السوق العربية المشتركة | تدهور الزراعة فى مصر نتيجة البعد عن زراعة المحاصيل الاستراتيجية

السوق العربية المشتركة

الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 01:22
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

تدهور الزراعة فى مصر نتيجة البعد عن زراعة المحاصيل الاستراتيجية

  د. رضا إسماعيل يتحدث لمحرر السوق العربية
د. رضا إسماعيل يتحدث لمحرر السوق العربية

الدكتور رضا إسماعيل وزير الزراعة الأسبق لـ«السوق العربية»:

الدكتور رضا إسماعيل وزير الزراعة الأسبق من القيادات التى خرجت من الوزارة بشرف وكان لها دور كبير فى عمل توازن كبير فى المشروعات الزراعية التى تقوم بها الوزارة على الرغم من المرحلة الحرجة التى كان وزيرا للزراعة فيها، ففى عز ثورة 25 يناير كان د.رضا إسماعيل وزيرا للزراعة وكان محافظا على الرقعة الزراعية ومطالب الفلاح المصرى الذى أصبح مقهورا ومظلوما الآن نظرا لارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات وكل الجمعيات الزراعية أصبحت الآن مرتعا للفساد ولأصحاب المصالح والذين عانى الوزير منهم، فقد أكد الدكتور رضا إسماعيل وزير الزراعة الأسبق أن تدهور الزراعة فى مصر ناتج عن جهل الدولة بزراعة المحاصيل الاستراتيجية وفقدان مصر مكانتها الزراعية فى إفريقيا والعالم، وقال إن الحل يكمن فى عودة القطن طويل التيلة وعودة الثروة الحيوانية والزراعية والسمكية بقوة لأن هذه الثروات هى قدرة مصر على الحياة والتواصل، لقد أصبحنا شعب مستهلك ووصل الاستهلاك لمرحلة مخيفة وغير مقبولة، وقال الفلاح المصرى لم يعد فصيحا وأصبح مظلوما وتعبانا ومريضا لأن كل الاحتياجات والمتطلبات التى يريدها لزراعة الأرض أصبحت غير موجودة ولو وجدت ستكون بأسعار عالية، وهذا الأمر جعل الزراعة فى مصر تتجه نحو الخطر ونحو التدهور، فالمحاصيل الاستراتيجية الزراعية لابد من الانفراد بزراعتها لأن نجاح مصر فى دورتها الزراعية سيؤدى بلا شك إلى تقدم الصناعة المصرية التى ترتبط ارتباطا وثيقا بالزراعة فى مصر، وكل الجهود يجب أن تتجه نحو تقدم الزراعة.



■ تخلف مصر عن زراعة القطن طويل التيلة أفقد الصناعة المصرية ريادتها


■ الدكتور رضا إسماعيل وزير الزراعة الأسبق ما حال الزراعة فى مصر الآن؟

- الزراعة فى مصر فقدت أهميتها وأصبحنا شعبا مستهلكا ولسنا منتجين، فلقد تدهورت الزراعة فى مصر بسبب البعد عن زراعة المحاصيل الاستراتيجية المصرية مثل القطن طويل التيلة والقمح والأرز والفواكه والموقف خطير لأننا أصبحنا نستورد كل شىء من الصين وروسيا وتركيا.

■ هل تجد أن الصناعة المصرية أصبحت فى خبر كان؟

- هذه حقيقة مرعبة لأن الصناعة فى مصر تعتمد على الزراعة، فمثلا زراعة القطن طويل التيلة كان ينتج عنه تشغيل 400 مصنع وشركة من شركات الدولة وتقوم صناعة الغزل والنسيج على القطن فعدم زراعة القطن طويل التيلة وتحديث المكن فى المصانع المصرية أدى ذلك إلى فقدان الصناعة المصرية لأهميتها وتدهورها، فلم تعد هناك صناعة للغزل والنسيج ولا صناعة للأقطان والأصواف التى كانت تتميز بها مصر، فلا بد من النهوض بهذه الصناعة.

■ أسعار السماد فى تزايد وتباع فى السوق السوداء وأصبحت الآن غير موجودة.. فماذا تقول؟

- من يشجع السوق السوداء بعض القيادات المستفيدة فى الوزارة وبعض رجال الأعمال الجشعين فالفلاح المصرى لم يعد فصيحا بل أصبح مظلوما فهو يقاوم السوق السوداء وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات فحياة الفلاح أصبحت تعيسة لأنه لا يجد الدعم ولا يجد المؤازرة وكل الجهود تنصب لأصحاب المصالح من رجال الأعمال وبعض رجال الأسمدة ممن يأخذون توكيلات خارجية وهذه هى المشكلة الكبيرة.

