السياحة الثقافية تقع فى المحظور .. أسوان خارج نطاق الخدمة و السائح حياته معرضة للخطر .. و زيارة واحدة تكشف الاهمال
الاهمال كلمة السر للاطاحة بسياحة مصر التى تعانى منذ الخمس سنوات الماضية والتضارب سيد المشهد لجذب السائحين فى ظل غياب اكتمال المنظومة السياحية فى حين أن وزيرى السياحة والاثار يروجان لمصر بملايين الدولارات فى المعارض السياحية الدولية والعالمية من جيوب المصريين يواجه ذلك سوء الخدمات الداخلية والتعامل المباشر مع غير المؤهلين للعمل بالقطاع نتيجة لعزوف 90% من ابناء المهنة عن العمل نتيجة للانحصار الحركة وفى ذلك الصدد رحلة واحدة تكفيك لتكشف الستار عن مسلسل الاهمال الذى تشهده السياحة الثقافية بأسوان غياب الرقابة والخدمات وسوء التعامل مع السائح كانت ملامح الرحلة لتعكس ارض الواقع الذى يعيشة السائح ومن منطلق الحرص على الوطن نكشف فى السطور القادمة مأساة يعيشها السائح حينما تخطو قدمه ارض التاريخ والحضارة.
كشفت أمانى الموجى رئيس مجلس إدارة مؤسسة “السوق العربية المشتركة” أنه خلال زيارتها لمدينتى التاريخ الفرعونى “الاقصر وأسوان” استشعرت بحالة من عدم الانضباط السياحى بجميع الخدمات المقدمة واصفة أن الاهمال كان سيد الرحلة لغياب الرقابة خاصة أن المرشد السياحى المرافق للمجموعة السياحية وضعنا فى مواقف خطرة بداية من اختياره المركب الناقل للقرية النوبية بأسوان لتعبأ بحمولة زيادة و”ماتور” متهالك لا يصلح لعملية الابحار فى نهر النيل فى ظل مرورنا بمناطق خطرة “دومات” ما اصاب “الموتور” بكسر ادى إلى توقفنا مؤكدة أن الامر كاد أن يصل إلى غرق المركب خاصة أن المنطقة بها صخور وتماسيح ما دعنا إلى استئجار مركب آخر بتكلفة اضافية متسائلة “اين الرقابة وتأمين“ السائحين فى ظل ارتفاع الاصوات لجذب السياحة.
ألقت الموجى اللوم على المرشد السياحى الذى رافقهم خلال الرحلة حيث تم دفع اسعار المزارات الا اننا لم نزرها، بالإضافة إلى الانتظار إلى فترات طويلة تقارب الساعتين ما يثير حفيظة السائحين بعدم تكرار الزيارة ما يشير إلى فشل المنظومة لغياب اكتمال التنسيق بين شركة السياحة والمرشد السياحى والرقابة على ادائهم.
وأعربت الموجى عن حزنها على محافظة أسوان صاحبة التاريخ والحضارة التى اصابها الاهمال متسائلة اين وزيرا السياحة والاثار من ايقاف نزيف الاهدار لاعمالهم بالترويج عبر صرف ملايين الدولارات بالمعارض الدولية والبورصات السياحية ليأتى السائح ويرى العشوائية والمظهر غير الحضارى.
وأكدت انها قامت بمخاطبة محافظ أسوان اللواء مجدى حجازى لتشكو له ما لمسته خلال زيارتها للمدينة من الوضع المتردى الذى لا يليق بسمعة سياحة مصر الا أن الرد جاء كصاعقة: “مابقاليش غير 40 يوم” وقال أنا حزين مثلك، متسائلة: الا توجد خطط يسير عليها الجميع لنرتقى بمحافظة سياحية لا يوجد لها مثيل فى العالم تحوى فى طياتها تاريخا عظيما؟ قائلة “من لا يقدر على تولى المهام يقعد فى بيته”.
