حل مشكلة الدولار «على قد لحافك مدد رجليك»
تواجه مصر صعوبات فى توفير الدولار، والبنك المركزى فى موقف لا يحسد عليه بسبب قلة إيرادات الدولار والطلب المتزايد عليه، ولذا تخطى سعر الدولار فى السوق السوداء حاجز التسعة جنيهات. وقد ساعد فى الوصول إلى هذا السعر السماح بتدبير الدولار من السوق السوداء وإيداعه بالبنوك لتمويل استيراد بعض مستلزمات الانتاج.
القضية فى نظرى أسبابها معروفة وحلولها بسيطة ولا تحتاج إلى علماء وفلاسفة اقتصاد وتكمن فى المثل البلدى القائل (على قد لحافك مدد رجليك).
فإلايرادات السنوية من الدولار (66 مليار تقربياً) تأتى من مصادر محددة هى حصيلة الصادرات، وإيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين فى الخارج، والسياحة، والاستثمار الأجنبى، وقد شهدت هذه الإيرادات تراجعاً ملحوظاً فى الآوانة الأخيرة.
أمـا الانفاق من واردات الـدولار فيوجه إلى سـداد الالتزامات للشركات الأجنبية، وسداد اقساط الديون وفوائدها، والاستيراد. وقد شهد الاستيراد زيادة ملحوظة فى الآونة الأخيرة، بالاضافة زيادة القروض الخارجية، (والاستيراد وحده 80 مليار دولار سنوياً)، وقد سبب هذا زيادة فى الطلب على الدولار.
وحل مشكلة قلة الدولار يقتضى من الحكومة ومن خلفها مجلس النواب اتخاذ قرارات سريعة وجرئية لاعمال المثل البلـدى القائل (على قـد لحافك مدد رجليك)، وهذا يستلزم الآتى:
1- اعداد (3) قوائم استيرادية يرتب كل منها بدءاً بالأهم ثم المهم، القائمة الأولى للمواد الغذائية الضرورية مثل القمح والزيت، والقائمة الثانية للأدوية، والقائمة الثالثة لمستلزمات الانتاج. ويجب أن يقتصر الاستيراد على المواد الغذائية التى لا مثيل محلى لها والضرورى منها لعامة الشعب وهى الطبقة الفقيرة. وقد صدمت حينما وجدت فى إحدى الجمعيات الاستهلاكية التى تـديرها وزارة التموين فاكهـة مستورده مثل التفاح (3 ألوان أحمر وأخضر وأصفر) وغيرها، هل مـن المعقول أن نستورد مثل هـذه الأشياء ونحـن فى وضعنا الاقتصادى الحالى الصعب؟ وهل من المعقول أن نستورد ملابس والملابس المصرية جيدة ورخيصة؟ وهل مـن المعقول أن نستورد ياميش للرفاهية؟ وماله البلح المصرى. وبعض رجال فى السياحة يقولون إن السائح يريد أن يأكل أشياء مستوردة، وهذا غير صحيح، فالذى يهم السائح الخدمة الجيدة لا نوعية الأكل، لأن فترة وجوده فى البلاد قصيرة وأكلنا رائع لا ينفر منه السائح. والقائمة الثانية الخاصة بالادوية يجب أن تقصر على الضرورى الذى لا بديل مصرى له، كما يجب على الدولة أن تعمل على التوسع فى انتاج البديل للدواء الأجنبى. أما القائمة الثالثة فتشمل مستلزمات الانتاج سواء المحلى أو المخصص للتصدير.
2- وإذا حصرنا القوائم الثلاث، فعلى الحكومة أن تحدد الانفاق الدولارى بالقواعد التالية:
أ- أن يكون إجمالى الانفاق الدولارى فى حدود الإيرادات منه ولا يتجاوزه، بل يجب أن يقل عنه والفرق يوجه لدعم الاحتياطى النقدى.
ب- أن يخصص إجمالى الانفاق الدولارى المتاح لسداد مستحقات الشركات الأجنبية، ثم لسداد أقساط وفوائد القروض بالدولار، والباقى يوجه للاسيتراد فى حدود القوائم الثلاث المشار إليها وبترتيب الأهمية فى كل منها. ولا يكفى زيادة الجمارك على بعض السلع المستوردة، لأنه حل غير جذرى ولم يوفر سوى ثلاثة مليارات جنيه.
3- وفى جانب الإيرادات يجب أن تعمـل الحكومة على زيادة الموارد من الدولار، ولم تحقق جهود الحكومة حتى الآن نتائج ملموسة فى هذه الزيادة.
4- وعلى البنك المركزى أن يمنع نهائياً تدبير الدولار من السوق السوداء للاستيراد، وعليه اغلاق كافة شركات الصرافة فكلاهما كان سبباً رئيسياً فى ارتفاع سعر الدولار فى السوق السوداء. وفى المقابل على البنوك أن تمول عمليات الاستيراد وفق القوائم السابق الاشارة إليها وفى حدود المتاح من إيرادات الدولار. وعلى البنك المركزى أن يحرك من وقت لآخر سعر الدولار لدى البنوك حسب العرض والطلب ضمن قواعد اقتصادية منضبطة.
5- وعلى الحكومة ورجال الاعلام والمثقفين وكذلك نواب الشعب فى دوائرهم أن يشرحوا للناس الوضع الاقتصادى الحالى الصعب، وضرورة اتخاذ قرارات صعبة تتعلق بالاستيراد، وأن يدعوهم للتخلى عن الرفاهية واستخدام المنتجات المصرية.