من استطاع إليه سبيلا
05:34 م - الأحد 19 أغسطس 2018
كل عام وأنتم بخير، فنحن نعيش أياما من أعظم أيام الله التي ذكرها في آيات كثيرة، ونسعد أن نحتفل بعيد الأضحى المبارك ونضحي فيه بأضحية ندعو الله أن يتقبلها من الجميع، ونتمنى أن نكون من بين حجاج بيت الله الحرام في الأعوام القادمة وندعو الله أن يتقبل ممن ذهبوا هذا العام.
لا شك أن الجميع يتمنى أن يحج إلى بيت الله وأن يضحي بأضحية إن لم يستطع إليه سبيلا، لكن الكثيرين لا يستطيعون لا هذه ولا تلك، فقد قال لي صديق يتمنى أن يحج لبيت الله: كانت أسعار حملات الحج مرتفعة في السنوات الأخيرة وعندما نسأل عن السبب تأتينا الإجابة أنه بسبب التوسعة وتخفيض الأعداد المسموح بها لكل الدول وهو ما رفع أسعار الحج، لكن انتهت التوسعة وزادت الأعداد المسموح بها وزادت معها الأسعار، فكل عام ترتفع الاسعار عن سابقتها ولا نعرف الأسباب.
وبالفعل فقد كنا نحج منذ زمن غير بعيد بما لا يجاوز 300 دينار شاملة حجز الفنادق والهدي والمواصلات، ثم ارتفعت الأسعار بصورة غير مبررة لتصل الآن إلى أكثر من 1600 دينار، وأود أن أشير إلى أن هذا هو الحد الأدنى، فهناك أنواع حج أخرى تصل إلى ضعف هذا المبلغ وتتجاوزه ويسمى حج خمس وست نجوم.
وعندما نسأل عن السبب وراء هذا الارتفاع الكبير والمتواصل لأسعار الحج، يلقي أصحاب الحملات بالمسؤولية على أطراف اخرى في ارتفاع الأسعار، وهو أمر غير منطقي ولا مقبول، وحتى لو حدث فلن يكون بهذه النسبة العالية، التي تتجاوز المنطق والمعقول.
وهناك أسباب أخرى تظل خفية على الحجاج والناس البسطاء، فكثير ممن حصلوا على سجلات لحملات الحج والعمرة يقومون بتأجيرها من الباطن على آخرين لا علاقة لهم بالحج ولا بالموضوع، وهدفهم الاول والاخير هو الربح المادي، وهذه الطريقة ترفع أيضا من سعر الحج عاما بعد آخر، لأن المؤجر والمستأجر يريد الربح، وفي النهاية يقع العبء بالكامل على الحاج أو المعتمر.
وكذلك الحال في الأضحية فالأسعار المعلنة تؤكد وجود استغلال للفريضة وانتهاز لفرص الربح المتجاوز لحدود المنطق، فقد تجاوز سعر الأضحية 160 دينارا، ولو راجعنا اسعار العام الماضي سنجدها كانت لا تتجاوز 120 دينارا، والذي قبله في حدود المائة، ولو أرجعنا البصر كرتين وجلبنا إعلانات الأضحية منذ عشر سنوات فقط، سنجدها في حدود الخمسين دينارا، وهو ما يؤشر لأن تصل الأضحية بعد عقد من الزمن لقرابة 500 دينار.
والغريب في أمر الأضحية هو أن سعر اللحم الذي نشتريه من الأسواق لم يتغير ولم يطرأ عليه أي ارتفاع، فلماذا هذه الانتهازية في رفع أسعار الأضاحي، وماذا يفعل المواطن متوسط الحال الذي اعتاد على أن يضحي كل عام، حين يصل لمرحلة لا يستطيع أن يشتري الأضحية التي تجاوزت ثلث راتبه.
ولقد صدق الله سبحانه وتعالى في الآيات «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ»، فها نحن ندخل مرحلة عدم الاستطاعة إليه سبيلا، بسبب الارتفاع المتزايد للأسعار رغم أننا أكثر شعوب العالم قربا لبيت الله الحرام، وأكثرهم حجا وعمرة، لكن يبدو أن الزمن يتغير والظروف تتبدل، ونسأل الله تعالى ألا يغير علينا وأن نبقى دائما على قدر الطاعات.