الموت يباع على الرصيف
الأغذية الفاسدة تسبب الأمراض الفتاكة كالسرطان والكبد والقانون يعجز عن المواجهة
تلوث الغذاء كارثة تهدد صحة المصريين بقائمة طويلة من الأمراض فى مقدمتها السرطان والسبب أن أغذية بلا حصر لا تلتزم بمعايير الصناعة والجودة الصحية والبيئية ووصلت الفوضى لدرجة أن أرصفة الشوارع تحولت إلى مطاعم مفتوحة لبائعى المأكولات والمشروبات الذين استغلوها لنشر بضائعهم مجهولة المصدر التى تحظى بقبول شديد لدى المواطنين لرخص أسعارها والسؤال هنا أين الأجهزة الرقابية ولماذا لم تتصد لهذه الأغذية الملوثة، والغريب أن الأغذية الفاسدة تغطى كل مناطق مصر رغم وجود ترسانة قوانين خاصة بحماية المستهلك، رصدت السوق العربية صورا كارثية لأغذية الشوارع فى المناطق العشوائية منها منشية ناصر ووسط البلد منطقة العتبة التى تكتظ بكميات هائلة من أغذية بئر السلم المعلبة فى الأسواق بتقليد ماركات عالمية وأشهر هذه المنتجات البسكويت وألبان الأطفال وأكياس الأعشاب الطبية والحلويات وزيوت الطعام والرنجة.
يقول حسن فرغلى بائع أغذية بمنشية ناصر مفيش مشكلة أبدا من الأغذية الفاسدة فمعدة المصريين قادرة على هضم الزلط ورخص أسعار البضائع والمنتجات الغذائية المصرية سبب الإقبال الشديد عليها ويضيف نتعامل مع مصانع تبيع سلعا جيدة مقارنة بالأخرى وزبونها محدود الدخل، أما عن المنتجات المهربة فهى تتواجد فى الأسواق الشعبية بكثرة ولن تعود بأى أضرار.
يتحدث إلينا محمود خلف من الموسكى: هناك أصناف كثيرة غير مكتوب عليها تاريخ الصلاحية وكانت أشبه ما تكون ببقايا الأطعمة من الحلويات ومصنعات اللحوم وعبوات الجبنة المثلثة واللانشون والبلوبيف والبسكويت والشوكولاتة وجميعها معروضة للبيع للمواطنين، ويؤكد محمود وهذا الأمر لا يختلف كثيرا فى الأسواق الشعبية عن الأحياء الراقية بشارع التحرير التابع لحى الدقى الذى ينتشر فيه أيضا بائعو المأكولات المصرية والسورية فهؤلاء يقومون بإعدادها وبيعها فى الشوارع فى غياب تام عن أعين الجهات الرقابية.
ويقول عطية عزوز من منطقة الدراسة هناك توجد مقاهٍ متنقلة وهى بتكون عبارة عن منضدة خشبية وبجانبها موقد كيروسين ومجموعة من الأكواب ويبيعون الشاى للمارة وتلاصقهم عربات المأكولات والمشروبات على الأرصفة ويؤكد أيضا أن هناك سوق خلف مستشفى الحسين الجامعى من بائعى المشروبات والسلع الغذائية والاستهلاكية المختلفة الذين يتخذون هذه الأماكن سوقا خاصا لهم.
ويقول رائف محب الغريب إن الجميع يعلم أن أغذية الشوارع خطر على الصحة ومع ذلك يقبلون على شرائها ومع العلم يتم تصنيعها وبيعها عن طريق مصانع غير مرخصة وفى غياب الرقابة وهى تهدد بمخاطر صحية جسيمة على المواطنين لكونها لا تعترف بمعايير الصناعة، ناهيك عن الإخلال بشروط السلامة والصحة المهنية.
ونفت أمل أحمد موظفة مقيمة فى باب الشعرية جودة أغذية الشوارع وطالبت الدولة بتوفير مثل هذه المنتجات بأسعار معقولة ومصنعة تحت إشرافها لحماية صحتنا وصحة أولادنا بدلا من أن تتركنا لهذه المنتجات المغشوشة التى تضرنا، كما يستلزم توعية الغلابة بخطورة أغذية بير السلم على الصحة لسوء تصنيعها لأن ثقافة معظمهم تميل إلى تفضيل السلعة الأرخص سعرا حتى لو كانت جودة أقل وهذا خطأ كبيرا.
والتقطت طرف الحديث هدى فاروق ربة منزل: المستهلك يقلق من نوعية المنتجات الغذائية الموجودة على الرصيف وأنها تفضل شراء ربع كيلو من اللحم من عند الجزار شهريا أفضل من شراء نوعية لحوم يتشكك فى مصدرها وذلك لتجنب التعرض لأى مخاطر صحية محتملة وكذلك السلع الاستهلاكية من أماكن معلوم مصدرها.