طالبت الموجى الرئيس عبدالفتاح السيسى الاهتمام بمحافظة أسوان وتشديد الرقابة الكاملة على المسئولين لما لمسناه من اهمال واضح وصريح يهدد السائح ومستقبل السياحة المصرية مناشدة بانقاذ ثروات مصر من مسلسل غياب الوعى بتاريحنا وآثارنا واصفا بان مصر لا تتحمل كوارث فى المرحلة الراهنة لكنها تحتاج إلى ايدى ابنائها للبناء والعمل. وأكدت الموجى أن ما رأته فى محافظة الأقصر مجهود ممتاز من حيث النظافة والاهتمام بالسائح والأمن والتنظيم عكس ما شاهدته بأسوان مع ملاحظة أن المحافظ له من الفترة الزمنية مثل محافظ أسوان، وتقدمت بالشكر لكل مسئول يهتم ويعمل بضمير من أجل بلدنا الحبيب مصر والنهوض به فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد خاصة قطاع السياحة.
قال الباحث الأثرى أحمد عامر: إن الحضارة المصرية القديمة شىء فريد لا يوجد له مثيل وآثارها ذات قيمة لا تقدر بثمن، فعقب قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير بدأت معاناة وزارة الآثار من الناحية المادية نظراً لتراجع السياحة بشكل غير مسبوق، ما كان له آثر سلبى على الآثار التى تمتلكها، كما زادت التعديات على المناطق الأثرية بشكل غير عادى نظراً للانفلات الأمنى الذى شهدته البلاد فى تلك الفترة، هذا بالإضافة إلى انشغال جهازى الشرطة والقوات المسلحة فى تأمين البلاد من المخاطر التى كانت تحيط بالدولة.
وتابع عامر أن المحافظة على الآثار من العبث لها أشكال عديدة فنجد أنه لابد من إعادة النظر فى المنظومة الأمنية بما يتناسب مع الوضع الراهن للبلاد، وذلك من خلال تزويد عدد الحراس وتزويد أفراد الحراسة بأسلحة متطورة مع كيفية إعطائهم دورات تدريبية مكثفة، بالإضافة إلى تزويد المناطق الأثرية بكاميرات مراقبة لمنع أى تجازوات من قبل الزائرين، مع تغليظ العقوبات على المخالفين منهم، كما لا بد من تعديل قانون حماية الآثار بما يتناسب مع الوضع الراهن، كما لا بد من تكثيف دورات الوعى الآثرى لدى السائحين المصريين والأجانب، ومتابعة الآثر باستمرار مع كتابة التقارير بحالته التى هو عليها، مع ضرورة عمل صيانة دورية له حرصاً على المحافظة عليه من أى مخاطر قد تواجهه مستقبلاً.
وأشار عامر إلى أن الترويج للآثار يحتاج لجهد مضاعف أكثر من الأول لأن هناك دولا تقوم باستنساخ آثارنا واستخدامها باحترافية وتحقيق عائداً مادياً كثيراً، مما يجعلنا نقف أمام أنفسنا ونراجع حساباتنا لمواجهة تلك الظاهرة، فعلى الصعيد الداخلى يمكننا عمل ترويج للآثار بين المدارس والجامعات لتوعيتهم بأهمية الآثار، كما يمكننا طباعة أشهر الأماكن الأثرية على تذاكر الطيران والقطارات وفواتير الكهرباء والتليفون والمياه والغاز التى توجد فى كل محافظة حسب ما يوجد بها من آثار هامة ومعالم سياحية جذابة، كما يمكننا استغلال أهم وأشهر الكبارى التى يكثر بها مرور السيارات والأعمدة التى توجد عليها فى تعليق لافتات يكون مرسوما عليها أشهر الأماكن الأثرية والسياحية، كما لا بد من عمل محاضرات وندوات شهرية بسفاراتنا الموجودة فى معظم دول العالم كل دولة حسب اللغة التى تتحدثها، بالإضافة إلى عمل صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى “فيسبوك” تنشر فيديوهات أثرية يتم نشرها عن طريق موقع “يوتيوب”، مع ضرورة إنشاء قناة فضائية خاصة تكون مهمتها الحديث عن الآثار والسياحة فقط.
