«السوق العربية» تدخل سلخانات الموت وتكشف المستور
ويسألونك عن مستشفيات الغلابة.. فى الإنعاش!
المرضى: نرى الموت بسبب نقص الإمكانات وسوء الرعاية الطبية.. و الصحة تؤكد: نسعى لتوفير سرير لكل 7000 مواطن!
ملائكة الرحمة يتحولون إلى ملائكة قبض الأرواح.. وعزرائيل يحيط بكل مكان
يعتبر قسم الطوارئ والاستقبال من الأكثر الاقسام ذات أهمية فى أى مستشفى سواء حكوميا أو خاصا، حيث استقبال الحالات الحرجة والخطيرة، ولكن يقع العبء الاكبر على المستشفيات الحكومية نظرا لدورها الكبير فيما تقدمه من خدمات وكثير من المرضى يرغبون فى العلاج بها نظرا لظروفهم المادية التى لا تتناسب مع متطلبات العلاج فى المستشفيات الخاصة. وعلى الرغم من مرور حوالى عام ونصف على قرار المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق رقم 1063 لسنة 2014 الخاص بعلاج المواطنين فى كل المستشفيات الحكومية والخاصة بالطوارئ بالمجان لمدة 48 ساعة على نفقة الدولة على أن يخير بعد ذلك المريض إذا كان يريد أن يظل فى المستشفى أو أن ينقل لآخر.
إلا أن هذا القرار حبر على ورق ولم يتم تطبيقه على أرض الواقع حيث يتم رفض حالات الطوارئ وعدم تقديم الخدمة إلا بعد دفع المريض ثمن الخدمات والإجراءات الطبية المقدمة له. أما فى المستشفيات الحكومية والجامعية فالمعاناة التى يعانيها المرضى وأهلهم لن تختلف كثيرا.
حيث تأخير توقيع الكشف الطبى على المريض والمعاملة السيئة وتكدس المرضى بسبب نقص عدد الأسرة ونقص المستلزمات الطبية والأدوية وعدم توافر الأجهزة الفنية الخاصة بالأشعة والتحاليل بجانب التشخيص الخاطئ والاهمال الطبى نتيجة السرعة وعدم التدقيق خصوصا فى الحالات الجراحية.
وقد رصدت السوق العربية بعضا من صور المعاناة التى يواجهها المرضى المستشفيات والتى قد تؤدى إلى تدهور حالاتهم الصحية أو تودى بحياتهم.
فى مستشفى قصر العينى يروى محمد حسين عن معاناته مع أخته حيث أصيبت بجلطة فى رجلها وتم نقلها على الفور لأقرب مستشفى وكان استقبال مستشفى السلام الدولى وتم توقيع الكشف عليها بعدما تقاضوا مبلغ 1800جنيه وأكدوا اصابتها بالجلطة وعندما طلبنا بتلقى العلاج اللازم لها طلبوا مننا مبلغ 30الف جنيه وطبعا مكنش معانا المبلغ ده ورفضوا تقديم أى خدمة أو علاج لها وقررنا نقلها لقصر العينى وتم توقيع الكشف عليها متأخرا وأصبحت حالتها متأخرة جدا والطبيب أبلغنا أنها تحتاج إلى عملية فى رجلها وقد يضطر إلى البتر اذا تطلب الامر ذلك بسبب التأخر فى تلقيها الرعاية الطبية اللازمة.
ويروى لنا والد مريض اخر يدعى الحاج أحمد أن ابنه أصيب فى حادثة وتم نقله إلى مستشفى الساحل ولم يتلق أى اسعافات ورفضوا حالته بحجة ان الأجهزة مش شغالة ومفيش أماكن، فتوجهت به لقصر العينى واكتشفنا انه يعانى من نزيف فى البطن وطلبوا مننا شراء أكياس دم وبعض المستلزمات بجانب التبرع بالدم، ويشتكى من البطء فى التعامل وسوء المعاملة.
بينما تروى لنا وفاء على معاناتها مع والدها حيث أصيب والدها باحتباس كامل للبول نتيجة تضخم البروستاتا وتوجهت به إلى استقبال العجوزة وبعد حوالى ساعة جاء الطبيب وكشف عليهة وقال إنه محتاج قسطرة من اعلى المثانة ونصحها بالتوجه لمستشفى معهد ناصر حيث هناك متخصصون فى هذا الإجراء وبالفعل توجهت بوالدها إلى معهد ناصر وانتظرت إجراءات الكشف بعد طول انتظار إلا ان الطبيب أخبرها أن أدوات القسطرة غير موجودة حاليا نبطشية بالنهار قفلوا عليها ومع محاولات تركيب القسطرة بالطريقة الطبيعية والدها نزف فنصحها بسرعة التوجه لقصر العينى لأنه مش هيعرف يعمل له حاجة فى عدم وجود الأدوات.
وبالفعل توجهت به لقصر العينى الساعة 7صباحا وكشفوا عليه وطلبوا أشعة وقرروا عمل القسطرة وتفاجأت انهم سلموا ورديتهم ومشيوا ولم يتم إبلاغ الاطباء الجدد بالحالة ووالدها مازال ينزف.
وأضافت عند مشاهدتها منظر الدم انهارت وصرخت فيهم والامن هددها وتشاجرت معهم ولولا ذلك ما كان أحد اهتم وتم عمل القسطرة فى المثانة بعد شراء المستلزمات الطبية اللازمة وبدون بنج.
وتقول حنان السويسى موظفة: نعانى من إهمال شديد بالمستشفيات وعدم الاهتمام بالمرضى ويعاملونا كأننا فئران تجارب وتروى معاناتها مع اختها حيث دخلت طوارئ قصر العينى بمغص شديد وتم التشخيص على انها زائدة وبعد وقت طويل ومماطلة أجريت لها العملية، وفى نفس اليوم شعرت بألم فظيع وانتفاخ فى البطن والدكتور النبطشى قالها انتى بتتدلعى، ولم يعتن بذلك وتركها ومشى.
