كتب
أشرف كاره
"الطريق إلى.. الســـــــيارات الكهـــــــربائية"
02:14 م - الجمعة 15 نوفمبر 2019
شهدت الدولة المصرية – وبخاصة من القيادة السياسية للدولة - خلال العام الأخير إهتماماً ملحوظاً بالدعوة إلى التوجه لـ (كهربة – Electrification) مركبات نقل الركاب وخاصة باصات النقل العام بصفة خاصة والتوجه التدريجى نحو المركبات النظيفة سواء الكهربائية أو العاملة بالغاز .. وهو الأمر الذى يعد مطلباً هاماً نحو تحسين نسبة التلوث البيئى من جانب وخفض نسب المصابين بأمراض الحساسية وما تتكبده الدولة من مليارات الجنيهات لعلاجهم على الجانب الآخر ، وذلك بخلاف أهمية مواكبة التطور العالمى فى هذا الإتجاه وخاصة مع قرارات زيادة نسب السيارات الكهربائية من إجمالى إنتاج ومبيعات السيارات عالمياً وبصفة خاصة بالقارة الأوربية.
ولكن بالرغم من أن هذه الدعوة النشطة لهذا التوجه الإيجابى بالدولة المصرية أمراً يعد ملحاً لتحقيقه فى أقرب فرصة ، إلا أنه من المهم الأخذ فى الإعتبار عدة مقترحات "غاية فى الأهمية" لتكمل نجاح تنفيذ هذه المنظومة بمصر ، والتى أرى أن منها:
· من الأهمية إستثمار طاقات مصر الكهربائية الفائضة وخاصة بعد أن بدأت مصر فى تحقيق فوائض فى إنتاجها ، وذلك بأن تقوم الحكومة فى الإستثمار (الأسرع بطبيعة الحال) فى إنشاء البنية التحتية لشبكة محطات شحن المركبات الكهربائية على مستوى الجمهورية – حتى ولو بالمشاركة مع إحدى الشركات العالمية المصنعة للشواحن – وهو الأمر الذى سيضمن إلى إتساع حجم الشبكة من جانب ، وتحقيق مكاسب أفضل للدولة من جانب آخر .. بدلاً من الإعتماد على بعض الشركات (كما رأينا بعض النماذج) غير القادرة على تنفيذ مثل هذا الحجم من الشبكات الضخمة.
· المناداة بالتوجه نحو تصنيع المركبات الكهربائية محلياً بشكل عام والباصات بشكل خاص – هو أمر جيد جداً بطبيعة الحال – إلا أنه من المعلوم بأن المكون الرئيسى لهذه المركبات فى العملية التصنيعية (هى البطاريات) وهى ما قد يصل نسبتها إلى 50% من مكونات المركبة ، وعليه فكان من الأفضل البدء بالمناداة بإنشاء مصنع للبطاريات الخاصة بالمركبات الكهربائية وتطبيقاتها – حتى ولو بالمشاركة مع أحد المصنعيين العالميين فى هذا المجال – ليكون المورد "المحلى" لهذا المكون الهام للتصنيع المحلى لهذه المركبات ، علاوة على إمكانية إستخدام بطارياته المنتجة فى التصدير وققطع غيار للسيارات الكهربائية المستعملة – التى تم إستيرادها للسوق المصرية مؤخراً – وبالتالى ستتحول فكرة التصنيع المحلى إلى فكرة إقتصادية (إيجابية) ، وهو الأمر الذى شرعت بالعمل عليه إحدى الشركات المصرية .. إلا أنها قوبلت بالعديد من العراقيل ووقف التقدم ؟! ...
وإلا ، فأنه من الأفضل الإعتماد على الإستيراد فقط وخاصة مع وجود قرار حكومى "بصفرية جمارك المركبات الكهربائية"، ومن ثم توفير إستثمارات هذه المشروعات الصناعية إلى مشروعات إنتاجية وخدمية أخرى للدولة وأبنائها.
· عملية إختيار نوعية المركبات التى سيشرع فى تجميعها محلياً يجب أن يخضع بدوره لعدة إعتبارات هامة – لا أن يتم بطريقة عشوائية غير مدروسة – فيجب أن يتم تجميع سيارات لها تاريخ إيجابى وليس كما رأينا بالعديد من وسائل الإعلام مؤخراً عن قرب ظهور سيارة كهربائية مصنعة محلياً لا مرجعية لها ولم يعلن حتى عن مواصفاتها .. بالرغم من التصريح بأنها غير مخصصة للطرق المفتوحة ، فمع أسعاره المبدئية التى تم الإعلان عنها والتى تعد مبالغ فيها بالنسبة لجودة خامتها المقدمة بها ... فكان من الأفضل الترويج إلى فكرة تحويل السيارات المايكروباص الصغيرة إلى سيارات كهربائية أو عاملة بالغاز ، وهى عملية معروفة عالمياً وليست بدعة .. أو حتى تحويل مركبات التوكتوك إلى كهربائية (طالما سيتم الإستخدام فى المناطق المغلقة أو الطرق الفرعية الضيقة ، وليست الطرق العامة) وبالتالى تحقيق وفر أكبر بكثير من أسعار تلك السيارات المعلنة الأشبه باللغز؟!.
· وأخيراً وليس آخراً، مع ما حققته مصر من إستضافة أحداث محلية وعالمية لمنافسات طلبة الجامعات فى مجال تصنيع وتجارب السيارات الكهربائية والهايبريد – والأمثلة كثيرة والتى لا يتسع الوقت لذكرها – وما أستطاع هؤلاء الطلبة والخريجين منهم من تكوينه من خبرات تصل إلى العالمية الآن ... فإنه من الواجب الإستعانة بهؤلاء (تحقيقاً لمبدأ تشجيع الكوادر المصرية الشابة) وهم قادرون على تحقيق الرؤية الأفضل للدولة بمثل هذه المشروعات المستقبلية الهامة ، ولا أن يتم الإستعانة ببعض المنتفعين على حساب هذا البلد العظيم.
إن رغبتنا العارمة فى دخول مستقبل المركبات الكهربائية من أبوابه العريضة ، إنما هو أمراً منطقياً لمواكبة مصر لمسيرة العالم الخارجى ... إلا أننا يجب أن نبدأ بالطريقة الأمثل لنصل إلى النتائج الأفضل والمشودة من الجميع.