حلــول أزمــة السياحة
لا ينكر أحد أن مصر تمر بأزمة سياحية أدت إلى انخفاض واردات مصر من السياحة، ولم تكن تلك الأزمة فقط بعد سقوط الطائرة الروسية فى سيناء بل هى أزمة قديمة، وكان جميع المسئولين يقولون ولا يزالون أننا سنزيد إيرادات السياحة، ولكن دون نتائج ملموسة.
ومصر بموقعها الجغرافى الفريد وبطقسها الرائع وآثارها التى تمثل ثلث آثار العام وبشعبها الطيب تستحـق موقعـاً متقـدماً بين الـدول السياحية ودخلهـا السنـوى العـادل من السياحة لا يجب أن يقل عن (90) مليار دولار سنوياً. والذى يحول دون مصر والوصول إلى الرقم بعاليه نحن وليس العالم، إذ نحتاج لتغيير جوهرى لمنظومة السياحة بالكامل، خاصة فى ظل ما نواجهه من ارهاب كان آخره حادثة اختطاف طائرة برج العرب.
وقد لاحظت أن الطيران السعودى يقوم بسبعين رحلة يومياً من المملكة العربية السعودية إلى دبى، كما لاحظت أن دبى زارها خلال عام 2015م عدد 14.4 مليون سائح (رغم أن الطقس طوال العام غير جيد، ورغم الارتفاع الشديد فى الأسعار) فى حين أن عدد سكان دبى 2,2 مليون شخص، أى بمعدل (7) سياح لكل فرد من السكان، ألا نخجل من أنفسنا؟
والتغيير الكامل للمنظومة السياحية فى ظل وجود وزير جديد للسياحة يقتضى الآتى:
1- نشر الوعى السياحى وأهمية السياحة بالنسبة للاقتصاد الوطنى، وهذا الوعى يجب أن يبـدأ مـن المنزل مـروراً بالمـدرسة والجامعـة وانتهــاءً بالشـارع، وذلك يقتضى برامج علمية وفعالة وتنفيذ جاد لها، وياريت يتـم تـدريس ذلك بكافة المراحل الدراسية. وهذا الوعى هو الذى سيؤدى لأن يحسن المواطن معاملة السائح ويدرك أهميتة بالنسبة للاقتصادى الوطنى.
2- تطوير نظام الأمن السياحى فى كافة المنافذ (المطارات- الموانئ- المنافذ البرية)، وذلك يقتضى:
أ- تزويد كافة المنافذ بأحدث ما وصلت إليه التقنية الأمنية من أجهزة الكشف عن المتفجرات وما يهدد وسائل النقل للخارج وركابها، وتحديث تلك الأجهزة باستمرار.
ب- حسن اختيار رجال أمن المنافذ المكلفين بالكشف عن المتفجرات، وإجراء اختبارات قدرات واختبارات نفسية لهم قبل تكليفهم بالعمل.
جـ- تدريب رجال الأمن المذكورين بصفة مستمرة لاكسابهم كل جديد من المهارات فى مجال عملهم.
د- توسيع دائرة الاشتباه فى وجود متفجرات لتشمل كل ما من شأنه ارهاب أطقم الطائرات وركابها، مثل الحزام الطبى الذى كان وسيلة اختطاف طائرة برج العرب ومثل اسلاك الكهرباء كشاحن الهاتف المحمول ومثيلاتها، وتسلم مثل تلك الأشياء لقائد الطائرة ويعيدها للراكب فور انتهاء الرحلة.
هـ- تحديد حد أقصى لساعات عمل رجال الكشف عن المفرقعات بالمنافذ بحيث لا تزيد على خمس ساعات فى اليوم الواحد، (تتخله ساعة راحة لرجال مراقبة أجهزة الكشف عن المفرقعات)، وذلك لضمان استمرار اليقظة والانتباه خلال فترة العمل.
و- استمرار تدريب وتطوير مهارات رجال الأمن بالطائرات، وتذويدهم بالمعدات الحديثة الخفيقة للكشف عن المتفجرات ووسائل السيطرة مثل الغاز المفقد للوعى.
