السوق العربية المشتركة | فشل المجموعة الاقتصادية

السوق العربية المشتركة

الخميس 14 أغسطس 2025 - 05:51
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
فشل المجموعة الاقتصادية

فشل المجموعة الاقتصادية

 



الإدارة الاقتصادية فى أى مجال ليست عملية معقدة، ولا تحتاج إلى خبرات خارقة، وإن كانت تستلزم خبرات أكبر فى السياسات الاقتصادية والتنموية، فالقائم على شئون البيت الاقتصادية- رجلاً كان أو امرأة- قادر على إدارة شئون المنزل الاقتصادية ولا يحتاج ذلك لخبرات كبيرة فى هذه الإدارة حيث تحكمه معادلة الإنفاق فى حدود الدخل المتاح.

ودعونا نقرر حقيقة أن المجموعات الاقتصادية والوزراء الاقتصاديين الذين تولى الشأن الاقتصادى المصرى منذ عام 52م حتى الآن فشلوا فى تخطيط وإدارة السياسة الاقتصادية، والدليل على ذلك أنه يوم أن قامت ثورة 52م كان سعر الجنيه الذهب 5,97 قرش مصرى، وسعره الآن تجاوز الألفى جنيه، ولم تكن مصر مدينة لأحد بل كانت دائنة لبريطانيا العظمى بمبلغ نصف مليون جنيه استرلينى، والآن مصر مدينة بدين خارجى قارب الخمسين مليار دولار، وقارب الدين الداخلى (2) تريليون جنيه، وبدأت دول أخرى عمليات التنمية فى بداية الخمسينيات أو قبلها بقليل وأصبحت الآن نموراً اقتصادية، وما زالت مصر على حالها بل أسوأ من قبل عام 52م.

ونفس الفشل لازم وزراء المجموعة الاقتصادية منذ قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير حتى الآن، والدليل على ذلك أن الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى يوم قيام تلك الثورة كان (37) مليار دولار بالإضافة إلى وديعة التسعة

مليارات المستثمرة بأمر من الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والآن انخفض هذا الاحتياطى إلى حوالى عشرة ملايين دولار (بعد خصم قيمة وديعتى دول الخليج البالغتين ستة ملايين دولار)، وهو مبلغ ضئيل بات يهدد وبقوة الاقتصادى المصرى، فضلاً على الاتفاع الجنونى فى الاسعار وتدنى مستوى الخدمات رغم ما بذلته الدولة خلال العام ونصف العام الماضى لوقف جنون الأسعار ورفع مستوى الخدمات التى تقدم للمواطنين.

وإدارة السياسة الاقتصادية فيما يتعلق بالنقد الأجنبى تعتمد على مقدار الواردات من النقد الأجنبى، وحجم ما يتم إنفاقه منها على عمليات الاستيراد، وبقدر زيادة موارد الدولة من النقد الأجنبى والحد من الاستيراد غير اللازم ليكون فى حدود موارد النقد الأجنبى أو أقل منها، تكون إدارة منظومة النقد الأجنبى سليمة ويزداد الاحتياطى النقدى والعكس بالعكس. وتلك القاعدة بديهية تعلمها وتعمل بها أى سيدة بيت مصرية فى إدارتها لشئون بيتها وفقاً للمثل القائل (مد رجليك على قد لحافك).

ولا يستطيع رئيس الدولة وحده أن يتفرغ إلى إدارة ملف النقد الأجنبى، ولذا يعهد به إلى وزراء المجموعة الاقتصادية الذى أثبت الواقع فشلهم الذريع فى إدارة هذا الملف، ولذا فإن الأمل معقود على مجلس النواب- وهو يملك صلاحيات تشريعية ورقابية عديدة- لتوجيه إدارة ملف النقد الأجنبى وفقاً للقاعدة السابق بيانها.

ويقتض حسن إدارة ملف النقد الأجنبى زيادة الموارد والحد من الانفاق غير الضرورى.

وزيادة موارد النقد الأجنبى تقتضى عملاً تشريعياً وإجراءات تنفيذية سريعة وعمليات رقابية جادة لزيادة تلك الموارد.

والمعروف أن موارد الدولة من النقد الأجنبة تتمثل بصورة أساسية فى الصادرات والسياحة وتحويلات المصريين بالخارج وعمليات الاستثمار الخارجى بالنقد الأجنبى وإيرادات قناة السويس. وكل مورد من هذه الموارد يحتاج لدراسة علمية وافية وتطبيق صارم لزيادة تلك الموارد وإزالة كافة معوقات تلك الزيادة. فمثلاً لا يكفى أن نقول أننا ندعم الاستثمار ونيسره ونتخذ القليل والبطىء من الإجراءات غير الكافية لجذب الاستثمار والتنمية. فالمستثمر الأجنبى فى حاجة إلى سهولة الدخول فى الاستثمار وسهولة تحويل أرباحه للخارج وسهولة الخروج منه، وكل ذلك غير متحقق حتى الآن. ومنظومة الاستثمار فى حاجة إلى ثورة إذا أردنا استثماراً أجنبياً، وزيادة حجم الصادرات هو الذى يزيد من قيمة الجنيه المصرى.

أما الإنفاق من النقد الأجنبى فهو الآخر فى حاجة إلى قرارات شجاعة ليقتصر فقط على مدخلات الصناعة والأدوية والقمح للغذاء ولفترة محدودة (بالنسبة للقمح)، ووقف غيرها من أوجه الاستيراد السفهى الذى لسنا فى حاجة له فى المرحلة الاقتصادية الحالية الحرجة، فلسنا فى حاجة إلى ألعاب الأطفال وأكل القطط والكلاب والفاكهة والملابس والسيارات والأجبان وغيرها من السلع الاستفزازية، وعلى الدولة إما أن تمنع نهائياً ذلك الاستيراد السفهى أو تقيده بشدة بفرض جمارك باهظة عليه للحد منه، وليتحمل القادر تلك التكلفة.

وسبق أن ناقشت فى عام 81م الدكتور وتانابى الاستاذ بجامعة طوكيو باليابان وأحد خبراء التنمية الاقتصادية الذى عاش تجربة تنمية اليابان، وقال لى أنهم حتى فى عمليات التنمية كانوا لا يسرفون فى إنفاق النقد الأجنبى لشراء معدات الإنتاج من الخارج، فمثلاً لو كانت اليابان فى حاجة لشراء معدة لرصف طريق معين وكان سعرها نصف مليون دولار وتحتاج لعشرين عاملا ويستغرق زمن رصف هذا الطريق ثلاثة أشهر، فإنهم يبحثون عن معدة أخرى أقل كفاءة وأقل سعراً (مثلاً مائة ألف دولار) وتحتاج خمسمائة عامل ويستغرق رصيف هذا الطريق عشرة أشهر، ويستوردون تلك الآلة ويوفرون النقد الأجنبى ويشغلون عمالة أكثر، وعامل الوقت لا يهم فى هذه الحالة.

ويجب أن يتم الاستيراد من خلال قناة واحدة هى البنوك تحت اشراف البنك المركزى، وألا يسمح بالاستيراد الحر خارج نطاق البنوك يسبب آثاره السيئة التى ساهمت فى الوصول إلى ما نحن فيه من قلة النقد الأجنبى.