السوق العربية المشتركة | المسكوت عنه فى تعديل قانون السلطة القضائية

السوق العربية المشتركة

السبت 16 أغسطس 2025 - 12:19
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
المسكوت عنه فى تعديل قانون السلطة القضائية

المسكوت عنه فى تعديل قانون السلطة القضائية

أثار مشروع تعديل قانون السلطة القضائية جدلاً كبيراً بين المتخصصين من فقهاء القانون الدستورى ورجال القانون والمثقفين والعامة.



ولاخلاف على ضرورة حماية استقلال القضاء وتدعيم هذا الاستقلال، وهو أمر لايفيد رجال القضاء بقدر ما يفيد المواطنين المتقاضين أنفسهم، سواء فى المنازعات التى تقوم بين بعضهم البعض، أو فى المنازعات التى تقوم بينهم وبين الدولة.

وبقدر ما يتم تدعيم استقلال القضاء يتم صيانة حريات الأشخاص وحقوقهم، وكان ذلك دليلاً على رقى الدولة وتقدمها.

ولئن كان الدستور قد منح مجلس الشورى حق اقتراح مشروعات كافة القوانين– بسبب غيبة مجلس النواب– إلا أن قانون السلطة القضائية من القوانين المكملة للدستور باعتباره ينظم إحدى سلطات الدولة، ما يتعين مناقشته من مجلس النواب والشورى معاً، الأمر الذى يتعين معه إرجاء مناقشته حتى يتم تشكيل مجلس النواب.

هذا فضلاً عن أن سلطة التشريع الممنوحة حالياً لمجلس الشورى فى كافة القوانين سلطة استثنائية بسبب غياب مجلس النواب، مما يتعين معه الاقتصار على مناقشته القوانين التى تقوم حاجة عاجلة إلى إصدارها، ولا حاجة عاجلة حالياً لإصدار تعديلات على قانون السلطة القضائية. وقد أوقعنا فى المأزق الحالى عدم دقة صياغة بعض نصوص الدستور.

وأياً ما كان تفسير مجلس الشورى لنص الدستور الخاص بسلطة المجلس التشريعية– وله أن يفسر كما يرى– وأياً ما كان رأى رجال القضاء ورجال القانون وما يقررونه وما يتخذونه ويرونه دفاعاً عن استقلال السلطة القضائية، فإن الوطن ليس فى حاجة إلى مزيد من الانقسامات، الأمر الذى يتطلب من كافة المخلصين التهدئة.

وأهم ما أثير فى شأن تعديل قانون السلطة القضائية هو النزول بسن التقاعد للسادة رجال القضاء إلى سن الستين، وفضلاً عما يقال من أن الأمر فى حقيقته عزل لبعض رجال القضاء، والقاضى لا يجوز عزله، فإن النزول بسن التقاعد يترتب عليه إحالة العديد من رجال القضاء إلى المعاش، ونحن فى حاجه إلى زيارة عدد القضاة بفعل الزيادة الملحوظة فى القضايا التى تعرض على القضاء والتى ترتب عليها تأخر ملحوظ فى الفصل فى الكثير من القضايا، وقد قيل (ان العدالة البطيئة ظلم بيـّن)، والأهم من هذا كله أنه كلما تقدم القاضى فى العمر زادت خبرته، ولوحظ شدة حصافته، وكثرة إنتاجيته، وترسخت عدالته بشكل ملحوظ، وارتقى فى صياغته للأحكام وفاق فيما يصدره من أحكام كل قضاة العالم، وقد تعلمنا جميعاً من شيوخ القضاة، وتلك شهادة حق لوجه الله تعالى.

أما المسكوت عنه فى تعديلات قانون السلطة القضائية فهو كثير، ويتعين إدخاله فى القانون، ومن ذلك:

أن للقضاء أن يحدد شروط العمل به، ضمن ضوابط عامة مجردة، تطبق على الكافة. ولا شك فى أن القائمين على اختيار من يتشرفون بالعمل بالأسرة القضائية سوف يلتزمون بذلك، وبهذا نتلاقى ما يوجهه البعض من مطاعن للتعيين فى القضاء.

انه يتعين لإبعاد أى شبهة عن القاضى، إلغاء الندب من القضاء لأى جهة داخل مصر طيلة مدة عمل القاضى بالقضاء. وفى مصر العديد من الأكفاء من رجال القانون الذين يمكن الاستعانة بهم ممن يريد ندب مستشارين لديهم.

وبدافع البعد عن الشبهات، يجب أيضاً عدم تعيين رجال القضاء فى أى وظائف فى الدولة، سواء أثناء مدة خدمة القاضى أو بعد انتهاء تلك الخدمة، حتى لو كان التعيين فى وظيفة وزير، ولا يستثنى من ذلك سوى منصب وزير العدل، باعتبار أنه من المفضل أن يكون من بين رجال القضاء، لأنه أدرى من غيره بشئون العدالة.

أنه لا يجوز إعارة القاضى أثناء مدة خدمته إلى خارج مصر بالتعاقد الشخصى، وتكون الإعارة بطريق الاختيار من قبل مجلس القضاء الأعلى، ضمن قواعد وضوابط مجردة تنطبق على الكافة.

ولئن كنا ندرك أن من حق البرلمان بغرفتيه (الشورى والنواب) اقتراح ما يراه فى مشروع قانون السلطة القضائية، إلا أنه يتعين أن يكون ذلك الاقتراح فى إطار ما تقترحه السلطة القضائية نفسها من مشروع جديد لقانون السلطة القضائية، باعتبارها العالمة أكثر من غيرها بمشكلات التقاضى، وما يحقق حسن سير العدالة، وما يضمن استقلال القضاء.

ويجب أن تقتصر مناقشات البرلمان واقتراحاته فى شأن مشروع قانون السلطة القضائية على التحقق من اتفاق مشروع القانون المقترح من القضاء مع الدستور ومن أنه يحقق حسن سير العدالة، ويدعم استقلال القضاء.

ولذا يتعين على القضاء الاتفاق على مشروع واحد للقانون السلطة القضائية بدلاً من المشروعين المقترحين سابقاً، لتلافى نقاط الخلاف بينهما، مع الأخذ فى الاعتبار النص الخاص بالسادة المحامين والذى سبق أن أثار أزمة بين القضاء والمحامين.

ورئيس الجمهورية– كحكم بين السلطات– عليه واجب العمل على التهدئة بين مجلس الشورى والقضاة فى الأزمة الحالية، وهو يملك– بسابق انتمائه للتيار الغالب فى مجلس الشورى– أن يوعز للمجلس بإرجاء النظر فى مشروع قانون السلطة القضائية حالياً، كما يملك رئيس الجمهورية الاجتماع برجال القضاة من المجلس الأعلى للقضاء ورؤساء أندية القضاة، والطلب منهم تهدئة الأمور فى الوقت الراهن، وطمأنتهم إلى واجبه وحرصه على حماية استقلال القضاء.