السوق العربية المشتركة | السوق العربية تفتح ملف «قرى وأراضى الظهير الصحراوى» ما له وما عليه: خبراء: البديل المناسب والحل المنطقى لمشكلة الإسكان

السوق العربية المشتركة

السبت 16 نوفمبر 2024 - 03:51
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

السوق العربية تفتح ملف «قرى وأراضى الظهير الصحراوى» ما له وما عليه: خبراء: البديل المناسب والحل المنطقى لمشكلة الإسكان

خبراء
خبراء


تميزت مصر عبر تاريخها بمساحات صحراوية شاسعة ربما لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل، وكما نعلم أهمية المناطق الصحراوية وإمكانية استصلاحها والاستفادة منها من عدة محاور سواء توسيع رقعة الأراضى الزراعية لمصر أو بناء قرى جديدة فى محاولة لحل مشكلة الإسكان التى تعانى منها مصر منذ سنوات عدة، وبالحديث عن الأراضى الصحراوية يأخذنا الحديث عن "الظهير الصحراوى" فى مصر وهى العبارة التى أطلقت على أحد المشاريع الاسكانية التى تهدف لإسكان الفقراء فى قرى بديلة فى المناطق الصحراوية توفيرا لرقعة الأراضى الزراعية التى تنحصر بشكل مخيف بسبب انتشار كارثة البناء على الأراضى الزراعية وهو ما يعد إهدارا للرقعة الزراعية، ومن هنا أتت فكرة واسم مشروع "قرى الظهير الصحراوى"، وبناء على ذلك فقد قامت الدولة بالبدء فى التحضير للمشروع القومى لتنمية الظهير الصحراوى والذى يهدف إلى إنشاء حوالى 400 قرية جديدة بالظهير الصحراوى للدلتا ووادى النيل لاستيعاب ما يقرب من 4 إلى 5 ملايين نسمة حتى عام 2017م.

وقد قامت الهيئة العامة للتخطيط العمرانى بوضع استراتيجية تنمية متكاملة للظهير الصحراوى المتاح خاصة فى الجانب الغربى من نهر النيل نظراً لتميزه بكثرة الأراضى الصالحة للاستصلاح الزراعى أو الممكن استغلالها فى أنشطة اقتصادية أخرى مثل الأنشطة التعدينية أو الحرفية المرتبطة بخدمة السياحة الأثرية الموجودة بكثرة على هذا الجانب بعكس الجانب الشرقى الذى تنحصر فيه المناطق الصالحة للامتداد.

كما أعدت الهيئة العامة للتخطيط العمرانى الدراسات الخاصة بتنفيذ القرى الجديدة بالظهير الصحراوى لمحافظات مصر، تشمل كافة الخدمات التعليمية والصحية والرياضية والاجتماعية والترفيهية من أجل اقامة أنشطة زراعية وصناعية وتجارية سوف تسهم فى توفير فرص عمل جديدة، كما أن عمليات إنشاء القرى والخدمات وشبكات الطرق والمرافق ستسهم أيضا فى تنشيط شركات التشييد والمقاولات وكذلك صناعة مواد البناء.

وبجانب الهدف الرئيسى لمشروع تنمية قرى الظهير الصحراوى المتمثل فى قيام مجتمعات عمرانية ريفية جديدة بصورة مخططة لزيادة الرقعة المعمورة من مصر وتوجيه التنمية العمرانية نحو الأماكن المطلوب تعميرها وبالتالى الحفاظ على الأراضى الزراعية والحد من ظاهرة النمو العشوائى، هناك أهداف أخرى فرعية تتمثل فى الآتى:

توفير فرص عمل حقيقية للشباب المتوقع أن تدخل سوق العمل خلال العقدين القادمين من خلال دعم دور القطاع الخاص.

تحقيق الاستقرار الاجتماعى فى محافظات الصعيد على الأخص من خلال الحد من الهجرة الداخلية إلى القاهرة والدلتا.

