السوق العربية المشتركة | الإرهـــــاب الاعــــــلامى

السوق العربية المشتركة

الخميس 14 أغسطس 2025 - 05:14
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
  الإرهـــــاب الاعــــــلامى

الإرهـــــاب الاعــــــلامى

سبق أن نشرت العديد من المقالات التى تتناول الانحراف والشذوذ وعدم المهنية فى بعض وسائل الاعلام منها مقالاتى بعنوان (تسقط الحرية إياها ولا تسقط مصر) لكشف أعداء الوطن فى الاعلام، وبعنوان (حماية العلاقات المصرية- العربية من السقطات الاعلامية) التى تضر بمصالح مصر العليا، وبعنوان (ارحموا القضاء يرحمكم الله) بشأن انتقاد بعض الاعلام عن جهل للأحكام القضائية، وبعنوان (سلوك الاعلام المشكك فى القضاء) حول التشكيك فى إحالة بعض القضاة للمعاش، وبعنوان (السلوك الاعلامى) عن الملوثين إعلامياً المرتشون أعداء الوطن. ولن أمل يوماً من الكتابة عن بعض الاعلاميين أعداء الوطن ومصالحة.



إن الاعلام لن يلتزم بالاحترافية وجادة الصواب الاعلامى ومصلحة الوطن، إلا إذا تم ضبط المنظومة الاعلامية كلها، وهناك من ضج من الصحفيين والاعلاميين بسبب الفوضى الاعلامية التى نعيشها حالياً وفى مقدمتهم الأستاذ/ مصطفى بكرى.

ومن الضبط للمنظومة الاعلامية وجود قوانين تحاسب كل من يخرج عن جادة الصواب الاعلامى خاصة إذا تعلق الأمر بمصلحة الوطن وحقه فى مكافحة الارهاب.

وأسوق مثالاً حدثياً للفوضى وعدم المهنية الاعلامية، ففى واقعة ضابط الشرطة الذى اتهم بممارسة الدعارة نهش الاعلام شرف وعرض الضابط وأسرته وعائلته خلال فترة الاتهام، وعرف القاصى والدانى اسم الضابط وما نسب إليه بشكل أساء إليه، ولم يلتزم الاعلام بالمهنية ونشر اسم الضابط خلال فترة اتهامه، وفى أول جلسة لمحاكمة الضابط المتهم قضت المحكمة ببراءته مما أسند إليه، وفى سخرية قضائية راقية من الاتهام ومما نشرته الصحف قضت المحكمة بالبراءة دون أن تستمع لدفاع المتهم، وتلك رسـالة يجب أن تدرس للصحفيين الأغبياء الذين لا يتقون الله فى أعراض الناس وسمعتهم. وبــراءة الضابط المتهم بهذا الشــكل الراقى تقوم دون شك على عدم صحة التهمة، وقد ساعد على ذلك قيام النيابة العامة بمهامها كرئيس للضبطية القضائية حيث لم تكتف فقط بالتحقيق المكتبى وبالمعاينة بل قامت بإجراء التحريات عن الواقعة وصولاً إلى الحقيقة. وبعد الحكم ببراءة الضابط المتهم كنا نتطلع إلى معالجة الاعلام لاخطائه الفادحة فى حق المتهم خلال فترة الاتهام، وأن يعيد الاعلام المتجاوز لحساباته بشأن النشر خلال فترة الاتهام ويقر بخطئه، إلا أنه لم ولن يفعل، لأنهم طغاة، والطاغية لا يقر بخطئه ولا يعتذر عنه.

وفى البرنامح الذى ظهر فيه الضابط بعد القضاء ببراءته ركز المذيع عدة مرات على ما ورد بمحضر الشرطة عن أدلة اتهام الضابط رغم القضاء ببراءته، وكان على المذيع أن يتحدث فقط وبموضوعية عن أسباب حكم البراءة وعن ضرورة تلافى الاخطاء فى الضبـط وفى التحريات وعن مسئولية معـد أو معـدى محضر الضبــط ومسئوليـة الداخلية والاعــلام عن تعــويض الضـابط عما لحقـه مـن اضرار هــذا هـو حــال الاعلام، ولــذا لا نستغرب موقف البعض من الصحفيين من مشروع مكافحة الارهاب.

