارات الأوربية من السيارات الصينية (ببعض الطرازات) ، ومن ثم كان فرضاً عليها الخروج من السوق شأن علامة (هايما) وعلامة (شانجى) وغيرهم ...
على الجانب الآخر، وبعكس كافة هذه التداعيات ... فقد أشار بعض رجال الأعمال العاملين بسوق السيارات إلى ترقبهم ما سيحدث من (فلترة) لهذا السوق وما سيتبع من قرارات إقتصادية – وربما إتفاقيات تجارة حرة مع الصين – للحصول على وكالات جديدة أو أصطياد تلك العلامات التجارية التى خرجت أو سوف تخرج رسمياً من العمل بسوق السيارات المصرى.
إنها حقاً قضية شائكة، فلا نستطيع إتهام بعض الشركات الممثلة لوكالات سيارات صينية بالتقصير بقدر أنهم أصبحوا بوضع حرج أمام منافسيهم من أوربا وتركيا ، إلا أن من يستطيع منهم فتح ثغرة للهروب من هذا المأزق سواء بالتجميع المحلى أو الحصول على دعم من شركاتهم الأم ، أو حتى التنازل عن تحقيق أرباح والتركيز على الرؤى طويلة الأجل للبقاء ... سيكونون هم من إستطاعوا المرور من هذا النفق المظلم وتخطى هذه الأزمة الكبيرة.