السفير محمد صبيح أمين سر المجلس الوطنى الفلسطينى لـ “ السوق العربية” : فلسطين جزء من الأمن القومى العربى الذى تقوده مصر
مصر ستتعافى اقتصاديا وسيكون لها دور رائد فى الوطن العربى
سيبقى الشعب والجيش المصرى فى طليعة المحافظين على مقدرات ومقدسات وتاريخ الدولة الفلسطينية
نرفض المزايدات على الموقف المصرى لأن مصر هى الداعم الأول دائما وأبدًا للقضية الفلسطينية
أوباما أعطى إسرائيل 38 مليار دولار و35 طائرة أحدث طراز
الخير فى هذه الأمة وإمكانياتها وتفاهم قادتها على العمل العربى المشترك
العلاقة المصرية- الفلسطينية علاقة راسخة وعطاء إلى الأبد بشهادة التاريخ
السفير محمد صبيح هو تجربة عمر فى السياسة والعمل الوطنى، بدأ حياته العملية بالالتحاق للحركة الوطنية الفلسطينية، وقضى 25 عاما من حياته فى العمل السياسى، منها 10 سنوات كمساعد الأمين العام، و15 سنة مندوبًا دائما لفلسطين فى جامعة الدول العربية.
دار الحديث مع السفير محمد صبيح، أمين سر المجلس الوطنى الفلسطينى فى مقر جامعة الدول العربية، وتناول الحوار القرار التاريخى لمجلس الأمن بمطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان ووقف العدوان على الشعب الإسرائيلى، والمزايدات على الموقف المصرى ومحاولات خلق الوقيعة بين مصر وفلسطين، والتأكيد أن مصر ساهمت فى مشروع القرار بكل أركانه. كما تناول الحوار تطورات الأحدث فى الوطن العربى، والخطوات القادمة بعد قرار مجلس الأمن.
السفير محمد صبيح لـ«السوق العربية»: «إن العلاقة المصرية- الفلسطينية علاقة راسخة وعطاء إلى الأبد بشهادة التاريخ الذى لم يمت، وأوجه تحية كبيرة للشعب والجيش المصرى فنحن شعب واحد ولدينا تاريخ واحد ولدينا معاناتنا وأفراحنا وعائلاتنا ودماؤنا ممتزجة، ولا يستطيع أحد أن يفرق بين الجانبين ولمصر دور كبير فى حماية الأرض والمقدسات الفلسطينية منذ قديم الأزل».
وإلى نص الحوار:
■ فى البداية نرحب بسيادتكم فى جريدة «السوق العربية» ونريد أن نعرف سبب زيارتكم الكريمة فى جامعة الدول العربية؟
- أهلا بكِ وبجريدة «السوق العربية» المحترمة وزيارتى لجامعة الدول العربية هى زيارة شكر وتقدير لمعالى الأمين العام أحمد أبوالغيط، واستطلاع رأيه فى الأحداث الجارية، وهى زيارة دائمًا ما اهتم بإجرائها لعلاقتى الوثيقة بمعالى الأمين العام لجامعة الدول العربية الذى أكن له كل الاحترام والتقدير، خاصة أنه من الفريق الذى كان يعمل فى التحقيق فى حرب أكتوبر مع مستشار الأمن القومى المرحوم حافظ إسماعيل، وهذه العلاقة القوية مستمرة، وتحدثنا فى كثير مما يخص الشأن العربى والشأن الفلسطينى تحديدًا.
■ ما رأيك فى تطورات الأحداث الجارية فى الوطن العربى؟
- كونى عملت بالجامعة العربية لفترة تصل إلى 25 عامًا، حيث شغلت منصب أمين عام مساعد لمدة «10 سنوات»، ومندوبًا دائمًا لفلسطين فى جامعة الدول العربية لمدة «15 سنة» وأتابع التطورات والأحداث فأنا أقول إننا فى زمن عربى صعب، كان يسميه الزعيم الراحل ياسر عرفات، الزمن العربى الردىء، لكننى على يقين أن هذه الأمة فيها الخير ولا بد أن تتكاتف ولا بد أن تسود ثقافة الاختلاف على قاعدة الاحترام وأن يكون الاختلاف على المصلحة العربية العليا. وبالتالى نحن نرى الإقليم من حولنا معظمه دول تختلف مع دولنا العربية وعلى الشعب الفلسطينى تحديدًا. وأنا دائما أرى الخير فى هذه الأمة وفى إمكاياتها وتفاهم قادتها على العمل العربى المشترك، ولا بد أن تكون هناك وحدة وطنية فلسطينية ولا بد أن يكون هناك موقف عربى متماسك لأن القادم لا يزال أصعب.
