السوق العربية المشتركة | زيارة الرئيس للصين وسنغافورة جاءت فى توقيت مناسب لدعم العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية

السوق العربية المشتركة

الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 09:26
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

زيارة الرئيس للصين وسنغافورة جاءت فى توقيت مناسب لدعم العلاقات الاستراتيجية والاقتصادية

محفوظ مرزوق يتحدث لمحررة «السوق العربية»
محفوظ مرزوق يتحدث لمحررة «السوق العربية»

الخبير البحرى اللواء محفوظ مرزوق رئيس هيئة موانئ البحر الأحمر الأسبق.. مستشار وزارة الصناعة :
 القوات المسلحة المصرية هى صمام الأمان لمصر والوطن العربى

فى إطار الجهود المستمرة والدؤوبة التى تقوم بها القيادة السياسية والحكومة الحالية لزيادة معدلات النمو الاقتصادى المصرى مع ضمان عدالة توزيع هذه الزيادة من خلال العمل على أن تتساقط نتائج هذا النمو لتشمل جميع فئات الشعب ولتشمل أيضا جميع ربوع مصر خاصة تلك المناطق التى عانت من الاختلال الإقليمى وحرمت من المشروعات الاقتصادية الكبرى (جنوب الوادى/ سيناء.. إلخ).



كان عليها مواجهة التحديات التى تحد من هذا النمو وتحد من توزيع المشروعات الاقتصادية العملاقة على كل شبر فى مصر. عند هذه النقطة برزت تحديات الخدمات اللوجستية (النقل/ التخزين/ الشحن والتفريغ/ التخليص الجمركى.. إلخ) كأحد أهم هذه التحديات. وكان الاختيار صحيحا للحكومة، حيث بدأت أولى المشروعات القومية العملاقة وهى تحسين شبكة الطرق القومية التى تربط كل ربوع الوطن كأحد أهم ركائز تحسين النقل. وتدفقت الاستثمارات والمعدات والطاقة البشرية بتركيز شديد خلال هذا العام على الطرق البرية الرئيسية منها والفرعية والسكة الحديد والنقل النهرى إلا أنها أغفلت أفضل الطرق السريعة (High Way Corridors) التى حبانا بها الله وهو الطريق البحرى الساحلى فى البحرين الأحمر والمتوسط. وهى طرق غير مكدسة ولا حدود لطاقتها الاستيعابية ويمكن استخدامها ليلا ونهارا (24 ساعة/ يوم - 7 أيام/ اسبوع). وهى الحل المثالى لنقل البضائع الخطرة كما أن السفن والعائمات البحرية التى تستخدم هذه الطرق تعتبر الأقل فى استهلاك الوقود والأقل فى الانبعاثات المضرة للبيئة إذا قورنت بوسائل النقل البرى المختلفة. وعلى ذلك فيمكن استخدمها فى النقل السريع والرخيص لربط الموانئ التجارية والتعدينية والتغلب على العوائق الجغرافية مثل ربط شرق القناة (شمال وجنوب سيناء) بغربها (السويس وبورسعيد) ومنها إلى باقى محافظات وادى النيل.

وحيث إن مشروعات التنمية العملاقة المخطط تنفيذها فى مصر ستنقل مركز ثقل الاقتصاد المصرى إلى الشرق والجنوب (تنمية محور قناة السويس/ المثلث الذهبى/ تطوير ميناء سفاجا التعدينى..) فى غضون ذلك كان للسوق العربية هذا اللقاء مع نبض البحرية المصرية ابن مصر البار الخبير البحرى لواء محفوظ مرزوق مستشار وزير الصناعة.. إلى نص الحوار.

■ بداية.. ماذا عن الاستفادة التى تعود على مصر من زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لسنغافورة.. وما مدى كيفية رفع كفاء الموانئ المصرية؟