هذا واقترحت الهيئة العامة للتخطيط العمرانى أن تخطط تلك القرى الجديدة فى الظهير الصحراوى على المدى الطويل لأحجام سكانية بين 10- 15 ألف نسمة وأن يتم البدء كمرحلة تنفيذية أولى بإنشاء وحدة تخطيطية فى كل قرية مكونة من عدد 400 إلى 500 أسرة. وهى الفكرة المصرية العبقرية التى جاءت كحل مثالى لكثير من المشكلات التى نعانى منها، ويتم بعد ذلك تتولى كل جهة تابعة لها القرية بتنميتها تدريجيا حتى تصل القرية إلى الحجم المخطط لها، ولا ننسى أن الهدف الأساسى والأكبر ومخططة قيام مجتمعات عمرانية جديدة حضارية وأيضا توفير فرص عمل جديدة ومنع التعدى على الأراضى الزراعية من خلال توجيه التنمية إلى الأراضى الزراعية تلك القرى الجديدة والاستفادة من الثروات الطبيعية المتوفرة خارج الوادى الضيق الظهير الصحراوى الذى تطالب به المحافظات هو البديل لإنقاذ الأراضى الزراعية بحيث يمكن ان تقام قرى سكنية جديدة فى الظهير الصحراوى لحل أزمة الاسكان لسكان الريف بشكل خاص وسكان المحافظات بشكل عام‏، لكن مع الأسف طال الإهمال هذه المشاريع وتراجع الاهتمام بها، السوق العربية تفتح ملف "قرى الظهير الصحراوى" مع خبراء الاقتصاد لمناقشة هذا المشروع القومى الهام ما له وما عليه.

وقال من جانبه قال الدكتور محمد الفقير الخبير الاقتصادى أن مشروع الظهير الصحراوى أعلم جيدا أنه سيحل مشكلة كبيرة من التكدس السكانى فى المدن الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية وأن تخطيط إنشاء مشروع ظهير صحراوى جيد، وسيحد من التكدس السكانى الحاصل فى المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية والجيزة، وأيضا تعد الاستفادة منه كبيرة وشاملة لكثير من الأزمات والمشكلات وبه ملامح جيدة وله رؤية واضحة وواقعية، وأشار إلى أن المشروع يحتاج من المصريين ألا يناموا وأن يقوموا بالعمل الجاد وتوفير فرص عمل جدية موضحا أن مشروع الظهير الصحراوى سيساهم فى زيادة رقعة العمران فى مصر، وسوف يحرك الاقتصاد الوطنى برمته، ولفت إلى أن قطاع الإسكان يحصل على اهتمام كبير من جانب الدولة بداية من مشروع إنشاء مليون وحدة سكنية لتلبية احتياجات المواطنين لسكن ملائم وبسعر مخفض.

وأضاف الدكتور الفقير أن عودة تنفيذ مشروع الظهير الصحراوى والاهتمام به خطوة جيدة وهامة للغاية، لكن يجب أن نضع نصب أعيننا أن هناك المدن الجديدة والكاملة ليست تعانى من العزوف السكانى عنها، ولا يقطنها سوى العشرات من المواطنين وتحولت لكتل خرسانية دون الاستفادة منها، مشددا على أهمية دراسة المشروع بشكل شامل ووضع آليات مناسبة للتنفيذ، ولا ننسى أن فتح الأبواب للمستثمرين بتمويل المشروعات الكبرى مثل هذا المشروع من خلال البورصة المصرية سينشط حركة التداول ويسمح بدخول رءوس أموال كبيرة من مستثمرين عرب وأجانب للدخول إلى السوق المصرية ودعم الاقتصاد المصرى من جديد، وهو ما سوف يؤثر بشكل كبير على زيادة الدخل القومى لمصر ويساهم فى النهوض بالاقتصاد القومى الذى بات أقوى من ذى قبل ويعمل على سير قطار التنمية وزيادة معدلات الإنتاج.