■ ما الخطوات التالية بعد قرار مجلس الأمن وقف عمليات الاستيطان فى فلسطين؟
- هذا القرار فى حد ذاته مهم للغاية، بل هو قرار تاريخى وهو انتصار للشرعية الدولية والقانون الدولى والمواثيق الدولية، خاصة أنه موجه للحكومة الإسرائيلية ورئيسها، حيث إن الإدارة الأمريكية على مدى «8 سنوات» حاولت أن تثنى نتنياهو عن الاستمرار فى الاستيطان، وكل التفاهمات التى كان نتنياهو يوافق عليها مع جون كيرى، فى زياراته المتعددة إلا أن نتنياهو أخل بها جميعًا، سواء إطلاق سراح الأسرى، أو وقف الاستيطان. فى حين أن الجانب الفلسطينى والعربى كان يمضى فى الطريق السليم لدعم المفاوضات والوصول إلى حل سلمى على أساس وقاعدة حل الدولتين التى لا يؤمن بها نتنياهو وحكومته، واعتقد بأنه حكم العالم، والان هو يعاقب الأمم المتحدة التى أنشأت إسرائيل كما يعاقب الدولة والإدارة الأمريكية.
■ كيف ترى عدم استخدام الولايات المتحدة حق فيتو ضد قرار مجلس الأمن؟
- إسرائيل تمتعت بعطاءات ومنح كثيرة من الولايات المتحدة الأمريكية، فأوباما منح إسرائيل «38 مليار دولار»، وقدم لإسرائيل «34 طائرة» أحدث طراز فى العالم لم تأخذها أى دولة من دول حلف ناتو.. دائمًا كان يدافع عن إسرائيل ويستخدم حق فيتو عشرات المرات حتى نفد الصبر مقابل تلك العطاءات من أوباما وإدارته وكان التطاول على وزير الخارجية، وعلى رئيس الولايات المتحدة شخصيًا ولو عدنا إلى الملف والإهانات التى كانت توجه وتصرفات نتنياهو قادت إلى أن العالم فاض الكيل به، فجاء القرار بالإجماع من الدول التى قدمت مشروع القرار سواء من أمريكا اللاتينية، وأوروبا وفنزويلا، وآسيا، وماليزيا، ونيوزيلاندا، وأوروبا والسنغال، وهى دولة شقيقة وإفريقية، والموقف الإفريقى كان واضحًا فى دعمه للدولة الفلسطينية، فكل هذه الدول أعطت إشارة بالإجماع.. وأتمنى من الحكومة الإسرائيلية أن تدرس أبعاد هذا الموقف تمامًا الحماية للاستيطان، الحماية للعدوان، والحماية لخرق القانون الدولى، كل هذا أصبح مرفوضًا.
■ ما ردكم على المزايدات والاتهامات الموجهة لمصر والادعاء بأنها تخلت عن القضية الفلسطينية؟
- هذا كلام ليس له مكان من الواقع أو الحقيقة، لأن مصر عملت على التحضير لهذا المشروع، ومصر صوتت فى مجلس الأمن مع المشروع، وبالتالى فإن هذا المشروع جاء بمساهمة مصرية بكل أركانه، وإذا كانت مصر قد رأت لمصالح خاصة بالقضايا العربية والمصلحة الفلسطينية مع الإدارة الأمريكية ومصلحة أخرى فهذا لا بد أن يحترم، وإذا كانت مصر لديها مسئولية أساسية فى القضية الفلسطينية والمصالحة الفلسطينية وهو ليس أمرًا جديدًا على مصر.. ودعينى أقول لكل من يتعاملوا فى السوشيال ميديا والاجتماعيات، ابتعدوا عن الفرقة فنحن بحاجة إلى ترابط عربى متكامل خلف القضية الفلسطينية، والآن حصلنا على قرار مجلس الأمن بوقف الاستيطان ويجب أن نحقق أيضا توافقًا عربيًا لنسير لدحر الاحتلال وإقامة السلام هذه المنطقة. وأود أن أقول أن مصر لم تنشغل بأزماتها ومحاربتها للإرهاب وأزمتها الاقتصادية عن مساندة فلسطين والقضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى، وستتعافى مصر من أزمتها وستنتصر على أعدائها وستستعيد مكانتها الرائدة من جديدة وقريبا جدا تحت ظل القيادة المصرية الحكيمة.