- حقيقة الأمر أن سنغافورة متميزة جدا فى إدارة الموانئ، خاصة إدارة موانئ الحاويات حيث استغلت موقعها الجغرافى فى إدارة الترانزيت من حولها، والآن نجد أن البضاعة لم تعد تسير فى خطوط مستقيمة بمعنى أن البضاعة الخارجة من الصين من ميناء دانال أو ميناء شنغهاى تصل بالبضاعة فى غرب أرويا فى روتردام المركز الرئيسى، لكن نجد مجموعة حوايات تخرج عن طريق البحر الأسود أو دول شرق البحر المتوسط، وهنا يتم اختيار الموانئ العميقة التى تسمح بالسفن الضخمة مثل التى وصلت إلى 18 ألف حاوية وأخرى مرت منذ أيام بعمق 16 مترا، ونحن لدينا ثلاثة أرصفة فقط فى شرق التفريعة وأربعة أرصفة فى ميناء الإسكندرية، ولا ننكر أن سنغافورة متفوقة جدا فى إدارة الحاويات، والميكنة وتخطوا الجزء البشرى فى إدارة المحطات بأجهزة تدار آليا من خلال «جى بى إس»، وأجهزة الحاسبات التى تلغى العامل البشرى، وبالتالى لنكون أكفأ فى زمن نقل وتداول الحاويات من التخزين أى من مساحات التخزين إلى الأرصفة والعكس، إذا هذا يعد إضافة كبيرة تستفيد منها مصر ونكتسب خبراتهم، وهذا الجزء الخاص بالحاويات القائمة، ايضا عن الجزء الخاص بالتصنيع لم يفدنا فى سنغافورة، لذا المنطقة الصناعية ستكون خلف محطة الحاويات فى شرق بورسعيد، وسيكون المستفيد من هذه المنطقة الصين وليس سنغافورة، لأن بها محطات ترانزيت ومراكز توزيع وتقديم خدمات لوجستية.

■ ماذا عن رأيك سيادة اللواء لأهمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للصين؟

- لا شك أن الصين عملاق اقتصادى، ومن حسن الحظ أن مصر لديها رئيس مثل الرئيس السيسى فهو الذى يقوم بالمهام الفعلية للتسويق لرفع عجلة الاقتصاد القومى، فعندما تبدأ مصر بمبادرة من الرئاسة بالاتصال بالاتحاد السوفيتى لإقامة منطقة صناعية فى منطقة قناة السويس، نجد أن زيارة الرئيس جاءت فى توقيت هام جدا لدعوة الصين فى المساهمة فى مشروعات تنمية اقتصاد مصر من خلال المشروعات الصناعية واللوجستية، أيضا الصين بها العديد من الشركات الكبرى الخاصة بالاتصالات وإتش بى الخاصة بالكومبيوتر أيضا الكثير من الشركات الكبرى فى جميع المجالات والشركات الكورية المرتبطة بالصين مثل سامسونج، إذا الصين تستطيع أن تدفع مشروع تنمية قناة السويس إلى عشرات السنوات من خلال الشركات العالمية ذات الجنسية الصينية التى ممكن أن تفتح مراكز تجميع نهائى وتصنيع وتوزيع وإعادة توزيع فى منطقة قناة السويس.

■ إذا ماذا عن المشروعات الخاصة التى تنفذ بالموانئ البحرية المصرية؟

- حقا هناك مشروعات كبيرة يتم تنفيذها حاليا تتضمن مشروعات كبرى بميناء الإسكندرية، وتعتمد على حركة تبنى النقل البحرى خلال 15 عاما قادمة وهذا يتم حاليا بدراسات تجريها وزارة النقل بالتنسيق مع إدارة الموانئ ومجموعة دراسات وضعها البنك الدولى لمصر، بحجم البضائع المستقبلية التى يتم تداولها فى كل أنواع البضائع سواء كانت بضائع عامة أو صب جاف أو حاويات لذا يجب على الموانئ المصرية وضع مخططات مناسبة، مثل مخطط عام لكل ميناء طبقا لمطالب السوق، ومطالب حركة البضائع التى تحسب نتيجة لهذا التبنى، ولنا أن نعلم أن هناك مشروعات قائمة بالفعل الآن لإنشاء محطات حاويات فى ميناء الإسكندرية ومحطة صب جاف، ومحطة تداول بضائع عامة، ذلك بالإضافة إلى مشروعات مزمع طرحها خلال الفترة المقبلة لميناء بورسعيد، ذلك بالإضافة إلى مشروع قائم لمحطة الصب الجاف فى البحر الأحمر، وفى ميناء السخنة نجد أن بها مشروع امتداد الحوض الثالث، وبالفعل بدأنا فى استيراد الغاز المسال، وهذا تطلب مراكب تغيير الغاز وهى فى مثابة مصنع أو معمل تعيد هذا الغاز من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية لضخة فى الشبكة الرئيسية من أجل أن يستخدم فى محطات الطاقة بصفة عامة، ونظرا لضخامة هذه المراكب تم بالفعل توسيع الحوض الثالث بميناء العين السخنة المخصص بالأساس للصب السائل وذلك بالاتفاق مع هيئة موانئ البحر الأحمر وتم التنفيذ من خلال الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة فهى عماد من أعمدة الدولة فى الاقتصاد، أيضا هناك مشروعات تطوير أخرى فى الموانئ التعدينية من بينها ميناء سفاجا التعدينى، وهذا سيكون المنفذ الرئيسى لتداول البضاعة بأشكالها وأنواعها طبقا لتلبية احتياجات محافظة جنوب الوادى “ظهير البعيد“ وأيضا المتطلبات المستقبلية لمشروع المثلث الذهبى الذى يعد من أكبر المشاريع القومية فى مصر وسيظهر هذا المشروع قريبا جدا إلى النور، حيث تتولى إعداد المخططات العامة لهذا المشروع شركة دابولونى الإيطالية وستقدم الدراسة النهائية فى شهر فبراير القادم، حيث تتولى إدارة هذا المشروع وزارة الصناعة المصرية، أيضا هناك مشروعات مستقبلية ستتم مع تطوير ميناء ابو زنيمة التعدينى، وبالفعل تم التصديق على إقامة منطقة صناعية فى سيناء على خليج السويس، وتحتاج هذه المنطقة إلى استيراد مواد وسيطة ثم تقوم بتصدير السلع فى صورتها النهائية، إذا يلزم لها وجود منفذ وهذا من ضمن المشروعات الجارى دراستها حاليا.

