السوق العربية المشتركة | د.أحمد جلال فى مؤتمر الضرائب: الشكوى من أعباء الضرائب ليست فى محلها.. والتحول للقيمة المضافة مهم لتحقيق العدالة وزيادة الموارد

السوق العربية المشتركة

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 - 08:31
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

د.أحمد جلال فى مؤتمر الضرائب: الشكوى من أعباء الضرائب ليست فى محلها.. والتحول للقيمة المضافة مهم لتحقيق العدالة وزيادة الموارد

وزير المالية وممدوح عمر وأحمد شوقى خلال المؤتمر
وزير المالية وممدوح عمر وأحمد شوقى خلال المؤتمر

جاء مؤتمر الحوار المجتمعى حول الضرائب الذى عقدته جمعية الضرائب المصرية الأسبوع الماضى ليطرح العديد من التساؤلات حول مصير ضريبة القيمة المضافة وهل التوقيت الحالى مناسب لتطبيقها وما أهميتها حالياً وما مدى تأثيرها على الاقتصاد المصرى؟



المؤتمر شارك فيه وزير المالية الدكتور أحمد جلال ورئيس مصلحة الضرائب المصرية ممدوح عمر ورئيس مصلحة الضرائب العقارية سامية حسين بجانب نخبة من خبراء الضرائب. وقاد الحوار الدكتور أحمد شوقى رئيس جمعية الضرائب المصرية.

وتناول الحوار عدة محاور هامة تمس المجتمع وينعكس تأثيرها المباشر على جميع الانشطه بل ويمتد التأثير على المواطن، واهم هذه المحاور التى تمت مناقشها فى هذا الحوار.. تناول المحور الأول ملامح التعديلات المقترحة للانتقال للضريبة على القيمة المضافة وأثر تطبيق هذه الضريبة على المواطن ومحدودى الدخل بصفه خاصة وعلى الاقتصاد والاستثمار بصفه عامة.

وتناول الحوار من خلال هذا المحور أيضا مدى حتمية التحول إلى ضريبة القيمة المضافة بديلا عن الضريبة على المبيعات ومدى الملاءمة الاقتصادية لها والتوقيت المناسب لصدور هذا القانون وكيفية تهيئة المجتمع الضريبى لهذا التحول وايجابيات وسلبيات التوسع فى فرض الضريبة على الخدمات وآليات الحفاظ على حقوق الخزانة العامة للدولة عند التطبيق خاصة بالنسبة للاقتصاد غير الرسمى.

وهناك حاجة ملحة لزيادة إيرادات الخزانة العامة للدولة لمواجهة العجز المتزايد الحالى ولابد من النظر إلى الآثار التضخمية لتطبيق هذه الضريبة.. حيث انه من المؤكد أنها ستؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم والتوقع بزيادته بشكل مستمر، ما سيؤدى إلى زيادات أخرى فى الأسعار بفعل مدفوعات الأجور وعقود الأعمال الأخرى المرتبطة بالمستوى العام للأسعار، وتناول المحور الثانى مناقشات قانون الضريبة على العقارات المبنية رقم 196 لسنة 2008 وتعديلاته الكثيرة وما يواجه تطبيقه من صعاب ومنها مشاكل أسس ومعايير تقييم العقارات المبنية للأنشطة الاقتصادية المختلفة فى هذا الوقت الصعب وعدالة هذا التقييم وهل ستكون هناك مرحلة انتقالية للأنشطة المتعثرة والمتأثرة بالظروف الحالية خاصة قطاع السياحة وقطاع الصناعة فضلا عن القطاعات المختلفة الأخرى.

وفى ضوء زيادة الالتزامات والمطالب الفئوية ورفع الحد الأدنى للأجور لتلك الأنشطة خاصة ان هناك علامة استفهام كبيرة. هل التطبيق لهذا القانون وتعديلاته سيؤدى إلى زيادة الالتزامات المالية لتلك القطاعات.وهل تتحمل هذه القطاعات تلك الزيادة أم أنها تؤدى إلى عرقلة نمو الاستثمار فى هذه الأنشطة؟

ونظرا لما يتعلق بهذه الضريبة التى لم تستقر بعد رغم إجراء العديد من التعديلات بشأنها فإننا نرى انه من الأفضل الإبقاء على القانون رقم 56 لسنة 1954 مع إجراء بعض التعديلات عليه حتى يستقر التشريع الخاص بهذه الضريبة بعد التعديلات المختلفة والمتعددة التى تمت عليه وحتى تحقق الهدف من فرضها فى أنها ضريبة محلية مرتبطة بالإقليم أو المجتمع التى تحصل منه لتنفق حصيلتها على تطويره.