وفى صباح اليوم التالى وأثناء مرور رئيس القسم كشف عليها وطلب إجراء جراحة لها استكشاف فورى وتم تحويلها للعمليات مرة اخرى فى خلال 24 ساعة، وفتح البطن من أسفل الصدر حتى السرة فأصبح الجرح كبيرا وعميقا وأصبح ملوثا وممتلئا بالصديد دون معرفة الاسباب.
ثم عمل لها تحاليل ومزرعة ولكن بلا جدوى ففتح لها الجرح مرة اخرى ليفاجأ بوجود بقايا خيط وشاش فى الجرح تركه الاطباء اثناء الجراحة وكان نتيجته ان الجسم رفضه وسبب الصديد.
ومن أمام استقبال معهد القلب بإمبابة تروى أميرة حسين: والدتى أصيبت بجلطة فى القلب وحالتها الصحية حرجة جدا توجهت بها لمستشفى روض الفرج فقرروا انها تحتاج للرعاية المركزة وبعد معاناة وجدنا سريرا لها رغم قلة الامكانات والاهمال هناك، تركتها ومشيت وفى اليوم التالى ذهبت لأجدها فى حالة غيبوبة فى ظل حالة لامبالاة من قبل الاطباء والتمريض هناك فقررت نلقها إلى معهد القلب الذى بدوره رفض استقبالها بحجة عدم وجود سراير فى الرعاية وتركوها قاعدة على كرسى، وأضافت: لولا اننا تشاجرنا معهم وعملنا قلق على حد قولها ما كانت دخلت الرعاية وتتلقى علاجها حاليا.
وفى مستشفى الحسين الجامعى وفى وسط الزحام الشديد أمام باب الاستقبال وفى وسط صرخات المواطنين بسبب عدم وجود أماكن لمرضاهم وتركهم يجلسون على الكراسى حتى يتم توفير أماكن لهم تقول حسناء محمد: أختى أصيبت بجلطة فى المخ فتوجهنا بها إلى مستشفى السيد جلال بعد ان فقدت الوعى وتم الكشف عليها قالوا لنا هى كويسة ومعندهاش حاجة وادولها علاج ومشونا.
واحنا فى الطريق وجدناها لسه تعبانة ومش قادرة تحرك دراعها ومش مركزة معانا قررنا ننقلها مستشفى الحسين ووصلنا وفضلنا منتظرين حد يكشف عليها لمدة 4 ساعات وبعد ذلك نقلوها قسم العظام وسابوها لحد ما يفضى لها مكان فى قسم المخ والاعصاب واضافت لولا اننا عرفنا نشوف واسطة ما كانت دخلت الرعاية بعد ما كانوا مقفلينها فى وشنا ويقولولنا مفيش اماكن واكتشفنا ان الاماكن موجودة وفاضية.
واشتكت أيضا من سوء المعاملة وبطء تقديم الخدمة ما يؤدى إلى سوء حاله المرضى.
وتقول إحدى الممرضات رفضت ذكر اسمها تعمل فى مستشفى مصطفى محمود بميدان لبنان: ان قرار محلب ونظام تلقى العلاج والخدمة خلال الـ48 ساعة لم يطبق من الاساس وتضيف أى حالة تدخل استقبال المستشفى لازم تدفع فلوس حق الخدمات المقدمة لها ولا نستقبل أى حالات مقابل خدمات مجانية أو على حساب وزارة الصحة.
ويعلق على ذلك الدكتور خالد الخطيب، رئيس قطاع الرعاية الحرجة والطوارئ بوزارة الصحة والسكان: إن الوزارة الحالية تضع تحسين حالة أقسام الطوارئ والرعاية على أولوياتها كما تعمل على تطوير الأجهزة وكذلك تدريب شباب الأطباء والتمريض حيث الكوادر البشرية مهمة جدا فى تحسين الخدمة ويوضح ان هناك نقصا فى القوى البشرية حيث عزوف وهروب الاطباء عن الاقسام الحرجة نظرا لتدنى المرتبات بالنسبة بتعبهم وارهاقهم والعمل طوال اليوم ومقارنة بزملائهم فى الاقسام الاخرى ويعد وهذا أحد أسباب لجوئهم إلى العمل فى القطاع الخاص حيث مرتب شهر يساوى مرتب يومين مثلا فى القطاع الخاص.
وأكد ان الوزارة تستهدف بنهاية هذا العام ان يصل عدد أسرة الرعاية المركزة الجديدة إلى 1000 سرير وذلك بهدف الوصول إلى النسب العالمية فى عدد الأسرة وهو سرير واحد لكل 7 آلاف نسمة.
وكذلك تم حصر جميع أسرة الرعايات المركزة على مستوى الجمهورية، حيث بلغ عددها ما يقرب من 3642 سرير رعاية مركزة وأنه تم إضافة وتشغيل 350 سرير رعاية مركزة خلال الثلاثة أشهر الماضية.
وأوضح انه يتم حاليا وضع خطة متكاملة للنهوض بخدمات الرعاية الحرجة ورفع كفاءة جميع اقسام الرعاية المركزة والاهتمام بنوعية الأسرة مثل أسرة الحروق والسموم وحضانات الاطفال ورعاية الحميات والصدر.. حيث سيتم انشاء 15 قسما للسموم على مستوى الجمهورية أى ما يعادل قسما لكل محافظة وأيضا قسم للحروق لكل محافظة ويجرى حاليا تحديد التكلفة الفعلية للتجهيزات الطبية والقوى البشرية.