■ ماذا عن العلاقات المصرية- الفلسطينية فى ظل تلك المحاولات لإرباك العلاقات؟
- العلاقات المصرية- الفلسطينية علاقة راسخة قديمة متجددة ونحن جزء من الأمن القومى العربى، والأمن القومى العربى تقوده مصر، ولا يوجد أمن دون مصر وقيادة مصر والجميع يعرف ويقر بذلك، فمصر دولة مركزية ولو قرأنا التاريخ سنجد أن انتهاء غزو التتار فى المشرق العربى كان بقيادة مصر، كما انتهت حملة الفرنجة على وطننا العربى التى استمرت 200 عام بقيادة مصر، ودخل الفرنجة إلى المسجد الأقصى وربطوا خيولهم فى المسجد الأقصى ومنعوا الأذان وكانت مصر بجيشها وقيادة صلاح الدين ومع أهل فلسطين اندحرت تلك الحملة تمامًا.. ودعينى أوجه من خلال جريدة «السوق العربية» تحية للشعب والجيش المصرى، فنحن شعب واحد ولدينا تاريخ واحد ولدينا معاناتنا وأفراحنا وعائلاتنا ودماؤنا ممتزجة، ولا يستطيع أحد أن يفرق ما بين الجانبين ولمصر دور كبير فى حماية الأرض والمقدسات الفلسطينية منذ قديم الأزل، وسيبقى الشعب المصرى والجيش المصرى فى طليعة المحافظين على المقدرات والمقدسات ومستقبل الدولة الفلسطينية.
■ برأى سيادتكم هل ستحترم إسرائيل قرار مجلس الأمن بوقف الاستيطان؟
- مشروع القرار يدعو إسرائيل إلى «وقف فورى وتام لكل أنشطة الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية» وهناك ميثاق الأمم المتحدة وهناك قراراتها وكل الدول التى دخلت الأمم المتحدة بما فيها إسرائيل وافقت على ميثاق الأمم المتحدة وتعهدت باحترامها، والآن إسرائيل ملزمة باحترام القانون الدولى واحترام ميثاق الأمم المتحدة وإلا تكون فقدت مصداقيتها كدولة، وبالتالى فإن الدول متضامنة إذا شذت دولة وخرجت عن القانون وعن ميثاق الأمم المتحدة فعلى الدول أن تصحح مسيرة هذه الدولة الشاذة والخارجة عن القانون، ولذلك فإن كل تصرفات إسرائيل من شأنها خرق ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى وحقوق الإنسان فهناك فى فلسطين ممارسات لم يتحملها بشر سواء القتل فى الشوارع واعتقال الشباب والأطفال واغتصاب الأراضى والاستيطان الدائم الذى ينهى حل الدولتين وهدم البيوت والعدوان على المقدسات الإسلامية والمسيحية وهذه الممارسات خطيرة للغاية، ويستوجب على جميع الدول وضع حد لتصرفات إسرائيل وهو مسئوليتها لحماية ميثاق الأمم المتحدة.
■ ما الخطوات القادمة لحركة فتح بعد المؤتمر السابع؟
- حركة فتح تسير فى طريقها الصحيح وأمامها مسئوليات كثيرة والمسئولية هنا تضامنية وهى ليست للقيادة فقط بل هى لكل أبناء حركة فتح مهما كانت توجهاتهم، فنحن فى مرحلة صعبة جدا، حيث نرى محاولات تمزيق دول وتقسيم أخرى وهذا أمر واقع على الأرض وعلى الشعب الفلسطينى أن يتكاتف، ليس على مستوى حركة فتح فقط بل كل الفصائل وأبناء الشعب الفلسطينى ومنظماته الاجتماعية حتى نحمى المشروع الوطنى الفلسطينى، وأن تكون القضية الفلسطينية فى مقدمة جدول أعمال العالم وألا يتراجع المشروع الفلسطينى لسبب أن هناك من يريد أن يقسم الدول العربية وأن يطيح بسيادتها وان شاء الله لن يفلحوا.