■ هل قلة حصة مصر من مياه النيل سيكون لها تأثير كبير على زراعة الأرز فى مصر؟

- للأسف نعم لأن إثيوبيا تسير فى بناء السد مثل الصاروخ وهذا السد طبيعى سوف يقلل من حصة مصر من مياه النيل وبالتالى الدولة سوف تعمل على منع زراعة الأرز، وهذا ما حدث فى العامين الماضيين وهذا ما سبب أزمة الأرز حاليا، فالمصريون كانور مشهورين بزراعة الأرز والآن هم يزرعون التفاح والنباتات التى تصدر للخارج وهذا هو سبب المشكلة، فالدولة يجب أن تساعد الفلاح ولابد من زراعة مساحات كثيرة من الأرز لأنه من المحاصيل الاستراتيجية والتى يعتمد عليها الشعب المصرى فى طعامه اليومى.

■ معنى كلامك هذا أن مصر أصبحت متخلفة فى زراعة الأرز؟

- هذه حقيقة لا تدع مجالا للشك، فمصر أصبحت تعانى من عدم زراعة الأرز ليس فقط لكن الفول والعدس أيضا أصبح يأتى من الخارج وفيه استيراد وهذه مشكلة كبيرة فبعد نجاح مصر سابقا فى زراعة هذه المحاصيل أصبح الموقف الآن أكثر صعوبة خاصة أن الشعب المصرى بأكمله يعتمد على الفول والعدس والأرز، وبالتالى اعتماد مصر على الاستيراد من الخارج لهذه الزراعات أصبح اقتصاد مصر مهددا بالتبعية للدول التى نستورد منها هذه المحاصيل وتلك مشكلة كبيرة.

■ الشباب يائس من وزير الزراعة الحالى بسبب عدم التعيينات فى الوزارة؟

- هذا الملف شائك لأن الوزارة ليس لديها الإمكانات المادية لتعيين شباب جدد، بالإضافة إلى عدم وجود درجات مالية للتعيين فى وظائف جديدة، بالإضافة للتكدس فى العديد من الهيئات التابعة للوزارة كل هذه العوامل تؤدى إلى عرقلة التعيين، فإننى حزين لأن هناك ما يقرب من 2 مليون شاب يعملون بعقود قديمة منذ عشر سنوات وأكثر فى الوزارة ولم يتم تثبيتهم حتى الآن وتلك مصيبة كبيرة، لأننى لم أستطع أن أفعل شيئا، فكنت مقيدا بالروتين واللوائح التى تحد من التعيينات أو تثبيت الشباب الذين يعملون بالوزارة.

■ لا توجد عدالة فى توزريع الأراضى على الشباب الخريجين، فكيف ترى ذلك؟

- هذا شىء مؤلم لأن توزيع الأراض للأسف يتم من خلال أصحاب المصالح والمحاسيب وليس الشباب الغلبان الذى يريد أن يعيش وتلك كارثة، فالدولة ملتزمة باستصلاح الأراضى وتوزيعها بالعدل على شباب الخريجين ولابد من إنصاف الشباب لأنه طاقة مصر ومستقبلها المشرق، فالرئيس السيسى حاسس بالناس الغلابة وهو حامٍ لهم وإن شاء الله أنا لدى القناعة الكبيرة بأن مصر سوف تقف على أقدامها من جديد وسوف تكون فى مقدمة الدول بإذن الله.

■ البعض قال إنك كنت تقف عثرة لكل من يريد أن يقوم بعمل مشروعات تنموية زراعية؟

- هذا لم يحدث أبدا فكانت الشائعات المغرضة تحاول أن تنال منى وهذه الشائعات كان هدفها تلطيخ سمعتى لكنهم فشلوا فى ذلك لأننى كنت أراعى الله فى كل عمل أقوم به وهو للأسف لم يعجب أناسا كثيرين فكل الجهود كانت منصبة نحو تلبية كل احتياجات الناس الغلابة، فأصحاب المصالح والحرامية وقطاع الأرزاق وراء خروجى من الوزارة وعلى كل حال الوزير الحالى عصام فايد يعمل بكل حب ووطنية واحترام للناس الغلابة.

■ فى عهدك تم إيداع أناس كثيرين للنيابة، فلماذا؟

- أنا لست نادما على إيداع الحرامية السجون فى عهدى لأنهم كانوا خارجين على القانون وتم محاسبتهم.

