السوق العربية المشتركة | الاحتياطى النقدى والسفه الاستيرادى

السوق العربية المشتركة

الخميس 14 أغسطس 2025 - 05:41
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
الاحتياطى النقدى والسفه الاستيرادى

الاحتياطى النقدى والسفه الاستيرادى

تحتفظ مصر بقـدر من النقد الأجنبى فى بنكها المركزى لتمويل استيرادها من الخارج، وقد جرى العمل على أن يكون الاحتياطى النقدى بالدولار الأمريكى باعتباره عملة البلد الأكبر مساهمة فى التجارة الدولية. وبقدر حكمة السياسة الاقتصادية فى الدولة يكون الاحتياطى النقدى كافياً للوفاء باحتياجات الدولة الاستيرادية.



ويوم أن قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير كان الاحتياطى النقدى 45 مليار دولار أمريكى عبارة عن 36 مليار احتياطى لدى البنك المركزى وتسعة مليارات الوديعة المستثمرة، وهذه الوديعة أصلها أربعة مليارات كانت دعماً عربياً لمصر تم ارساله إلى الرئيس الأسبق/ حسنى مبارك الذى أمر باستثماره وعدم السحب منه إلا بإذن شخصى منه، وأعتقد أنه لم يتم السحب منه الا مبلغين لجهتين مصريتين وبتعليمات من الرئيس الأسبق.

والآن، انخفض الاحتياطى النقدى إلى 18 مليار دولار أمريكى، وأعتقد أن منه وديعة عربية قدرها ستة مليارات. وهذا الاحتياطى لا يكفى لتمويل الاستيراد بوضعه الحالى لمدة ثلاثة أشهر. والسبب فى هذا الانخفاض وفقاً للقاعدة السابق بيانها انخفاض إيرادات الدولة من النقد الأجنبى وفتح باب الاستيراد على مصراعيه، ولم يتم ضبطه فى السنوات الماضية إلا جزئياً بوقف وزير التجارة والصناعة السابق استيراد فوانيس رمضان.

والقاعدة أنه بقدر زيادة إيرادات الدولة من النقد الأجنبى وترشيد الاستيراد يزداد الاحتياطى النقدى والعكس بالعكس.

ورغم أن الحكومة السابقة وخلال سنة واحدة وأشهر قليلة تمكنت فى شبه معجزة من السيطرة على العديد من المشكلات مثل الكهرباء والخبز والبوتاجاز والبنزين والسولار، إلا أنها والوزارات السابقة عليها بدءاً من وزارة عصام شرف فشلت فى زيادة موارد الدولة من النقد الأجنبى وفشلت بدرجة امتياز فى الحد من الاستيراد الذى بلغ درجة السفه.

فمازلنا نستورد الملابس وأكل القطط والكلاب وغيرها من الأطعمة والمستلزمات غير الضرورية لعامة الشعب، وعلى نحو لا يتناسب مع الوضع الاقتصادى الذى تمر به البلاد.

صحيح أن الدولة قامت خلال أقل من العام والنصف الماضى بالسحب من الاحتياطى النقدى لتمويل بعض ما قامت به إلا أن ذلك السحب كان ضئيلاً بالمقارنة بالسحب الذى تم للاستيراد السفهى، ولا يجب أن نستمع إلى جاهل يقول أن تمويل ذلك الاستيراد كان بعيداً عن الاحتياطى النقدى وأنه كان تمويلاً حراً من السوق بمعرفة المستوردين، لأن مثل ذلك التمويل هو فى الحقيقة استهلاك لجزء من مجموع النقد الأجنبى المتوافر بالبلاد.

وإلى أن تتمكن الدولة من زيادة مواردها من النقد الأجنبى بتنمية وتشجيع مصادر تلك الإيرادات كالسياحة والتصدير، فلا سبيل أمام الدولة سوى منع الاستيراد السفهى الذى نشهده حالياً.

ولا يـكفى توجيه رئيس الجمهورية بترشيد الاستيراد بـل يجب وقف السفهى منـه نهائياً. وهذا الوقف لن يضير غالبية الشعب وسيعترض عليه فئه قليلة من الشعب هى الأكثر غناً. والحكومة الحالية أمام امتحان صعب إما أن تكون قادرة على إدارة أزمة النقد الأجنبى والوصول بالاحتياطى النقدى إلى بر الأمان أو اللجوء إلى التكفف من الدول العربية الشقيقة وهو أسلوب مــل منه الشعب المصرى وبدأ الاشقاء العرب النفور منه، أو اللجوء للاقتراض بالعملة الاجنبية وهو طريق له عواقبه الوخيمة خاصة أن مديونية الدولة بالعملة الاجنبية تقترب من خمسين مليار دولار فى ظل عدم وجود موارد كافية لسداد أقساط تلك المديونية وفوائدها.

ولذا أدعو الحكومة الحالية لاتخاذ قرار جرىء بوقف السفة الاستيرادى تماماً لمدة ثــلاث سنوات يتم قبل انتهائها اعــادة تقييم وضــع الاحتياطى النقدى واتخاذ قــرار إما باستمرار الوقف أو بالسماح باستيراد السلع الأكثر أهمية، ولا يستثى مـن الاستيراد سوى مستلزمات الانتاج وتكون الأولوية فيها للمنتجات التى يتم تصديرها وتوفر للدولة إيرادات بالعملة الاجنبية، بالاضافة إلى الأدوية، والقدر اللازم لسد الفجوة من القمح والمنتجات البترولية. وغير ذلك يتم وقف استيراده نهائياً اكتفاء بالمنتجات المصرية مثل السيارات والملابس والأطعمة والمشروبات ولعب الأطفال وغيرها.

وبالنسبة للقمح يجب وضع خطة قابلة للتنفيذ لتوفير الاكتفاء الذاتى منه خلال ثلاث سنوات وبعد ذلك يتم وقف استيراده نهائياً حتى لو عجزت الدولة عن توفير الاكتفاء الذاتى وعلى المواطن أن يستهلك ما نزرعه من القمح ويعوض النقص بالأرز.

وعلى البنك المركزى أن يعدل من سياسته النقدية الفاشلة لتوفر البنوك النقد الأجنبى اللازم للاستيراد بعد وقف السفهى منه وألا يسمح بالاستيراد عن طريق تدبير النقد الأجنبى من السوق السوداء، ويتعين رفع كافة القيود على السحب والايداع والتحويلات دعماً للثقة فى البنوك وفى الاقتصاد الوطنى، ويجب أن يقتصر دور البنك المركزى (والبنوك بعامة) فى هذا الصدد على مراقبة عمليات غسل الأموال والابلاغ عنها.

هل ستنجح الحكومة الحالية فى وقف هذا السفه الاستيرادى؟

أعتقد أن معظم من حول الرئيس من الاقتصاديين ليسوا على درجة عالية من الوعى الوطنى الاقتصادى والجرأة الكافية لاقتراح الحلول الحاسمة لمشكلات الاقتصاد المصرى، وأخشى أن يساهموا فى إعاقة جهود الرئيس للتنمية الاقتصادية وهو ما ستكون له عواقب وخيمة لا قدر الله.