السوق العربية المشتركة | سوق الدواء فى مصر مستقر حالياً.. وعقدة الخواجة جعلت المواطن يقتنع بأن المستورد أفضل

السوق العربية المشتركة

السبت 28 ديسمبر 2024 - 17:10
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

سوق الدواء فى مصر مستقر حالياً.. وعقدة الخواجة جعلت المواطن يقتنع بأن المستورد أفضل

الدكتور مصطفى الوكيل يتحدث مع محرر «السوق العربية»
الدكتور مصطفى الوكيل يتحدث مع محرر «السوق العربية»

الدكتور مصطفى الوكيل وكيل نقابة الصيادلة فى حوار خاص لـ«السوق العربية»:




نواجه حرباً شرسة مع أصحاب سلاسل الصيدليات وشركات التوزيع المحتكرة لإنقاذ صناعة الدواء الوطنية
لجنة فيروس «سى» كانت سبباً فى تخفيض العلاج من 15 ألفاً إلى 500 جنيه


قال الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل النقابة العامّة للصيادلة: إن سوق الدواء المصرى استقر بعد فترة من الارتباك عقب رفع أسعار بعض الأدوية، مؤكدا أن أوضاع شركات الأدوية تحسنت، وأن خسائرها تقلصت بعد أن كانت قد وصلت لنحو 180 مليون جنيه فى العام، محذرا الشركات الممتنعة عن تخصيص هامش ربح للصيدلى من المقاطعة الكاملة لمنتجاتها الدوائية.

وأضاف الوكيل فى حواره مع "السوق العربية" أنه يرفض تحميل الصيدلى أو المريض أى أعباء جديدة، داعياً الدولة إلى ضبط سلاسل الصيدليات المتهربة من الضرائب إذا أرادت أن تقوم بإصلاح ضريبى.

كما طالب وكيل النقابة العامة للصيادلة، المرضى بالبحث عن الدواء المحلى فى حال اختفاء أى صنف من السوق، قائلا: أنه آمن وفعّال، ويجب عدم الاستماع لمن يشكّك فيه، وحذرا فى الوقت نفسه من التعامل مع الأدوية المجهولة التى تقدم على القنوات الفضائية، كما هاجم خدمة "ديلفرى الأدوية"، ووصفها بـ"الكارثة" لأنها تتيح لسلاسل الصيدليات أكل مقدرات الصيدليات الصغيرة القريبة من المرضى.

وتمسك الوكيل، بمشروع إنشاء الهيئة العليا للدواء لضبط سوق الدواء، وإلى نص الحوار:


خسائر شركات الدواء انحسرت بعد أن كانت 180 مليون جنيه فى العام والأن تستطيع الإنفاق على 25 ألف عامل


■ ما تداعيات أزمة ارتفاع أسعار الدواء على المجتمع بعد القرار الوزارى الأخير؟

- لقد قامت النقابة فى البداية، بإعداد دراسة لسوق الدواء المحلية واكتشفنا اختفاء أنواع كثيرة من الأدوية، وصلت إلى 2000 صنف، وكان هناك تحرك من النقابة مع الجهات المسئولة لحل هذه الأزمة، فمصر لا تقوم بتصنيع الدواء والشركات تتعرض لخسائر مالية فادحة تعدت 150 مليون جنيه لشركة واحدة.

■ هل تسبب الدولار فى اختفاء بعض أنواع الدواء من الأسواق المحلية؟

- نعم، تسبب فى تحريك أسعار الأدوية بالأسواق المحلية، ومجلس النقابة يبحث حالياً التواصل مع عدد كبير من الشركات الوطنية والقابضة لحل تلك الأزمة وإعادة التصنيع من جديد.

■ ما تأثير رفع أسعار الدواء على الشركات القابضة الحكومية؟

- هناك أدوية مُسعّرة منذ 1980، ولم تشملها الزيادة، سواء بجنيه أو باثنين، ورفع أسعار الدواء جعلنا نقوم بمراجعة حجم خسائر الشركات القابضة التى وجدنا أنها تخسر 154 مليون جنيه سنوياً، فى ظل بلوغ حجم الخسائر للشركة القابضة إجمالاً لمدة 4 سنوات 644 مليون جنيه.

