البرلمان وتخصيص 10% من الدخل القومى للصحة والتعليم والبحث العلمى
تنفيذاً للمادة (124) من الدستور تستعد الحكومة لعرض مشروع الموازنة العامة للعام المالى 2017/2016 على مجلس النواب للتصويت عليها، وذلك قبل (90) يوماً من بدء السنة المالية، حيث لا تكون نافذة إلا بذلك.
وتنص المواد (18)، (19)، (21)، (23) من الدستور على تخصيص نسب للإنفاق من الدخل القومى، على الصحة (3%) وعلى التعليم (4%) وعلى التعليم العالى (2%) وعلى البحث العلمى (1%).
وقد أخطأ المشرع الدستورى حينما حدد تلك النسب من الناتج القومى- وهو أمر لا مثيل له فى الدول الأخرى لأن الناتج القومى الإجمالى يشمل كل شىء فى الدخل القومى حتى دخل القطاع الخاص والشركات الأجنبية والمصريين العاملين بالخارج، وكل ذلك يصعب حسابه، وهو ليس ملكاً للدولة ولذا لا يدخل ضمن الموازنة العامة، وكان الأوفق أن تحتسب تلك النسب من مصروفات الموازنة العامة، وسبق أن طرح ذلك أحد فقهاء القانون الدستورى وقت أن كان خبيراً بلجنة إعداد الدستور، إلا أن أعضاء اللجنة رفضوا ذلك.
واحتساب النسب بعاليه من الناتج القومى قد تصل إلى (400) مليار جنيه فى السنة لأن الناتج القومى الاجمالى السنوى حوالى (4) تريليونات جنيه، ولذا فإن الحكومة فى مأزق حالياً بسبب تلك النصوص الدستورية. ووفق أقـل التقديرات فإن الانفاق على القطاعات المذكورة فى الموازنة القادمة 2017/2016 يقترب من (240) مليار جنيه أى بزيادة قدرها (60) مليار جنيه عن موازنة العام الحالى، وهو ما لا تستطيع الحكومة توفيره خاصـة أن الموازنة القادمة بهـا عجـز حـوالى 5,11% (والحكومة تستهدف عجزاً مقداره 9% فقط).
ولا سبيل أمام الحكومة لتدبير الزيادة البالغة (60) مليار جنيه إلا بزيادة الضرائب والجمارك وهو أمر يثقل كاهل الشعب، ولكل شعب طاقة ضريبية لا يجوز للحكومة أن تتجاوزها، والبديل عن ذلك قيام الحكومة بالاقتراض من الداخل ما يزيد مقدار الدين العام الداخلى الذى وصل إلى حد كبير وهو ما يتعارض مع خطة الاصلاح الاقتصادى، وقد تلجأ الحكومة كبديل عن ذلك إلى جهات دولية مانحـة وقروض طويلـة الأجل. وكافـة الحلول السابقـة تثقـل كاهـل الشعب بأعباء لا يقوى على حملها.
والنصوص الدستورية الخاصة بالنسب المذكورة أعلاه يستحيل تنفيذها دون أضرار بالغة بالشعب، والقاعدة الشرعية والقانونية أنه "لا تكليف بمستحيل"، ولذا لا مسئولية قانونية على عدم الالتزام بالنسب المشار إليها فهى مجرد التزام سياسى وليس قانونيا، لأن القانون الذى يصدر بالموازنة العامة قانون سياسى، ولا يوجد من الناحية القانونية جزاء يترتب على اقرار البرلمان تلك النسب محسوبة على بنود الانفاق فى الموازنة العامة وليس على أساس الناتج القومى، ولكى يلزم البرلمان الحكومة بتلك النسب محسوبة على الناتج القومى عليه أن يدبر الموارد اللازمة، وهو أمر مستحيل فى ظـل الظروف الاقتصادية الحالية الصعبة.