السوق العربية المشتركة | كيف تختار نائبك فى البرلمان؟

السوق العربية المشتركة

الخميس 14 أغسطس 2025 - 05:23
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
كيف تختار نائبك فى البرلمان؟

كيف تختار نائبك فى البرلمان؟

الديمقراطية ببساطة هى أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، وأمام زيادة إعداد الشعوب جرى العمل على أن ينتخب الشعب من يقوم بإدارة شئونه سواء فى صورة الرئيس المنتخب أو فى صورة البيعة للملك أو للأمير، وتطور الأمر أيضا إلى اختيار الشعب لنواب عنه يشكلون البرلمان ليقوم بعملية التشريع أى اقتراح مشروعات القوانين ليتولى القائم على الحكم إصدارها، كما يقوم البرلمان بالرقابة على أعمال الحكومة، ويملك البرلمان سحب الثقة من الحكومة، وطرح الثقة على رئيس الدولة فى استفتاء شعبى، ومن هنا تبرز أهمية البرلمان. وللبرلمان المصرى فى الدستور خصوصية فريدة هى تغول بعض سلطاته على سلطات رئيس الجمهورية، وإن بدا هذا ميزة إلا أنه قد يكون نكبة إذا أعاق البرلمان أداء رئيس الجمهورية.



ولأن البرلمان لـه هذه الأهمية تعين أن يحسن المواطن اختيار من ينتخبه لينوب عنه فى البرلمان.

وبسبب الظروف السياسية التى مرت بها مصر منذ قيام ثورة عام 52م حتى قيام ثورة 25 يناير ترسخ لدى غالبية المواطنين أن مهمة نائب الشعب فى البرلمان هو قضاء مصالح المواطنين فى دائرته سواء بإزالة معوقات مصالحهم أو تقديم خدمات لهم كالتعيين فى الوظائف الحكومية وغيرها من الخدمات. وقد اعتاد من يعتزمون الترشح للبرلمان التقرب إلى المواطنين بحضور الأفراح وسرادقات العزاء، وبعضهم اعتاد على تلك العلاقات الاجتماعية طيلة حياته، ومعظمهم يلجأ لذلك كلما قرب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية تملقاً للمواطنين.

ويجب أن يدرك المواطن بداية أن نائب الشعب فى البرلمان هو نائب عن كل الشعب وليس نائباً عن الشعب فى دائرته التى انتخبته، وأن مهمة ذلك النائب هى إعداد القوانين واقتراح إصدارها والرقابة على أعمال الحكومة، وأنه ليس من عمله قضاء مصالح المواطنين لدى الوزراء ولدى الجهات الحكومية، وإن كان ذلك لا يحول دون تدخل النائب لحل مشكلة تخص مجموعة من المواطنين أو قرية أو مدينة معينة باعتبار أن ذلك من قبيل المصالح العامة وليست الخاصة.

ولمساعدة النائب فى إداء مهامه يتعين على المواطن أن يحسن اختيار النائب الذى يمكنه أداء دورة التشريعى والرقابى من خلال البرلمان وما يستلزمه ذلك من مستوى معين من التعليم والثقافة والقدرة على إداء العمل البرلمانى. وقديماً قيل أنه لو ترشح عوكل أفندى عبدالصمد الجاهل وكان منافسة أستاذ قانون دستورى ونجح الأول وسقط الثانى فإن تلك الديمقراطية، وهذه مقولة فاسدة، فكيف يكون نائب الشعب فى البرلمان لا يفهم وظيفته وغير قادر على أداء مهامه، وقد أصابنا الكثير من جراء تلك المقولة، ففى مجلس الأمة الذى كان يرأسه الراحل أنور السادات وقف نائب من الغربية وطلب من رئيس المجلس تطوير الجامعة وتزويدها بمكتبة تضم العديد من الكتب، فبدا السرور على وجه الراحل السادات، وحينما استطرد النائب قائلاً أنه يريد تطوير ميضة الجامعة (دورة المياه الخاصة بالمسجد)، فقال الراحل السادات أن النائب المحترم يقصد المسجد وليس الجامعة. هل مثل هذا النائب يستطيع أن يؤدى دورة التشريعى والرقابى؟

وعلى المواطن أن يبحث ويختار النائب حســن السيرة والسلوك منذ نشأته حتى ترشحه للبرلمان وذلك أمــر ممكن لأن النائب ابن دائــرة المواطن ويعلــم كـل شىء عنــه وعن أهـله، وكثيراً ما اختار المواطنون سيئ السمعة والسيرة والسلوك مثـــل نواب المخدرات والتهريب والجنس والنواب الذى استغلوا عملهم البرلمانى فى تحقيق مكاسب ومنافع وأرباح شخصية لهم ولأقاربهم ومعارفهم، وما كانوا يستطيعون تحقيق ذلك لولا عضويتهم فى البرلمان.