■ ما المشكلات التى تواجه صناعة الدواء المصرية؟

- فى الماضى كانت مصر تصدر الدواء إلى 122 دولة، وأول مصنع مواد خام بُنى عام 1954 فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث صدّرنا دواءً بقيمة 600 مليون دولار، أما الآن فقد تحولت مصر لدولة مستوردة عكس دولة مثل الأردن» التى تعلمت من مصر كل شىء وأصبحت الآن تمتلك 9 مصانع أنشئت بأيدٍ مصرية وتصدّر للعالم أصنافاً عديدة من الأدوية بـ7 مليارات دولار، ما يعادل دخل قناة السويس المصرية، وفى المقابل تمتلك مصر 152 مصنع أدوية و70 مصنعاً تحت الإنشاء و1000 شركة تصنيع دوائى، ومع ذلك نصدر بـ60 مليار جنيه، لكن هناك قانوناً يتم التعامل به فى عملية التصدير وهو "سعر بيع بلد المنشأ" أى حين يتم تصدير هذه السلع بتسعير الدولة، حيث إن الشركات تتعرض لخسائر مالية ما يجعلها تمتنع عن التصدير، والغريب فى الأمر أن مصر تقوم باستيراد 70% من المواد الخام من الخارج للتصنيع الدوائى بالعملة الصعبة "الدولار" وهو السبب الرئيسى فى الضغط على الدواء ما أدى إلى ارتفاع أسعاره بالأسواق المحلية.

■ لماذا تم اللجوء لزيادة أسعار الدواء فى مصر مؤخراً؟

- فكرنا فى رفع أسعار الدواء بنسب محددة وبسيطة للغاية لا تؤثر على المواطنين الغلابة، لضمان استمرار عمل الشركات القابضة وإمكانية وجودها فى المنافسة بالأسواق، كما أن النقابة كان لديها هدفان رئيسيان وهما أولا توفير الدواء الآمن والفعال بسعر مناسب، وثانياً الحفاظ على الصناعة الوطنية، حيث إن النقابة وجدت أن أغلب الأسعار التى تقل عن 10 جنيهات تنتمى للشركة القابضة أى ما يعادل 900 صنف أقل من 10 جنيهات والنقابة قدمت مقترحاً بزيادة أسعار الأدوية الأقل من 20 جنيهاً، وبعض الجهات الأخرى تدخلت لوضع مقترح لرفع أسعار الدواء الأقل من 30 جنيهاً لتحقيق مصالح شخصية، وبدأت تهمل الإنتاج المحلى وتكرس لفكرة المستورد، وهذه الجهات لا يهمها مصالح المريض أو الصناعة الوطنية، فقد بدأوا لعبة القط والفار بحجة أنهم يتعرضون لخسائر مالية فادحة.

■ هل جاءت زيادة أسعار الدواء لتنفيذ مقترح رئاسة الوزراء؟

- مقترح رئاسة الوزراء كان واضحاً بأن تكون الزيادة على الأدوية الأقل من 30 جنيهاً بنسبة 20%، والنقابة تدخلت ومنعت حدوث أى تلاعب وبالفعل صدر القرار لكن للأسف بدأ التلاعب، وبدأنا فى عمل غرفة طوارئ ونجحنا فى رصد تغيير معظم الأسعار بالأسواق والصيدليات بكل المحافظات، وهناك شركات منعت توزيع الأدوية بحجة عدم وجود تسعير واضح وهذا رأى منطقى وصحيح ولديها حق فى ذلك، وبالتالى لو عندى مخزن به أدوية قيمتها تصل إلى مليون جنيه، لو انتظرت ساعتين من الممكن أن يكون مليوناً و200 ألف فى أقل من 6 ساعات، لذلك شكلنا غرفة مشتركة مع هيئة الشئون الصيدلية لوضع قائمة بأسعار الدواء لضبط الأسواق وإلزام الشركات بالتصنيع أو التوزيع لحل الأزمة الحالية.

