السوق العربية المشتركة | وأن تعفوا أقرب للتقوى

السوق العربية المشتركة

السبت 23 نوفمبر 2024 - 20:22
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب
 وأن تعفوا أقرب للتقوى

وأن تعفوا أقرب للتقوى

 
 
لشركات الاتصالات بمملكة البحرين الكثير من المشروعات والمبادرات الخيرية التي لا يستطيع أن ينكرها أحد، فضلاً عن جودة الخدمات المقدمة مقارنة بدول عربية وأجنبية أخرى، فبحسب بيانات الاتحاد الدولي للاتصالات وتقرير التنافسية العالمية (2017-2018) فإن البحرين في طليعة الدول من حيث نسبة انتشار واستخدام خدمات الإنترنت، حيث تحتل المرتبة الأولى عالمياً في انتشار البرودباند المتنقل والثانية عالمياً في نسبة مستخدمي الإنترنت، ولم يكن هذا ليحدث إلا في وجود بيئة جاذبة لمستخدمي الخدمة وتوافرها برسم يناسب دخل المواطن.
 
ولا ننسى توجهيات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه، الخاصة بتوفير خدمة الانترنت المجاني في المرافق السياحية والعامة في جميع مناطق محافظات المملكة والذي استجابت له شركة بتلكو ودشنت مشروعا بالشراكة مع وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني.
 
لكن يبقى أن تنظر شركات الاتصالات إلى الحالات المتعسرة في دفع الفواتير من المواطنين، فهناك المئات منهم يئنون تحت وطأة ارتفاع الأسعار في كل شيء، وثبات المدخول وازدياد الرسوم وغيرها من مصاعب الحياة جعلت المواطن في أمس الحاجة لكل دينار يستطيع أن يوفره أو يحصل عليه.
 
وفي المقابل يتفاجأ كثيرون بأن قضايا مرفوعة ضدهم في المحاكم بسبب فواتير متأخرة أو مبالغ لم يكونوا على علم بها، ومن يراجع ساحات القضاء سيجد عدداً هائلاً من الدعاوى ضد المواطنين من بعض شركات الاتصالات العاملة في البحرين، حتى أصبحت هذه القضايا أحد موارد الرزق لبعض مكاتب المحاماة، وشركات تحصيل الديون التي تحترف مطاردة المواطنين البسطاء، بمجموعات من الموظفين غير البحرينيين ولكنهم من المحترفين في التلاعب بنفسية الشخص المدين، وذلك باستخدام التهديد تارة والوعيد تارة أخرى.
 
ويصل الأمر في حالات كثيرة لاستصدار أمر قضائي بالقبض على المدين وزجه في السجن والحجز على حساباته في البنوك وبمنع سفرهم خارج البلاد، وهو ما قد يصيب عائلات كثيرة بمشاكل لا حصر لها، بدءًا بمن يحتاجون السفر للعلاج أو الدراسة أو لظروف طارئة لا تتحمل التأخير ولو لساعات، ونمى الى علمي وجود مكتب في مطار البحرين لإنهاء منع السفر بدفع فواتير التليفون فورًا، لكن ماذا عن المواطنين الذين لا يستطيعون السداد؟ وهل من نظرة عطف ولمسة من رحمات شهر رمضان الكريم تنزل على شركات الاتصالات فترفع مقتها وغضبها عنهم؟
 
هذه حقوق للشركات لا ننكرها، ولكن يجب أن يتم إعادة النظر فيها وإخضاعها لسلطة البحث القانوني، فكثير من الفواتير تأتي مبهمة ودون مستندات وافية تبين حقوق الخصوم، ولا يعلم المستخدمون للخدمات، تفاصيلها أو لماذا احتسبت عليهم مبالغ كبيرة.
 
الأمر يحتاج من شركات الاتصالات زيادة «خدمة التوعية» بحدود الحزم التي تبيعها للمستخدمين، لأن كثيرين يشعرون في هذا الأمر بنية استغلال لجهلهم وانتهاز لفرصة عدم العلم بتفاصيل الفواتير، وكذلك ما يحتويه العقد المبرم من تفاصيل قانونية تصل ببعض المستخدمين للسجن بسبب تجاهل الجميع لقراءة بنود العقد وفحوى كل جملة فيه، خاصة مع وجود عقود مطولة لا يفهمها الغالبية العظمى من المواطنين وتحتاج إلى خبراء قانون للتعامل معها.
 
حالات كثيرة وشكاوى وردت من مواطنين بشأن توقف مصالحهم وحياتهم الطبيعية بسبب فواتير الاتصالات، ولا يشكو من هذا الحال إلا من كانت حالتهم أصلاً متعسرة، فرفقا بقوارير المستخدمين يا شركات الاتصالات، واجعلوها إحدى مبادرات الخير في شهر رمضان المبارك أن تعفوا عن بعض تلك الحالات.. وأن تعفوا أقرب للتقوى.