■ ماذا عن التجهيزات والإعدادات الخاصة بصيانة السفن العابرة من القناة؟

- حقا هذا من ضمن المشروعات الخاصة بتطوير خدمة صيانة صناعة السفن الذى يصل إلى مرحلة بناء السفن، وهذا فى إطار المشروعات المخطط لها ضمن مشروع قناة السويس، وتدير هذه المشروعات هيئة قناة السويس، خاصة أن لدينا الإمكانات المتاحة وعدد 6 ترسانات موجودة بالبحر، فهناك ترسانة بورتوفيق فى السويس، وترسانة السويس بالسويس، وترسانة المقاولين العرب بالإسماعيلية، وترسانة الشركة البورسعيدية ببورسعيد، وترسانة القطاع الخاص أم القرى، وعن صيانة إصلاح السفن علميا تنقسم إلى الإصلاح الطارئ ويشكل 15% من حجم صيانة إصلاح السفن فى العالم، و60% للإصلاح المخطط للمركب المرخص طبقا لمواصفات هيئة التصنيف تكون كل 5 سنوات روتين مخطط بالبحث الشامل، وكل عامين ونصف العام يدخل دور الصيانة المتوسطة، إذا هناك بحث شامل وصيانة متوسطة، وكل 14 شهرا يجرى إصلاحات بسيطة لمسح القاع وتسليك المصافى ودهان الجزء أسفل المياه، وهذه الخدمة المخططة تشكل 70%، أيضا نشاط التحويل من نشاط لآخر يشكل 15% وهو تحويل أغراض السفن من غرض لآخر.

■ لكن لماذا لم يتم تطوير ميناء سفاجا ليخدم منطقة الجنوب لواء محفوظ؟

- هنا يجب أن يعرف القارئ أولا أن ميناء سفاجا التجارى يخضع لوزارة النقل، بينما ميناء سفاجا التعدينى يخضع لوزارة الصناعة، حيث يحتوى ميناء سفاجة التعدينى على محطة صب جاف أنشئت خصيصا لتصدير الفوسفات والحكومة ووزارة الصناعة تبنة هذه الفكرة الخاصة بتصدير المواد الخام المصنعة أو غير المصنعة ذلك لاكتشاف قيمة مضافة، أيضا عدم وجود مانع لتصدير المواد الأولية بصورتها الخام، وبالتالى عمل المشروع لتحقيق ثلاثة أهداف، الأول أن يصدر حامض الفسفوريك، وهذا مصنع ذات قيمة مضافة عالية، والثانى تلبية احتياجات جنوب الوادى من أقرب ميناء إلى جنوب الوادى من السلع المختلفة وانشاء محطتين للصب الجاف بالإضافة إلى المحطة الموجودة، بينما الهدف الثالث هو الاستجابة للتطوير المستقبلى الذى ينشأ نتيجة لتطوير مشروع المثلث الذهبى، وهذا يعد تنفيذا لتوجيهات السيد وزير الصناعة. وطبقا للمتطلبات الخاصة بالدراسة سيتم التجهيزات داخل الميناء لتلبية هذه المتطلبات.