وأكد الفقير أن فكرة الظهير الصحراوى قديمة وتم تناولها منذ سنين، خصوصا انتشار ظاهرة البناء على الأراضى الزراعية وتآكلها وحاجة الناس إلى سكن وأن مسألة الظهير الصحراوى البديل المناسب والحل المنطقى لمشكلة الإسكان فى مصر، ولكن لو تم تنفيذها بمخطط واضح وربطها بمرافق متكاملة وخط مواصلات ثابت وأنه يجب أن نعرف حجم الاستثمار فى تلك المدن الجديدة وفى أى إطار، هل هو تطوير عقارى، أم هو استثمار إسكان فوق متوسط وفاخر لا يتسع للشباب، مضيفة أن المسئولين يجب أن يدركوا محدودى الدخل، خصوصا أنهم يشكلون قاعدة عريضة، وأن تلك المشاريع فى الأصل لتلك الطبقة.

وأكد المهندس على الدوينى بمركز تعمير وبحوث الصحراء ان مشروع الظهير الصحراوى سيساهم بشكل كبير فى إعادة ترسيم حدود المحافظات سوف يكون له مردود إيجابى قوى لأنه يعتمد على امتداد الظهير الصحراوى للمحافظات ما يسمح بالتوسع وإقامة مجتمعات عمرانية مما يساعدنا على اكتشاف ثروات جديدة مهدرة نظراً لتمركزنا على مساحة محدودة من البلاد، وأن هناك كنوزاً نسعى من خلال مشروع الظهير الصحراوى إلى استغلالها الاستغلال الامثل لجميع المساحات وتعتبر محافظات الصعيد التى عانت من ظلم شديد من أكثر المحافظات التى سوف تستفيد من هذا المشروع ما يخلق لها مردوداً اقتصادياً قويا لكن على الدولة وعليها ان تبحث مشاكل المواطنين الادارية جيدا حتى لا تواجه عقبات عند التنفيذ ويتعطل كما حدث من قبل، وهو كما أدى إلى توقفه فى مناطق عدة بسبب قلة التخطيط وعدم وجود الاهتمام الكافى بالدراسات الاستراتيجية للمشروع والبناء عليها نظريا فقط وهو ما يحتاج أيضا إلى متابعة واستمرارية.

وأشار إلى أنه باكتمال تنفيذ المشروع والاهتمام به سيكون لكل محافظة ظهير صحراوى يساعدها على التوسع والامتداد العمرانى وادخال موارد جديدة تسمح بنشاط اقتصادى ومشروعات تنموية ما يحقق محوراً اقتصادياً هاماً يشجع على الاستثمار والتنمية فى مصر، وسوف يخلق فرصا جديدة للمواطنين فى القرى المتهالكة حيث ان قرى الظهير الصحراوى سوف تخلق مساحة من حرية استصلاح الأراضى للمواطنين فى القرى الجديدة بشكل أكبر وبتسهيلات أفضل بدلا من تدمير رقعة الأرض الزراعية بالبناء عليها ما يجعل بها تنوعا فى المصادر والانشطة الاقتصادية وسوف يساعد أيضا على توزيع السكان بدلاً من التركيز السكانى الهائل فى مناطق محددة وكذلك توزيع الامكانيات والمساحات والاستفادة من ميزة كل قرية استيعاب وإقامة مشاريع التنمية مع خلق فرص عمل للقضاء على البطالة.

وقال الدكتور مصطفى عثمان الخبير الاقتصادى أن مشروع الظهير الصحراوى الذى تقوم به الدولة ويدعمه الرئيس السيسى بنفسه هو البديل لإنقاذ الاراضى الزراعية بحيث يمكن ان تقام قرى سكنية جديدة فى الظهير الصحراوى لحل أزمة الاسكان لسكان الريف بشكل خاص وسكان المحافظات بشكل عام‏ وأنه هو الحل لخلخلة الكثافة السكانية فى المناطق السكنية القديمة وقد تم اعداد برنامج من جانب الحكومة لجذب السكان إلى هذه المدن يشمل توفير وسائل الانتقال السريعة والسهلة وتوفير نظام حوافز للمستثمرين فى صورة إعفاءات جمركية للمشروعات تصل إلى عشر سنوات وقدمت الدولة أراضى مزودة بالمرافق على مستوى عال من البنية الأساسية بأسعار مناسبة والتسديد على فترات طويلة‏.