اضاف عبدالهادى محمد رئيس غرفة شركات السياحة بأسوان إلى أن تأمين الآثار وحركة السير بنهر النيل عبر مسار الرحلات السياحية مهمة الشرطة بالمدينة الا اننا مازلنا نعانى من نقص الحركة السياحية وعلينا استثمار فترات الركود فى تحسين البينية التحتية وتطوير المنشآت السياحية بالإضافة إلى الاهتمام بالمرافق السياحية.
علق رئيس غرفة شركات السياحة على الاعطال التى تصيب المراكب الناقلة للسائحين إلى القرية النوبية قائلا انه سيتم الاجتماع مع مجلس ادارة الغرفة الفرعية والنقابة الخاصة بسائقى المراكب بأسوان للتنبيه على الصيانة المستمرة والحذر ووضع علامات تأمينية والابتعاد عن الاستعانة بالـ”محمول” كاشفا انه سيتم مناقشة مقترح مرافقة مركب انقاذ للرحلات الوافدة والتشديد على الشركات السياحية بانتقاء مرشديها مصدر الثقة والالتزام بالبرامج السياحية دون اخلال والا أن يتعرض المخطئ للمساءلة خاصة اننا نتحدث عن سمعة السياحة المصرية.
قال حسن النحلة نقيب المرشدين السياحيين إن من حق السائح أن يتحقق من شخصية المرشد السياحى الذى يرافقه فى حال خلال الزيارات السياحية عبر الكارنيه الخاص بالنقابة أو كارنيه وزارة السياحة لمزاولة المهنة وحين ثبوت مخالفته يتم توجيه اتهام مباشر لانتحال صفة بالإضافة إلى العقاب الذى ينص عليه القانون.
اهاب النحلة جميع الزائرين من أبناء مصر أو الدول العربية فى حال الشكوى من المرشد السياحى التوجه إلى النقابة وتقديم مذكرة تفصيلية لفحوى المشكلة حتى نتخذ اللازم تجاه المخطئ، لافتا إلى أن الفترة القادمة بعد عودة السياحة ستجرى النقابة عدة دورات مكثفة لرفع الوعى للمرشدين مؤكدا انه سيتابع خطوة بخطوة الاخطاء التى قد يقع فيها البعض خاصة بمدينة أسوان وسيتم مخاطبة النقابة الفرعية لتوضيح المشكلات التى يتعرض لها السائحون.
اوضح النحلة أن ما يقرب من 90% من العاملين بالقطاع السياحى تركوا المهنة وما يعمل بها اليوم غير مؤهلين بالشكل الكافى مما قد يثير مشكلات القطاع السياحى فى غنى عنها، مطالبا بتشديد الرقابة من جميع أجهزة الدولة على القطاع السياحى خاصة بالمناطق الاثرية والتفتيش على المطاعم والمراكب والفنادق والاهتمام بتطويره، مؤكدا أن الحل فى المجلس الاعلى للسياحة لاعادة هيكلة وتغلب القطاع على معوقاته.
وقد شهد عام 2015 حتى فبراير الماضى، الكثير من الأزمات فى مجال الآثار، بداية من تشويه تمثال “توت عنخ آمون” الذى تعرض لكسر بطريقة خاطئة ما أسفر عن تشويهه، حتى بيع القطع الحجرية حول الأهرامات الثلاثة.
فيما حمل عدد من خبراء الآثار فى تصريحات لـ”السوق العربية” النظام مسئولية إهدار آثار مصر، مؤكدين أن هناك حقائب دبلوماسية متورطة فى بيع وتهريب الآثار المصرية.
