أشرف كاره
قبل الوصول إلى الوفاة الإكلينيكية للاستثمار المصرى
ضمن سلسلة مقالاتنا حول تأثير الحالة الاقتصادية القائمة فى مصر على مناخ الاستثمار– خاصة بعد أن شهدت الدولة المصرية تنظيم المؤتمر الاقتصادى الأخير بمدينة شرم الشيخ خلال شهر مارس الماضى– رأينا جميعاً وسمعنا أحدث أخبار تصنيف مصر الائتمانى من جانب مؤسسة (ستاندرد آند بورز) العالمية التى رفعت درجة مصر من (مستقر) إلى (إيجابى) وهو الأمر الذى يعد إيجابياً على كافة الأصعدة– ولكن على المستوى النظرى؟! – فجميعنا نعايش يومياً المشاكل الاستثمارية والمالية التى تعانى منها مصر هذه الأيام “ولا حياة لمن تنادى” وكأن لسان الحال كما أصبحت عادة هذه الأيام أن لا حال ولا رابط لمشاكل الدولة سوى رئيس الدولة، وهو ما ينم على مقدار الأيدى المرتعشة بمواقع اتخاذ القرار من جانب ومدى الضعف الإدارى الذى تعانى منه الدولة لدرجة أن القرارات لم تصبح فاعلة إلا بإرادة رئيس الدولة من جانب آخر.. الأمر الذى يجعلنا نعاود تسليط الضوء على عدة ملاحظات اقتصادية (تتعارض) مع ما وصلت إليه الدولة من تصنيف (إيجابى) ائتمانياً، والتى من أهمها:
- خسارة البورصة المصرية لما يزيد على 16 مليار جنيه مع مطلع الأسبوع الماضى مع استمرار هبوط مؤشرها العام (EGX 30)، الأمر الذى يجعلنا نتأمل موضوعياً فى الحالة الحقيقية للوضع الاستثمارى للسوق المصرية بشكل عام وإلى أى الاتجاهات يتجه، فالمتعارف عليه عالمياً بأن مؤشرات البورصات هى أحد أهم عوامل جذب المستثمرين المحليين والعالميين للاستثمار بالدولة– بخلاف نتائج المؤتمر الاقتصادى الأخير– وعليه فإننا نجد أنفسنا بموقف تساؤل لا نحسد عليه.. هل تتجه مصر نحو وضع اقتصادى واستثمارى إيجابى؟ أم لا؟!
- قانون الاستثمار الجديد الذى تم المسارعة بإصداره قبل فعاليات المؤتمر الاقتصادى الأخير بشهر مارس الماضى.. لا يزال ينتظر مخاض اللائحة التنفيذية له من جانب وتعديلات البنود المختلف عليها فيه من جانب آخر، فى الوقت الذى تتوالى فيه الوعود للانتهاء من كليهما ولا تنفيذ! فهل سيستمر المستثمرون الجادون سواء المحليون منهم أو العالميون فى الانتظار أم سيتوجهون إلى أقرب دولة قادرة على المسارعة بتسهيل احتياجاتهم الاستثمارية وبنفس الوقت دعمهم بكافة الصور الإيجابية للاستمرار والاستقرار نحو مزيد من التنمية الاقتصادية لديها؟!
- قرارات البنك المركزى المقيدة للشركات التجارية والاستثمارية فيما يخص الإيداعات البنكية وكذا فتح الاعتمادات الاستيرادية، ومن ثم تقييد حركة العملات الحرة بشكل خانق.. إنما هى دعوة قوية من الدولة لانهيار العديد من القطاعات الاقتصادية بشكل عام وقطاع السيارات بشكل خاص، وهو الأمر الذى يزيد من علامات الاستفهام يوماً بعد يوم.. إلى متى ستستمر الدولة بهذه السياسة المقيدة للحركة التجارية والاستثمارية فى الوقت الذى (تعلن فيه نظرياَ) بأنها تشجع الاستثمار وتوسيع الأنشطة الاقتصادية على أراضيها؟ فهل من عاقل ومسئول يجيب؟! أم هى سياسة مدبرة لمصلحة بعض القلة على حساب باقى أطياف شعب مصر؟
إن الاستمرار فى تجاهل الأصوات المتعالية لإنقاذ مصر من هاوية اقتصادية– تتخفى وراء رؤية اقتصادية واهية تحمل تسمية نجاحات مؤتمر القمة الاقتصادية بشرم الشيخ– إنما هى نوع (ضعيف) من المسكنات التى تصر على إعطائها العديد الجهات الإدارية بالدولة لهذا الاقتصاد الذى يعانى من سرطان الضعف الإدارى والروتينى والقصور الواضح فى التطوير، والذى إذا ترك بلا بتر سيؤدى إلى الوفاة الإكلينيكية لهذه الدولة وبلا جدال.