السوق العربية المشتركة | الوضع الاقتصادى .. أم اقتصاد الوضع

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 أغسطس 2025 - 23:29
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
الوضع الاقتصادى .. أم اقتصاد الوضع

الوضع الاقتصادى .. أم اقتصاد الوضع

عائدات أذون الخزانة المصرية سجلت مستويات مرتفعة لم تشهد البلاد مثلها منذ عام 2008 فى خضم الازمة المالية العالمية وتؤكد التقديرات انها قد تواصل الارتفاع ما لم تتمكن الحكومة من الحصول على تمويل خارجى لتغطية عجز الميزانية او رفع حجم الطلب على اذون الخزانة بما يمكنها من خفض اسعار الفائدة عليها.



فى 2008 تراجعت العائدات سريعا لكن فى الوقت الحالى لا يوجد ما يشير الى ذلك حتى الان وهو ما يستدعى اعادة صياغة سوق الدين المحلى وزيادة عدد ادواته مع تنشيط سوق السندات فى البورصة المصرية فى ظل احجام البنوك عن الدخول فى التزام طويل الاجل فى ظل ارتفاع العائدات وسط تراجع نسبى لاهتمام المستثمرين الاجانب بأدوات الدين المصرية.

ان الدولة لا يمكنها الاعتماد على التمويل من البنوك المحلية فقط كما يحدث الان، منوها الى ان البنوك المصرية تشعر بالضغط وتطلب عائدات مرتفعة فى مزادات أدوات الدين وأحيانا ما تطلب عائدات أعلى من ان يقبلها البنك المركزى مع التأكيد ان السوق المحلية قادرة على تمويل العجز ولكن الضغوط على البنوك المحلية تتزايد بشدة.

وخفضت أزمة منطقة اليورو التوقعات بأن تفى مجموعة الثمانى بوعودها للمساعدة. لكن قطر والسعودية والإمارات جددت التزامها بتقديم مساعدة بنحو سبعة مليارات دولار عن طريق مزيج غير محدد من دعم الميزانية المباشر ومشتريات السندات الحكومية وودائع البنك المركزي. ومن المنتظر أن تتباطأ سرعة تراجع الاحتياطيات الأجنبية أو أن تبدأ حتى بالارتفاع مع تسلم المساعدة.

ان بعض التغييرات فى السياسة الاقتصادية التى تعتزم الحكومة المصرية تنفيذها تثير شيئا من التفاؤل فمن بينها اصلاح نظام الدعم كما أن التوترات فى سوق الدين ترتبط بالغموض السياسى ولن تستقر ما لم تكن هناك رؤية واضحة عما ستكون مصر عليه مع التأكيد على قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى من الظروف الطارئة التى تؤثر سلبا على أدائه. وبأن مؤشرات الأداء للاقتصاد المصرى ستتجه إلى التحسن.

وانحسرت أيضا المخاوف بشأن ارتفاع حاد فى عجز ميزان المعاملات الجارية. السياحة انهارت. لكن بيانات جديدة تظهر أن الواردات تراجعت تراجعا حادا أيضا واستقرت دون تغيير فى يوليو على أساس قيمتها بالدولار مقارنة مع العام السابق.

ان الوضع الحالى لسوق الدين بعد تصاعد العائد على اذون الخزانة يؤثر سلبيا على قدره البورصة على اجتذاب استثمارات جديدة خاصة من جانب البنوك كما انه يؤثر سلبا على قدره الشركات على زيادة حجم الطروحات من السندات خاصة ان العائد الحالى لاذون الخزانة يلزم الشركات بان تصل بمعدل العائد على اى طرح على ما يزيد على 15% وهو معدل مرتفع جدا .

ربما لم تعد الأوضاع المالية لاقتصاد ما بعد الثورة فى مصر على الحافة والفضل يعود إلى مليارات الدعم المالى الذى تعهدت به دول خليجية. لكن تحولا سريعا إلى الديمقراطية هو شرط أساسى لمساعدة مصر فى تمويل عجزها المالى المتضخم وإعطاء دفعة للاقتصاد ومعالجة البطالة المرتفعة.

ويتوقع المستثمرون تراجعا تدريجيا محدودا للجنيه فور استقرار المناخ السياسى وإذا أثبتت مصر أن بمقدورها إجراء انتخابات برلمانية هادئة. وتبدأ الانتخابات أواخر نوفمبر وتستمر حتى أوائل مارس.

ان الفترة الحالية شهدت غيابا للاستثمار المؤسسى القوى فى سوق المال المصرى نتيجة هذا التصاعد غير المحسوب فى العائد على الاذون وهو ما يستلزم ضرورة الاسراع بايجاد موارد جديدة للدولة لتمويل الموازنة موضحا ان طرح شرائح جديدة لشركات قوية حكومية قد يكون احد هذه البدائل مستقبلا.

لكن مصر مازالت بحاجة إلى استعادة المستثمرين الأجانب لتخفيف الضغط على البنوك المحلية والمساعدة فى تمويل عجزها المالى المتوقع أن يبلغ 10% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2012. ومن المستبعد أن يحدث ذلك قبل أن يتخلى البنك المركزى عن سياسته غير الرسمية للدفاع عن الجنيه تفاديا لايقاد شرارة نزوح كبير ثان لرؤوس الأموال هذا العام.

ولم يطرأ تغير يذكر على العملة المصرية فى الأشهر الثلاثة الأخيرة مما يجعلها على نحو غريب من أقوى عملات الأسواق الناشئة أداء.

ولهذا السبب تجد مصر صعوبة فى بيع سنداتها قصيرة الأجل. لكن بدون عودة السياح- التى سيساعد عليها خفض تدريجى لقيمة العملة- فإن البلد سيجد صعوبة فى تحقيق نمو بنسبة 6% بدلا من المعدل الحالى البالغ 2% وذلك ضرورى لمجرد الإبقاء على نسبة البطالة مستقرة. وحتى مع المساعدة الخليجية الموعودة تظل حظوظ مصر معلقة بانتخاباتها القادمة.

ان صانعى القرار فى مصر يواجهون الآن تحديا اضافيا، يتمثل فى أن التوقعات الاقتصادية العالمية السيئة ستؤثر على انتعاش تدفق الاستثمارات والسياح. وتتمثل الأولوية العاجلة فى ضمان تمويل كاف لحماية الاقتصاد خلال العام المقبل، لكنه من الأهمية بمكان البدء بطرح أجندة متوسطة المدى، تشمل مثلا اصلاح نظام الاعانات الحكومية، التى تشكل عبئا كبيرا على الميزانية، وأن تضع سياسات لتحقيق نمو أعلى وأكثر شمولا، يشمل تمويلا وتنظيما أسهل للشركات والمشروعات الصغيرة التى تعانى حاليا من أجل الحصول على قروض مصرفية.