ونستعرضها لكم أبرز الأزمات:
تشويه “توت عنخ آمون”
مع مطلع 2015، نشرت وكالة “أسو شيتد برس” الأمريكية، تقريرًا آثار جدلاً كبيرًا حول سقوط ذقن قناع “توت عنخ آمون” الشهير، بعدما تعرض ذقنه للكسر، ثم اللصق باستخدام مادة صمغية تُسمى “إيبوكسى”، مشيرة إلى أن فريق الخبراء الذى يضم مصريين وألمانيين عملوا على وضع خطة لإزالة هذه المادة وإعادة لصق الذقن بطريقة تحددها لجنة علمية مشتركة.
وقال كريستيان إيكمان، رئيس فريق العمل حينها، إن ترميم “توت عنخ آمون”، قد يستغرق شهرًا أو شهرين، مشيرًا إلى أن هذا يعتمد على الوقت المُستغرق لإزالة الذقن، التى سيتم إعادة تركيبها بعد بحث كيف تم تركيبها من قبل.
وفى 16 ديسمبر الجارى، أعلن وزير الآثار وفريق الترميم “المصرى- الألمانى”، عودة قناع “توت عنخ آمون” لمكانه فى المتحف المصرى، بعد إعادة ترميمه ولصق ذقنه بـ“الشمع العسل”.
بيع “سخم كا”
آثار بيع متحف فى مدينة “نورثهامبتون”، البريطانية تمثال “سخم كا” الفرعونى، لأميرة قطرية، حالة من الغضب بين مُحبى الآثار المصرية.
وقد أعلن أسامة كرار، المنسق العام للجبهة الشعبية للدفاع عن الآثار، إنه تم رصد التمثال فى صالة للمزادات وتم إبلاغ وزارة الآثار والخارجية لكى يتم وقف بيعه.
وأوضح كرار، حينها أن التمثال لا يخضع لقانون إعادة الآثار، مشيرًا إلى أن هناك أميرة قطرية دفعت ما يقارب ١٤ مليون جنيه استرلينى لشرائه.
ومن جانبها أوضحت وزارة الآثار، فى بيان لها، أنها تدخلت لمنع بيعه العام الماضى بعدما رصدت خلال متابعتها لمواقع الاتجار الإلكترونى، قيام متحف “نورث هامبتون”، بالمملكة المتحدة بعرض تمثال (سخم كا) للبيع، والترويج له من خلال صالة “كريستى للمزادات”.
وأطلقت الوزارة حينها حملة لجمع التبرعات لإعادة التمثال من الخارج، ولكنها لم تصل إلى أى نتائج فى هذا الصدد.
معرض للآثار المصرية فى تل أبيب
أعلنت صحيفة “معاريف” العبرية، عن معرض بعنوان “فرعون فى كنعان–القصة التى لم تُحكَ”، فى العاصمة تل أبيب؛ لبيان العلاقة بين مصر الفرعونية ومدينة كنعان فى الألفية الثانية قبل الميلاد.
وأوضحت الصحيفة، أن القطع ستعرض بجانب مجموعة من أندر القطع الأثرية المعروفة باسم “مجموعة بلفر”، مشيرة إلى أن التشكيلة مكونة من 350 قطعة، بينها أدوات مكياج وأوانٍ زجاجية استخدمها الملوك والكهنة فى مصر الفرعونية، قبل أكثر من 3500 عام، ووصفتها بأنها القطع الأكثر إثارة وجمالاً ويمكن من خلالها تعلّم أساليب تصنيع وتصميم الزجاج على مدى آلاف السنين.
وفى 30 أغسطس، رد على أحمد، رئيس قطاع الآثار المستردة بوزارة الآثار، إنه سيتم دراسة القطع المعروضة فى المتحف لبيان كيفية خروج هذه الآثار بطريقة شرعية أو غير شرعية.