وأضاف أن هناك خطة لتطوير الرعايات المركزة تعتمد على 6 محاور، المحور الأول وهو رفع كفاءة أسرة الرعاية الموجودة حاليا، والمحور الثانى هو إعادة تشغيل الرعايات المغلقة، والمحور الثالث هو استحداث رعايات متوسطة وأخرى تخصصية بالمناطق المحرومة، المحور الرابع هو تفعيل نظام الاستدعاء الآلى، والمحور الخامس هو التدريب والتعليم الطبى المستمر، والمحور السادس هو محور الرقابة والمتابعة.
ويعلق الخطيب على القرار الوزارى الذى أصدره رئيس الوزراء إبراهيم محلب فى يوليو 2014 والذى نص على أن يكون العلاج خلال أول 48 ساعة فى أقسام الطوارئ مجانا سواء فى المستشفيات العامة أو الخاصة فهو قرار رائع ومازال موجودا لكن هناك ضوابط بالنسبة للمستشفيات الخاصة حيث يكون النطاق الجغرافى 5 كيلو من وقوع الحادث أو منزل المريض وبين المستشفى يعنى مينفعش مريض من حلوان ويروح مستشفى دار الفؤاد. المفروض يتلقى علاجه من اقرب مستشفى له واضاف ان الوزارة تعمل حاليا على تسعير الخدمات المقدمة لأقسام الطوارئ بدون هامش ربح حتى تتحملها الوزارة وتكون على نفقة الدولة.
اما بخصوص الخط الساخن 137 الخاص بتوفير الاسرة الشاغرة فى جميع المستشفيات حتى يسهل على المريض الحصول على سرير فى الرعاية يقول إنه لم يلق رضا المواطنين وذلك بسبب نقص فى عدد اسرة الرعاية حيث تنقسم إلى رعاية نوعية ورعاية مخ واعصاب وقلب وجهاز هضمى، كل على حسب حالة المريض وتسعى الوزارة لتوفير الاسرة للكل.
وقال أحمد عبدالجواد أجريت عملية قلب مفتوح منذ 4 أشهر، وأعانى الأمرين من المتابعة وتفاجأت بأن الطبيب المعالج يقول لى لا بد من عملية جراحية اخرى لأن الأولى لم تحقق نتائج ذهبت لصرف العلاج المقرر لكننى فوجئت بأن الطبيب يقوم بتغيير العلاج دون داعٍ، على الرغم من أن الذى أقره هو الدكتور الاستشارى فى التأمين”.
ومن جانبها، تروى اسعاد قبيصى أخت أحد المرضى بمستشفى سوهاج، فى حديثها لـ”السوق العربية” عدم توافر عدد الأطباء، خاصة لقسم الباطنة، ما أدى إلى زيادة التزاحم وإرهاق المرضى بالإضافة إلى أن أطباء التأمين لا يقومون بالكشف على المريض وفحصه جيدًا، بل يكتفون بسماع شكواه فقط ويعطونه الدواء على أساس الشكوى الشفهية، ويكتبون أى نوع تحاليل غير متوافرة فى مستشفى التأمين، حسب تأكيدها.
وفى هاتين المستشفيين تجد أن معظم المرضى يمكثون على السرائر والأرض بالأيام بسبب الحالة السيئة فالأجهزة معظمها معطلة وقديمة.
وفى أورقة أخرى تجد آخرين يتوسلون للأطباء لإدخال ذويهم المرضى إلى العناية المركزة نظرا لحالتهم الصعبة، والرد يكون العنايات المركزة كاملة العدد.
ويقول مصطفى شهيد، مواطن بسوهاج، فى حديث لـ”السوق العربية”: إن الدخول هذه المستشفيات للحصول على رعاية كاملة إمام بدفع الأموال أو بالواسطة أما حضانات الأطفال وأجهزة التنفس فممتلئة عن آخرها، والمحتاج لها يصارع الموت.
وفى أماكن أخرى تجد صراخ الأسر والمرضى حيث ينتظرون دورهم فى أجهزة غسيل الفشل الكلوى التى رفعت شعار محجوز.
اما مرضى الكبد، فتظهر عليهم علامات الشقاء والتعب، والأورام فهم يفترشون الأرض والسرائر.
ويقول محمد عبدالعال، أن زوجته كانت تعانى من سرطان الثدى لمدة 6 سنوات خلالها تم استئصال الثدى، وفى هذه الفترة كنا نذهب إلى المستشفى العام للحصول على العلاج وجرعات الكيماوى، لكن مع مرور السنوات اشتد المرض عليها حتى ماتت، بعد زيادة الأمراض عليها.
وأكد عبدالعال فى حديثه لـ”السوق العربية” أن الأطباء كانوا يعاملوننا وكأننا “شحاتين”، فتسأله لا أحد يجيب عليك، وكأنك تتحدث مع نفسك، وتنتظر بالساعات حتى تحصل على العلاج.
ويتحدث أحمد عبدالمالك، عن تدنى مستوى النظافة فى مستشفيات التأمين الصحى بالجيزة، فضلا على حالة اللامبالاة داخل هذه المستشفيات فى استقبال المرضى وتقديم الخدمات.
تابع عبدالمالك، “ما بالك بمستوى الخدمة الصحية فى القرى، فالوحدات الصحية بها فى الغالب غير مجهزة بأى شكل من الأشكال، وإن كانت على غير ذلك، تجد العاملين فيها من الأطباء يغلقونها، ويرحلون ليلحقوا عملهم فى عياداتهم الخاصة، ولا حسيب أو رقيب، ولا مراعاة لآلام البسطاء أو لقسم المهنة الذى أخذوه على أنفسهم عهدًا منذ أول أيام عملهم”.