■ ما أسباب ارتباك سوق الدواء بعد صدور قرار زيادة الأسعار؟

- وزير الصحة وراء الارتباك، بعد نشر أكثر من ثلاث تسعيرات للدواء، وفى الفترة ما بعد صدور القرار كان سبباً رئيسياً بتصريحاته فى حدوث ارتباك شديد بسوق الدواء فى مصر بكل المحافظات، كما أن عدم وجود آلية محددة يتم تطبيقها تسبب فى أزمة كبرى جعلت البعض يتحايل على أصحاب المصانع وغرفة صناعة الدواء على القرار، والنقابة دائماً تعمل على مصلحة المريض، وطلبنا تسعير العبوات بالأسعار الجديدة وفجأة ظهرت نغمة أصحاب المصالح الشخصية التى تطالب بأن يكون التسعير على الشريط أو الأمبول فقط وليس العبوة كاملة، ومن هنا بدأت الأزمة حيث استغلوا مسألة التسعير بالوحدة، وهو ما جعل شركة الأدوية تبيع عبوات الأدوية للصيدلى الذى يقوم بدوره ببيعها مقسمة على شريطين.

■ هل سيطرت نقابة الصيادلة ووزارة الصحة على سوق الدواء بعد التقلبات الأخيرة؟

- السوق استقر الآن بنسبة كبيرة، وانتهى الارتباك الذى أصابه عقب قرار مجلس الوزراء بزيادة أسعار بعض الأدوية المحلية.

■ هل تحسنت أوضاع شركات الأدوية بعد زيادة الأسعار؟

- بالتأكيد انحسرت خسائر شركات الدواء بعد أن بلغت نحو 180 مليون جنيه فى العام، وأدت الزيادة إلى تحسن الوضع الاقتصادى لتلك الشركات، لكنّ مقدار هذا الانحسار لا يمكن تقديره الآن، لأن القرار لم يمض عليه سوى شهرين فقط، واعتقد أن الشركات الآن تستطيع الإنفاق على 25 ألف عامل لديها، لكننا نحتاج إلى عام على الأقل لنلمس تحسّن الأوضاع الاقتصادية.

■ كيف ترون اختفاء بعض الأدوية الحيوية من السوق؟

- سوق الدواء عانى خلال الفترة الأخيرة من نقص كبير فى بعض الأصناف، وبعد رفع الأسعار توافر جزء وظل جزء آخر مختفيا، ونحن ننتظر الإجراءات التنى أعلن عنها وزير الصحة الخاصة بإلغاء تراخيص الأدوية المنقوصة بعد مرور 3 أشهر من رفع الأسعار، ولم يتبق من هذه المهلة سوى أسبوعين، وسنضع الوزير أمام مسئولياته.

■ ما دور نقابة الصيادلة فى ضبط الأسعار بسوق الدواء المحلى؟

- نقابة الصيادلة طلبت مراراً وتكراراً أن تكون التسعيرة الجديدة على العبوة وليس على الشريط كى لا يتم استغلالها كما يجرى حالياً من جانب شركات الأدوية، لكننا سنعاقب تلك الصيدليات المخالفة للقرار فى حال إثبات تلاعبها بدواء الغلابة، ولمّا يطلب استرجاع الأدوية منتهية الصلاحية هعامله بالشريط وليس بالعبوة، وبدأنا العمل مع الإدارة ودورنا كنقابة الصيادلة واضح وصريح وهو ضبط التلاعب والتحايل على القرار 134 أو 499، بمعنى "لما سيادتك بتبيع العلبة للصيدلى بتديهاله بالشريط أو بالعلبة، أنا جاهز ليك عشان لما آجى أرجّع لك المرتجعات هرجعها بالوحدة".

■ ما آليات تنفيذ قرار زيادة أسعار الدواء بالأسواق المحلية؟

- الآلية كانت موجودة ومحددة بالقرار أى أنه لو تغير سعر الصرف بنسبة 15% بالزيادة أو النقصان لا بد من إعادة النظر فى تسعير الأدوية مرة أخرى، ولن نسمح بحدوث أى تحايل أو تفاوض حول تنفيذ هذا القرار.

■ ماذا عن قرار رئيس الوزراء بتحريك الأسعار؟

- القرار خاص بالجلسة «32»، ورئاسة الوزراء اتخذته لتحريك الأسعار وإنقاذ الصناعة الوطنية، وكانت ترغب فى تحريك أسعار الأدوية على الأقل من 10 جنيهات بحد أدنى 2 جنيه بزيادة قدرها 20 إلى 30% من السعر الأصلى وبحد أقصى 30 جنيهاً، ولما بدأت الشركات فى تجاوز الحد الأقصى تزامناً مع تحريك الأسعار على الشريط وليس العبوة كاملة بدأنا نتدخل لحل هذا التلاعب الفظيع الذى يضرب بحقوق وعلاج الغلابة فى مصر عرض الحائط، وهى طبقة كبيرة تمثل أكثر من 80% من المجتمع على أقل تقدير، الشركات يهمها فى المقام الأول تحقيق أرباح مالية عالية على حساب أى شىء حتى لو كان الغلابة ومحدودى الدخل من أجل مصالحهم الشخصية.

