كل رسوم وأنتم بصحة وسلامة
لا أريد أن أكون منافحًا للقرارات الوزارية وسياسات الدولة بشكل عام، ولكن سأطرح في هذه المساحة بعض تساؤلات المواطنين ممن أنعم الله عليهم ببعض المال استطاعوا جمعه في سنوات طويلة على أمل بناء بيت العمر أو بناية يترزق منها في نهاية مشوار حياته العملية، خاصة مع تنامي ظلال شبح العجز الاكتواري والتخوف من أوضاع أموال التأمينات ومستقبل التقاعد.
فقد نشرت جريدة (الأيام) تقريرًا عن ما يسمى بقانون استرداد كلفة البنية التحتية وإلزام المطورين العقاريين برسوم على الأراضي تبلغ 12 دينارًا عن كل متر مربع من المساحات المستثمرة، وذلك مقابل الحصول على خدمات بنية تحتية متوافرة سابقاً في هذه المناطق.
وأشارت مذكرة تفسيرية إلى أن المواطن مستثنى من تلك الرسوم، لمرة واحدة فقط لسكنه الذي يضم أقاربه من الدرجة الأولى وهم الأب والأم والزوج والزوجة والزوجات والأبناء، وما بعد هؤلاء من بقية العائلة يستحصل منهم الرسوم.
ويؤكد لي أحد المواطنين الذي يحاول بناء بيت آخر ليتسع لعائلته الكبيرة، أن هذا القرار وقع عليه كالصاعقة، لأن هذا البيت أو ما قال إنه امتداد لبيته القديم، سيقع تحت طائلة القانون، وبالتالي سيعامل معاملة الأجانب والمستثمرين.
مواطن آخر تساءل عن توقعات الاقتصاديين بشأن ارتفاع أسعار السكن في البحرين، وقال إن بعض الخبراء أشار إلى أن الارتفاع سيلمس مناطق دون الاخرى في المملكة، وهو أمر غير واقعي لأن التأثير الشامل سيعم كافة المناطق، ولن تستثنى منطقة عن أخرى، ولابد أن تتأثر بارتفاع الأسعار، حتى المناطق القديمة منها.
وقال مواطن ثالث إن قرار وزير الأشغال والبلديات، باستثناء البحرينيين، فسرته وزارة الإسكان بأن الشخص المستثنى يجب أن يشتري سكنه في مبنى لا يقل عن عشرين وحدة سكنية أو شقة، وهو ما يضرب المواطن في خصوصيته وقدرته على التعامل مع سكان بناية يتجاوز عددهم 20 أسرة ناهيك عن الزحمة ومواقف السيارات، والإزعاج المتوقع في مثل هذه البنايات ذات الكثافة السكانية، وهو ما لم يعتده المواطن.
ويؤكد أحد الخبراء أن تطبيق القرار مازال يكتنفه الغموض لدى المطورين العقاريين وحتى المسؤولين أنفسهم، حتى ان بعض الموظفين في البلديات توقفوا عن منح رخص للمشاريع العقارية الجديدة منذ صدور هذا القرار بانتظار التعليمات الجديدة، فتجمدت عملية التطوير العقاري.
والعجيب في الأمر أن بعض المستثمرين يؤكدون أن هذا القرار سيكون في مصلحة المواطن.. وأنا على يقين من أنهم يخططون لرفع أسعار العقارات أضعاف تلك الرسوم وستكون بالنسبة لهم أحد فروع الربح الجديدة، وهم في تلك التصريحات يداهنون لكي تسير مراكبهم بين مكاتب البلديات دون عوائق، فالحديث الصحفي والإعلامي لا يعبر عن حقيقة ما سيحدث حين يتوجه المواطن للحصول على حقه الإسكاني أو حتى بناء بيته على نفقته الخاصة، أو لشراء عقار من مكاتبهم فيصدمونه بأسعار مضاعفة، وحين يسأل عن السبب يكون الرد بأن الحكومة فرضت رسوماً جديدة، وكل رسوم تفرض علينا، نأخذها من جيوبكم وأنتم بصحة وسلامة.