فى حين تقول رحاب سعيد، ربة منزل: إن الأطباء الذين يطلبون حقوقهم، عليهم فى البداية أن يؤدوا ما عليهم من واجبات، مكملة: “مين فينا مابيتبهدلش لما يروح مستشفى حكومى، الدكتور بيبقى شايف المريض بيموت قدامه وما بيتحركش من مكانه، وحصلت مع الكل، ده غير أن فى أحيان كتير بنروح وما نلاقيش الطبيب فى التخصص اللى عايزنه، ولما تزعق شوية أو تتصعب، يقولك روح اشتكى”.
وروت معاناتها وزوجها فى مستشفى قصر العينى، “زوجى يعانى من بعض الأمراض المزمنة مثل الضغط وفيروس سى، ويذهب مرة أو اثنتين إلى العيادات الخارجية، ونخرج من منزلنا فجرا حتى يستطيع أن يكشف قبل الزحام”، وأضافت أن المشكلة الأكبر التى تواجهه أثناء الكشف، نقص الأطباء المتخصصين؛ للغياب المتكرر لهم، وعقبت: “مفيش حد بيهتم بنا، وبنشوف الأمرين عشان نكشف، وهو بيجرى على أكل عيشه وقوت عيالنا”.
نقابة الأطباء عقدت جمعية عمومية طارئة، فى الـ12 من فبراير الماضى، اطلقت عليها اسم “جمعة الكرامة”، وأصدرت عدة قرارات بهدف ما وصفته “حفظ كرامة المواطنين، وتقديم خدمة علاجية أفضل للمرضى”، فى حين رد الكثيرون على النقابة بأنها تسعى إلى التصعيد ضد الدولة، بسبب توجهات خاصة داخل مجلسها، وذلك على حساب المنظومة الصحية.. ومن وسط الأطباء خرجت أصوات معارضة لـ”قرارات النقابة”.
الدكتور هشام عبدالحميد، مدير مركز الدعم القانونى للأطباء، أكد أن النقابة أصدرت قرارين مخالفين للقانون، يخرج كل منهما تماما عن اختصاصها، بالإشارة إلى تلويحها بالدعوة لإضراب جزئى فى جميع أنحاء الجمهورية، والقرار الآخر إلى اتخذته بتنفى بروتوكول العلاج المجانى فى المستشفيات العامة.
عبدالحميد، أضاف لـ”السوق العربية” “النقابة تتخذ قرارات مخالفة للقانون، ثم تهدد الأطباء الذين يعارضونها بتحويلهم للجنة آداب المهنة، ولا علاقة لتلك اللجنة بهذا الخلاف على الإطلاق”، منوهًا بأن النقابة أصبحت تتدخل فى أمور لا ناقة لها فيها ولا بعير، وأكمل: “ليس مستبعدًا أن نرى فى الغد، النقابة تصدر قرارًا لمديرى المستشفيات بتخفيض ساعات العمل للأطباء إلى 18 ساعة أسبوعيًا، وتحويل من يرفض للجنة آداب المهنة”.
وحول بروتوكول العلاج المجانى، أكد عبدالحميد، أن النقابة تريد أن تظهر وكأن الأطباء يتنازلون عن مستحقاتهم من أجل خدمة أفضل، موضحًا أنه سواء كان الكشف مجانيا أو اقتصاديا، فالطبيب يحصل على راتبه من الدولة، وفى حال الاقتصادى يأخذ مكافأة بسيطة من الحكومة، ويمكن أن تلغيها فى أى وقت وهذا من حقها”، مردفًا: “هل مراعاة المهنة تتوقف على أن الكشف مجانى أو اقتصادى، وهل لو أخطأ طبيب نسأل ما نوع الكشف، يجب على الأطباء أداء رسالتهم بكل أمانة، ومراعة أصول المهنة فى كل الأحوال، دون اللجوء إلى لهجة التصعيد غير المجدية”.
عبدالحميد، أفاد بأن الطبيب يملك تقييم الحالة التى يستقبلها، سواء كانت طوارئ أو غير، من منطلق أمانته واحترامه لعمله، وليس بغرض الضغط على الحكومة، والتجنى على النظام الصحى، معقبًا: “دعم النقابة فى قرارات باطلة لن يزيدنا إلا ضعفا؛ لأن القرارات طالما كانت مخالفة للقانون؛ فمصيرها النهائى الفشل، والتأييد فى الخطأ يشبه قول (انصر اخاك ظالما أو مظلوما)، دون إكمال الحديث الشريف للرسول (ص)، (منعه عن الظلم فذلك نصره) ونحن ندعم النقابة بردها عن مخالفة القانون”.
اختتم: “تذكرة العيادة الخارجية بجنيه، والمريض بيكشف وياخد علاج عليه، فيه مجانية أكثر من هذا، للحق كلام النقابة غير واقعى، وغير قابل للتنفيذ، وخارج اختصاصها أيضا، لا فارق بين البلطجة باستخدام السلاح الميرى خارج إطار القانون، وبين البلطجة باستخدام سلطة الإحالة للتأديب خارج إطار القانون”.
من جانبها، ذكرت الدكتورة مى مطاوع، الطبيبة فى مستشفى المنصورة الجامعى، “مجلس النقابة تحدث دائما عن سلبية الأطباء، وفى اجتماع تلك الجمعية العمومية حضر نحو 10 آلاف طبيب، واغلقوا شارع قصر العينى، وكان المنظر مهيبًا ويفرح من يريد لحمة الأطباء، إلا أن مجلس النقابة ما كان منه إلا أن وجههم للموافقة على قرار (مايع) وغير مدروس، وهدد حينها حسين خيرى (النقيب) بالانسحاب ولو لم يتم الموافقة عليه، ولم يسمح لأى رأى أو عرض مخالف يتم طرحه.. مجلس (الإخوان بشرطة)”.