■ ردد البعض أن نقابة الصيادلة قدمت مشروع تحريك أسعار الدواء لخدمة مصالحها؟

- أولاً تحريك الأسعار يصب فى صالح خزانة الدولة، وليس لدينا مصالح شخصية كغرفة صناعة أو غرفة تجارية، ولا نملك شركات ولن نتحصل على جنيه واحد، والنقابة والصيادلة دائماً ما يكونون فى صف المرضى الغلابة رغم تعرضنا لخسائر مالية فادحة عكس الشركات الخاصة وأصحاب سلاسل الصيدليات، وللعلم فنقابة الصيادلة قامت بإعداد مشروع لتحريك أسعار الدواء بناءً على إحصائية علمية قامت بها على شركات تصنيع الدواء ووجدنا أن عدداً كبيراً منها أعلن إفلاسه رسمياً والشركات أغلقت لأن الدواء هو السلعة الوحيدة المسعرة جبرياً منذ عام 1950 والشركات دائماً ما كانت تشتكى من ارتفاع أسعار الدولار فى مصر، وتتحجج بأنها "لن تستطيع مساعدة المريض المصرى دون تحريك الأسعار"، تزامناً مع تزايد شكاوى الصيدلى من ارتفاع أسعار خدمات الكهرباء والمياه، الدنيا كلها بتزيد، وتيجى عن الصيدلى وتقف؟

■ لماذا طالبت النقابة فى عموميتها بزيادة هامش ربح الصيدلى إلى 25%؟

- تغيير هامش الربح يرتبط بتغير الأوضاع الاقتصادية فى المجتمع وقد سبقتنا فى تلك القرارات كل من «الجزائر، وسوريا» رغم أوضاعهما السياسية والاقتصادية، ومصر حتى الآن ما زالت عاجزة عن تنفيذ قرار زيادة هامش الربح للصيدلى، رغم صدور قرار فى 2012 بزيادة هامش الربح، لكن الشركات لم تلتزم وأصبح الهامش الآن 25% على الدواء المحلى و18% على الدواء المستورد، وهنا بدأت الشركات تتحايل على القرار 499 بزيادة هامش الربح، ومن جهة أخرى الخدمات التى يدفعها الصيدلى للدولة تجارية عكس الأطباء خدمية، لذلك حين نطالب بهامش ربح فحقنا الشرعى أن يتم التعامل معنا بشكل غير تجارى، لأننا لسنا تجاراً، نحن نقدم خدمة اجتماعية للمواطنين ولا نتقاضى عليها أجراً.

■ ما أهمية هذا الهامش؟

- هامش الربح يحدّد العلاقة بين المصنع والموزع والصيدلى، ويحدد نصيب كل طرف من الربح، ففى الوقت الذى يستفيد فيه المصنع بالنسبة العظمى من الأرباح، الصيدلى يحتاج إلى رفع هامشه هو الآخر لأنه يشترى الدواء بثمن غال، و"الفترة اللى فاتت شفنا شركات كسبت فى عز أزمة الدولار فى 3 شهور 100 مليون جنيه" أى أن مكسبها قد يتجاوز فى السنة نصف مليار جنيه ومع ذلك تدعى الخسارة، وتبخل أن تمنح الصيدلى هامش ربح هو حقه فى النهاية وليس منحة منها، والأسبوع المقبل ستنعقد لجنة تضم ممثلين عن لجنة الصحة بالبرلمان ووزارة الصحة وغرفة صناعة الأدوية، لحسم هذا الجدل كما ستناقش قضايا أخرى متعلقة بمشكلات صناعة الأدوية فى مصر.

