أطلقوا الفرح
08:06 م - الجمعة 25 يناير 2019
الفرح في قلوبنا.. الفرح في نفوسنا.. الفرح طاقة إيجابية يشحذ الهمم ويدفع إلى البذل والعطاء، وإرضاء الذات، ويشيع المرء على من حوله أسباب السعادة..
أطفالنا بحاجة إلى الفرح، أهلنا بحاجة إلى الفرح، جيراننا بحاجة إلى الفرح أصدقاؤنا بحاجة إلى الفرح، من يعيشون معنا ويقاسموننا لقمة العيش بحاجة إلى الفرح.
لنكن جميعًا مصدرًا لهذا الفرح؛ فالفرح يكون بموقف إيجابي يسعد بنتائجه من حولنا ويكون بكلمة تشجيع مؤثرة تشحن طاقة المرء لفعل أكثر إيجابية وعطاء..
والفرح قد يتمثل في هدية منتظرة أو غير منتظرة، صغرت أم كبرت، فالهدية كما يقال ليست بقيمتها المادية، إنما بقيمتها المعنوية..
نمر بظروف صعبة، تتقاذفنا أمواج الحياة بكل تلاوينها وقوتها، نشعر أحيانًا بصعوبة العيش، تتناوبنا لحظات اليأس والقنوط أحيانًا، يصف البعض حاله بالقول: «بت لا أطيق الكلام، وألجأ إلى الصمت الطويل»، وهذا قد يضاعف من بعد الفرح عنه.
كثيرة هي الأشياء والأمور التي تمر علينا ولا نلقي لها بالاً، وعندما نفقدها نتألم لفقدها، منها الفرح.
وجدت في أبنائي وأحفادي علامات الفرح بمجرد هدية بسيطة، أو كلمة حلوة أو تشجيع لعمل قاموا به.
ونصادف في حياتنا الكثير من علامات الفرح، كتفوق أبنائنا، وإنجازات تحققها أوطاننا، وانتصارات رياضية مختلفة فنجد الناس في الشوارع والمقاهي والبيوت حديثهم عن ذلك الإنجاز، ونسمع من يقول من بينهم: «إن الناس يريدون أي شيء ليفرحوا به» وهناك من يقول بلهجتنا الخليجية: «ما بغينا نفرح».. نعم نحن بحاجة إلى الفرح في كل وقت وآن، والفرح طبعًا لا يأتي بالصدفة، وإنما يحتاج إلى جهد ومثابرة وبذل وعطاء ونية صادقة في إدخال السرور على الآخرين..
وهذا الجهد لا يقتصر على جهة معينة وبذاتها، فالدولة مسؤولة عن توفير أسباب النجاح التي تؤدي إلى الفرح على مستوى الخدمات وتوفير لوازم العيش الكريم، والمواطن معني بإدخال الفرح إلى النفوس من خلال عمله وبذله وإخلاصه في أداء واجبه، وتسهيل الأمور على المراجعين الذين ينشدون الخدمة، والآخرون في تقلدهم للمناصب المتعددة عليهم أن يكونوا خير معين لإدخال السرور على من يطلب المساعدة.
الأديان السماوية تحثنا على البذل والعطاء من أجل إسعاد الآخرين، ما أجملها من عبارة شريفة «تبسمك في وجه أخيك صدقة» فلك أن تتخيل ما ستصنعه الابتسامة الصادقة في نفسك من ارتياح، فيكون يومك مليء بالسعادة، لأن الابتسامة لها الوقع الطيب في النفوس، خصوصًا تلك النفوس المتعبة.
إدخال الفرح إلى الناس يحتاج إلى جهد غير عادي وبالمقابل فإن إدخال الحزن إلى القلوب المكلومة لا يحتاج إلى كثير عناء، ومن هنا فعلينا أن نشحذ الهمم ونبذل الغالي والنفيس من أجل إسعاد الآخرين.
كان أجدادنا ممن غاصوا على اللؤلؤ وتحملوا أهوال ومخاطر البحر يفرحون عندما يحصلون على اللؤلؤ من المحار، وقد تكون هذه اللؤلؤة لا تأتي من بداية فلق محار اللؤلؤ، ولكنها تأتي بعد عناء وبحث فتكون الفرحة غامرة تعم السفينة ومن حولها؛ خصوصًا وإذا كانت اللؤلؤة بحجم «الدانة» المرغوبة من طواشي اللؤلؤ لأن لها مكانة في البيع والشراء عند كبار تجار اللؤلؤ ناهيك عن فرحة من عثر على هذه الدانة، ورحم الله وطيب ثراه العم النوخذة عبد الله بن عيسى الذوادي عندما عثر أحد الغاصة بسفينته على دانة سميت فيما بعد «بدانة الذوادي» وأصبحت شهرتها كبيرة وصلت إلى أسواق أوروبا..
إنه الفرح الذي يشع بنوره على الناس المعنيين مباشرة أو البعيدين.
هناك من يريدنا أن لا نفرح، بل يسعى جاهدًا لإدخال الحزن واليأس إلى النفوس، لأنه يشعر بأن الحزن لا يصنع انجازًا ويهمهم أن لا نحقق إنجازًا.. فنحن أمة بحاجة إلى تنمية وبحاجة إلى إنجاز أبنائنا الكثير من السبق في المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتشريعية والقانونية، والرياضية والثقافية والتنمية البشرية المستدامة، ولا يكون ذلك إلا عندما نشعر بإمكانياتنا وقدراتنا والقوى الكامنة فينا ومن بينها القوى الناعمة، ولا يكون ذلك إلا عندما نؤمن بأن الفرح هو الطريق لمضاعفة الانتاج والبذل والعطاء.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..