أكملت: “طلعنا بقرار (مايع) غير مفهوم وغير مدروس، وأعضاء مجلس النقابة نفسهم كانوا مختلفين فى توضيحه، ماذا فعلوا عقبها، بعد أسبوع كامل طلعوا ببروتوكول (مايع) غير قابل للتطبيق، فيه أوجه قصور عديدة، وبيرمى الكورة فى ملعب كل طبيب لوحده”.
استطردت: “بمعنى، أنا كطبيب هنفذ بروتوكول الكشف المجانى، بس لما أطلب تحليل أو أشعة، إيه اللى هيجبر الفنى إنه يطبع الأشعة أو يعمل التحليل من غير وصل، إذا كان مدير المستشفى نفسه أكد عليه ميعملش حاجة من غير وصل، هيسمع كلامى ولا كلام المدير، هو غير خاضع لقرارات الجمعية العمومية بتاعتنا، ولا مع كل حالة هانطلع نتخانق مع الفنى أو مع المدير، خاصة بعد منشورات وزارة الصحة اللى شددت على انتظام العمل دون تغيير.. الشغل فى الوحدات.. الشغل فى المستشفيات اللى مفيهاش تذاكر استقبال.. كل دول مش فاهمين المفروض يعملوا إيه، لكن يبدو أن الأهم هو التصعيد فقط”.
فى سلم الأولويات لا شىء ثابت كل شىء قابل للتعديل والتغيير وحتى الاستبعاد حسب الإمكانيات والمواءمات هكذا جرت العادة أو يفترض باستثناء الصحة تحتل مقدمة الترتيب وقد تسبق رغيف الخبز فكلاهما ضرورة للبقاء على قيد الحياة ويبدو أنها أصبحت فى جدول أولويات الدولة وهذا مقدر ولكننا نريد فعلا وليس كلاما لأن ما تم تحقيقه لا يمكن التعويل عليه ولا يتعدى أن يكون قطرة فى بحر من جبال المشاكل «المتلتلة» التى لم تحسم بعد وهناك الكثير والكثير من ملفات الصحة التى لم يقترب منها ومن بين الملفات المسكوت عنها بيزنس المستشفيات الخاصة والاستثمارية حيث الأسعار نار يتم تحديدها حسب «الهوى» تعمل بمبدأ «اللى معهوش ما يلزموش» ووصل الأمر دخول المستشفيات الجامعية فى مزاد المنافسة على الأسعار وكله كوم وفيزيتة الأطباء بالعيادة الخاصة كوم تانى، فالرقابة معدومة وكل طبيب وضميره، أما عن تجار أكياس الدم والطبيب الكشكول متعدد التخصصات وأخطاء الأطباء القاتلة فحدث ولا حرج ولا عزاء للمرضى.
المستشفيات الحكومية على مستوى محافظات الجمهورية متردية أصبح الإهمال وسوء الخدمات الصحية هو السمة السائدة بها خاصة مع انشغال الأطباء بعيادتهم الخاصة المنتشرة بالقرى والأحياء أيضا أصبح شعار العمل بالمستشفيات الداخل مفقود والخارج مولود، الغريب أن مستشفيات التأمين الصحى طالها الإهمال هى الأخرى بعد أن كانت الأمل لمحدودى الدخل وكذلك البسطاء من المواطنين كل هذا الإهمال فى المستشفيات الحكومية أوقع المواطن فريسة سهلة للمستشفيات الخاصة التى استغلت الوضع ورفعت أسعارها حتى صارت لا يقدر على دخولها إلا الأثرياء، أخطاء الأطباء تتكرر فى جميع المستشفيات وإذا بحثت عن أسبابها وجدتها متشابهة وتتلخص فى ضعف إمكانيات المستشفى خاصة فى المعدات والتمريض أو نقص الأدوية أو إرهاق يصيب الطبيب نتيجة الجهد الذى يبذله فى العمل بعيادته الخاصة، أكد الأطباء أن قلة الإمكانات والموارد والمخصصات العلاجية وراء الأزمة وأنهم يحصدون تقصير وزارة الصحة التى جعلت بند العلاج بعد بندى الإنشاءات والمرتبات فى حين يرى المرضى أن نقص تأهيل أطباء الطوارئ والتكبر والتعالى والهروب من أداء واجبهم السبب الرئيسى وراء المشاحنات اليومية بأقسام الاستقبال والطوارئ، مطالبين بضرورة وضع إطار للتعامل مع الطبيب والمريض يحفظ للطبيب كرامته وللمريض آدميته إن الخبراء يعتبرون أن عدم تفعيل قرار المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء عام 2014 يفتح أقسام الاستقبال والطوارئ لمدة 48 ساعة لجميع المرضى والمصابين السبب الرئيسى وراء الأزمات المتلاحقطة بين الأطباء والمواطنين ما تسبب فى حالة من السخط والاحتقان بين المرضى والأطباء وأطقم التمريض وأدى إلى إهدار مئات وربما الآف الأرواح بسبب التقصير فى أداء وتقديم الخدمة الطبية.