وأضاف أن “الإدارة قامت بمخاطبة الخارجية لإرسال صور للقطع التى سيتم عرضها بمعرض “أرض كنعان” المقام بمتحف “إسرائيل فى القدس”، فى الفترة من فبراير وحتى سبتمبر 2016، وتابع: “تعذر علينا الحصول على تلك الصور من خلال وسائل النشر على الإنترنت، وطالبنا ذلك لدرستها وفحصها، وللتعرف على ما إذا كانت خرجت من مصر بطرق غير مشروعة أم لا”.
وتابع: “إنه فى حال وصول صور ووثائق ملكية ووصف جيد للقطع المزمع عرضها فى متحف إسرائيل، سنطالب باسترجاعها على الفور عن طريق وزارة الخارجية المصرية وسفارتنا فى إسرائيل”، ولكن كل هذه التصريحات يبدو أنها دون جدوى.
بيع حجارة الأهرامات
ألقت قوات الأمن القبض على 3 أشخاص لبيعهم دون وجه شرع أحجاراً من أهرام الجيزة القديمة لصحفيين عرضوا هذه الواقعة فى شريط فيديو، فحقق انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعى.
المتهمون الثلاثة جميعهم من سُوّاس الخيل فى منطقة الأهرامات، وقد تم القبض عليهم وهم يبيعون حجرين من حجارة الأهرامات التى عمرها 4500 عام، وتعد الوحيدة من عجائب الدنيا السبع القديمة فى العالم التى بقيت سليمة على مر العصور حتى الآن. وتلقى الرجال الثلاثة مبلغاً يقدر بحوالى 25 دولاراً لقاء الحجرين اللذين باعوهما للصحفيين.
وخلال عملية التفاوض لشراء الحجرين الموثقة بالفيديو، قال واحد من المتهمين الثلاثة إنه قام من قبل ببيع أحجار من الهرم لسائحين أجانب، بلغ سعر أحدها 500 يورو. وقالت الوزارة إن حوادث مماثلة وقعت مع سائحين روس ومن جنسيات أخرى مختلفة، حين حاول بعض الاشخاص بيع قطع من حجارة أهرامات الجيزة لهم.
وكانت الصحف تثير القضية من وقت لآخر، لكن لم يكن هناك أى دليل على وقوع مثل هذه الأمور، لذا تم إجراء العملية الصحافية الأخيرة، لمساعدة المسئولين على اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد المتهمين.
أكد الدكتور محمد إبراهيم بكر، رئيس هيئة الآثار الأسبق، أن تزايد سرقات الآثار دليل على الاهمال الكبير الذى نعيش فيه، على رأسها ترك الدولة المصرى الآثار المدفونة دون التنقيب عنها وإخراجها للنور.
وأشار بكر فى تصريح لـ”السوق العربية” إلى أنه لا تزال أعداد هائلة من المقابر التى تحوى آلاف القطع الأثرية لم تستخرج بعد، وأن مصر تحوى فى باطنها أنهارا من الآثار، وأن أبرز المدن فى مصر هى الفيوم والمنيا وأسوان.
وقال بكر: إن مافيا الاثار العالمية المشكلة من جميع دول العالم، تنتهز حالة الانفلات الأمنى التى تعيشها البلاد وانشغال السلطات بالعمليات الإرهابية، وتستغل أصحاب النفوس الضعيفة من أبناء الوطن وتشترى منهم الآثار المدفونة بمنازلهم وأراضيهم، مضيفًا أن الآثار المصرية مطمع للجميع حيث إننا نمتلك آثارا لا أحد يستطيع توقع أعدادها مدفونة تحت الأرض حتى الآن.
