السوق العربية المشتركة | رغم انتهاء دورة النمو الحالية.. فلا يوجد آلية لتحديد وقت اندلاع أزمة اقتصادية جديدة

السوق العربية المشتركة

الأربعاء 24 أبريل 2024 - 13:35
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

رغم انتهاء دورة النمو الحالية.. فلا يوجد آلية لتحديد وقت اندلاع أزمة اقتصادية جديدة

‎قال الدكتور "هشام قنديل" استاذ التمويل والاستثمار بجامعة الأسكندرية، أن العوامل التى يمكن تضعف الاقتصاد العالمى معروفة منذ زمن بعيد، وهى فى المقام الأول الحروب التجارية، وارتفاع مخاطر الائتمان حول العالم, وعلى الرغم من ذلك، فمع الأسف لا يمكن تحديد وقت محدد لإندلاع أزمة اقتصادية جديدة، أو بتعبير أقل حدة "ركود جديد"، بدقة عالية, حيث أن هناك العديد من العوامل التى تؤثر على ذلك، بما فى ذلك قرارات بعض السياسيين، ومع ذلك يمكننا أن نقرر بثقة أن دورة النمو الحالية للاقتصاد العالمى تقترب من نهايتها، وهو ما يزيد بشكل كبير من احتمال حدوث أزمة، أو تباطؤ حاد فى الاقتصاد عام 2020.
 
‎وأضاف "قنديل" أنه عادة كلما ارتفع معدل نمو الاقتصاد فى بلد ما، زاد هبوط نمو الاقتصاد، إذا ما تغيرت ديناميات الاقتصاد العالمى من النمو إلى الركود، ومن وجهة النظر هذه، فإن أسوأ وضع فى الاقتصادات العالمية سوف يكون من نصيب جنوب شرق آسيا، بينما سيكون الوضع أفضل فى الدول المتقدمة، ولكن بسبب عولمة الاقتصاد العالمى، فإن الجميع سوف يتأثر بدرجة ما، كما أن الوضع الاقتصادى العالمى سوف تحدده الانتخابات الأمريكية وبريكست الذى سيفاقم من زعزعة استقرار أوروبا. فإعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية سوف تعمق الحروب التجارية، وتدمر الأحلاف التجارية الموجودة الآن، وهو ما سيؤثر سلبا ليس فقط على اقتصاد الولايات المتحدة، وإنما على الاقتصاديات الرائدة فى العالم ككل، حيث ستتأثر الصين وأقرب جيرانها فى محيط منطقة آسيا والمحيط الهادئ، كما سوف يسهم عدم الاستقرار فى الغرب والسياسة الأمريكية التى لا يمكن التنبؤ بها فى تقويض النمو الاقتصادى الأوروبى.
 
‎وفى قطاعى النفط والغاز، قال "قنديل" أنه وعلى الرغم من ان الاتجاه العام على مدى العشر سنوات القادمة هو بداية التباطؤ فى الطلب على النفط لأول مرة فى تاريخه الممتد عبر 150 عاما، إلا أن التنبؤات هنا تبدو إيجابية على الأرجح بالنسبة لعام 2020، ولقد ظلت أسعار النفط لعام 2019 مستقرة نسبيا، حيث تقلب سعر البرميل الواحد من خام برنت حول مستوى 60 دولارا. وفى عام 2020 من المتوقع أن يستمر تأثير العوامل الرئيسية التى حددت موازين العرض والطلب فى سوق النفط العالمية لعام 2019، وهى معدلات نمو الإنتاج فى الولايات المتحدة الأمريكية والاتفاق بموجب اتفاق "أوبك +".
 
‎واليوم، يستعد أكبر اللاعبين لتصحيح الأسعار فى الأسواق، لكن لا أحد يتوقع انخفاضا كبيرا فى أسعار النفط. لذلك، وعلى سبيل المثال، فقد تم تصميم ميزانية المملكة العربية السعودية لعام 2020، استنادا لتقدير سعر النفط 60 دولارا لبرميل خام برنت، وعلى الرغم من أن خبراء النفط فى وكالة معلومات الطاقة الأمريكية يتوقعون إنخفاضا فى أسعار النفط أوائل العام 2020، إلا أن متوسط القيمة السنوية لسعر برميل النفط خام برنت سيظل عند مستوى 60.5 دولار. حيث من المرجح أن تبدأ الأزمة المالية والاقتصادية العالمية عام 2020، وهو ما يحدده عدد من العوامل على رأسها أولا، أن نذكر أن الأزمة السابقة وقعت بين عامى 2008-2009، وقد مر 11 عاما، وهى المدة المتوسطة لدورة الاقتصاد، بين الهزات الاقتصادية العالمية، حيث تعززت الاتجاهات الحمائية حول العالم فى التجارة المتبادلة بين اللاعبين التجاريين الرئيسيين فى العالم، حيث تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وكذلك الحصار الذى تفرضه منظمة التجارة العالمية، العقوبات الموقعة على أكبر الشركات العالمية فى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية (مجموعة بوينغ مثلا)، العقوبات من جانب الإتحاد الأوروبى، دول كومونولث التاج البريطانى، الولايات المتحدة الأمريكية، كندا على روسيا. إلى جانب ذلك يستمر الحظر، والقيود الجمركية، المحاصصة، فى الوقت نفسه تباطأت وتيرة الاقتصاد العالمى، وهو ما تؤكده بيانات البنك الدولى، ففى عام 2017، بلغ معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى 3.16%، وفى عام 2018 بلغ 3.04%، وأما فى عام 2019 فمن المتوقع أن يكون أقل من 3%.
 