أما المحور الثالث فلقد تناول آخر ما صدر من تشريعات خاصة بالضرائب من الحكومة الحالية وهو قانون رقم 163 لسنة 2013 وهو قانون التصالح فى المنازعات الضريبية وأثر ذلك على إنهاء الخلافات الضريبية المتداولة فى المحاكم بكافة درجاتها بالاضافه إلى مناقشة اثر التعديلات الضريبية الأخيرة التى تمت بالقانون 11لسنة 2013 والمشاكل التى نتجت عنه ونحن على مشارف إعداد الإقرارات الضريبية فضلا عن المشاكل المثارة حاليا لبعض المواد المعدلة والتى لم نتلق له أى إيضاحات واضحة للتطبيق العملى.

وقال الدكتور احمد جلال وزير المالية ان الضرائب هى احدى ادوات السياسة المالية التى تؤثر بشكل جاد وحقيقى وفعال فيما يحدث فى الاقتصاد، ومن اجل ذلك اختارت الحكومة الحالية بوعى عدم زيادة الضرائب فى الوقت الراهن ذلك لأنها قررت المضى فى سياسة اقتصادية توسعية لا انكماشية، وبالتالى واتساقا مع ذلك فلا يجب زيادة الضرائب. وأضاف الدكتور جلال خلال لقاء فى الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار المجتمعى حول الضرائب الذى نظمته جمعية الضرائب المصرية ان الاقتصاد يتعافى حاليا لكنه لم يصبح عفيا بعد وحين ينشط ستكون هناك حاجة الى توجه ضريبى مختلف لتدبير موارد تسهم فى سد عجز الموازنة الذى يفيد بدوره المستثمرين والمواطنين عموماً.

أكد الدكتور جلال ان حصيلة الضرائب فى مصر كنسبة من الناتج المحلى منخفضة مقارنة بالدول المثيلة، وبالتالى فان الشكوى من أعباء الضرائب ليست فى محلها، وأضاف نحن نريد ضرائب عادلة وشفافة مع اجراءات لا ظلم فيها ولا تعسف وندعو الممولين ايضا الى ان يسددوا ما عليهم كما ندعو ايضاً المستشارين الماليين والخبراء والمحاسبيين الى أن يلعبوا دورهم مع المالية والممولين فى ضمان سلامة وتوازن المنظومة الضريبية فى البلاد.

وكشف الدكتور احمد جلال استعداد الوزارة للنظر فى الشأن الخاص بتشكيل المجلس الأعلى للضرائب واتخاذ ما يلزم فى ضوء ما تقتضيه المصلحة العامة، واكد الوزير فى الحوار الذى اداره الدكتور احمد شوقى رئيس الجمعية احتياج الجهاز الإدارى فى الدولة الى اصلاحات عميقة فى كل موقع، مشيراً الى أن ذلك سيأخذ وقتا طويلاً لكنه ضرورى للغاية.. كما اكد ايضاً اهمية اعادة هيكلة الأجور فى الجهاز الحكومى وقال لا بد من اعادة نظر كلية فى وضع الاجور الراهن حيث من غير المنطقى ان يكون الاجر الأساسى 20% من قيمة ما يحصل عليه الموظف، و80% للاجور المتغيرة ولابد ايضا من ربط اصلاح الاجور بالتأمينات والمعاشات لضمان معاشات كريمة بعد التقاعد، وعدم حدوث انخفاض شديد فى الدخل بعد المعاش كما يحدث الآن.

اعلن الوزير خلال الحوار الترحيب بأن تكون لجان فض المنازعات الضريبية لا مركزية وعودة لجان الطعن على الضريبة العقارية الى المحافظات ليكون دور اللجنة المركزية للطعون بالمصلحة هو دعم عمل مثل تلك اللجان الاقليمية.

