أشرف كاره
الغرق فى الإهمال
لاشك أن الكارثة التى تعرضت لها الإسكندرية بالأسبوع الماضى من غرق للعديد من شوارعها وطرقها الرئيسية والفرعية إثر انهمار المطر الشديد عليها لمدة لا تزيد على ساعتين.. إنما يؤكد مدى (غرق) المسئولين فى الإهمال المستشرى منذ سنين، وبالرغم من أن كبش الفداء الأول حتى كتابة هذه السطور كان محافظها "هانى المسيرى" إلا أننى لا أعفى المسئولين عن هذه (الفضيحة) بشكل مباشر من مسئوليتهم العظمى بهذه الكارثة، التى أودت بحياة عدد من الأفراد بخلاف الخسائر المادية الكبيرة التى تعرض لها الكثيرون بممتلكاتهم الشخصية، بخلاف خسائر الممتلكات العامة وتعطل العديد من المصالح والهيئات وحتى المدارس عن القيام بأعمالها الطبيعية!
وبغض النظر عن أسباب هذه الكارثة من الناحية الفنية التى تمس بالوعات وأنظمة الصرف، وكذا عدم تصميم الطرق بطريقة هندسية سليمة، علاوة على كابلات الكهرباء التى تسببت فى صعق ووفاة المتضررين المباشرين.. إلا أن القضية هنا إنما تعطى لنا مؤشراً وناقوساً للخطر لا يمتد فقط لمحافظة الإسكندرية التى طالما وصفت بـ"عروس المتوسط"، بل يمتد لإمكانية حدوثه بأى محافظة من محافظات الجمهورية (وبنفس المستوى) إذا شهدت هى الأخرى قدر ما انهمر من أمطار على الإسكندرية.. بدءاً بالعاصمة (الجميلة)– القاهرة- وانتهاءٍ بمحافظات الصحراء الغربية التى نادراً ما ينزل بها المطر أو سيناء الشمالية والجنوبية التى طالما عانت من سيول الأمطار الجارفة.
والغريب أن الشخصيات الهادمة قد طالت رئيس الجمهورية– بشكل غير مباشر– فى تحمله قدرا من المسؤلية بحكم رئاسته فى النهاية لكل هؤلاء الوزراء والمحافظين المقصرين.. وهو الأمر الذى أراه تجنياً بكافة الصور.. من منطلق مسئولية كل فرد عن عمله ومسئولياته بشكل مباشر، ليأتى دور رؤسائه فى توجيهه ومراقبته وليس فى تحمل أخطائه، الأمر الذى ذكرنى بذكرى (غريبة) بعد قيام ثورة يناير 2011 بعدة أيام، عندما نشط الشبان والشابات فى نظافة الطرق وطلاء الأرصفة! فى الوقت الذى قبع فيه المسئولون عن هذه المهمة ببيوتهم وتسلموا رواتبهم بنهاية الشهر، وليصفق الجميع لهؤلاء الشبان الشابات على ما فعلوا دون أن يدركوا أنها كانت جريمة بحق المسئولين فى هذا البلد.
إن مقولة الحجاج بن يوسف الثقفى الشهيرة والقائلة "إنى أرى رؤوساً قد أينعت، وقد حان قطافها" إنما أرى أنها الأجدر لتكون شعارنا بالمرحلة المقبلة ولا للتدليل ولا للتغاضى عن الأخطاء.. فإما أن نصر على التقدم، وإما أن نبقى رافعى شعار (الغرق فى الإهمال).. والتحية الكبرى للرجل الذى انتهز تلك الفرصة ليتكسب (واحد جنيه) من كل شخص يقوم بإيصاله من رصيف محطة مصر بالإسكندرية للرصيف المقابل.. وعجبى!