■ ماذا عن تعنت شركات الأدوية فى تنفيذ قرار زيادة هامش ربح الصيدلى؟

- لن نتفاوض حول تنفيذ قرار «499» من عدمه نحن نصر على تنفيذه على أرض الواقع لأنه حق شرعى لكل طبيب صيدلى، كما أننا نطالب بسرعة تطبيق هذا القرار على كل الأدوية الذى تأخر أكثر من 4 سنوات، وللعلم هامش ربح الصيدلى وفقاً للمادة «6» يكون بنسبة 20%، والمادة «7» تنص على أن يتم الزيادة بنسبة 1% سنوياً، حتى يصل هامش الربح إلى 25%.

■ هل هناك تلاعب بين بعض الشركات لتعطيل تنفيذ القرار «499»؟

- علمت بإرسال بعض الشركات لشركات التوزيع رفضها تنفيذ قرار «400» فى الصيدليات التابعة لها، بدعوى أن هذا القرار قديم ولن يتم تنفيذه فى الوقت الراهن، ونحن كمسئولين بنقابة الصيادلة قمنا بإرسال رسالة لكل الشركات نحذرها من اتخاذ إجراءات رادعة وصارمة ضد من لن ينفذ القرار 499، وقريباً ستكون هناك إجراءات ضد أى مخالف أو متحايل على القانون.

■ إلى أين وصل قرار النقابة بمقاطعة شركات الأدوية الممتنعة عن تخصيص هامش ربح للصيدلى؟

- تمت مقاطعة 4 شركات جزئيا حتى الآن، وبعض الشركات عندما علمت بالقرار أبلغتنا التزامها بالقرار، وتجرى النقابة حاليا مفاوضات مع شركات أخرى قبل مقاطعتها، وستشهد الفترة المقبلة تصعيدا للقرار إلى «مقاطعة كلية» إن لم تلتزم الشركات بهامش ربح الصيدلى.

■ ماذا عن دور النقابة فى إلزام الشركات بالأدوية منتهية الصلاحية؟

- هنلزم الشركات باسترجاع الأدوية منتهية الصلاحية لأنها قضية أمن قومى ولا يمكن أن نسهم كنقابة ببيع هذه الأدوية لمصانع "بير السلم" ليتم تدويرها حتى تصل للمواطن المصرى ويستعمل دواءً غير فعّال وغير آمن، مصر سينصلح حال الدواء بها حين يمتنع الناس عن ترديد نغمة أن المستورد أفضل من المصرى وسنطالب الإعلام بمساندتنا ضد هذه الحملات الموجهة.

■ فى رأيك، لماذا يردد البعض أن الدواء المستورد أكثر فاعلية من المصرى؟

- "عقدة الخواجة"، نغمة رددها كثيرون بأن الدواء المستورد أفضل من المصرى، فالمادة الفعالة نفسها تأتى من نفس المصدر وهو دول جنوب شرق آسيا، وكل إجراءات التحاليل والرقابة متشابهة ومطابقة للمواصفات، وجميع الأدوية الموجودة فى البوكس مثل بعضها، ومن يرفض ذلك أقول له "هات البوكس به مثايل ومنتج ثانى مستورد، وإذا ثبت التلاعب سنغلق الشركة تماماً".

■ ماذا عن بيزنس الأطباء وبعض شركات الأدوية لترويج أصناف جديدة؟

- بالفعل هناك بيزنس من بعض شركات الأدوية لكنها ليست معممة، ولا يمكن قبول هذا التجاوز لأنه جريمة عقوبتها حبس عامين وغرامة مالية، وأنا أوجه المريض لشراء الدواء من الصيدلية، ونؤكد أن النقابة مع المريض الغلبان. أنا بقول لكل مريض مصرى نحن فى ظهرك، ونؤكد أن المنفذ الوحيد لبيع الدواء هو الصيدلية وليس عيادة الطبيب لأنه مخالف للقانون و"مضمنش جاى منين"، إضافة إلى عدم شراء الدواء المنتشر فى القنوات الفضائية التى تروج لأدوية غير طبية ومضرة بصحة المرضى.

■ ماذا عن تأثير الإعلام على أزمة ترويج الأدوية؟

- هناك 10 قنوات فضائية تمت إحالتها للنيابة العامة بالفعل بسبب الترويج لأدوية غير مراقَبة صحياً، كما أن النقابة ستقوم بشن حملات فى الإعلام ضد تلك القنوات والمنتجات وضد بعض الأطباء لبيع أدوية داخل العيادات لأن الأدوية مرخصة فقط للصيدليات، وتلك الأدوية تأتى من الشارع لأنها لا تخضع لأى رقابة، هذه الأدوية غير قانونية ومضرة، وما سنركز عليه فى الفترة المقبلة الاسم العلمى، لأن لكل منتج 12 مثيلاً وهدفنا توعية المواطن الغلبان، ونطالبه بأن يسأل الصيدلى عن المثيل الأرخص، ولو لقيت دواء سعره أعلى اتصل على النقابة وسنقوم بوضع أرقام للتواصل مع الجمهور بعد أسبوعين ليكون هناك مسئول من النقابة.