■ ألست معى سيادة اللواء أن محطة الحاويات الإسرائيلية من إيلات إلى أشدود التى تخدم النقل اللوجستى داخل إسرائيل.. لن تقارن بقناة السويس الجديدة عكس ما زعمت إسرائيل؟

- حقا هناك قناة واصلة من إيلات إلى أشدود، نجد أن إسرائيل لديها الساحل على ميناء إيلات 7 كيلو، وبجواره قرية سياحية، ولذلك لن يستطيع التمدد فى محطة الحاويات القائمة، ولذلك دخل امتداد الأراضى 4 كيلو وفعل محطة إيلاندبورت وأنشأ فيها محطات حاويات لاستقبال الزيادة المستقبلية وليس لديها قدرة على منافسة قناة السويس، لأن خط سكة حديد إسرائيليا لن يستطيع منافسة قناة السويس، والجدير بالذكر أن موقع قطاع النقل الإسرائيلى يقول: لا غنى عن النقل من خلال قناة السويس.. وبالتالى لا وجه للمقارنة الاقتصادية، أما بخصوص ما تردد من كلمة قناة ملاحية إسرائيلية بالتعاون مع الأردن من أجل توليد الطاقة فهى عبارة عن “أنبوب مياه“ وليست قناة ملاحية بل أنبوب يستخدم لتوصيل المياه من البحر الأحمر إلى البحر الميت، ومن الممكن أن يضع ترانزيت مع اختلاف المناسيب لتوليد الكهرباء، إذا هى ليست قناة ملاحية وبالتالى لا يوجد مقارنة بين القناة الإسرائيلية وقناة السويس، لكن الشىء الذى من الممكن أن تتم المنافسة فيه من طرف إسرائيل هو المناطق الصناعية، بنزول مجموعة من الحاويات ويجرى عليها بعض عمليات القيمة المضافة، وحقا إسرائيل ممتازة فى هذا الأمر لا شك، ولن يتمكنوا من هذا الأمر فى حالة إذا نجحت مصر فى أن تأتى بشركات توزيع عالمية متعددة الجنسيات لفتح مراكز توزيع.

■ لكن هل لنا أن نقول أن مصر بمشروع قناة السويس تخلصت من الكساد الذى حل على حركة التجارة العالمية منذ عام 2008؟

- بالفعل حيث نجد أن هناك من شككوا فى عدد السفن التى تمر بالقناة الجديدة نتيجة للكساد العالمى، لكن تطور منحنى النقل البحرى لم يكن يسير فى اتجاه موازٍ لحركة النمو، لكن نجد اليوم حجم نمو 3،2 % فى الاقتصاد العالمى، وبالفعل بدأ الاقتصاد العالمى يتعافى والنقل البحرى يزيد 5.6%، والعالم ينقل البضاعة من شرق المحيط الهادى إلى غرب الولايات المتحدة الأمريكية، ومن غرب أوروبا وأمريكا إلى غرب الأمريكتين، والذى يمر هنا هو الذى يأتى من آسيا وجنوب شرق آسيا إلى وسط أوروبا وجنوب أوروبا، وغرب وشمال أوروبا، وهنا نجد نموا اقتصاديا يرتفع، بينما نجد أن النمو فى الصين كان 7.8%، والهند لها أيضا حجم كبير من البضاعة العابرة لقناة السويس رغم ما حدث لها من تباطؤ اقتصادى وكان معدل النمو لها 7.1% إذا زاد حجم البضاعة، ونجد أن معدل النمو فى التجارة المحمولة بحرا أعلى دائما من معدل النمو فى حجم التجارة العالمى، وهذا شىء يطمئن العالم.

■ بصراحة سيادة اللواء ودون مواربة.. ألم يكن هناك تهديدات موجهة للأمن المائى المصرى حاليا خاصة أنه جزء لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى؟

- حقيقة الأمر أن الإنجاز الذى قام به الرئيس السيسى فى زيارة سنغافورة بتوقيع مذكرة تفاهم لإقامة عدد من محطات تحلية المياه لمياه البحر، تعد من أهم نتائج الزيارة الإيجابية لسنغافورة، وعلى الجميع أن يدرك أن تحليل مياه البحر مكلف جدا، لكن هناك تكنولوجيا حديثة، وخبراء سبقونا فى الخبرة ويوفون احتياجاتهم المائية من خلال محطات تحلية مياه مستخدمة التكنولوجيا المتقدمة، وبقليل من التكلفة.

■ ماذا عن تطوير ميناء شرم الشيخ والغردقة لواء محفوظ؟

- بالفعل هذا يتبع لهيئة موانئ البحر الأحمر، وكل ما أرجوه أن يتم دراسة جدوى اقتصادية، ودراسة تنبؤ بحركة النقل البحرى وأخرى دراسة اقتصادية لتطوير الموانئ مع زيادة عدد الأرصفة والتطوير، وأهم شىء يجب علمه جيدا عند بدء الدراسة هل يوجد حجم بضاعة وحجم ركاب أم لا، لأن أم شىء يجب حسابه فى الجدوى الاقتصادية هو معدل العائد الداخلى أو المحلى، وزمن استرداد رأس المال، إذا لم توجد هذه الدراسة فلا داعى للعمل على التطوير.