وأوضح رئيس هيئة الآثار الأسبق أن بعض أصحاب المنازل المحيطة بالمناطق الاثرية ينقبون بطريقة خاطئة عن الآثار، ما يعرض حياتهم وحياة منازل جيرانهم للخطر، حيث إنهم يقومون بالحفر بطرق عشوائية لا علاقة لها بالأساليب العلمية للحفر والتنقيب، متابعًا “هناك أيضا ما يسمون أنفسهم بالمشايخ الذين يساعدون فى تحضير الجن للمساعدة فى التنقيب وإبعاد خادم المقبرة، وكل ذلك نصب ووهم ينجرف وراء الآلاف ممن أصابوا بهستيريا التنقيب بحثا عن الثروات والأموال الطائلة التى تدفعها العصابات”.
وأضاف بكر “هناك من يقع تحت طائلة النصب ممن يدعون أنهم خبراء، ويذهب إليه البائع ويعرض عليه ومن ثم يسرقها منه بواسطة عدد من البلطجية وأحيانا يتعرض لعملية تصفية جسدية حتى لا يرشد عنهم مستقبلا”. وحول بعثات التنقيب الأجنبية عن الآثار المصرية، أكد بكر أن تلك العمليات تتم وفق اتفاقية تنص على حصول البعثة الأجنبية على نصف كمية الآثار المستخرجة، على أن يختار الجانب المصرى النصف الذى يحتفظ به ويترك للبعثة الأجنبية النصف الآخر، مشيرًا إلى أن القانون المصرى الجديد الخاص بالآثار يمنع خروج أو إهداء أى قطعة آثار خارج مصر، وكلها يتم إدراجها فى المخازن والمتاحف المصرية.
وطالبت الدكتورة جليلة القاضى، أستاذ التخطيط العمرانى، ومؤسس حملة “أنقذوا القاهرة التاريخية”، هيئة الآثار بانقاذ ما تبقى من المعمار التاريخى لمصر وترميمها ووضع حراسات عليها لمنع سرقة محتوياتها أو إتلافها.
وأكدت جليلة فى تصريح لـ”السوق العربية” كل يوم يمر على مصر بصدد خسارة تراث لا يعوض ويتم تهريبه للخارج، ويذهب العالم لرؤية الآثار الفرنسية فى مصر وألمانيا.
وقالت الدكتورة مونيكا حنا، أستاذ الآثار بالجامعة الأمريكية، إن بعد ثورة يناير زادت وتيرة عمليات سرقات وتهريب الآثار، كما أن نظام مبارك كان يرعى سرقة الآثار، وخير دليل على ذلك هو بيع زهرة الخشخاش من موقع أثرى مؤمن بكل الحراسات.
وأضافت مونيكا فى تصريح لـ”السوق العربية” هناك قرى كاملة فى دهشور وسقارة تخرج للتنقيب عن الآثار تحت مسمع ومرأى الجميع، ما يعد كارثة بكل المقاييس.
هناك ثقافة سيئة لدى المصريين، أن الآثار ملك للحكومة وليس للشعب، ما يفقد ملكية التاريخ للشعب، الأمر الذى أدى إلى تحول الآثار المصرية لدى مواطنيها بأنها سلعة فقط.
وحملت مونيكا وزارة الآثار مسئولية تدنى مستوى عرض الآثار المصرية، التى تحتاج إلى مرافق وخدمات متنوعة، بينما مصر الآن تعانى من البلطجة وخير دليل على ذلك هو انتشار البلطجية.
وطالبت بتكوين جهاز شرطى متخصص فى جرائم تهريب الآثار، ويحصلون على دورات عملية عن الآثار وتاريخها لتمييز الآثار الأصلية من المستنسخة”.
ولفتت أستاذ الآثار المصرية، إلى أن هناك بعض الحقائب الدبلوماسية الخاصة بسفراء الدول الأجنبية متورطة فى تهريب الآثار.