ز- تكليف رجال مباحث السياحة بمهمة مراقبة أعمال الكشف عن المتفجرات بالمنافذ (التفتيش الإلكترونى- التفتيش اليدوى) سرياً، وذلك للتأكد من سلامتها ولتقديم المقترحات اللازمة لتطويرها.
حـ- إجـراء اختبارات سـرية دورية مفاجئة لاختبار فاعلية إجـراءات التأمين بالمنافذ، على أن يتولى هذا الإجراء احدى الجهات السيادية، وتقوم بعرض تقاريرها مباشرة على السيد رئيس الجمهورية، وتلك الاختبارات السرية معمـول بهـا دوليـاً، وسبـق أن قـامت احـدى الجهـات فى عهـد الرئيس السابق مبارك باختراق إجراءات الأمن فى احدى القرى السياحية التى ترتادها شخصيات هامة وكشفت بذلك عن قصور فى إجراءات التأمين.
3- اجـراء التعــديلات التشــريعية اللازمـة فيمـــا يتعلـق بمـا قـد يقــع على السائــح أو يتعرض له من مضايقات وتشديد العقاب عليها.
4- تطوير الفنادق وأماكن إقامة السياح سواء بالنسبة للمنشآت، أو تدريب العاملين بها، ووقف عمليات الابتزاز بالبقشيش فى تلك المنشآت باستثناء ما يدفعه السائح مع الفاتورة، مع فرض رقابة جادة على أماكن الاقامة السياحية والعاملين بها بما يضمن حسن معاملة السائح وعدم ابتزازه، وفرض عقوبات رادعة على المخالفين.
5- تطوير والرقابة الصارمة على المقاصد السياحية سواء أماكن الآثار أو أماكن التردد السياحى، مثل الحسين وغيرها.
6- الاهتمام بالسياحة العربية، لأن العائد من السائح العربى يفوق خمسين ضعف العائد من السائح غير العربى، واستراد السياحة الغائبة وفتح أسواق سياحية جديدة. وكثافة السياحة العربية لمصر عامل جذب فعال للسياحة الأجنبية لأنه يثبت للأجانب وجود أمن فى مصر وفى مطاراتها.
7- وجود برامج فعاله للترويج السياحى، بزيادة الميزانية المخصصة له بحيث تصبح مائه مليون دولار (وهى حالياً 22 مليون دولار)، وحسن اختيار الشركات الدولية التى تقوم بالترويج السياحى فى الخارج، وكذلك الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعى فى الترويج السياحى، والاعتماد كثيراً على الاعلام الخارجى فى كل دولة، وأن تشارك كافة جهات الدولة المعنية فى حملة الترويج السياحى، مثل وزارات السياحة والهجرة والخارجية ومثل هيئة الاستعلامات وغيرها.
8- نقل تبعية شرطة السياحة إلى وزارة السياحة، وتغيير مسماها إلى شرطة خدمة السائح، لتكون مهمتها الوحيدة الحافظ على السائح وخدمته بدءاً من وصوله إلى الموانئ المصرية (الجوية والبحرية والبرية)، ومروراً بالشارع ومحل اقامته وانتهاءً بعودته إلى بلاده، ومنع القبض عليه أو التعرض له أو اقتحام محـل اقامته أو وجوده إلا بمعـرفة شرطة خدمة السائح دون غيرها (وفى وجود الأمن الوطنى إذا كان له اختصاص فى ذلك). ويجب اعادة تأهيل وتدريب شرطة خدمة السائح بما يتلاءم مع عملها الجديد لضمان تحقيق نتائج جيدة، ووضع برنامج علمى لتحقيق تلك النتائج.
وإذا تحقق ما تقدم ضمن منظومة علمية دقيقة تنفذ بجدية، فإنه من المتوقع زيادة عائد السياحة بعد خمس سنوات إلى خمسين مليار دولار سنوياً. فهل نحن جادون؟
إن «مصر- السعودية» كفتا ميزان المنطقة ولولاهما ما كانت هناك قوة عربية.. فمصر والسعودية ركيزة الأمن والأمان والاستقرار فى الشرق الأوسط بأكمله