■ ما رؤيتك للخروج من المشاكل الزراعية التى تواجه مصر؟

- أنا أجد أن مصر لابد أن تهتم بزراعة المحاصيل المهمة مثل القمح والأرز وقصب السكر والفول والعدس والبصل وهذه المحاصيل هى ثروة مصر وكذلك الاهتمام بالدورة الزراعية وحل مشاكل المزارع واتساع الرقعة الزراعية والثقة فى الشباب وإعطائهم الأراضى الممهدة للزراعة كل هذه الأمور سوف تساعد على عودة الزراعة لمصر بكل نجاح ولا بد من العودة القوية لزراعة الشتلات المصرية للخضروات المصرية فهى تزيد من صحة المواطن المصرى، فأصحاب المصالح والحرامية أصيبوا الزراعة بخيبة أمل وأصبحت الزراعة المصرية مهددة بالانقراض وهذا هم كبير.

■ لماذا أنت غاضب؟

- أنا غاضب على الأوضاع الخاطئة التى وصلت إليها الزراعة فى مصر، خاصة بعدما كنا رائدين فى كل الزراعات، فأنت دولة زراعية ولا تستطيع أن تصدر لأن زراعتك غير متقدمة وهناك شروط قوية لمواجهة الأسواق العالمية، فإذا أردنا الريادة للزراعة فى مصر علينا مواجهة الحرامية وأصحاب المصالح والذين أضاعوا الحياة الزراعية فى مصر، وكل الجهود التى يقوم بها الرئيس السيسى لابد أن يقابلها عمل للشعب لأنه بتعاون الشعب والعمل والجهد يمكن لمصر أن تعود بقوة للسوق الدولية على جميع الأصعدة وهذا يمكن أن يحدث المهم العقيدة القوية للعمل والإنجاز وتحقيق كل الخطط والأعمال التى تريدها الدولة لإسعاد الشعب المصرى والوصول به لبر الأمان.

■ ما رأيك فى قضية وزير الزراعة السابق الذى تم القيض عليه نتيجة فساده؟

- هذا الرجل يستحق ما هو فيه لكن لماذا لا يتم القبض على الباقين من الفاسدين فى الوزارة؟ ولماذا تم القبض عليه بضجة إعلامية كبيرة؟ فكان يمكن القبض عليه بمكتبه أو استدعاؤه من قبل النيابة، فهناك علامات استفهام كثيرة تحتاج من الجميع إجابة عنها.

■ هل هذا الوزير فاسد أم لا؟

- هو فاسد لكن هل تم القبض على كل الفاسدين، فلا بد من العدالة فى المحاكمات ويجب أن يأخذ كل واحد حقه، وأنا عندى قناعة كبيرة فى شفافية وعدالة القضاء المصرى.

■ أخيرا كيف تجد مستقبل الاستثمار فى مجال الزراعة فى مصر؟

- أجد أن الدولة لا بد أن تقوم بعمل حوافز للاستثمار ولا بد أن تتحرك عجلة الاستثمار للأمام ويجب تسهيل كل الاستثمارات وقوانين الاستثمار لجذب المستثمرين، وأخيرا أنا عايز الناس تشتغل وكفاية «فيس بوك» وكفاية هجوما على الفضائيات لأن ذلك هز صورة مصر أمام العالم، فالإعلام المصرى فى حاجة لوقفة كبيرة والمشكلة هنا تكمن فى إعطاء كل واحد حقه، فالقنوات الفضائية أفرزت لنا جيلا جديدا من الشتامين الكل يشتم بعضه البعض وهذه كارثة كبيرة، فبالعمل والتفانى سوف ننهض بهذا الشعب لكن يجب أن تكون هناك أخلاق والناس لازم تعمل لأن السيسى لن يفعل كل شىء بمفرده.

■ هل المشاكل التى تواجه المجتمع الزراعى تؤثر على الاستثمار فى هذا المجال؟

- بالطبع وصورة مصر الخارجية أصبحت صعبة فى مجالات الزراعة ولابد من الاهتمام بالرقعة الزراعية واستيراد التقاوى والأسمدة المناسبة لعودة التربة المصرية للزراعة بكامل قوتها.

■ تعيش مصر فوضى كبيرة نتيجة ارتفاع أسعار السلع الرئيسية من لحوم وطماطم وفواكه.. فما السبب فى ذلك؟

- إذا تم الاهتمام بجودة استيراد السلالات القوية من اللحوم من السودان وإثيوبيا سوف يساهم ذلك فى انخفاض أسعار اللحوم، وكذلك يجب أن تعتمد مصر على ريادتها فى زراعة الموالح والفواكه التى تميزنا بها، فالاهتمام بتلك الزراعات سوف يعمل ذلك على ارتفاع قدرة مصر الزراعية ويسهم فى العودة بنا للريادة التى كنا متربعين عليها منذ آلاف السنين، فمصر دولة زراعية وتعتمد على جهد المصرى القديم وهو صانع حضارة ورخاء.