«نيوكاسل» فزاعة لضرب ثروة الدواجن فى مصر
مع استمرار نفوق الدواجن بالمزارع وسط شائعات وتكهنها بفيروس لعين قادم من الخارج، ثار الخوف والقلق بين المواطنين من ظهور فيروس جديد يمنعهم من تناول الدجاج كما حدث من قبل مع ظهور فيروس انفلونزا الطيور، وعندها طرحت العديد من التساؤلات فى أذهان المواطنين فى الشارع اذا كان الفيروس الجديد سوف يؤثر على صحة الإنسان وهل من الممكن تناولها يودى بحياة الكثير كما حدث فى الماضى؟ وماذا عن تأثير ذلك على ثورة الدواجن بمصر؟ وإذا كان هذا الفيروس ليس مجرد إلا شائعة لإثارة البلبلة بين الناس ومن له مصلحة فى ضرب ثورة الدواجن بمصر؟! ولهذا حاولنا الوصول إلى أجوبة عن هذه التساؤلات من خلال جولة مع خبراء الطب البيطرى وخبراء الزراعة، حيث يرى البعض أن فيروس نيوكاسل متوطن فى مصر منذ أكثر من 50 عاما، مؤكدا أن المزارع العشوائية التى ينعدم بها الأمان الحيوى، تسببت فى عدم فاعلية اللقاح ضد الفيروس، مشيراً إلى أنه بعد ثورة 25 يناير انتشرت المزارع غير المرخصة والعشوائية التى لا تحتوى على أدنى درجات الأمان الحيوى، الأمر الذى يتسبب فى نفوق الدواجن، وانتشار الأمراض الوبائية بها، ودعا اصحاب المزارع بالإبلاغ الفورى عن أى مشكلة بالمزارع لتقوم الهيئة بالتحرك الفورى لمنطقة القطيع وسحب العينات ولا ينتظرون بعد نفوق الدواجن، فحين يرى البعض الآخر أن سبب الخسائر التى قد تحدث هو عدم إجراء التطعيمات والتحصينات المعتادة بشكل مثالى، مشيراً إلى أن هناك حالة من التعايش مع «نيوكاسل» منذ فترة، لافتاً إلى أنه أصبح مرضاً «معتاداً» ويمكن السيطرة عليه بالأمصال والتحصينات المعتادة، حيث يبدأ التحصين ضد «نيوكاسل» للفرخ من عمر «10 أيام»، مضيفاً أن التحصين يختلف من مكان إلى آخر وطبيعة الطقس الذى يسمح له بالتفشى.
فى البداية، نفى الدكتور البيطرى، مجدى مرزوق، ما تردد عن وجود خسائر فى صناعة الدواجن بسبب فيروس «نيوكاسيل»، كما أن الفيروس لا يعد وباءً حيث إنه متواجد منذ فترة ليست بالقصيرة فى مصر، ونصح بأهمية العمل على النهوض بثروة الدواجن، من خلال مواجهة التحديات التى تؤثر سلبا على نمو قطاع الثروة الحيوانية والداجنة فى مصر، مضيفاً أن طرق الوقاية من الأمراض التى تؤثر على ثروة الدواجن، تتمثل فى العلف الذى يحتاج إلى مواصفات معينة فى تركيبته، لأنه إذا نقصت المكونات الغذائية يؤثر على الجهاز المناعى، فضلا عن توفير البيئة المناسبة من حرارة ورطوبة وتهوية، بالإضافة إلى ضرورة إعطاء اللقاحات والتحصينات، ولافتاً إلى أن الجهاز المناعى هو الأهم من الجهاز التنفسى والهضمى ولو تأثر المناعى لتأثر التنفسى والهضمى.
ودعا «مرزوق» خلال تصريح لـ«جريدة السوق العربية» إلى العمل على تنفيذ استراتيجية تتضمن توفير الأمصال واللقاحات، لمكافحة الأمراض والأوبئة الحيوانية والداجنة، والتوسع فى تقديم القروض للمربين والمنتجين للماشية والدواجن، بالإضافة إلى زيادة كميات الأعلاف المتوافرة محليا، من خلال التوسع فى زراعة الذرة بدلا من الاستيراد، وتسهيل الحصول على قروض بنكية لتحقيق طفرة فى المعروض، وعدم الاستيراد من الخارج.