■ سيادة اللواء.. ماذا عن الحل الأمثل لربط سيناء بمحافظات شمال سيناء.. ألم تكن الطرق البحرية السريعة هى الحل؟

- بكل تأكيد أرى أن الحل الأمثل يكون فى الطرق البحرية السريعة، من خلال استغلال خليج قناة السويس المؤمن ملاحيا، ومصر أنفقت أكثر من 170 مليون جنيه مصرى على تأمين حركة النقل البحرى، داخل خليج السويس، ونجد أن أقصى عرض بخليج السويس 33 ميلا، لكن هناك مناطق يبعد الساحل الشرقى عن الساحل الغربى 8 أميال و10 أميال، فقط، وهنا تعبر السفينة فى ساعة وبها كل مميزات البحر من عدم وجود طاقة استيعابية قصوة وعدم وجود تلوث أيضا عدم وجود تكدس، وبهذا نحافظ على شبكة الطرق القومية التى تكلفت مليارات الدولارات، أيضا نجد أن من أجل فض سعر النقل بالشاحنات فيضعون على عربات الوزن الزائد، بنما نحن نعمل على استندر الطرق المصرية طبقا لأشتو الذى يقول أن الضغط على المحور للعجلة 12.1 طن بينما العربات تعمل على 27 طنا أكثر من الضعف، وبالتالى يتموج الطريق بعد 4 شهور من إنشائه وتطويره، وعلى مدى سنة ينهار الطريق، ويتكلف آلاف الدولارات لإصلاحه وإعداده وعودته للسير كما كان.

■ إذا ماذا عن مشروع الطرق البحرية السريعة للنهوض بمصر من هذا النفق المظلم؟

- حقيقة الأمر أن الله عز وجل حبا مصر بطرق سريع وممتد، وهو عبارة عن خليج السويس وساحل البحر الأحمر، وأيضا ما بين شرق بورسعيد بطول سواحل البحر المتوسط، وهذا الطريق يجب أن يستغل فى أعمال النقل، لكن الآن يتم النقل بصفة رئيسية بالشاحنات، ثم بالسكك الحديد، وأخيرا بالنقل النهرى، ولا يوجد أى فكر خاص بهذا الطريق الملاحى الواسع الممتد غير المتكدس والذى سوف يحقق مميزات كبيرة جدا، وعن التحديات التى تواجه هذا المشروع نجد أنها تكمن فى استغلال الطريق البحرى لثلاثة أشياء من خلال خطة وضعتها هى أولا أرتفاع ثمن البنية الأساسية بالأرصفة وهذا يمكن التغلب عليه لأن هناك أرصفة قائمة بالفعل، ثانيا ارتفاع ثمن السفن وهذا تغلبت عليه بمقترح استخدام البارجات واللانشات القاطرة، والبارجة الواحدة ممكن أن تكون حمولتها مثل 70 عربية، أيضا الشىء الثالث هو إجراءات الموانئ وأسمدة الشحن والتفريغ وتكلفة الشحن والتفريغ، وهذا أيضا ممكن التغلب عليه من خلال استخدام المراكب.

■ لكن أليس من الممكن سيادة اللواء ربط الموانئ بخليج السوس بخطوط بحرية سريعة؟

- أشكرك على هذا السؤال الهام جدا الذى لن يتطرق إليه أحد.. حقيقة الأمر أن الربط هنا يتم من خلال سفن الدحرجة وتطوير الأرصفة القائمة الحالية فى الموانئ الموجودة على خليج السويس، فى ميناء الأدبية وميناء السخنة وميناء أبو زنيمة، وعيون موسى وفى الطور، حقا هناك أرصفة قائمة الآن تحتاج إلى بعض التعديلات البسيطة، وهنا يجب أن يعلم الجميع أن كل متطلبات هذا الموضوع صناعة مصرية، فلدينا الترسانات التى تقوم بعمل هذه البارجات بأقل ثمن، أيضا لدينا الترسانات التى تصنع اللانشات القاطرة وبأقل ثمن يمكن.

