السوق العربية المشتركة | المسئولية الجنائية والمدنية للوزير

السوق العربية المشتركة

الخميس 14 أغسطس 2025 - 05:10
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
المسئولية الجنائية والمدنية للوزير

المسئولية الجنائية والمدنية للوزير

مشكلة مصر الكبرى هى الوضع الاقتصادى الحالى السيئ بسبب ضعف الإنتاجية وقلة موارد الدولة، الأمر الذى خلف ديونا ثقيلة على عاتق المواطنين المصريين بلغت عدة تريليونات من الجنيهات، وأصبحت خدمة تلك الديون «إلى جانب الدعم ومرتبات موظفى الدولة» عبئا على الموازنة العامة للدولة يعوق أى جهود للتنمية لأن الباقى من الموازنة لا يكفى للتنمية المنشودة.



ودعونا نصارح أنفسنا بأن الوضع الاقتصادى السيئ الذى وصلنا إليه لم يكن وليد الحكم الحالى، وأنه بدأ منذ عام 1952 بسب أخطاء جميع الحكومات منذ ذلك العام وحتى الآن، ففى عام 1952 كان الجنيه الذهب ماركة جورج يباع بسعر 97.5 قرش أى أقل من جنيه، وسعر الجنيه الذهب الآن ثلاثة آلاف وسبعمائة جنيه مصرى، وفى ذلك العام 1952 لم تكن مصر مدينة لأحد بل كانت دائنة لبريطانيا العظمى بمبلغ نصف مليون جنيه استرلينى، والآن مصر مدينة بديون داخلية تجاوزت الثلاثة تريليونات من الجنيهات بالإضافة إلى دين خارجى تجاوز الخمسين مليار دولار، فإذا أضفنا إلى ذلك الإعانات التى تلقتها مصر خلال السنوات الماضية، وما تم إسقاطه من ديون مصر وقدرة فقط أثناء حرب الخليج 42 مليار دولار ندرك حقيقة فشل كل الحكومات السابقة. ومصر الدولة العريقة ذات الإمكانيات الكبيرة لا تستحق هذا الوضع الاقتصادى السيئ.

وطالما أن السبب فى الوضع الاقتصادى السيئ الذى وصلنا إليه حكوماتنا المتعاقبة فلا بد من وقفة جادة مع الحكومة الحالية وما سيليها من حكومات بتقرير مسئولية جنائية ومدنية لكل وزير ومن هم أدناه من المسئولين حتى أصغر مسئول «رئيس قسم» عن عدم تحقيق الأهداف وفق البرامج والخطط الموضوعة وعن جميع الأخطاء التى تقع بالوزارة وتلك المسئولية ستحقق هدفين:

الأول: ضمان تحقيق الأهداف الموضوعة للوزارة وزيادة الإنتاجية فى جميع المجالات وبالتالى تحقيق التنمية التى نريدها.

والثانى: القضاء التام على الفساد المنتشر فى جميع الوزارات فى كل مستوياتها والذى يعوق أى جهود للتنمية، صحيح أن جهودا كبيرة تبذل من الرئيس شخصيا ومن الأجهزة الرقابية إلا أنها ليست كافية للقضاء على الفساد بدلالة استمرار وجوده وتوحشه.

ويقال دائما أن الوزير مسئول سياسيا عن أعماله، وتلك مسئولية هلامية غير قانونية وغير محددة المعالم ولا جزاء جنائى أو مدنى عليها وإن كان يوقع بسببها على الوزير جزاء إدارى يتمثل فى إقالته، ولا يوجد جزاء جنائى حاليا على الوزير إلا عما يرتكبه شخصيا من جرائم لأن الجريمة شخصية والعقوبة شخصية، وهذا ما حدث مع وزير الزراعة السابق فى قضية الرشوة.

والوزير أحد أهم أركان السلطة التنفيذية فإن أحسن أداء عمله وأحسن إدارة وزارته بأن حقق الأهداف المطلوبة من وزارته وفقا للخطط والبرامج الموضوعة ومنع الفساد صلح حال الوزارة وتقدمت البلاد.