موضوع السياحة
الدكتور عبدالرحيم ريحان، خبير الآثار، يرى أن منطقة الأهرامات أهم المواقع الأثرية فى مصر، موضحًا أن واقعة سرقة أحجار يجب أن يواجه بوضع علاج سريع، عبر التعجيل بتطوير المنطقة، عن طريق إنشاء سور بشكل جمالى يحدد المنطقة الأثرية، مزود بأبراج مراقبة من جميع الجهات، وتحديد مسارات للزيارة لا يخرج عنها الزائر، ومراقبة مسارات الزيارة.
“ريحان”، طالب بتزويد المنطقة بخدمات من برجولات خشبية للجلوس وحمامات وبازارات؛ لبيع النماذج والكتيبات الأثرية، ومنع الاقتراب من الأهرامات أو تسلقها، وتحديد سن لدخول الهرم، ومنع دخول الأطفال وكبار السن، وتوفير عدد من المركبات السياحية للوصول للأهرامات من بوابة الزيارة، وتخصيص سيارة رحلات “طفطف” لعمل رحلة سياحية متكاملة لكل المنطقة، بما فيها متحف مراكب الشمس، وبسعر خاص.
أكد “ريحان” ضرورة تزويد المنطقة بصور فوتوغرافية عن الحفائر الأثرية التى تمت بمنطقة الأهرامات ونماذج للتحف الفنية التى تم اكتشافها وتاريخ البعثات الأثرية المصرية والأجنبية التى عملت بالمنطقة أى بمثابة قصة ما وراء هذا الأثر المكتشف وإتاحة المجال لمواقع خاصة لطلبة الفنون الجميلة والتطبيقية لعمل رسومات ونماذج للآثار بالمنطقة وتزويد المنطقة بمراكز للصناعات التراثية مثل صناعة البردى والفخار والخزف وتجديد البنية التحتية بالمنطقة والمؤثرة على الهضبة نفسها من شبكة مياه وصرف صحى.
أوضح أنه لابد من تحويل المنطقة لمتحف مكشوف للآثار يدرس فيه الطلبة أسس التربية المتحفية بتوفير لوحات إلكترونية تشرح معالم الموقع وتوافر أجهزة كمبيوتر فى عدة أماكن مزودة بمعلومات وخرائط عن المنطقة يديرها الأطفال بأنفسهم وإنشاء قاعة عرض سينمائى تعرض أفلام عن الحضارة المصرية القديمة وأفلام وثائقية بالبعد الثالث وتطوير بانوراما المنطقة المحيطة بالهرم وهى نزلة السمان لتتحول لقرية سياحية بمواصفات عالمية فلا يمكن أن تكون أشهر منطقة أثرية فى العالم محاطة بعشوائيات.
أشار إلى ضرورة الاستفادة من كل الآثار والمقابر المكتشفة بالمنطقة وفتحها للزيارة، وتمهيد الطرق المؤدية إليها ليسير بها الطفطف وتغيير شكل المبانى بالمنطقة لتكون على الطراز المصرى القديم وليست مبانى عادية سواء مبانى تفتيش الآثار أو مبانى الشرطة وغيرها وجذب الأطفال للمنطقة بعمل أنشطة خاصة بهم تشمل مراسم وأشغال يدوية ودراجات سياحية تحدد لها مسارات بعيدة عن الآثار وخط الزيارة المحدد.
لفت إلى أنه يجب إنشاء مكتبة كبرى وقاعة مؤتمرات مجهزة ومعالجة جذرية لمشاكل “الخرتية” وهم وسطاء السياحة بالإجبار الذين يقفون أما محلات العاديات ويسيئون معاملة السياح باعتراض طريقهم فى الأسواق التجارية وإهانتهم بألفاظ غير لائقة لإجبارهم على الشراء وبأسعار تفوق الأسعار المعروفة لتحقيق مكاسب شخصية لهم وذلك لضمان تأمين الزائر ومعاملته معاملة طيبة.