‎وأشار "قنديل" إلى أن ديون الشركات فى جميع أنحاء العالم تنمو وتقترب من مستوى 19 تريليون دولار، بينما تقترب ديون الحكومات إلى 80 تريليون دولار، وهو ما يمثل حوالى 115% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، أى أن الإنتاج العالمى لن يوفر إجمالى الدين الخارجى للبلدان. على سبيل المثال تبلغ احتياطيات الذهب فى جميع دول العالم 34.5 ألف طن نهاية عام 2019, وبالإضافة لذلك، تجاوز العائد على السندات الأمريكية قصيرة الأجل العائد على السندات طويلة الأجل، وهو عادة ما يكون إشارة على ركود مستقبلى، ويكفى لإندلاع الأزمة إعلان عن توقف الشراكة بين شركاء دوليين، أو توقف صندوق استثمارى عن متابعة استثماراته الخارجية، لنكون بصدد ركود يمكن مقارنته بسنوات 2008-2009، أو حتى بالركود العظيم فى الثلاثينيات من القرن الماضى، وأيضا الاقتصادات المتقدمة سوف تتباطأ إلى 1.7% فى عام 2020، وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولى، بينما يتوقع أن يرتفع معدل نمو الاقتصادات والأسواق الناشئة إلى 4.6%. ويرتبط حوالى نصف هذه الدينامية بإنتعاش النمو أو ركود أقل حدة فى دول الأسواق الناشئة، التى عانت من أزمات مثل تركيا والأرجنتين وإيران. وترتبط البقية باستعادة النمو فى البلدان التى انخفض فيها معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى بشكل كبير عام 2019، مثل البرازيل والمكسيك والهند وروسيا والمملكة العربية السعودية، وهو ما يعنى أن النمو الاقتصادى المتوقع لا يمكن إلا أن يسمى إنتعاشا بعد هبوط الأسواق المالية فى الفترات السابقة, وفى عام 2019، أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية، القاطرة التقليدية للاقتصاد العالمى، أكبر نمو لمؤشراتها الاقتصادية فى 30 عاما، حيث حققت أكثر من 25% سنويا، ولكن إذا ما قارنا المؤشرات الاقتصادية الأساسية لأكبر الشركات، فسوف نرى أن فترات النمو السابقة فى الولايات المتحدة كانت مصحوبة بتغيرات نوعية فى مؤشرات مثل نمو الدخل والأرباح وتوسيع السوق، يبدو الوضع الآن معاكسا تماما، بينما توقفت أرباح أضخم الشركات, وإذا كانت القوى العالمية قد تغلبت على الأزمة الاقتصادية السابقة، فإن النموذج الحالى للأزمة قد يمثل إختلال فى أكبر الاقتصاديات، وقد يؤدى إلى توتر فى العلاقات التجارية والتكنولوجية. على سبيل المثال، يشكل فرض قيود من جانب الولايات المتحدة الأمريكية على التجارة مع شركات التكنولوجيا الصينية، ووضع اليابان وكوريا إجراءات أكثر صرامة فيما يتعلق بالصادرات واتخاذ احتياطات ضد مخاطر "البريكزيت القاسي" تشير بوضوح إلى إنخفاض فرص تحقيق أى نتائج إيجابية فى 2020، ومن هنا الشىء الرئيسى للخروج من هذا مأزق هو أن دول أوبك والدول التى إنضمت إليها يجب أن تجلس على مائدة التفاوض فى عام 2020 حتى يظل سعر النفط مستقرا عند المستوى الحالى، ولم تكن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ساخنة كما يخشى الجميع، وسوف تبقى العلاقات الاقتصادية على نفس المستوى الذى كانت عليه.