أشرف كاره
تبادل أوراق اللعب
عجيب هو أمر سوق السيارات فى مصر، فقد شهد العام الأخير له العديد من التبدلات بأوراق اللعب فيه.. فقد أدى جنون المارد الأخضر (الدولار) ولوائح البنك المركزى إلى تغيير مواقع الشركات فيه بشدة من جانب، كما لعبت جمارك السيارات دوراً كبيراً ساهم فى (وقف حال) عدة شركات أخرى من جانب آخر..
والأمر هنا ليس لمناقشة ما فعله كل من الدولار والبنك المركزى وكذا الجمارك.. فلقد جفت أقلامنا من كثرة الكلام عن هذه المعوقات ولا نتيجة، ولكن الأمر هنا لاستعراض أهم النتائج السلبية- بالدرجة الأولى- والإيجابية إن وجدت، التى ترتبت عن تلك المؤثرات. وإذا ما تم تصنيف تلك التأثيرات على الشركات العاملة بالسوق المصرية بشكل عام من ناحية المستوى، فسنجد:
■ فبالنسبة لشركات السيارات الفاخرة، فقد تأثرت شركة مرسيدس بشكل قوى بسبب تأرجح الأسعار من جانب وما دفعته تحت التسوية من مئات الملايين فى أزمتها مع الجمارك المصرية من جانب آخر.. الأمر الذى نتجع عنه (شبه) خروجها من اللعبة تماماً، ولتأتى الشركة المنافسة الأولى بشكل مباشر (BMW) لتأكد تصدرها هذا القطاع مع مراعاة معاناتها النسبية من القوانين الاستيرادية ومدى ندرة العملات الحرة لديها لاستيراد مكونات الإنتاج والسيارات تامة الصنع. ولتصعد الألمانيات الأخريات (أودى، فولكسفاجن) وكذلك السويدية (فولفو) إلى مصاف السيارات الفاخرة رسمياً- من منطلق الشريحة السعرية التى وصلت إليها سياراتها- فمن كان على سبيل المثال يتوقع أن تصل سيارة فولكسفاجن "باسات" إلى ما يزيد على 450 ألف جنيه مصرى وهو ما كان سعر مرسيدس للعديد من طرازاتها فى الأمس القريب؟ وذلك بخلاف تحول جيب "جراند شيروكى" إلى عُملة تجارية بعد أن فاق سعرها 925 ألف جنيه.. وبالطبع لن نتحدث هنا عن جاجوار ولاند روفر والسيارات الأعلى منها.
■ أما السيارات المتوسطة سعراً، فبعد أن كان موقعها محجوزاً لسيارات أودى وفولكسفاجن وفورد وسكودا وبعض السيارات الأوروبية واليابانية الأخرى شأن كورولا من تويوتا وسيفيك من هوندا، فقد تبدلت الأحوال ودخل مكانهم بهذه الشريحة السيارات الكورية شأن كيا وهيونداى وبعض بقايا السيارات الأوروبية التى كانت اقتصادية السعر شأن بيجو وسيتروين ورينو.
■ وبالنسبة للسيارات التى كانت تعد اقتصادية سعرياً، مثل الطرازات الصغيرة من كيا وهيونداى وبيجو وغيرها.. فقد تركت موقعها للسيارات التى كانت تصنف سيارات رخيصة سعرياً وأغلبها من السيارات الصينية وبعض السيارات المستوردة من المغرب العربى بدون جمارك وكذا بعض السيارات الهندية الصنع.
■ وأخيراً، السيارات التى كانت تصنف رخيصة سعرياً، فقد اختفت تقريباً من السوق ولم تعد هناك فرصة استبدالها بسيارات أخرى سوى بالشروع فى استيراد أرخص سيارة فى العالم (نانو) من تاتا الهندية أو بعض السيارات المايكرو- التى غالباً ما تكون مخصصة لراكبين فقط- والتى يمكن البدء فى استيرادها من الهند واليابان والصين.. وربما يتم التوجه إلى استخدام "التوكتوك" كبديل للسيارة الرخيصة؟!
إنها أزمة (لن) تحل إلا بزيادة دخل المواطن المصرى- المتوسط والعادى- وبعدة أضعاف لتواكب هذا التطور السعرى المجنون، أو بتراجع الدولار إلى سعر ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى وهو أمر مستحيل.