وأضاف ان إنقاذ الكتلة الزراعية من زحف سرطان المبانى الخرسانية السريع مشكلة معقدة تبذل مصر جهدا للتغلب عليها ونلجأ إلى أكثر من أسلوب بسبب الزيادة السكانية السريعة ووجود بعض المناطق لا تحقق الاستيعاب وبعض المحافظات المغلقة وليس لها امتداد فى أراض صحراوية مثل محافظة الشرقية والغربية والدقهلية والمنوفية وكفر الشيخ والبحيرة والجيزة وحيث ان الخروج من الوادى والدلتا قضية حياة أو موت كان لا بد من تطبيق اللجوء إلى اراضى الظهير الصحراوى.

وأوضح أن التوجهات العامة من خلال الدراسات التخطيطية للمشروع للحفاظ على الأراضى الزراعية فى القرى المصرية توضح أنه فى حالة القرى التى تتمتع بوجود ظهير صحراوى صالح للتنمية العمرانية يتم توجيه الزيادة السكانية إلى الأراضى الزراعية المتاخمة لها، وكذلك فى حالة عدم وجود ظهير صحراوى لبعض القرى يتم استيعاب الزيادة السكانية بالمناطق أو المواقع الصالحة للتنمية العمرانية داخل القرية مثل‏ (‏الأراضى الفضاء والمتخللات والاراضى البور‏)‏ بالإضافة إلى وضع الضوابط والشروط البنائية لكل منطقة على حدة بكل قرية بما يفى بمتطلبات السكان ويتفق مع التوجيهات القومية للدولة فى نفس الوقت ويمكن زيادة الكثافة السكانية بحد أقصى ‏250‏ فردا لكل فدان.

السلبيات والتحديات التى تواجه المشروع

من ناحية أخرى قال الدكتور عويضة محمود استشارى الزراعات الصحراوية بجامعة أكتوبر أن تجربة تنفيذ مشروع الظهير الصحراوى لم تلق الاهتمام الكافى فى كثير من الأماكن فقد تم اقتراحها فى مدينة الزقازيق الجديدة وكان لها ظروفها الخاصة ولا يمكن تعميمها، موضحا أن تلك التجربة يجب أن يتم التخطيط لها جيدا حتى لا تلاقى نفس مصير ما سبقها من التجارب التى احتاجت إلى مزيد من المراقبة والاهتمام، مشيرا إلى أن دمياط وبنى سويف والأقصر وأسوان فشلت بها تجربة الظهير الصحراوى بسبب العزلة، وعدم الربط بالمدينة وعدم توافر خدمات فعلية، مما أدى إلى هجرها والتخلى عن الفكرة نفسها، مضيفا أن فكرة الظهير الصحراوى هدية لم تستطع أى حكومة سابقة أن تسفيد منها بسبب غياب المخططات الواضحة التى تحقق أكبر قدر من الاستفادة منها الا ان الآمال معقودة على كفاءة واهتمام الرئيس السيسى بالفكرة التى لها مردود قومى واجتماعى هام للدولة.

وأكد عويضة أن استثمار الظهير يؤدى إلى تخفيف الضغط على الأراضى الزراعية وأيضا الخروج من عنق الزجاجة عن طريق الامتداد وأنه يجب على الحكومة أن يكون لديها شق المسئولية الاجتماعية، فى ما يخص الشباب بتوفير مساكن لهم فى المدن الجديدة، مشيرا إلى أن ذلك الدور يجب أن يكون بالشراكة مع العائد الاقتصادى والاستثمارى، وأنه لكى تنجح التجربة لا بد أن تتوافر لها المواصلات، خصوصا إذا ربطت بمترو أنفاق وخط سكة حديد، مضيفا أن توافر الأوتوبيسات العامة بأسعار مخفضة سيشجع المواطنين لكى يستقروا فى المدن الجديدة إلى جانب أن أكثر ما يشجع على الاستقرار هو وجود مساكن شعبية بإيجار مخفّض وتصل فى الآخر إلى تمليك، كما أن الأنشطة والاستثمارات والمصانع ستحتاج إلى وجود عمالة مستقرة يلزمها مساكن للعمال بأقساط زمنية طويلة، مثلما حدث فى الخمسينيات والستينيات فى حلوان وغيرها من المناطق الصناعية فى الأماكن البعيدة.