بينما قال أحمد محمد عامل فى إحدى الشركات الخاصة: إن رخص أسعار السلع الغذائية كان سببا أساسيا لإقبال الكثيرين على شرائها، فأنا أعول ثلاثة أطفال ولا أقدر على الشراء من المحلات الكبرى التى بها منتجات غذائية مرتفعة السعر والحارس هو الله.
ويقول سيد فاروق على المعاش أن أغذية الشوارع مصدر خطر على صحة الإنسان يجب وضع ضوابط ملزمة لسلامة الغذاء ويكون له معايير محددة وأيضا المعامل المعتمدة يجب أن تعمل بكفاءة وفاعلية للفحوصات اللازمة لتنفيذ عمليات الرقابة الرسمية والمهام الرقابية ويقول سعيد محمد لابد من اتخاذ جميع الإجراءات الرقابية والإشرافية والقانونية الكفيلة بمنع انتشار الأغذية الفاسدة والمهربة بكل أشكالها الأمر الذى يتطلب التنسيق مع المعامل المركزية لوزارتى الزراعة والصحة للقيام بالتفتيش على أماكن تداول الغذاء وعلى العاملين فيها.
ويقول مصطفى بركات محام: يجب منح شهادات الصلاحية اللازمة لإنتاج الغذاء محليا ومنع الغش والتدليس فيه وإجراء التفتيش اللازم على الجهات ذات الصلة لضمان إتمام عمليات تداول الأغذية وفقا للأسس الصحية السليمة بما يكفل الحفاظ على صحة المواطنين من الأمراض الخطيرة التى تنتقل من خلال أغذية بئر السلم التى حولت مصر لسوق مفتوح لنفايات العالم وبقايا الأطعمة منتهية الصلاحية من الدرجة العاشرة ويقوم بهذه الجريمة منعدمو الضمائر من الراغبين فى تحقيق الأرباح الطائلة على حساب صحة أبناء وطنهم وذلك فى ظل غياب الرقابة.
ويؤكد الدكتور ماجد كرم أستاذ طب الأطفال جامعة عين شمس أن الكثير من المستهلكين يسقطون ضحايا لغش مقصود فى الأغذية، وقال إن الشائع جدا غش اللحوم ومنتجات الألبان والعسل والتوابل وزيوت الطعام وكذلك استخدام الألوان لإخفاء عيوب الأغذية تحايلا على المستهلكين رغم أن المخاطر الراجعة إلى الغش عادة ما تثير غضبا وثورة لدى الجمهور لأنها تضعف ثقتهم فى سلامة الأغذية، ويضيف إذا كان 60 إلى 70٪ من دخل عائلات الطبقة المتوسطة ينفق على الأغذية فإن هذا النوع من الغش يؤثر تأثيرا كبيرا على ميزانية الأسرة وعلى الحالة الصحية بين أفرادها، وأكد الدكتور ماجد ضرورة حماية صحة المستهلك وضمان اتباع الممارسات المنصفة لسلامة الأغذية على أن تكون هناك هيئة جديدة بموازنة مستقلة مسئولة عن الأغذية وتتبع رئيس مجلس الوزراء وتضم خبراء متخصصين فى جودة الأغذية ويمكنها وضع توصيات رئيسية بإجراءات العمل المناسب كجهاز مشترك بين وزارات الصناعة والزراعة والصحة وجهات التغذية وكل ما يتصل بصحة المستهلكين وسلامتهم.
الدكتور محسن سلامة أستاذ الكبد والجهاز الهضمى والأمراض المعدية بمعهد الكبد بالمنوفية يرى أن توفير المواصفات الغذائية الجيدة شرط أولى لحماية صحة المستهلكين من مصادر الخطر المنقولة بأغذية الشوارع لأن بائع الشارع لا يكون له موقع ثابت للبيع، وبالتالى لا يخضع للرقابة أو التفتيش ويقدم خدمة غذائية قليلة التكاليف، مشيرا إلى أن النمو السكانى يثير تحديات كبيرة أمام الأمن الغذائى فى مصر وبالتالى زيادة التوسع فى الممارسات المحسنة للزراعة وتربية الماشية واستخدام تدابير تلافى خسائر الزراعة والرقابة عليها وزيادة كفاءة عمليات تجهيز الأغذية وتوزيعها ودخول تقنيات جديدة فيها كلها عوامل يجب استغلالها لزيادة توافر الأغذية لمواجهة الاحتياجات المتزايدة لدى السكان.
ويؤكد الدكتور محسن ضرورة توحيد جهات الرقابة والتأكد من متطلبات سلامة الغذاء ووضع الضوابط الملزمة بها وفقا لمعايير السلامة الصحية بما يكفل الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين من خلال الرقابة والإشراف على الغذاء فى جميع مراحل تداوله محليا ومنع تداول غير الصالح منه للاستهلاك الآدمى، مشيرا إلى أنه غالبا ما تنجم الأمراض المنقولة عن طريق أغذية الشوارع من الإعداد والتجهيز غير المناسب والتخزين الردىء بالإضافة إلى اختلاطها بالمواد السامة.