فى سياق متصل، أشار إلى أن هوس سرقات الآثار وتهريبها خارج مصر، الذى زادت حدته بعد 2011، ناجم عن انتشار الحفر خلسة بغرض تحقيق أرباح طائلة بتهريبها ثم بيعها فى المزادات العالمية، مطالبا بتعديل قانون حماية الآثار؛ لتغليظ عقوبة تهريب وسرقة الآثار والتنقيب خارج نطاق وزارة الآثار لتصل للإعدام خصوصا مع انتشار التنقيب العشوائى بشكل جنونى بغرض الحيازة ثم البيع.
وبالحديث عن إهمال الآثار، ننتقل إلى تحذيرات الباحث الأثرى السكندرى، هشام أبو الحمد، الباحث الأثرى، من كارثة محققة ستصيب قلعة قايتباى الشهيرة، مؤكدًا أن الصخرة التى بنيت عليها تلك القلعة، زادت بها الشقوق وبدأت فى التآكل بشكل ملحوظ.
أبو الحمد أكد أن الظاهرة تم رصدها منذ عامين، ولا جديد فى التعامل معها، مكملا: “فقط لجان أتت من جهاز الأبحاث الجيوفيزيقية، لكن النتيجة الفعلية لم نرها، فلم تجر أعمال ترميم للقلعة سواء فى مبانيها الرئيسية أو من أسفلها فى مياه البحر”.
أضاف أبو الحمد: “دائمًا ما نتحرك عقب حدوث الكوارث، ولا نضع حلولا جذرية للأزمات التى تواجهنا، ولا تهتم الحكومات أو الوزارات المعنية بالأمر سوى باللجان الإدارية فحسب”، لافتا إلى أن الفجوات حول مبنى القلعة تتزايد، ما يهدد بارتفاع نسبة المياه أسفلها، مشيرًا إلى أن وزارة الآثار ستتسبب فى شطب القلعة من سجل الآثار الإسلامية من قبل منظمة يونسكو الدولية؛ بسبب آرائها الغريبة تجاه أزمة غرق الصخرة الأم التى تحمل القلعة بالكامل.
أردف: “من بين تلك الآراء الغريبة، تصريح أحد مسئولى الآثار عن إمكانية إلقاء كتل أسمنتية مكان الآثار الغارقة المتواجدة فى محيط الميناء الشرقى، الذى يبعد عن القلعة بأمتار قليلة، لكن هذا الحل سيكون سببا فى شطب القلعة من سجلات الآثار العالمية”.
استطرد أبو الحمد أن وزارة الآثار تركت سور الإسكندرية الرابط بين القلعة ومنطقة السلسلة بالأزاريطة عرضة للهدم والبناء، ولم تهتم بالقضية التراثية وأهملت الأثر حتى تم تشويهه بالكامل، مؤكدًا أن وقوع زلزال فى منطقة البحر المتوسط من الممكن أن يؤثر على القلعة، وتصبح فى خبر كان، مشيرًا إلى أن آثار المحافظة بشكل عام ليست فى حسبان المسئولين، فعلى سبيل المثال، منطقة الحوض الجاف الأثرية، فى شاطئ الدخيلة غرب الإسكندرية، أصبحت مرتعًا للبلطجية، وحالها لا يسر أحدًا، فحتى المدافع الأثرية هناك، التى تعود إلى حقبة مؤسس الدولة المصرية الحديثة، محمد على، ملقاة على الشاطئ، وكأنها بلا أى قيمة.
تابع: “وبالمثل حال مساجد الإسكندرية الأثرية أيضا لا يختلف عن مصير ما سبق، فتحتاج إلى أعمال صيانة عاجلة، أما الآثار الرومانية واليونانية فحدث ولا حرج، فلم تعد هناك إستراتيجية ولا خطة حقيقية لتطوير معالمنا الحضارية، التى تعد أرثًا واجب الحفاظ عليه من قبل كل المصريين”.