أشرف كاره
الاختناقات المرورية بمصر.. حقيقة أم افتعال؟
بعد أن صدر تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء مؤخراً الذى أفاد بوصول عدد المركبات فى مصر إلى 7.51 مليون سيارة (من كافة الفئات)- وهى السيارات المرخصة رسمياً- التى يفترض أنها موزعة على كافة محافظات مصر فى الوقت الذى تشير فيه بعض الإحصاءات أن إقليم القاهرة الكبرى- القاهرة، الجيزة والقليوبية- وحده يحظى بما يقرب من نصف هذا العدد (بين مقيم ووافد من خارجها بشكل يومى).. الأمر الذى جعلنى أسهب فى التفكير والمقارنة بين مصر (ممثلة فى عاصمتها الكبرى- القاهرة) وباقى دول العالم التى تشتهر مدنها الكبرى باكتظاظ السيارات شأن طوكيو، باريس، لندن ونيويورك.. وليطرح السؤال نفسه هل تعانى تلك المدن الكبرى من الاختناقات المرورية (خاصة المفتعلة) كما تعانى القاهرة الكبرى؟ مع معلومية أن أعداد السيارات لدى هذه الدول هى أضعاف مضاعفة لما لدينا فى مصر- بغض النظر عن الأسباب- وهو ما يجبرنا أن نسارع فى التفكير وإيجاد الحلول العاجلة لهذا الاختناق اليومى الذى نعانى منه والذى انتقل من شوارع وسط المدينة إلى الطرق السريعة والدائرية.. وعليه كان من الواجب أن نضع أيدينا على بعض تلك الأسباب ومن ثم نضع بعض الحلول المقترحة للحل، والتى منها:
■ مشكلة تخطيط الطرق: لم يفطن المخطط للطرق فى القاهرة (ومنها أحد أهم شرايينها الحالية وهو كوبرى 6 أكتوبر) إلى أن الازدحام السكانى وبالتالى انتشار السيارات سيصل بمصر إلى هذا المستوى حيث كان ذلك ببداية سبعينيات القرن الماضى عندما كان أغلب الشعب لا يملك سيارات خاصة، إلا أن القضية تكمن فى عدم وضع رؤية مستقبلية (احترازية) لتخطيط الطرق سواء باتساعاتها المطلوبة من عدد بالحارات أو بجودة مواد التمهيد لضمان طول العمر لتلك الطرق ولتأتى النتيجة كارثية ببعض الأحيان.. بسبب قصر نظر وضعف رؤية تخطيط الطرق فى مصر والتى يبلغ متوسطها فى العالم بين 100- 150 عاما، فيما لا تزيد فى مصر عن 25- 30 عاما بأحسن الظروف؟!!
■ مشكلة مواقف السيارات وساحات الانتظار: وهى التى أصبحت الآن أحد أهم العلاجات فى العالم لتخطى هذه العقبة خاصة مع استحداث المواقف متعددة الطوابق سهلة الفك والتركيب (معدنية) والتى لم نرها فى مصر حتى الآن.. لماذا؟
■ مشكلة إشارات المرور اليدوية: وهى الاختراع الذى اندثر فى كافة دول العالم، لتتحول إلى النظام الإلكترونى ومن ثم تحقيق الانضباط المرورى والزمنى المطلوب، ولنبحث عنها فى مصر بشق الأنفس لنجدها- التى نجدها لا تعمل بالكفاءة المطلوبة بكثير من الحيان- بل وتعانى من التدخل الآدمى أحياناً!؟
■ مشكلة الاعتراف بالحارات المرورية وأهمية كل منها: وتتمحور هذه المشكلة فى أغلب الأحيان حول قائد السيارة نفسه الذى لم يتعلم منذ البداية أو تمادى فى إهماله لأهمية الحارة المرورية التى تساعد بقوة فى سيولة المرور من جانب، وتساهم بدورها فى توفير سرعة فى خدمة الطريق خاصة لقطاع مركبات الخدمات العامة شأن النقل العام والإسعاف والمطافئ من جانب آخر، علاوة على الدراجات البخارية والهوائية.. حيث أصبح الأمر أشبه بما يطلق عليه (سلطة) والنتيجة بطء قاتل بحركة المرور، وهو الأمر نفسه الذى يرتبط بصحة صف السيارات إلى جانب الطريق (هل هى متوازية أم متعامدة مع الأرصفة من جانب؟ وهل تم الالتزام بعدم الاصطفاف الثنائى أو الثلاثى وبالتالى اختناق الطريق بشكل أكبر خاصة إذا ساهمت شرطة المرور بهذا الاختناق بما تضعه من- كلبشات- ببعض تلك السيارات المخالفة).. فالأمر يبدأ بالسلوك وينتهى عند رجل المرور.
■ مشكلة اللجان المرورية التى تحتل بعض النقاط المختنقة على الطرق لتزيد من اختناقها: وهو ما يثبت عدم تعامل رجال المرور مع المشاكل المرورية بطريقة إيجابية، وذلك من أجل حل مشاكل مرورية أو أمنية أخرى؟! فالأمر يحتاج تخطيطا ومنطقا لوضع تلك اللجان خاصة المتحركة منها لتجنب المزيد من الاختناقات المرورية.
■ مشكلة إيجابية عقاب مرتكبى الأخطاء بكافة أنواعها وعدم التساهل مع البعض منهم سواء لأسباب شخصية أو لأسباب مادية، الأمر الذى يفتح المجال لتزايد الأخطاء والمخالفات على مدار الزمن- وعلى مدار فترات الإعلان عن التعديلات المرورية بكل فترة- فيما يهدف تغليظ العقوبة من جانب وتنفيذها بشدة من جانب آخر القضاء على تكرار حدوث مثل تلك المخالفات التى يؤدى الكثير منها للإختناقات المرورية.
■ مشكلة تردى حالة وسائل النقل العام: حيث تعتبر هذه الوسائل (بأنواعها) بديل إيجابى على مستوى العالم لأصحاب السيارات الخاصة لترك سياراتهم والانتقال إلى أعمالهم ووجهاتهم المختلفة مستخدمين لتلك الوسائل، فيما أن تردى حالتها فى مصر وكذا اكتظاظها المفرط بالركاب يجعل من قائدى السيارات الخاصة يحجمون عن استخدامها ومن ثم تواجد أكبر قدر ممكن من المركبات على الطرق فى وقت واحد ودون رحمة أو نظام.
العديد والعديد من المشاكل التى تؤكد بدورها أن مشكلة الاختناقات المرورية فى مصر سببها الأول تنظيمى وتخطيطى وسلوكى وليس كما انتشر بين العديد من شرائح المجتمع أنه بسبب زيادة عدد المركبات فى القطر المصرى.