ورغم أن على الوزير التزاما بحسن التخطيط الكلى لوزارته بالتعاون مع مجلس الوزراء وحسن التخطيط التنفيذى وحسن الإشراف على تنفيذ خطط وزارته وتحقيق أهدافها، والإشراف والرقابة على جميع أعمال وزارته ومنسوبها بما فى ذلك منع الفساد، إلا أنه لا يوجد أى جزاء جنائى أو مدنى عن إخلال الوزير بأى من تلك الالتزامات، ولذا فشلت معظم الوزارات فى تحقيق الأهداف الموضوعة لها وانتشر الفساد فى جميع الأجهزة الحكومية الأمر الذى يعيق أى جهود للتنمية، وبعد كل هذا الإخلال الضار بمصر يتقدم الوزير باستقالته أو يقال.

والمسئولية الجنائية للوزير التى نطالب بها بالإضافة إلى مسئوليته الحالية عما يرتكبه شخصيا من جرائم تتمثل فى أمرين:

الأول: مسئولية جنائية على عدم تحقيق الأهداف وفقا للخطط والبرامج الموضوعة للوزارة طالما توفرت له الأدوات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، لأن عدم تحقيق الأهداف إخلال بالتزام جسيم التزم به الوزير عند قبوله التكليف بالوزارة.

والثانى: مسئولية جنائية عما يقع فى وزارته من جرائم الفساد كالرشوة والاختلاس بحيث يعاقب بذات العقوبة مع موظف وزارته مرتكب الجريمة باعتباره شريكا له، لأنه مسئول عن الإشراف والرقابة على جميع أعمال وزارته وجميع منسوبيها وإخلاله بهذا الالتزام يجعله شريكا فى الجريمة.

أمام المسئولية المدنية للوزير التى نطالب بها فيجب أن تشمل مسئوليته الشخصية مدنيا عن الأضرار التى تلحق بالدولة بسبب عدم تحقيق الأهداف وفقا للخطط والبرامج الموضوعة، بالإضافة إلى مسئوليته الشخصية مدنيا عن التعويض عن الأخطاء والجرائم التى ترتكب داخل وزارته، وتكون هذه المسئولية المدنية بشقيها على الوزير والمسئول معه الخطأ أو عن عدم تحقيق الأهداف ومع مرتكب الخطأ أو الجريمة، فمثلا أمين الشرطة الذى قتل مؤخرا مواطنا وأعلنت الداخلية أنه قتل خطأ قد يلجأ ورثته إلى رفع دعوى ضد مسئولى الدولة ومنهم وزير الداخلية للمطالبة بالتعويض عن القتل وسيحكم له بالتعويض، ففى هذه الحالة ينبغى أن يتحمل التعويض وزير الداخلية بصفته الشخصية مع مرتكب جريمة القتل، لأنه لا ينبغى أن يتحمل الشعب تبعات أخطاء وجرائم الوزارات وموظفيها.

والمسئولية الجنائية والمدنية للوزير تشمل الوزير وجميع المسئولين أدناه، حتى أصغر مسئول وهو رئيس القسم.

ولذا أدعو الحكومة لإعداد تعديل تشريعى لمعاقبة الوزير والمسئولين أدناه حتى رئيس القسم عن الأخطاء والجرائم التى تقع بالوزارة وجعلهم أيضا مسئولين مدنيا عن الأضرار التى تصيب الدولة أو الغير جراء أعمال وزارتهم، بما فى ذلك عدم تحقيق الأهداف، وأدعو مجلس النواب للموافقة على تلك التعديلات وأدعو سيادة الرئيس لإصدارها على أن يبدأ تنفيذها بعد ستة آشهر من إصدارها لإعطاء الفرصة لكل مسئول لإصلاح حال وزارته.

أعلم أن تقرير المسئولية المدنية والجنائية للوزير على النحو المتقدم سيقلل من عدد المشتاقين لمنصب الوزير ولن يقبل به إلا من كان قادرا على الأداء الجيد الذى يحول دون مسئوليته الجنائية والمدنية وعدم إجراء التعديلات المقترحة سيظل الوضع الحالى السيئ على ما هو عليه وبالتالى لن تتقدم مصر.