■ هل حضرت حركة حماس المؤتمر السابع؟
- نعم حركة حماس تجاوبت مع الدعوة ومشكورة وهناك حضور ورسائل من حماس تأييدًا للمؤتمر ودعوة إلى التصالح وهذا ما يريده الجميع، وأعتقد أنها بداية طيبة من شأنها إجراء حوار لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه فيما بين الطرفين برعاية مصر وبرعاية الجامعة العربية.
■ هناك اتهام موجه لحركة فتح بأنها أسقطت ملف غزة من المؤتمر السابع؟
- إطلاقا، هذا كلام غير حقيقى بالمرة، فهناك أعضاء من غزة حضروا المؤتمر وتم انتخاب أعضاء من غزة فى المجلس الثورى، ومنهم فى اللجنة المركزية لحركة فتح وهم رموز معروفون ومناضلون، ونحن فى الساحة الفلسطينية وفى حركة فتح لا نفرق أبدًا ولا نعرف إذا كان هذا من الضفة أو من غزة أو من الخليل أو من نابلس أو هذا مسلم أو هذا مسيحى. المسيحيون قاموا برفع الأذان فى كنائسهم عندما حاول نتنياهو منع الأذان فى المسجد الأقصى المبارك.. ودعينى أقول إن هذه الوحدة الوطنية هى إحدى مميزات الشعب الفلسطينى فلا يوجد لدينا هذا النوع من العنصرية والتفرقة بين غزة والضفة، لأننا جميعًا فلسطينيون كنعانيون وهذه الأرض مسئولية الجميع.
■ التواجد الروسى فى سوريا، هناك من يعتبره تدخلا سافرا وهناك من يراه تدخلا ضروريًا.. فما رأى سيادتكم؟
- سأجيبكِ بسؤال: ولماذا التدخل كله فى سوريا؟ فالتدخل الروسى كان يمكن ألا يتم لولا أن هناك تدخلات خارجية أخرى كثيرة فى سوريا. يحارب فى سوريا حوالى 96 تنظيما، من أعطاهم السلاح؟ من دربهم؟ من أعطاهم الأموال؟ نحن فى الجامعة العربية لا نستطيع أن نزور أوروبا إلا بـ«فيزا» وبواسطة الجامعة العربية وتستغرق الإجراءات حوالى 20 يومًا، فكيف يتنقلون ومن يعطيهم هذه التسهيلات؟ وبالتالى روسيا دخلت سوريا أولا للحافظ على الدولة السورية لأن التفتيت قد ينتقل إلى أماكن أخرى.. والسبب الآخر أن لروسيا مصالح فى المنطقة وغيرها وهى تريد أن تحافظ عليها.. ثالثا: أن هذا العالم لا يجوز أن تحكمه دولة واحدة فقط ودون التفاهم سنعود إلى التدخل والتدخل المضاد، وروسيا تمثل التدخل المضاد لهذه التدخلات الأمريكية- الإسرائيلية.
■ الدول العربية تتعرض لانهيار ممنهج، فما نظرتك المستقبلية حيال ذلك؟
- لعلى من الذين نبهوا من خطورة هذا الوضع قبل سبع سنوات، والمتابع لمراكز المعلومات الإسرائيلية منذ سنوات سيعلم أن هناك تخطيطا لتفتيت الوطن العربى.. فهناك سايكس بيكو جديدة تهدف إلى تفتيت الدول العربية من خلال إثارة النعرات الدينية والطائفية بأن تكون هناك حرب دائرة بين المسلمين والمسيحيين والشيعة والسنة وأكراد وأرثوذكس وكاثوليك وبدو وفئات مختلفة فى الوطن العربى ودعموا هذا التوجه وكانت البداية فى احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة بحجة أن العراق تمتلك أسلحة نووية ولم يعتذر أحد ولم يعاقب أحد ودمرت العراق، لكنهم لم يفلحوا فى تقسيم العراق، والآن الحمد لله العراق يسير نحو الطريق الصحيح ليتعافى من تلك الأزمات القاسية وسوف تتعافى سوريا وتحمى حدودها، وأعتقد أن هذه الأمة تعرضت إلى ما هو أخطر من ذلك فى تاريخها، وأنا على يقين أنها ستتعافى رغم الفاتورة الباهظة جدا التى دفعتها ومازالت تدفعها حتى الآن، لكن هذه الأمة ستنتصر على هذه المؤامرات الخارجية.