وأوضح الخبير الزراعى نادر نورالدين، وأستاذ كلية الزراعة بجامعة القاهرة، أن ارتفاع درجات الحرارة وعدم جاهزية المزارع لتحمل مثل هذه الدرجات السبب وراء نفوق الدواجن فى المزارع، ما أثر بشكل سلبى على الكتاكيت، مشيراً إلى أن توطن بعض الأمراض فى مصر سواء الداجنة أو الحيوانية، إلى «بيزنس» اللقاحات، مبيناً أن مصر تنتج من 3 إلى 5% من الاستخدام المحلى فقط، ورغم وجود خبرات إلا انه يتم استيراد اللقاحات الحية، التى هى السبب الرئيسى فى توطن المرض.
وأشار «نورالدين» خلال تصريح لجريدة «السوق العربية» إلى أن المَزارع تواجه مشكلة التلوث وعدم تسجيلها، لمخالفتها اشتراطات التسجيل خاصة فى محافظة المنيا التى لديها 22 مزرعة فقط مسجلة، خلاف العدد الحقيقى البالغ ألف مزرعة، وشدد على ضرورة تفعيل الإشراف البيطرى على المزارع، سواء من خلال تعيين صاحب المزرعة لطبيب بيطرى، أو أن تعيين الدولة أطباء وتكلفهم بالإشراف عليها، مطالباً الحكومة العمل على تذليل العقبات أمامهم من أجل صحة المواطن، خاصة وأن عشوائيتهم تتسبب فى فشل برامج التحصين وعدم امكانيتهم من التبليغ عن الدواجن النافقة لديهم خوفاً من غلق هذه المزارع.
وكشف الدكتور محمد الهادى، استاذ الطب البيطرى بجامعة القاهرة خلال تصريح لجريدة «السوق العربية»، أن السبب وراء ما يحدث هو فشل وزارة الزراعة فى مواجهة الأمراض التى تواجه قطاع الدواجن حاليا وأهمها «الآى بى ونيو كاسل، وآى إل تى»، مشيراً إلى أن الوزارة تتعامل مع الملف بمبدأ «الموظفين» على حد تعبيره، دون بذل أى مجهود للسيطرة على تلك الكوارث، لافتاً إلى إن فيروس «آى بى» يتم تحوره حاليا، مما يصعب معالجته، الأمر الذى يؤدى إلى انهيار الثروة الداجنة، مع تقاعس الهيئة العامة للخدمات البيطرية.
وأوضح الدكتور السيد بدوى أستاذ أمراض الدواجن، بكلية الطب البيطرى جامعة القاهرة، أن الحل يكمن فى وقف تراخيص مزارع الدواجن فى الدلتا والاتجاه إلى انشاء مزارع للدواجن بالظهير الصحراوى، خارج نطاق المناطق السكنية، مع امدادها بأقصى درجات الأمان الحيوى، الأمر الذى يؤدى لفاعلية اللقاح، وعدم نفوق الدواجن، مؤكداً أن وزارة الزراعة وعدت الهيئة منذ 2006 بالاتجاه إلى الظهير الصحراوى، إلا إنها حتى الآن لم تبدأ فعليا فى تلك الخطوة.
واستطرد «بدوى» خلال تصريح لجريدة «السوق العربية» قائلاً: إن فيروس نيوكاسل متوطن فى مصر منذ أكثر من 50 عاما، مؤكدا أن المزارع العشوائية التى ينعدم بها الأمان الحيوى، تسببت فى عدم فاعلية اللقاح ضد الفيروس، مشيراً إلى أنه بعد ثورة 25 يناير انتشرت المزارع غير المرخصة والعشوائية التى لا تحتوى على أدنى درجات الأمان الحيوى، الأمر الذى يتسبب فى نفوق الدواجن، وانتشار الأمراض الوبائية بها، ودعا اصحاب المزارع للإبلاغ الفورى عن أى مشكلة بالمزارع لتقوم الهيئة بالتحرك الفورى لمنطقة القطيع وسحب العينات ولا ينتظرون بعد نفوق الدواجن.
ومن ناحيته، يرى الدكتور زغلول خضر، الأستاذ بقسم الفسيولوجيا بكلية الطب البيطرى جامعة المنصورة، أن فيروس «نيوكاسل» رفع من نسبة النفوق بمقاييس غير مسبوقة، كونه ينتقل بالهواء لمسافة تصل إلى ١٠٠ كيلومتر، ما يعنى تخطيه كل مسافات الأمان الحيوى السليمة، كما أنه عصف بقطعان الدواجن فى مزارعها، ووصلت نسبة النفوق إلى 60%، ما يهدد بتدمير الثروة الداجنة فى مصر، محذراً من استمرار مسلسل الكوارث البيولوجى فى مجال الدواجن من أمراض الأنفلونزا و«نيوكاسل» والـ«آى بى» والـ«آى إل تى»، ما يزيد فى الفجوة الغذائية فى مصر، مشيرا إلى أن90% من الأمصال بالسوق المصرية مستوردة وتعانى من نقص شديد مع ارتفاع سعر الدولار.
