السوق العربية المشتركة | الحق في الصحة من منظور وقائي

السوق العربية المشتركة

السبت 23 نوفمبر 2024 - 19:48
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
الحق في الصحة من منظور وقائي

الحق في الصحة من منظور وقائي

تناول الفصل السابع من كتاب «ملك الانسانية.. حقوق الإنسان في مملكة البحرين» قضية الحق في الصحة والحياة الكريمة للإنسان البحريني، وهذا الحق تم الاعتراف به في دستور منظمة الصحة العالمية الصادر في عام 1946، ولا تعني الصحة الخلو من الأمراض فحسب، حيث تعرف منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها حالة من اكتمال السلامة بدنيًا وعقليًا واجتماعيًا، لا مجرّد انعدام المرض أو العجز.
 
وكانت أهم معاهدة دولية تعترف وتتناول الحق في الصحة، هي العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي تبنته الأمم المتحدة في عام 1966، وتطورت التشريعات الخاصة بالحق في الصحة خلال العهد الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وفق استراتيجية متكاملة ركزت على تطوير الخدمات الصحية، حيث أكد تقرير عالمي لبيت الاستثمار العالمي «جلوبل» أن البحرين لديها أعلى معدل إنفاق على الرعاية الصحية كنسبة من الناتج المحلي بواقع 5%، مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي.
 
لكن هناك عوامل أخرى خارجية مؤثرة على الصحة العامة للمواطن وبخاصة الطفل الذي هو مستقبل الوطن، وأبرز تلك العوامل هو سوء نوعية الغذاء الذي يجب أن يحصل عليه لبناء جسمه بحيث لا يمثل في المستقبل عبئًا على ميزانية الصحة، وأن تكون الأجيال القادمة تتمتع بالصحة، وقادرة على قيادة قاطرة التنمية.
 
وهذا الأمر يحتاج لمزيد من التشريعات الضابطة لنوعية الغذاء في البحرين، فقد بدأت المملكة العربية السعودية مؤخرا تطبيق قرارات مشددة على مستوردي ومصنعي الأغذية لحثهم على الالتزام والتقيد بمتطلبات اللائحة الفنية السعودية التي نصت على منع استخدام «الزيوت المهدرجة جزئياً» في الصناعات الغذائية، بهدف الوصول لمجتمع ينعم أفراده بنمط حياة صحي بعيدا عن الأمراض والأعراض التي تسببها تلك الزيوت على صحة الإنسان.
 
وتمثل مطاعم الوجبات السريعة أكبر مستخدم لتلك الزيوت، والتي تستخدم في صناعة رقائق البطاطا المقلية، والمعجنات والحلويات وبعض أنواع الخبز والحلويات، والهدف من استخدام هذه الزيوت هو الحفاظ على الطعام من العفن، وتعتبر الزيوت المهدرجة المسبب الرئيسي لزيادة وزن الإنسان، لاحتوائها على الهيدروجين حيث تبقى في الجسم لفترة طويلة لصعوبة هضمها فتتراكم في البطن، وتؤدي إلى تكون الكوليسترول في الدم وتعريض الإنسان إلى خطر الإصابة بتجلط الدم في الشرايين، ومشكلات في القلب، ومرض السكري والسرطان.
 
ولا يخفى على أحد في البحرين حجم مطاعم الوجبات السريعة وكذلك البطيئة التي تستخدم تلك الزيوت، ودون ضوابط ورقابة أو حتى فرض اشتراطات عليها، وهو ما يحتاج من الدولة البدء في الحد من استيراد تلك الزيوت لمنع استخدامها في الطهي بالمطاعم، وأنا على يقين أنه أمر شبه مستحيل، لكنه لازم وضروري للمستقبل.
كثير من الناس سيعتقد أن الفكرة غير قابلة للتطبيق، لكن بالنظر إلى الإجراءات التي بدأتها دولا كثيرة، فإنه يمكن على الأقل تخفيض نسبة إدخالها إلى المملكة وبالتالي تنخفض كثافة الاستخدام وأثرها على الصحة العامة.
 
لدينا في البحرين خطة استراتيجية وطنية للصحة يتعاون فيها مؤسسات محلية ودولية عديدة، وتستند الخطة إلى تعزيز قيمة صحة الفرد، لكن لن يحدث ذلك عبر توفير العلاج له فقط، وإنما من خلال الوقاية من المرض الذي يوصلنا لمرحلة الاحتياج للعلاج.
 
لا أعلم النتائج الإيجابية الممكن تحقيقها إذا ما تم وقف استعمال الزيوت المهدرجة في البحرين، لكن من المؤكد أنها ستكون فعالة في تخفيض ميزانية الصحة وموازنة الدولة، وستؤثر على المستقبل بلا شك.