تقول كوثر متولى ربة منزل ابنتى تبلغ من العمر 7 سنوات وأصيبت بحروق بالغة فى يدها منذ شهر تقريبا وذهبت إلى مستشفى المطرية ولم يقبلوها بالاستقبال ثم ذهبت إلى مستشفى الدمرداش رفضوا أيضا استقبالها بحجة عدم وجود قسم طوارئ، ذهبت إلى مستشفى الزهراء لم يستقبلوها كما رفض مستشفى النيل «للتأمين الصحى» ولم يتحرك أى منهم لعمل الإسعافات الأولية لطفلتى ثم ذهبت إلى مستشفى خاص واستنجدت بطبيب شاب قام بشراء الأدوية والشاش والقطن لعمل الإسعافات اللازمة لطفلتى رأفة بحالتها ورفض أخذ أى مقابل مادى فأين الرأفة والرحمة التى ننتظرها من أصحاب القلوب الرحيمة من الأطباء، فأنا فقيرة وإن لم أجد هذا الطبيب لكانت ابنتى فى خبر كان.
ويستنكر مصطفى محفوظ ما يحدث بأقسام الطوارئ بالمستشفيات الحكومية، حيث يقول والحزن على وجهه: ذهبت بطفلتى التى تبلغ من العمر ثلاث سنوات إلى مستشفى الحسين الجامعى فى منتصف الليل لعمل الإسعافات الأولية لإصابتها بكسور فى قدمها وفى نفس الوقت كانت توجد حادثة على الطريق السريع بها خمسة مصابين نقلوهم إلى الطوارئ بالمستشفى لإسعافهم لم يتواجد بالطوارئ إلا طبيب واحد صغير السن وعندما نظر إلى المصابين ظهر القلق عليه ولم يحسن التصرف وأبغلنا جميعا أن المصابين سينتظرون إلى الصباح لعدم وجود طبيب عظام وعدم وجود أدوات علاجية لإسعافهم ما تسبب فى حالة من الاحتقان بين أسر المصابين لعدم توفير الخدمة الطبية المطلوبة.
ويقول رضا عزوز لا يوجد إخصائيون أو استشاريون من أطباء فمن المفروض أن يتواجد على الأقل استشارى أو إخصائى بالفترة الليلية بالطوارئ لوجود حالات صعبة تحتاج لسرعة العلاج مع الخبرة، حيث إن المتدربين من الأطباء حديثى التخرج يغرقون فى شبر مية ولقد أصيبت ابنة أخى البالغة من العمر 6 سنوات بجروح قطعية بالوجه نتيجة وقوعها على لوح زجاجى وذهبت بها إلى مستشفى الدمرداش يوم الجمعة ولم أجد بالاستقبال إلا أطباء صغار السن لدرجة أن الطبيب الموجود ظهر على وجهه الخوف عندما رأى الجروح بوجه الطفلة ولم يحاول إسعافها وسألت على الطبيب المتخصص أو الاستشارى ذى خبرة فلم أجد وأخذت الطفلة إلى مستشفى دار الشفاء وقمت بعلاجها بالقسم الاقتصادى فأين حق الغلابة والفقراء من إسعاف مرضاهم.
دكتور باسم ثروت طبيب أمراض باطنة بأحد المستشفيات الحكومية: ترجع أسباب الإهمال المنتشرة فى أقسام الطوارئ بالمستشفيات لنقص الإمكانات من أجهزة طبية وأدوات جراحية وأدوية ونقص بالخدمات المعاونة والتمريض، بالإضافة لضعف الصيانة الدورية للأجهزة الطبية والمبانى وسوء توزيع الخدمات الطبية وتمركزها فى المدن الكبرى فقط واعتماد الإخصائيين فى المستشفيات العامة، فالذى يتابعه بعيادته الخاصة يكون له الأولية فى رعايته وحجزه بالمستشفى الحكومى علاوة على اعتمادهم على أطباء قليلى الخبرة والتدريب بهذه الأقسام للكشف على الغلابة.
ومن جانبه يؤكد دكتور محسن سلامة أستاذ أمراض الكبد أن الإهمال فى المستشفيات الحكومية يرجع إلى عدم المتابعة الدورية من وزارة الصحة حيث العمل بالطوارئ فى أى مستشفى يكون بعد مواعيد العمل الرسمية بأى مستشفى فيجب على وزارة الصحة تشديد الرقابة على ضرورة وجود أطباء متخصصين واستشاريين بعد منتصف الليل لعمل الإسعافات اللازمة فى ظل وجود مسعفين متدربين، بالإضافة إلى مراعاة الوزارة الرعاية للغلابة ولن تتركهم فريسة سهلة للمستشفيات الاقتصادية والاستثمارية.
رغم أنها منحة ربانية للإنسان إلا أنه تحول فى مصر إلى سلعة تباع وتشترى لها بنوك عامة وخاصة ولها تجار وسماسرة يستغلون حاجة الناس إلى هذه السلعة هى الدم الذى وضعت له الدولة تسعيرة معروفة فى البنوك التابعة لها، إلا أن السوق السوداء أبت ألا يكون لها دور فى هذه التجارة فأصبح الدم يباع فيها على أن يكون سعره يعجز الكثير من البسطاء عن توفيره وبالتالى تكون حياتهم هى الثمن فالآلاف من مرضى السرطان وأنيميا البحر المتوسط والأنيميا الحادة ومن يحتاجون لإجراء عمليات جراحية وغيرهم يحتاجون كل يوم إلى الدم ومشتقاته يعانى ذووهم للحصول على كيس دم وتزداد المعاناة مع أصحاب الفصائل النادرة يجوبون بنوك الدم طولا وعرضا بحثا عن فرصة أخرى فى الحياة وقد يحالفهم الحظ فيجدونها وكثيرا لا يحدث هذا وغالبا ما تكون العواقب وخيمة، الغريب فى الأمر أن المستشفيات الحكومية تلزم أسرة أى مريض يقوم بإجراء عملية جراحية بتوفير أكياس دم قبل إجراء الجراحة للمريض وهو ما ينشط السوق السوداء لهذه التجارة كل يوم ورغم وجود حوالى 300 بنك دم و90 مليون مواطن فى مصر تعانى بنوك الدم الحكومية من نقص حاد يقدر بـ3 ملايين وحدة وكيس دم فى حين تستغل المستشفيات الخاصة حاجة المصريين وتبيع لهم الدماء التى يتبرع بها الآخرون بأسعار خيالية.