ويتفق معه الدكتور نبيل درويش، رئيس اتحاد منتجى الدواجن، أن فيروس نيوكاسل موجود منذ القدم لكن نشاطه زاد جداً هذه الأيام لدرجة أنه تسبب فى نفوق 80% من الدواجن فى مزارع الدواجن فى كل محافظات مصر من شمالها لجنوبها، وهو ما تسبب فى ارتفاع أسعار الفراخ نتيجة نفوق كثير من الدواجن، موضحاً أن اللقاحات التى يتم استيرادها من الخارج لا تقاوم هذه الفيروسات والحل بصناعة اللقاحات محليا فى مصر على النوع الموجود هنا.
وأضاف «درويش» خلال تصريح لـ«جريدة السوق العربية» أن هناك ثلاثة فيروسات تهاجم الدواجن حاليا منها نيوكاسل وفيروس «الاى بى» وهو له 11 عترة «فيروس متحور» موجودة، وفيروس الانفلوانزا، مؤكدا أن هذه الفيروسات تأثيرها يكون على الدواجن فقط ما عدا الأنفلونزا يكون تأثيرها على الدواجن والإنسان معا، بالإضافة إلى أن فيروس نيوكاسل ادى لتدمير الثروة الداجنة فى مصر ووزارة الزراعة لا تهتم بهذا الأمر ولم تصدر بيانا حتى بالوقاية أو المتابعة مع اصحاب المزارع وقطاع الإنتاج الحيوانى ورئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية ليس فى بالهم ما يحدث لقطاع الدواجن وهذا يحتاج لتغيير كل هذه الكيانات من أول وجديد.
وأرجع الدكتور موسى عبدالحميد، مدير عام أوبئة أمراض الدواجن بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، سبب الخسائر التى قد تحدث إلى عدم إجراء التطعيمات والتحصينات المعتادة بشكل مثالى، مشيراً إلى أن هناك حالة من التعايش مع «نيوكاسل» منذ فترة، لافتاً إلى أنه أصبح مرضاً «معتاداً» ويمكن السيطرة عليه بالأمصال والتحصينات المعتادة، حيث يبدأ التحصين ضد «نيوكاسل» للفرخ من عمر «10 أيام»، مضيفاً أن التحصين يختلف من مكان إلى آخر وطبيعة الطقس الذى يسمح له بالتفشى، فضلاً عن اختلاف الجرعات حسب المراحل المختلفة لعمر«الدجاجة»، مؤكداً أنه أضعف من مرض «الكوكسيديا» الذى يصيب صناعة الدواجن أيضا.
وطالب «عبدالحميد» خلال تصريح لـ«جريدة السوق العربية» الدولة بأن يعوض اصحاب المزارع من صندوق التعويضات بدلا من المجاملات لأن وظيفته تطوير الصناعة وتعويض المتضررين منها فى ظل وجود تحورات للفيروسات لا بد من تحركات الجهات المعنية كالطب البيطرى والمربى صاحب المزرعة بأخذ الدواجن النافقة لتشريحها ومعرفة سبب مرضها، ثم إبلاغ الطب البيطرى الموجود فى نطاق صاحب المزرعة، مشيراً إلى أنه من المفترض أن أى مزرعة لها خطة تحصينيه ضد كل الأمراض والفيروسات من أول دخول الكتكوت العنبر حتى قبل خروجه منه على هيئة دجاجة بستة أيام، مضيفاً إن الموجة الحارة التى تشهدها البلاد حالياً أدت إلى نفوق كميات كبيرة من الدواجن بالإضافة للأمراض المنتشرة حالياً.
وأضاف إن استيراد أكثر من 80% من الأدوية، يجعلنا أمام ضرورة ملحة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من الأدوية البيطرية، مطالباً بضرورة دراسة جميع الأبحاث العلمية التى تسير فى هذا الصدد والعمل على توفير المادة الخام المصرية لكى نبتعد عن أزمة الدولار، مناشدا مديرية الزراعة بضرورة توفير الأدوية والأمصال التحصينية، والكتاكيت المؤهلة للتربية.