■ ما مصير أدوية الأمراض المزمنة و«فيروس سى» من تحريك الأسعار؟

- كل ما دون 30 جنيهاً تم زيادة سعره بالأسواق المحلية، وهذه الزيادة لا تنطبق على علاج فيروس سى، وهنا يمكن الإشارة إلى واقعة تدخل الأطباء فى لجنة فيروس سى، حيث كانت أسعار الدواء 15 ألف جنيه وبعد تدخل النقابة قل السعر، لأننا على علم ومعرفة بالمادة الخام وتكلفتها وتصنيعها وصرحنا بأن متوسط العلبة سيكون 1000 جنيه ووقتها الجميع كذب تصريحاتنا، وبالفعل بدأ الدواء من 2600 جنيه وبعدين 1100 وبعدين 900 جنيه وبعد ذلك 520 جنيهاً، كما أنه لا يخضع للتسعير.

■ ما الجهة التى تقوم بدراسة لتحريك الأسعار؟

- كل الشركات كانت تسعى لايجاد تسعير جديد للأدوية، وتدخلنا لتفويت الفرصة على أصحاب المصالح، وحين صدر قرار بتحريك الأسعار تدخلنا للحفاظ على المريض المصرى وإنقاذ الصناعة الوطنية وتفويت الفرصة على أصحاب المصالح التى تريد التربح من وراء هذه الأزمة على حساب المريض وكان ذلك هو دورنا.

■ هل هناك علاقة بين أزمة نواقص الدواء وسلاسل الصيدليات؟

- موضوع سلاسل الصيدليات أصبح الآن أزمة كبيرة، ووفقاً لقانون «30» يحق للصيدلى فقط تملك صيدليتين وإدارة واحدة فقط، ووجدنا أنه على الورق فعلاً لكل مالك سلسلة صيدليتان فقط، أما فى الواقع فوجدنا أحمد العزبى له أكثر من 200 فرع على مستوى المحافظات، وهذا يجرمه القانون، وفى حالة التكرار يعرض لعقوبة حبس وغرامة مالية ونفس العقوبة على من أعار اسمه، ونفس العقوبة على من استعار الاسم وهناك بعض العقوبات تصل إلى الشطب من النقابة، والشركات الكبرى تفضل أصحاب السلاسل بتوفير نواقص الأدوية لهم على حساب الصيدليات الصغيرة ما أدى لتغيير السوق لأصحاب هذه المافيا وتم إصدار قرار فى الجمعية العمومية بمقاطعة هذه الشركات، ولدينا 6 أحكام نهائية موجودة وهناك قضايا سيتم فتحها ضد أصحاب سلاسل الصيدليات فى القريب العاجل.

■ ما السبب فى تصاعد أزمة النقابة مع "العزبى"؟

- كان هناك لقاء تليفزيونى فى إحدى القنوات الفضائية، قال فيه إنه يريد أن يسأل المريض المصرى ما إذا كان يقدم خدمة جيدة له، وأنا قمت بالرد عليه، اتملك صيدليتين وبعدين اسأل عن المريض وسيب الناس تحكم عليه وادى فرصة لغيرك يتنافس معاك فى سوق الدواء ولا تعمل بمبدأ الاحتكار كما يحدث فى مصانع الحديد.

■ ما رأيك فى تهديد "العزبى" بسحب استثماراته من مصر؟

- "اللى عايز يسحب استثماراته من مصر يسحبها مع مليون سلامة، هيريحنا، وهو الوحيد اللى بيضغط، وكان زمان فيه ناس مرتعشة وكانت بتخاف لما بيهدد ويقول هسحب استثماراتى، أنا بقول له مع السلامة، أتمنى إنك تنسحب من السوق وأى حد يضغط على الدولة فيه ناس أحسن منه".