إن مصر تمر بظروف استثنائية غير عادية على درجة كبيرة من الخطورة تتمثل فى الارهاب الأسود الذى يدمر كل شىء فى الوطن والذى طال كل مواطن إلى الحد الذى بدأ يضج فيه الشعب من عدم القضاء نهائياً على الارهاب، ولم نعد نلبس يومياً سوى السواد حزناً على أبنائنا وإخوتنا من الشهداء من المواطنين ومن أبناء القوات المسلحة والشرطة. وهذه الظروف الاستثنائية تقتضى معالجة قانونية تتعادل مع جسامة الخطر الذى تواجهه البلاد، وهذا ما فعلته كافة الدول التى تمر بظروف مصر وبظروف أقل منها، واقرءوا قوانين مكافحة الارهاب فى الدول الأخرى ومنها آخر قانون صدر وهو القانون السعودى لتعرفوا أن مشروع القانون المصرى يتفـق والتوجه الدولى فى مكافحة الارهاب.

إن شعب مصر كله مؤيد لضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية والفعلية الكفيلة بالقضاء على الارهاب فى أسرع وقت ممكن، لأنه يهدد أمن الوطن والمواطن ويعوق عمليات التنمية، فلا تنمية ولا استثمار ولا سياحة فى ظل وجود الارهاب، ارحمونا الله يرحمكم وانظروا إلى الاحتياطى النقدى المصرى الذى لم يعد يكفى لتلبية احتياجات المواطنين من الاستيراد.

لقـد أثــار البعض من الصحفيين ضجـة بشــأن مـشروع قانون مكافحـة الارهاب وأكثـر ما أثاروه بشأن المادة (33) من مشروع القانون التى تنص على أن (يعاقب بالحبس الذى لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أى عملية إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة من الجهات المعنية، وذلك دون اخلال بالعقوبات التأديبية المقررة فى هذا الشأن).

والقارئ القانونى المتخصص فى القانون الجنائى والارهاب يدرك أن نص المادة بعاليه لا يخالف الدستور، ولا يقيد حرية الصحافة فى نشر الأخبار أو البيانات عن العمليات الارهابية، لأن هذه المادة تتعلق فقط بنشر الأخبار أو البيانات غير الحقيقية، والدستور يتحدث عن حرية الاعلام فى النشر للأخبار والبيانات الصحيحة وليس غير الحقيقية، وهناك شـروط لتطبيق نـص المادة (33) من مشروع قانون مكافحة الارهاب هى :

1- أن تكون الأخبار أو البيانات المنشورة غير حقيقية، أى غير صحيحة.

2- أن يكون النشر عمداً، ومعنى هذا أن الجريمة عمدية، فإن تخلف ركن العمد فلا عقاب.

3- أن يتعلق النشر بأى عملية ارهابية، وبالتالى لا يسرى النص على النشر فى غير العمليات الارهابية.

4- أن تكون الأخبار أو البيانات غير الحقيقية (غير الصحيحة) المنشورة مخالفة للبيانات الرسـمية الصـادرة عن الجهـات المعنية، ومعنى هـذا أنـه لا عقاب على نشــر الأخبار أو البيانات غير الحقيقية إذا لم يصدر بيان رسمى عن الجهة المعنية بالحقيقية التى تخالف ما تم نشره.

وليس صحيحاً ما قاله البعض من الصحفيين من أن الحكومة بصياغتها لنص المادة (33) من مشروع قانون مكافحة تريد أن تحصر المعلومات فى جهة واحدة وتصادر حق الصحفى فى الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة، وأن الارهابيين لو كلفوا بصيـاغة مـواد لصـالحهم لاخـراج الصحافة والاعـلام المصرى مـن دوره المنحـاز للـدولة ما كانوا قد عملوا بهذه البراعة التى تمت بها صياغة المادة (33) التى تعتبر مادة اغتيال لحرية الصحافة مع سبق الاصرار والترصد وتكميما لأفواه الصحفيين. وتلك مغالطة مكشوفة، لأن التجريم الوارد فى المادة (33) يتعلق فقط بنشر أخبار أو بيانات غير صحيحة، ولا يسرى على نشر الأخبار والبيانات الصحيحة حتى لو كانت تخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات الرسمية، وبذلك كفل مشروع القانون للصحافة حق الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة ونشرها طالما كانت صحيحة.