ومن أمام بنك الدم الرئيسى بالجيزة يقف هانى إبراهيم حائرا فى انتظار إعادة الحياة لابنه أحمد البالغ من العمر عامين والذى اكتشف فجأة أنه مصاب بأنيميا الفول حيث تناول الطفل طعام الإفطار وفجأة ظهرت عليه علامات الإعياء الشديد فهرع الأب به إلى أقرب مستشفى ليخبره الأطباء بحقيقة مرض ولده وأنه فى حاجة إلى نقل دم فورا ولأن المستشفى لا يوجد به بنك دم لم يجد الأب أمامه سوى التوجه لبنك الدم الرئيسى للحصول على الدم اللازم لإنقاذ طفله ولحسن الحظ كانت فصيلة دم الطفل متوافرة ليحصل على فرصة أخرى للحياة.
يقول ناصر يوسف إنه جاء من محافظة المنيا مصاحبا لحفيده وليد الذى أصابه مرض السرطان رغم أن عمره عامان فقط وطوال الأربعة أشهر التى خضع فيها الطفل للعلاج الكيماوى فى معهد الأورام بالقاهرة لم تنقطع معاناة الأسرة للحصول على كيس دم فغالبا ما يقل مخزون الدم الموجود ببنك الدم التابع للمعهد ليجد الأب أو الجد نفسيهما حائرين بحثا عن كيس دم هنا أو هناك مهما كلفهما الأمر.
يقول محب محروس أنه جاء إلى المعهد وهو مصاحب لوالدته التى تتلقى العلاج وأوضح أنه أحيانا كثيرة لا يجد ضالته فى المعهد وبعد ساعات من الانتظار يجد نفسه مضطرا لشراء كيسين أو ثلاثة من بنك الدم مقابل 125 جنيها للكيس الواحد وأضاف مؤكدا أن حالة والدته تتأثر كثيرا بسبب تأخر مدها بالدم ولكن ما باليد حيلة ولما كانت نفس المشكلة تواجه الكثير من المرضى وذويهم طوال الأعوام الماضية خاصة أثناء ثورة 25 يناير وما بعدها من أحداث دامية ظهرت عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى لحث الشباب على التبرع بدمائهم طوعا بدون مقابل لمساعدة الآخرين وتحمل هذه الصفحات استغاثات يندى لها جبين الحكومة التى أصبحت عاجزة عن توفير الاحتياجات الضرورية لمواطنيها بما فيها الدم.
تقول أسرة الطفل محمود عطية الموجود فى معهد الأورام بالقاهرة: نستغيث بذوى القلوب الرحيمة من خلال تلك الصفحات لتوفير ثلاثة أكياس دم أى فصيلة خاصة أن حالة الطفل متدهورة للغاية وانتظرت عدة أيام حتى تمكنت الأسرة من توفير الدم له حتى يتم إنقاذ حياته لأنه فى خطر.
أما الطفل أمجد نبيل فقد ظل فى انتظار إجراء جراحة بمستشفى أطفال مصر لحين توفير 4 أكياس من فصيلة «o» موجب وهو ذلك المتعارف عليه داخل المستشفى.
ويقول محمد النبوى أن ذلك الوضع فى معهد ناصر الذى يرفض إجراء أى جراحة لأى مريض إلى أن يقوم ثلاثة من أسرته بالتبرع بالدم لإجراء عملية قلب مفتوح حتى لو تعرضت حياته للخطر.
يقول عصام عبدالعال: ذهبت بابنى البالغ من العمر 6 شهور إلى القصر الفرنساوى لإجراء عملية له قلب مفتوح فتم الاتفاق على تكاليف العملية ودفعت المبالغ المتفق عليه من خلال إدارة المستشفى لكن الصدمة الكبرى أن يصل الفساد إلى قلوب الأطفال وأن تحاول أن تعالج ابنك بكل ما تملك من مال فى مستشفيات استثمارية حكومية وكل ما تجنيه أنه لا يوجد خدمة طبية والمتوافر والمتواجد هو الإهمال، فماذا نفعل صرخت بأعلى صوتى لا أجد غير برود الأعصاب واللا مبالاة فعلى كل مسئول أن يظل فى مكانه ينعم بميزات مكانه دون أدنى واجبات.