وحول سؤال عن عدم ملاءمة الوقت الراهن لفرض ضريبة القيمة المضافة والاثار السلبية لها رد الوزير بسؤال: «هل هناك يا ترى وقت مناسب على الإطلاق لفرض ضريبة؟!»، ثم قال: معلوم أن الضريبة فى اى وقت غير مرحب بها ولا يوجد وقت مناسب بنسبة 100% لاى قرار ضريبى او غير ضريبى لكن من الواجب النظر الى السياق العام الذى يتم فيه التحول الى ضريبة القيمة المضافة فقد قلنا أننا رفضنا زيادة الضرائب لان ذلك يتناقض مع النهج التوسعى الذى اتخذته الحكومة لكن ذلك لا يعنى ان الحكومة ليست فى حاجة الى موارد، وإحدى الوسائل لذلك هو التحول الى ضريبة القمية المضافة والميزة هنا أننا لا نستحدث ضريبة فهى قريبة جدا من ضريبة المبيعات الحالية ولها سمات أفضل مثل خصم المدخلات من الممول بحيث يسدد فقط عن القيمة المضافة التى تمت فى مرحلته واما القول بانها ستزيد العبء على الممولين وستزيد الاسعار فهذا مردود عليه بأن ذلك يتوقف على سعر الضريبة الذى سنقرره.

واضاف الوزير: هناك دول تفرض 14 و18 و22% ونحن لن نفعل ذلك، وحين يكون سعر الضريبة متوازنا فلن يؤثر ذلك على الاسعار فى الاسواق وسيكون اثر الموارد الناجمة عنها حياديا من هذه الزاوية.

واختتم بالقول أن ضريبة القيمة المضافة ضريبة مهمة جداً فى دول كثيرة متقدمة ونامية لانها تمزج بين العدالة وتحقيق ايرادات جيدة فى وقت واحد وحين نتحدث عن العدالة الاجتماعية ولا نقبل ضريبة من هذا النوع فنحن نكون غير متسقين مع انفسنا، فالعدالة تلزمها موارد ونحن نحاول فى الاجل القصير البحث عن موارد من خلال تحصيل المتأخرات وتسهيل عمليات التصالح وفض المنازعات لكن فى الأجل المتوسط لابد من موارد للحكومات المقبلة تستطيع تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن المالى، واختتم الوزير الاجابة بالقول أنه من الناحية الاخلاقية ومن ناحية العدالة وحتى من ناحية المصلحة الخاصة فالضريبة مهمة حيث يلزم كل مستثمر- او مواطن- العيش فى مجتمع فيه حد اعلى من الأمان، ولابد اذن من وجود موارد تسمح بالارتقاء بحياة الفقراء والمهمشين لزيادة الامان الاجتماعى.

واكد الدكتور جلال اننا نحاول بأسرع ما يمكن عمل قانون جيد للقيمة المضافة ونتعاون فنيا مع صندوق النقد الدولى فى هذا المجال وسنعرض المشروع على المجتمع لمناقشته.

وحول اسئلة اخرى عن كيفية جذب استثمارات فى وجود عدد كبير من الضرائب فى مصر، جدد الوزير التأكيد ان الموارد الضريبية فى مصر كنسبة من الناتج المحلى اقل من الدول المثيلة التى نتنافس معها فى جذب رأس المال.

واضاف ان المستثمر لا يذهب لدولة من الدول بناء على عامل الضرائب فقط فالضرائب ليست أهم عنصر لجذب المستثمرين وهناك عوامل اخرى اهم مثل الاستقرار السياسى وثبات التوجهات ومصداقية السياسات ووجود محاسبة سياسية وتشاور حول القرارات وسهولة الدخول والخروج من الاسواق وطبيعة سوق العمل وتوافر المهارات ومناخ الاستثمار بشكل عام من ناحية يسر الاجراءات ومستوى البنية التحتية وتوافر الطاقة وغير ذلك من العوامل.

اكد الوزير اهمية العمل على مكافحة الفساد بنوعيه اى ذلك الناتج عن فساد السياسة والفساد الادارى، وقال أن مصر تمضى على طريق سيعزز من عملية المساءلة والشفافية وتوازن السلطات والتداول السلمى للسلطة وكل ذلك يحد كثيرا جدا من الفساد الناتج عن خلل السياسة والمحاباة التى تنتج عنه، اما الفساد الادارى فمكافحته تستلزم عمل اصلاح عميق كما قلت فى المؤسسات العامة وذلك يحتاج الى وقت طويل لكن المهم أن نبدأ.

ودعا الوزير فى النهاية الى ان يتخلى كل منا عن مصلحته الخاصة فى الوقت الراهن فمسئوليتنا الوطنية، تقتضى مساعدة بلدنا فى هذا الوقت الصعب ولن ينقذها إلا نحن معاً.