■ ماذا عن رأيك لواء حفظى لدور القوات المسلحة المصرية فى الإنشاءات الاستثمارية خلال الفترة الأخير للنهوض بحركة الاقتصاد المصرى؟

- جميع المشروعات إلى تمت وعلى رأسها مشروع قناة السويس الجديدة هو العمود الذى يبنى عليه الهيكل التنظيمى للمشروع، بمعنى أن الجزء الأكبر من هذه المشاريع تقوم به شركات مدنية، بينما القوات المسلحة تتولى التنظيم والتخطيط والمتابعة والإشراف على جودة تلك المشروعات كى تنفذ بأقل تكلفه وفى التوقيت المحدد، وهذا لم يكن موجودا لدينا من قبل، لذا نجد أن القوات المسلحة المصرية عبارة عن تخطيط وتنظيم وإدارة وإشراف.

■ إذا بعد اكتمال مشاريع قناة السويس الجديدة أين يكون ترتيب مصر اقتصاديا؟

- نجد أن ترتيب مصر فى التواصلية يكون الـ19 من 146 دولة، بينما تصنيفها من اللوجستيات كان الـ110، لكن بعد تنفيذ المشروع الاستراتيجى للطرق المصرية سنتقدم إلى الأربعين الأوائل، وطبقا لما هو معلن فيما يخص مشروع القناة الجديدة، أعتقد أن الزيادة تكون من 5.2 مليار دولار فى السنة للقناة القديمة إلى 13،2 مليار دولار بالقناة الجديدة، وبالنسبة لمشروع تنمية منطقة محور قناة السويس سيصل إلى 100 مليار دولار وهذا ينقل مصر نقلة كبيرة جدا.

■ لكن كيف قرأت سيادة اللواء ردود أفعال إسرائيل بعد اكتشاف الغاز فى البحر المتوسط؟

- مصر كانت ستستورد الغاز من إسرائيل لكن بعد اكتشاف الغاز مصر أغنى دول العالم.. وهذه أول خسارة كبرى لإسرائيل، أيضا نمو الناتج القومى المصرى بالغاز يؤكد أن مصر تدعم قواتها الاقتصادية والعسكرية، ونجد أن الصراع بين مصر وإسرائيل مع وجود اتفاقية السلام هو صراع حضارى فى المقام الأول، وهذا الصراع الحضارى مع النمو الاقتصادى لم يكن فى صالح إسرائيل، ذلك بغض النظر عن معاهدة السلام، فكل ما يضخ فى شرايين الاقتصاد القومى سيؤثر على الأمن القومى المصرى، وهذا ليس فى صالح إسرائيل، وبالتأكيد هذا يعطى لمصر قدرة وقوة أكبر على تنمية قدراتها العسكرية والأمنية بما يولد ضغطا على كل من يتآمر على مصر حاليا ومستقبلا، وهم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وتركيا وقطر وكل الدول المتآمرة على مصر.

■ لكن ماذا عن الفكرة العامة للخطوط البحرية السريعة لحل مشكلة التكدس على الطرق البرية؟

- لحل مشكلة التكدس على الطرق البرية استخدمت الدول المتقدمة (الولايات المتحدة الأمريكية- الاتحاد الأوروبى) النقل البحرى الساحلى عبر ممرات ساحلية مؤمنة ملاحيا ومراقبة ومسيطر عليها وذلك باستخدام أسلوبين للنقل.

الأول: استخدام الصنادل المقطورة Towed Barges أو الصنادل المدفوعة ذاتيا وهى وسيلة رخيصة وفعالة فى المياة الساحلية الهادئة نسبيا حيث يمكن نقل 120 حاوية (TEU) على الصندل الواحد أى حمولة 120 سيارة نقل عادية أو 60 سيارة نقل ثقيل (60 طنا) ويجرى تصنيع هذه الصنادل ولنشات القاطرة محليا فى الوقت الحالى.

 

الثانى: استخدام سفن الدحرجة (Ro-Ro Ships) التى تتيح استخدام طريقة الشحن والتفريغ الأفقى بدلا من الشحن والتفريغ الرأسى باستخدام الوسائل المعروفة. وهذه السفن قادرة على حمل الشاحنات وإنزالها كما هى ما يوفر الوقت والجهد وتكلفة الشحن فى موانئ الشحن والتفريغ فى موانئ التفريغ وهى تكلفة مرتفعة نسبيا إذا كانت الوسائل الرأسية المستخدمة آلية، حيث تبلغ تكلفة تخزين وشحن طن من الفوسفات حوالى 45 جنيها ومثلها فى التفريغ. ويوجد سفن دحرجة تعمل حاليا فى السوق المصرى قادرة على حمل 60 شاحنة حمولة 50 طنا فى الرحلة الواحدة أى توفر حركة نقل ل 60 شاحنة حمولتها 3000 طن فى الرحلة الواحدة.

