النواب وقانون الخدمة المدنية
لقد أعرب المصريون بقلوبهم أن مصر دائما فى قلوب المصريين وأن الجميع يعمل من أجل كرامة مصر، فالرئيس يعمل من أجل مصر والحكومة والمصريون كل يعمل من أجل مصر وكرامة مصر وستظل مصر مهد التاريخ وأرض السلام والمحبة
قبل تشكيل وانعقاد مجلس النواب أصدرت الدولة مرسوماً بقانون للخدمة المدنية بهدف الاصلاح الادارى فى دواليب أجهزة الدولة، وبعد إصدار القانون اعترضت عليه بعض الجهات الحكومية ممن ينطبق عليهم للعديد من الأسباب، وما أن بدأ مجلس النواب انعقاد جلساته حتى شكل لجاناً للنظر فى القرارات بقوانين التى صدرت فى غيبته لإقرارها أو رفضها، ونظرت لجنة القوى العاملة القانون واعترضت عليه، وفى جلسة عامة للمجلس رفض القانون بأغلبية أكثر من الثلثين، والغريب فى هذا الرفض أنه اثبت أنه لا وجود لأغليبة ائتلاف دعم الدولة الذى سبق أن اعلن أن لديه اغلبية قوامها (380) نائباً بالبرلمان، وسبق أن رسب الائتلاف فى اختبار انتخاب وكيل للمجلس، فجاء الوكيل الثانى نائباً عن حزب الوفد على خلاف رغبة الائتلاف. والفترة المحددة فى الدستور بخمسة عشر يوماً لمراجعة مجلس النواب للقرارات بقوانين التى صدرت فى غيبته ليقرها أو يرفضها لم تكن كافية، ولم يأخذ المشروع الدستورى فى اعتباره عند تحديد هذه المدة الظروف الخاصة التى مرت بها مصر بعد ثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يوينو التى كانت تشير إلى طول مدة الفترة الانتقالية مما كان يتعين معه النص فى الدستور على مـدة اطول لمراجعة مجلس النواب القرارات بقوانين التى صـدرت فى غيبته، وواضح أن نواب المجلس فى رفضهم للقانون انما انحازوا إلى اعتراضات العاملين بالجهات الحكومية على بعض ما ورد فى القانون. وواضح أيضاً أن الحكومة لم تكن موفقة فى إعداد أو صياغة بعض نصوص القانون، كما لم تكن موقفـة فى عـرض أسباب نصوصه بشكل كافٍ. وقد استوقفنى تعليق السيد/ الرئيس فى عيد الشرطة على رفض البرلمان للقانون، لأن الهدف منه كان الاصلاح الادارى وللنهوض بأجهزة الدولة فى ظل وجود 5,6 مليون موظف فى حين أنه يكفى مليون موظف وأن الدولة تحملتهم جميعاً رعاية لاسـرهم، ولأن أيا من موظفى الدولة لن يضار مادياً بالقانون. ودعونا نقرر حقيقة أن يجب أن نجرى اصلاح ادارى شامل لأجهزة الدولة للمساعدة فى عمليات التنمية، وأن أجهزة الدولة متخمة بالموظفين بما يزيد كثيراً على حاجتها، وأن انتاجية معظمهم قليلة للغاية، وأن الدولة توسعت دون مقتضى فى التعيينات بالجهات الحكومية، وقد استمعت مؤخراً لحديث لوزير التخطيط الأسبق الدكتور/ أحمد درويش الذى قال إنه إبان فترة ولايته من عام 2004م حتى بدايـة عام 2011م لم يزد عـدد موظفى الدولة على 2,6 مليون موظف، ولم نلاحظ خلال تلك الفترة اصلاحاً إدارياً حقيقياً. وبصرف النظر عن كل ما تقدم، فإن لاعادة تنظيم العلامة بين الدولة والعاملين بأجهزتها وبين العمال وأرباب الأعمال قواعد استقرت عليها القوانين وأحكام القضاء والفقه القانونى لا ينبغى تجاهلها، وهذه القواعد هى:
1- فى مجال الحقوق المكتسبة: لا ينبغى عند اعادة تنظيم العلاقة المساس بالحقوق المكتسبة للموظفين والعمال والتى استقرت فترة مـن الزمن، وكثيراً ما حدد القضاء تلك الفترة فيما يتعلــق بالحقوق المكتسبة بثلاث سنوات متصلة. ومعنى هذا أنه لا يجوز للقانون الذى يعيد تنظيم العلاقة أن يمس الحقوق المادية التى حصل عليها الموظف أو العامل، باعتبار أن ذلك يتعلق بدخله ومعيشة أسرته.
2- أما فى مجال اعادة تنظيم العلاقة المستقبلية فى غير الحقوق المادية، فللدولة أن تنظم تلك العلاقة بما يكفل ربط الأجر بالانتاجية ويزيد منها ويحسن مستـوى الخدمـة المقدم للمواطنين، ولكن ينبغى أن يراعى هذا التنظيم الآتى:
أ- مراعاة قواعد العـدالة المتعلقة بالتعيين والترقيات والعلاوات بين كافة الموظفين.
ب- وضع ضمانات فى حالات التقييم والجزاءات، ومنح الموظفين حق ابداء الرأى فيها أو الاعتراض عليها بما يتيح فحصها والفصل فيها بشكل عادل يراعى مصلحة الدولة فى الاصلاح وانصاف الموظف المظلوم.
جـ- من الاهمية بمكان حسن صياغة نصوص القانون، فالنص الذى يحددالزيادة السنوية بنسبة 5% سنوياً لم يكن موفقاً، لذا كان محل اعتراض بمقولة أن تلك الزيادة لا تتناسب مع التضخم، ولو كان النص على أن تكون تلك الزيادة بما لا يقل عن 5% سنوياً لما كان الاعتراض ولأعطى للدولة حق رفع الزيادة لمن يستحق.
نأمل أن تراعى الدولة ويراعى النواب القواعد المتقدمة فى مناقشة مشروع قانون الخدمة المدنية.