ماذا يريد بعض الصحفيين، أيريدون نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن العمليات الارهابية عمــداً ولا يعاقبون؟! ما هذا؟ إن الأمـر يتعلــق بأمـن الوطن والمواطن وكفـانا مزايـدات. لقـد أعجبنى كثيراً مقال الدكتورة/ عـزة هيكل المنشـور فى الوفــد بعنوان (ماسبيرو والحرب الاعلامية) الذى أكدت فيه غياب الاعلام الرسمى أمام شائعات يروجها بعض الاعلام الخاص، وتلك دعوة صريحة للمسئولين عن الاعلام الرسمى للقيام بكامل دورة حيال تلك الشائعات.

ولا خوف من تطبيق نص المادة (33) من مشروع قانون مكافحة الارهاب بمقولة عدم انضباط صياغتها، لأن القضاء لديه الضوابط القانونية اللازمة لتطبيق الشروط الواردة فى النص كالعمد وغيره، والمعترضين من الصحفيين على بعض مواد مشروع قانون مكافحة الارهاب ليس لديهم خبرة فى فلسفة العقاب وأصول التجريم، وهو ما يقضتى شمولية تجريم عملية مكافحة الارهـاب لتشمل النشر عمداً لأخبار أو بيانات غير حقيقية عن العمليات الارهابية، وبدون ذلك تكون مكافحة الارهاب قانونياً ناقصة.

وكان يكفى البعض من الصحفيين الذين يثيرون هذه الضجة الخبثية أن يرسلوا آراءهم فى شأن مشروع القانون إلى الجهات المختصة لدراسته واتخاذ ما يلزم دون ممارسة ضغوط على الدولة فى موقف يقتضى الاصطفاف لمكافحة الارهاب، وبعض الصحفيين لم ولن يكونوا بديلاً عن المشرع فى يوم من الأيام ولن يضغطوا عليه.

ولماذا يتعجل بعـض الصحفيين؟ فلينتظروا صدور القانون ليطعنوا عليه بعـدم الدستورية، وما العجلة إذا كان لدينا مجلس نواب قادم بإذن الله قبل نهاية هذا العام وسيراجع كافة المراسيم بقوانين التى صدرت فى غيبته وأولها قانون مكافحة الارهاب ويقرها أو يلغيها أو يعدلها، ولا يجب أن يقرر أحد عدم دستورية قانون إلا المحكمة الدستورية العليا.

هناك فرق فى حرية النشر بين إبداء الرأى والنقد وحق الحصول على ونشر المعلومة الصحيحية وهذا مباح والدستور ينص عليه، وبين نشر الأخبار و البيانات الكاذبة وتلك جريمة يجب التصدى لها والعقاب عليها.

يكفينا الارهاب الإجرامى الأسود، ولن نتحمل إرهاباً اعلامياً.

إن هناك سجلاً أسود لبعض الصحفيين والاعلاميين ثابت فيما سبق أن نشروه ضد مصلحة الوطن، ونعلم سبب تجاوز البعض ومخالفته للأصول المهنية وهو الحرص على زيادة نسبة التوزيع أو المشاهدة، إلا أن هذا الحرص لا ينبغى أن يضر بالبلاد أو يغش القارئ.

وإذا تصور البعض أن على رأسه ريشة وأنه أفضل من غيره من المواطنين، أو أنه يســتطيع أن يضغط على سلطة الدولة خاصة ســلطة التشريع أو يحــد من جهودها فى مكافحة الاهاب فهو واهم، فلن تكون فى مصر دولة لبعض الصحفيين أعلى من سلطة الدولة، ولن يكون لصحفى حق أكثر من أى مواطن، فالمواطنون أمام القانون سواء .

ارحموا مصر يرحمكم الله.