ورغم أن مصر بها 24 بنك دم إقليميا تابعا لبنك الدم الرئيسى بالعجوزة ناهيك عن البنوك الموجودة بالمستشفيات الجامعية وبعض المستشفيات الخاصة بكل محافظات مصر إلا أن رحلة البحث عن كيس واحد تعد رحلة شاقة ومضنية، فبعد أن تبين أن الدم هو السبب الرئيسى فى انتقال الأمراض الخطيرة مثل الالتهاب الكبدى الوبائى سى والإيدز وغيرها وبعد أن أصبح التبرع بالدم مهنة يمتهنها البعض، قررت الحكومة تقنين هذه التجارة فأصدرت وزارة الصحة قرارا عام 1997 بحظر نقل الدم بمقابل بمادى، بل زادت على ذلك حينما أصدرت عام 2008 قرار بنوك الدم فى المستشفيات الحكومية من قبول عينات التبرع وتحليلها وتوزيعها وتم إنشاء المركز القومى لنقل الدم بفروعه ليكون هو المستقبل الحصرى لتبرعات الدم وتحليلها وتوزيعها على المستشفيات العامة والخاصة بينما تم استثناء المستشفيات الجامعية من هذا القرار ليظل لها الحق فى تلقى تبرعات الدم وتحليلها وتوزيعها ورغم هذه القرارات إلا أن هذا لم يمنع السوق السوداء لتجارة الدم والتى مازالت موجودة وأبطالها من العاملين فى بعض المستشفيات الحكومية والذين يقومون ببيع أكياس الدم التى يحصل عليها المستشفى مقابل 95 جنيها للكيس من بنك الدم ليتم بيعه إلى المستشفيات الخاصة مقابل 250 جنيها فى حين يبيعه المستشفى الخاص للمريض بما يتراوح بين 500 و700 جنيه حسب حالة المريض وندرة فصيلة دمه وهو ما كشفه أحمد زغلول مؤسس مبادرة بنك الدم المصرى الداعية إلى التبرع بالدم، مشيرا إلى أن هذه السياسة أدت إلى توريط بعض موظفى بنوك الدم فى بيع حصص المستشفيات الحكومية للمستشفيات الخاصة التى تبيع الدم بدورها للمرضى بأسعار مبالغ فيها وكانت إدارة الرقابة على المؤسسات الطبية غير الحكومية والتراخيص بوزارة الصحة، وقد كشفت منذ فترة عن وجود شبكة سرية لتجارة الدم تعمل لصالح المستشفيات الخاصة حيث يقوم السماسرة باستقطاب أطفال الشوارع والعاطلين للتبرع بدمائهم مقابل 20 جنيها ووجبة طعام ثم يقوم بإعادة بيعها للمستشفيات الخاصة مقابل 270 جنيها للكيس ليقوم المستشفى ببيعه للمريض بعد ذلك 400 جنيه وقد يصل السعر فى حالة الفصائل النادرة إلى 750 جنيها كما كشفت الإدارة عن وجود 50 كيس دم بلازما منتهية الصلاحية وغير معلومة المصدر بأحد المستشفيات الخاصة وأكياس أصابها العفن بسبب سوء التخزين.
من ناحية أخرى أكدت منظمة الصحة العالمية أن هناك 120 دولة فى العالم منها مصر ليس لديها أنظمة فى حفظ الدم حيث إن الاختبارات التى تجرى على أكياس الدم غير كافية خاصة اختبارات الأجسام المضادة للفيروسات لأنها غير متوافرة فى كل المستشفيات وهو ما أدى إلى انتشار العدوى وأكدت المنظمة إلى 30٪ من المصابين بفيروسات الكبد فى مصر أصيبوا بسبب نقل الدم، وأشارت التقارير إلى أن العجز فى بنوك الدم الحكومية يصل إلى 3 ملايين وحدة دم رغم أن مصر تمتلك ما يقرب من 300 بنك دم إلا أن 30٪ من الدماء التى يتم التبرع بها يتم بيعها إلى المستشفيات الخاصة.
فى الحدائق والشوارع والميادين العامة تنتشر سيارات التبرع بالدم التابعة لوزارة الصحة وبنك الدم إذا اقتربت منها يلفت انتباهك الآية الكريمة التى ترددها ميكروفانات السيارة، قال تعالى «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» ثم تسمع بعدها عبارة تبرعوا لمرضى السرطان وأنيميا البحر المتوسط ومع ذلك فأحد المسئولين عن هذه السيارات رفض ذكر اسمه أكد لنا أن الإقبال التبرع أصبح محدودا خاصة أن فترة بعد الثورة كان الإقبال فيها كبيرا وتبين أن هناك سيارات غير تابعة للوزارة تأخذ الدم لتبيعه لمستشفيات خاصة بمبالغ باهظة وهو ما جعلنا اليوم نتسول الدم من القادرين على التبر ع رغم أن هناك آلاف بل ملايين المرضى فى حاجة ماسة للدم، وأشار إلى أن التبرع هو الوسيلة الوحيدة للحصول على الدم والذى يتم تحليله فى المركز الرئيسى والتأكد من خلوه من أمراض الزهرى والإيدز والفيروسات الكبدية بى وسى وهناك يتم حفظه فى مبردات خاصة حتى يتم توزيعه على المستشفيات المختلفة، وطالبت الدكتورة وفاء عبدالوهاب أستاذ أمراض الدم بجامعة عين شمس بضرورة تشديد الرقابة على عمليات التبرع وعدم نقل الدم لأى مريض إلا بعد التأكد من خلوه الفيروسات المسسبة للأمراض لأن الدم المنقول من شخص لآخر قد يؤدى إلى إصابته بمرض أخطر مما كان يعانى منه، وأوضحت أن السوق السوداء للدم فى حالة الفصائل النادرة شجع الكثير من المستشفيات الخاص على نقل الدم من مريض إلى آخر دون الاهتمام بإجراء الفحوص اللازمة بل إن هذه المستشفيات أصبح لديها قاعدة بيانات للمتبرعين من أصحاب الفصائل النادرة ويتم الاتصال بهم للتبرع عند الحاجة دون التقيد بقاعدة الستة أشهر التى يجب أن تمر بين كل تبرع تجنبا لإصابة المتبرع نفسه بأمراض الأنيميا وفقر الدم كما يجب التأكد من حفظ الدم بطرق سليمة وحفظه فى درجة حرارة معينة حتى لا تتكاثر البكتيريا به خاصة بعد التبرع مباشرة وأضافت مؤكدة أن ضعف الأجهزة المستخدمة فى بعض بنوك الدم فى الأقاليم يؤدى إلى عدم رصد بعض الفيروسات فى الدم عند نقله وبالتالى قد تنتقل هذه الفيروسات من شخص لآخر وبالتالى يجب تطوير بنوك الدم فى الأقاليم ومدها بالأجهزة الحديثة لرصد كاافى الفيروسات حماية المرضى.