الشراكة المجتمعية لمكافحة المخدرات.. الأسرة أول القصة
12:23 م - الأحد 29 سبتمبر 2019
من أهم المؤتمرات التي عقدت مؤخرًا في مملكة البحرين هو مؤتمر الشراكة المجتمعية في مكافحة آفة المخدرات، واستضاف خبراءً من جميع دول الخليج في المجال الأمني والمجتمعي لبحث الأدوار المتبادلة بينهم لمكافحة هذه الآفة التي لم يخل منها مجتمع في العالم سواءً الفقير منه أو الغني والمتقدم أو المتخلف.
وتم تقديم أبحاث لخبراء في المؤتمر أكد مجملها على دور الأسرة المحوري في منع وصول المخدرات إلى المجتمع كافة، ولا شك أن البيت يعتبر أول منطقة يتم فيها اكتشاف وصول المخدرات إلى أحد أبناء المجتمع، وهي منطقة أسميها بمنطقة «الارتباك»، فكثير من الناس عندما يعلم أن أحد أبنائه يتعاطى المواد المخدرة لا يعرف كيف يتصرف، وأول شيء يحاول فعله، هو عدم وصول الأمر إلى مركز الشرطة.
ويحاول الأب بذل جهود فردية مرتبكة لا تستند إلى أي مرجعية علمية في التعامل مع مثل هذه الحالات، وعادة ما تبوء بالفشل في مواجهة أصدقاء سوء يسيطرون على عقل الابن ليخرج عن مسار طاعة والديه في هذا الأمر، ولهذا أرى أن التعامل مع الأبناء منذ الصغر يجب أن يكون متوازنًا بين تحقيق طلباتهم ورغباتهم، والحزم في أمور أخرى حتى يعلم الابن أن الوالد يجب أن يحترم في البيت وخارجه، وأن تبقى الخشية من رب الأسرة متواجدة في نفسية الابن حتى بقية عمره.
وهناك قصة لأحد المواطنين الذي رزقه الله بولد وثلاث بنات، وبينما نجحت البنات الثلاث في الوصول لمواقع عمل متميزة والزواج، كان الفشل نصيب الابن الذي ما إن يخرج من السجن بسبب قضية مخدرات، حتى يعود في اليوم التالي في واقعة سرقة – أيضا لشراء المخدرات – وبات هذا الولد رقم واحد في بحث الشرطة عن مشتبه بهم في جرائم تحدث بنطاق المنطقة التي يعيش فيها.
الأب الذي كان يعوِّل على أن يكون هذا الابن هو سنده في أرذل العمر، لم يجد غير بناته يساعدنه في دفع تكاليف المحاماة للدفاع عن الابن، لتنعكس رؤية الوالد لمستقبل عائلته، ويحتاج في آخر عمره إلى بناته ليساعدن شقيقهن في التخلص من السجن بأي وسيلة، لكنه أصبح سجين إدمانه وأقرب لأقران السوء من والديه وأهله.
ويبدو أن طيبة هذا الوالد وافتقاره للحزم في التربية كان أحد أسباب حدوث هذا الأمر، كما أن خشيته على ابنه من القبض عليه في أول مراحل الادمان، فاقم المشكلة وجعلها تخرج عن سيطرته وتصبح مشكلة يعاني منها الجميع، وتشعر كل بنت من بناته بالخجل من زوجها وعائلتها لأن لديها شقيق مدمن وشبه مقيم في السجن.
ولو كان الوالد حازمًا منذ البداية مع ابنه وراقب بحرص شديد من يقضي معهم أوقاته، وحالته حين يعود إلى البيت، وسرعة التعامل مع هذه الحالة بما يمثل حسمًا وقطعًا، لربما استطاع أن يوقف هذا النزيف الأسري الذي يعاني منه الجميع.
كما أن البحث عن حلول خارج المنزل وبالتعاون مع شرطة المجتمع، ومنحهم معلومات في بداية نشاط الابن، لربما يدرأ الكثير من بلوغ الشاب الجرأة على معاودة التعاطي بعد دخول المؤسسة العقابية، ولذلك أجد أن أسرع وسيلة لمكافحة الادمان وأنجعها هو إيجاد تواصل «آمن» بين الأسرة ووزارة الداخلية عبر مواقع بعيدة عن مراكز الشرطة، ولتكن أرقام هواتف أو موقع إلكتروني واضح، فحين لا يستطيع رب الأسرة فرض الحزم على أبنائه، فليوكل المهمة لأهلها.