 

■ ألست معى سيادة اللواء أن الطرق البرية سبب رئيسى لزيادة تكلفة النقل فى مصر؟

 

- فى بلادنا لا تخضع خدمة نقل البضائع من وإلى الموانئ المختلفة ومن وإلى مراكز التوزيع والمناطق الصناعية والتجارية لحسابات المعادلة الأولية التى تتلخص فى أن زمن النقل بين نقطتين يساوى المسافة بينهما مقسوما على سرعة التحرك بل يخضع لمعادلات أخرى. بمعنى أن نقل حاوية باستخدام الشاحنات من ميناء السخنة إلى ميناء الإسكندرية مثلا يجب أن يتم خلال فترة تتراوح بين 7 - 8 ساعات (450 كيلو مترا/ سرعة متوسطة 60 كم/ ساعة ) فى رحلة الذهاب ومثلها رحلة العودة ليكون الإجمالى 14- 16 ساعة فى الرحلة الكاملة (Round Trip) غير ساعات الشحن والتفريغ إلا أن هذه الرحلة فى الحقيقة تستغرق 48 ساعة على الأقل إذا وضعت فى الاعتبار تكدس الطريق الدائرى حول القاهرة الكبرى والوقت المستغرق فى وقفات الطريق لراحة السائق ولجان التفتيش ومدخل الإسكندرية والتكدس فى ميناء البصل وحول مدخل باب 27 الخ.

 

أما إذا كان سير الشاحنة فى طريق يمنع فيه مرور الشاحنات من آخر إلى أول ضوء مثلا فسيتضاعف زمن النقل. وكذلك إذا كان التحرك على محور يعبر عائقا مائيا كنقل البضائع من السويس إلى أبوزنيمة والطور على الساحل الشرقى لخليج السويس فإن ذلك يتطلب عبور نفق الشهيد أحمد حمدى وانتظارا يتراوح من 10- 12 ساعة إضافية أو أكثر وطبقا للموقف. وبالمثل فى حالة نقل البضائع من ميناء شرق التفريعة شرق القناة إلى غرب القناة وبالعكس.

 

وهذا ما دفع المخطط المصرى لدراسة إنشاء عدد 3 أنفاق إضافية عبر القناة باستثمارات هائلة تضاف على تعريفة المرور للشاحنات وبالتالى تزيد من تكلفة نقل البضائع.

 

■ لكن ماذا عن المشاكل المترتبة على إطالة زمن الرحلة لواء محفوظ؟

 

- إن إطالة زمن الرحلة يعنى استخدام عدد أكبر من الشاحنات لنقل نفس كمية البضائع على الطرق وبالتالى زيادة التكدس على الطرق المكدسة أصلا. واستهلاك أكثر للوقود وللشاحنات نفسها. وزيادة نسبة التلوث. وزيادة فى معدل استهلاك الشاحنة نفسها. ويترجم ذلك فى النهاية إلى تكلفة أكثر ووقت أطول للرحلة الواحدة. والأهم من ذلك هو زيادة سعات التخزين لضمان وصول البضائع المطلوبة من وإلى مراكز التوزيع والتصنيع بالكميات المناسبة وفى الوقت المناسب ما يزيد من التكلفة الإجمالية للخدمات اللوجستية خاصة إذا كانت هذه البضائع قابلة للتلف وتتطلب مخازن مبردة أو مجهزة تجهيزات خاصة. ويشار هنا إلى أن انتظام حركة النقل فى الدول المتقدمة حققت ما يسمى النقل الموقوت ( Just in Time) التى تعنى تقليل المخزون وتكلفته إلى أقل ما يمكن.

 

نتيجة لما سبق فإن ما كسبته مصر من تميز موانيها حيث بلغت المركز التاسع عشر من مائة وخمسين دولة فى مقياس التواصلية (Connectivity index) تخسرة فى مقياس اللوجستيات حيث وصلت إلى المركز 110 من 150 دولة طبقا لإحصائيات فى عام 2012.

 

■ ماذا لدينا من إمكانيات متاحة لواء محفوظ؟

 

- لدينا ممر ملاحى ممتد على خليج السويس بطول 195 ميلا بحريا (314 كم) وعرض متغير من 12-21 ميلا (19-33كم) وعمقه من 50-75 مترا فقط والأحوال الجوية به تصلح للإبحار معظم أيام السنة.