■ لماذا أصبحت هناك أزمة فى سلسلة الصيدليات رغم أنها موجودة منذ فترة طويلة؟

مجلس النقابة اتغير، وبدأنا بعمل دراسات ووجدنا أن عدداً كبيراً من الصيدليات يغلق أبوابه بسبب السلاسل الكبرى، وفجأة تفشت الظاهرة فى كل مكان، وفى البداية كانت فى المدن والآن انتقلت إلى القرى والنجوع، وبعد أن كانت هناك سلسلة واحدة الآن 5 سلاسل فى نفس المنطقة.

■ تشتهر هذا السلاسل بوجود الدواء المستورد.. فما رأيك؟

- الدواء المستورد هو دواء مجهول المنتج، وبعض أصحاب السلاسل قاموا بعمل سوق موازية بعلاقات ونفوذ من خلال تحايلهم على القانون، والوضع الآن تغير والجهات الرقابية بدأت تتخذ مواقف وتراقب بصرامة شديدة، كما أنه لا يوجد أحد فى مجلس نقابة الصيادلة على رأسه بطحة، أنا عايز كل واحد يقوم بدوره فى ظل وجود سوق محلية محترمة مبنية على القانون، وليس كل من يمتلك لوبى محامين يتحايل على القانون ويخرج من أى أزمة، هؤلاء يعلمون القانون جيداً وتحايلوا عليه، وبقول لهم: فكروا فى الحل هتلاقوا حلول، وأنا هساعد فى الحل، إحنا عايزين نقف ونفكر نعمل إيه فى القديم، لكنهم بدأوا يضربوا بالقانون عرض الحائط، على اعتبار أن التحايل على القانون شىء طبيعى، واتهامهم لنا بأننا أكثر صعوبة من الإخوان، أنا برد عليه: "أى حد بيتزنق دلوقتى، بيقول إخوان".

■ هل سيؤثر مشروع قانون القيمة المضافة على أسعار الأدوية؟

- نحن نرفض أن يتحمّل الصيدلى هذه القيمة، كما نرفض تحمّل المريض أى أعباء إضافية، إذا أرادت الدولة أن تقوم بإصلاح ضريبى فعليها ضبط سلاسل الصيدليات المتهربة من الضرائب، حيث يدير أصحابها عددا كبيرا من الصيدليات ويحاسب ضريبيا على صيدلية واحدة.

■ لماذا تحاربون خدمة "ديلفرى الأدوية" التى تقدمها بعض الصيدليات؟

- خدمة "الديلفرى" كارثة، فحين تتيح سلاسل الصيدليات هذه الخدمة لتوصيل الأدوية للمواطنين على بعد آلاف الأمتار من مكان الصيدلية فإنها بذلك تأكل من مقدرات الصيدليات الأخرى القريبة من المريض، وهو مخالف للقانون، والمحكمة الدستورية قضت بوجوب وجود 100 متر بين كل صيدلية والأخرى لحفظ مقدرات الصيدليات، وعلى جانب آخر نجد أن الصيدلية الموجودة فى منطقة معينة تعرف التاريخ المرضى لعملائها وتستطيع أن تقدّم الخدمة الدوائية لهم بشكل أفضل، فى الوقت الذى يؤثر عليها "الديلفرى" الدخيل على المهنة.

■ ما العائق أمام إرسال المشروع الخاص بإنشاء الهيئة العليا للدواء إلى البرلمان؟

- كنا ننتظر أن يقدّم المشروع من وزارة الصحة، لكنّها لم تفعل، ولن ننتظر أكثر من ذلك، وسنقدم المشروع للبرلمان خلال ديسمبر المقبل.

■ لماذا الإصرار على هذا المشروع؟

- حجم تجارة الأدوية فى مصر يبلغ 40 مليار جنيه سنويا، والهيئة يجب أن تكون مستقلة لأن الأمر ليس هينا، لأن حجم تجارة الدواء فى العالم أكبر من تجارة المخدرات والسلاح. وكل مشكلات الدواء فى مصر ستحل فور إقرار هذه الهيئة، ولو كانت الهيئة موجودة فى أزمة الدواء الأخيرة لكانت ستحل الارتباك الذى حدث فى السوق.