وأقولها صراحة أن النائب الذى دخل البرلمان ليحقق مصالحة واهم، لأنه لا يعرف الرئيس السيسى، فأى نائب فى البرلمان لن يستطيع التربح من عمله.

ويا سيدى المواطن لا تختار النائب الكـذاب، لأن من يكذب عليك سيكذب على مصر، فكثيراً ما وجدنا نواباً يوعدون المواطنين ولا يوفون بوعودهم وهم يعلمون من البداية أنهم لن يستطيعوا الوفاء بما يعدون به، وهناك نواب شرفاء أعرفهم لا يعدون بما لا يستطيعون تقديمه.

والنائب الراشى موجود (وهم كثيرون) وشاهدناهم إبان انتخابات الإسلام السياسى السابقة وهم يقدمون اللحوم والزيت والسكر وغيره لأهالينا الفقراء طمعاً فى أصواتهم.

وقد شاهدت بأم عينى قبل الاستفتاء على الدستور الحالى قيام رجال الإسلام السياسى بإيهام الفقراء بأنهم سيوفرون لهم معاشات شهرية من الدولة وقدموا لهم رشاوى اللحوم والزيت والسكر وغيرها، وعندما اقترب موعد الاستفتاء طلبوا من الغلابة بطاقاتهم الشخصية لعمل المعاشات المزعومة قاصدين حرمانهم من الإدلاء بأصواتهم فى الاستفتاء على الدستور لأن بطاقاتهم ستكون مع رجال الإسلام السياسى، وحدث أن وزع أحد هؤلاء لحمة وزيت وسكر على المواطن الفلاح الواعى أحمد حسن، وقبل الاستفتاء طلبوا بطاقته الشخصية ففطن الفلاح البسيط إلى اللعبة ورفض ورد إلى رجل الإسلام السياسى ما قدمه له ولقنه درساً فى الوطنية، وبعض المرشحين من النواب يقدم مشروعاً لقرية أو دائـرة معينة كبناء مسجد أو مدرسة قبـل الانتخابات البرلمانية طـمعاً فى شــراء أصوات المواطنين، وتلك آفة المال السياسى لرجال الأعمال، وأين كان ذلك النائب منذ سنوات لم يقدم خلالها شيئاً لأبناء دائرته.

والآفة الكبرى فى انتخابات البرلمان هم رجال الإسلام السياسى من أعضاء الإخوان الإرهابية ومن يسير على نهجهم كرجال حزب النور، وهم أسوأ من الإخوان وقد ترشح تحت عباءتهم الكثير من الإخوان، فرجال حزب النور والسلفيين بعامة فئة عنصرية متعصبة ويكفى ما سمعته منهم عن تكليف أخوتنا المسحيين بدفع الجزية وما قاله صراحة رئيس حزب النور على شاشة التليفزيون عن عدم جواز تهنئة المسيحيين بعيدهم، وكفى ما شاهدناه من عدم تحية العلم المصرى وعدم الوقوف عند أداء السلام الوطنى. فعلى المواطن– وقد أدرك السنة السوداء التى حكم فيها الإخوان– أن يبتعد تماماً عن اختيار نوب الإسلام السياسى أياً كانت مسمياتهم أو انتماءاًنهم السياسية أو الدينية.

وسيزاحم فى الانتخابات رجال الحزب الوطنى السابقين، ويجب أن نقر حقيقة أنه يوجد من رجال الحزب الوطنى نواب سابقون وغير نواب شرفاء ويعلمون على خدمة الوطن والمواطنين، ولذا لا لوم على المواطن إن هو اختار أحد رجال الحزب الوطنى السابقين طالما توافرت فيه شروط الأمانة والشرف والنزاهة والشفافية والحرص على مصلحة الوطن، ومثل هؤلاء المرشحين هم من سينافسون ويهزمون رجال الإسلام السياسى فى الانتخابات القادمة خاصة أن السواد الأعظم من الأحزاب السياسية غير قادر على هذه المنافسة.

إن وعى المواطن وحسن اختياره لنائب الشعب القادر على خدمة الوطن والمساعدة فى تنفيذ برامج وخطط التنمية هو الضمان الوحيد لوجود برلمان قوى وفعال.

فعلى المواطن بحسه الواعى وعدم اختياره لنواب الإسلام السياسى تصحيح خطأ لجنة الأحزاب بالإبقاء على الأحزاب الدينية، ومعالجة العدالة البطيئة التى لم تحل تلك الأحزاب حتى الآن لمخالفتها للدستور.

ويتساوى ويتعادل مع حسن اختيار النائب أن يدلى كل مواطن بصوته فى الانتخابات ليدرك العالم أن شعب مصر جدير بالثورتين اللتين قام بها فى عام واحد.