 

هذا الممر مجهز تجهيزا متطورا لتأمين حركة الملاحة خلاله على أعلى درجة من الأمان فكل عائمة مبحرة فيه مراقبة إداريا ومسيطر عليها وذلك من خلال المنظومات الأتية :

 

- لدينا مشروع الشبكة الإقليمية لتحديد المواقع بالأقمار الصناعية باستخدام الأسلوب التفاضلى

 

(Egyptian Regional Net for Differential Global Positioning System (DGPS) Project

 

وتحقق هذه الشبكة تنظيم الملاحة الآمنة من خلال دقة تحديد الموقع حتى متر واحد للسفن المبحرة فى قنوات الاقتراب والمرور فى المناطق المكدسة فى ممر جوبال. وعبر خليج السويس بل وأمام الغردقة وسفاجا ومضايق تبران إلى خليج العقبة وتتكون من 6 محطات 3 منها على ساحل البحر المتوسط فى مطروح والإسكندرية وبورسعيد وثلاثة فى البحر الأحمر فى رأس غارب وشرم الشيخ والقصير وهى أيضا قادرة على تقديم الدعم الملاحى الدقيق لشركات البترول العاملة فى الخليج وبالذات لتحديد مواقع ومسارات أنابيب البترول الخاصة بها.

 

- لدينا نظام إدارة معلومات حركة السفن بخليج السويس

 

Gulf of Suez Vessel Traffic Information Management System VTIMS

 

ويستخدم لمراقبة السفن والتعرف عليها ودعمها ملاحيا ولمنع التلوث البحرى من خلال المتابعة الدقيقة الموقوتة فى الوقت الحقيقى (Real Time) لكل العائمات البحرية التى تتحرك فى الخليج ومواقع هذه المنظومة موضح على الخريطة.

 

- لدينا منظومة بحث وإنقاذ خاصة بالخليج

 

Gulf of Suez Search and Rescue System (SAR)

 

وتستخدم هذه المنظومة لتلقى أى إشارات استغاثة وتقديم الدعم بالإنقاذ باستخدام الوسائل الموضحة على الخريطة.

 

- لدينا ميناء محورى يعتبر الأعمق فى البحر الأحمر وهو ميناء السخنة (17 مترا) وموانئ الأدبية والزيتيات وبورتوفيق والطور. ويمكن ربطهم بالخطوط البحرية السريعة كما بالشكل.

 

- لدينا أرصفة بحرية عميقة منتشرة بطول الساحل الغربى والشرقى فى رأس شقير ورأس غارب ورأس بدران ورأس بلاعيم وسوميد لخليج السويس تستقبل ناقلات البترولية العملاقة وتعانى من تدنى نسب الأشغال حاليا نتيجة لنضوب حقول البترول النسبى فى خليج السويس ويمكن استخدامها كما هى وبتجهيزات خاصة لتداول البضائع المنقولة من خلال سفن الدحرجة أو الصنادل المقطورة وبعد التنسيق مع شركات البترول العاملة فى الخليج.

 

- لدينا القدرة على تصميم وإنشاء الأرصفة العائمة التى يمكن أن تكون حلا مثاليا لمشكلة ارتفاع وانخفاض منسوب المياه بالخليج نتيجة لظاهرة المد والجزر وأيضا لتكلفتها الأقل نسبيا ولتفادى التأثير السلبى على البيئة والطبيعة البحرية الخاصة لساحل البحر الأحمر لأن قواعد التثبيت الخرسانية لهذه الأرصفة تكون على البر (الأرض).

 

- لدينا ترسانة الإسكندرية وترسانة بورسعيد التى تقوم بتصنيع الصنادل ولنشات القاطرة حاليا بكفائة كبيرة.

 

- لدينا مجموعة الموانئ التعدينية وأهمها ميناء سفاجا التعدينى (أبوطرطور) وميناء الحمراويين وأبوالغصون ويمكن ربطها ببعضها وبموانئ شرق وغرب خليج السويس.

 

■ إذا ماذا عن المطلوب لتنفيذ هذا المشروع؟

 

- تكليف أحد مراكز البحوث القومية (وليس الدولية) بإعداد دراسة فنية مالية اقتصادية للمقترحات الواردة عليها على أن تشمل دراسة للسوق (العرض والطلب) والتنبؤ بكميات ونوع البضائع المنتظر تداولها خلال الخمس سنوات القادمة (لتكون دقيقة نسبيا) وبالتالى تحديد عدد ونوع الأرصفة المطلوبة وطاقتها الاستيعابية وعدد وأسلوب وسائل النقل وتكلفتها الرأسمالية والجارية وبالتالى معدل العائد الداخلى وزمن استرداد رأس المال تمهيدا لطرح نتائج الدراسة خلال عام على القطاع الخاص للتنفيذ فى حالة ثبوت جدوى هذه المقترحات.