■ كيف ستتعامل النقابة مع الشركات بعد تحريك الأسعار ووجود نواقص؟

- بالنسبة لشركات التوزيع التى تحتكر سوق الدواء، سنلجأ إلى القضاء وإلى هيئة حماية المنافسة ومنع الاحتكار، خاصة أن قرار تحريك الأسعار جاء لحل أزمة النواقص، ووفقاً للقانون إذا تم اختفاء نوع لمرتين من السوق سيتم شطبه واستخدام المثيل الخاص به، حيث تم الاتفاق على أن يتم توفير النواقص فى بعض أنواع الأدوية بالأسواق المحلية خلال 6 شهور وإن لم تلتزم الشركات بتوفير النواقص سيتم شطبها وسحب المنتج منها.

■ أين وصلت أزمة المحاليل الطبية؟

- الأزمة انتهت بنسبة 90%، بعد أن تفاقمت نهاية رمضان الماضى، وتزايدت شكاوى المستشفيات بخلوها من المحاليل الطبية، حيث قمنا بعدة إجراءات وأوقفنا شحنة محاليل كانت معدة للتصدير لدولة عربية بلغت 2 مليون و300 ألف عبوة، وقمنا بضخها فى السوق المحلّى، وطالبنا بسرعة الإفراج عن كميات من المحاليل فى شركات الأدوية تأخّر فحصها للسماح لها بنزول السوق، فى الوقت نفسه تواصلنا مع مباحث التموين وتم ضبط 100 ألف عبوة تباع فى السوق السوداء، وحلّلناها للتأكد من صلاحيتها قبل ضخها فى السوق.

وهناك طرف آخر من المشكلة كان رفض الموزعين توصيل الشحنات بعدما وجدوا أن هامش الربح سيذهب لمصاريف النقل، فقامت شركة النصر الوطنية للأدوية بتوصيل المحاليل بسياراتها إلى المحافظات، ونقابة الصيادلة تحمّلت المسئولية فى الأزمة مع أنّها ليست وظيفتها، والدولة لم تفكّر فى بديل لتجنب الأزمات المتتالية فى هذا الأمر، بعدما أغلق وزير الصحة السابق عادل عدوى مصنع التحاليل الطبية عام 2015، والذى كان يغطى نسبة كبيرة من احتياجات السوق الدوائية.

■ كيف تتعامل النقابة مع مشكلة التنسيق فى كلية الصيدلة كل عام.. خصوصاً مع كثرة الجامعات الأجنبية؟

- فى البداية أريد أن أوضح أن نقابة الصيادلة لن تقبل قيد خريجى الجامعات الأجنبية الخاصة الحاصلين على مجموع فى الثانوية العامة أقل من الحد الأدنى لنسب القبول بالجامعات المصرية، كما أن النقابة رصدت وجود سماسرة للجامعات الأجنبية مستغلين أحلام أولياء الأمور فى إلحاق أبنائهم بالكليات العلمية والحصول على شهادات من خارج البلاد، وذلك مخالف للقوانين وقواعد القبول المعمول بها بجمهورية مصر العربية، وسوف نتصدى لهم، والنقابة لن تقبل بالالتفاف والتحايل على قواعد التنسيق المعمول بها فى مصر فالجامعات الأجنبية لا تهدف سوى للربح وتخرج صيادلة يمارسون المهنة وهم غير مؤهلين علميًا مما يضر بالمريض المصرى.

■ أخيراً.. هل انتهى خلاف النقابة مع وزارة التعليم العالى بخصوص أعداد الطلبة المقبولين بكليات الصيدلة؟

- فوجئنا بقبول المجلس الأعلى للجامعات عددا من الطلاب أكبر بكثير من الذى طالبنا به، مع أننا نطالب منذ فترة طويلة بالموازنة بين عدد خريجى كليات الصيدلة واحتياجات سوق العمل، وكل عام نحدّد عددا معينا لاحتياجات السوق ثم نفاجأ بقبول عدد أكبر بكثير من ذلك، وفى السنوات الخمس الأخيرة، وجدنا أن عدد الصيادلة الخريجين خلال السنوات الخمس الأخيرة يساوى عدد الصيادلة الخريجين منذ إنشاء كليات الصيدلة فى مصر منذ سبعين عاما تقريبا، وهى كارثة كبيرة، لذا أعددنا دراسة متكاملة عن الوضع، وأنا اقترح وضع اختبار لقياس قدرات وميول الطلبة قبل قبولهم لتقليل الأعداد.