السوق العربية المشتركة | أتحفظ على قرار فرض ضرائب على البورصة وله تأثيرات سلبية على المدى البعيد

السوق العربية المشتركة

الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 17:30
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

أتحفظ على قرار فرض ضرائب على البورصة وله تأثيرات سلبية على المدى البعيد

السفير محمد التويجرى يتحدث مع أمانى الموجى
السفير محمد التويجرى يتحدث مع أمانى الموجى

السفير محمد التويجرى الأمين العام المساعد للشئون الاقتصادية بجامعة الدول العربية فى حواره لـ«السوق العربية المشتركة»:
الدول العربية ليست مهيأة للانخراط فى الاتحاد الجمركى.. والسوق المشتركة حلم يصعب تحقيقه
«عاصفة الحزم» دمرت الاقتصاد اليمنى.. وعلى دول العالم المساهمة فى إعادة بنائه
تغلغل الدول الأجنبية دمر اقتصاد العرب.. ويجب وقف هذا المخطط

هبت رياح «الربيع العربى» فحطمت اقتصاد الدول العربية، خاصة فى تراجع معدلات الاستثمار داخل تلك الدول، بسبب ما شهدته خلال الأعوام الماضية من حروب وصراعات أدت فى نهاية المطاف إلى رءوس الأموال خارج البلدان العربى.. "السوق العربية المشتركة" التقت السفير محمد التويجرى، الأمين العام المساعد للشئون الاقتصادية بجامعة الدول العربية، للتعرف على رؤيته لما يدور داخل الاقتصادات العربية، فكان لنا معه هذا الحوار.



قانون الاستثمار الجديد يمثل تحسنًا نسبيًا.. ومازلنا بحاجة لتعديل بعض القوانين

 

■ فى البداية نريد ان نلقى نظرة على الأوضاع الحالية للاقتصاد العربى خاصة أنه بين سندان ثورات الربيع العربى ومطرقة انخفاض أسعار البترول؟

- الاقتصاد العربى سيشهد دفعة قوية ونموا جيدا، وانخفاض أسعار البترول شىء جيد للوطن العربى، ولكن هناك بعض السلبيات بسبب تحول الدول المصدرة للبترول لمستوردة له، وهذا ينعكس على اقتصاد العالم بشكل عام، نحن بالفعل متأثرون بأسعار البترول لأنها تنعكس بطبيعة الحال على المشاريع، والوظائف، وليس فى عام 2015 لانه مر بسلام، وأتوقع أن يحدث التأثير الفعلى فى 2016، كما أن معادلة سوق البترول تغيرت ونموذج العمل تغير أيضاً، فبدلاً من وجود دول مصدرة معترف بها لوجود آبار حقيقية وواقعية داخلها، أصبح هناك ما يسمى بالحفر الاعتراضى أو الأفقى الموجود فى أمريكا، وفى دول أخرى، وأصبحت تنتج بترولا، ومع ارتفاع أسعار البترول سعت هذه الدول لانتاجه، واستحداث تقنيات جديدة، ولكنهم الان خفضوا تكلفة انتاج البترول إلى 80 و 90 دولارا، واذا استطاعوا تخفيض التكلفة أكثر سيصبحون منافسين للبترول التقليدى، ولكن القتال أصبح مترتبا ليس فقط على من ينتج البترول، أو كم ينتج من البترول، وهل هو من الحفر الأفقى أو البئر التقليدى، ولكن مرتبط أيضاً بالمحافظة على الحصص المتوافرة لدى الدول، حيث تسعى هذه الدول للنزول بأسعارها للمحافظة على حصتها، والان هناك ارتفاع طفيف فى البترول، ولكنه لن يتعدى 80 دولارا خلال السنوات القادمة، لذلك يمكننا القول بأن المعادلة تغيرت ولم يعد لدينا انتاج تقليدى كما كان يحدث فى السابق، كما أن منظمة "أوبك" لم يعد دورها قويا كما كان فى السابق، خاصة فى ظل وجود أكثر من منتج فى البترول، وهناك تكهنات كثيرة فى الصحافة الاقتصادية ترى أن دور "الأوبك" لابد أن يتغير عن الدور الحالى الذى تلعبه، لكننا نرى أن دورها مازال مهما، وسوف يظل كذلك، ولكن هذا لا يمنع أن الوضع مضطرب، خاصة خلال السنوات القادمة حتى عام 2018 حتى تستقر الصورة، كما أن الأسعار الآجلة تتحكم فى السوق بطريقة غير مباشرة، ولكن السوق سيشهد تباطؤا عما نشهده الان، وكل هذه مؤثرات سلبية تنعكس على اقتصاد الدول العربية، وهذه مشكلة كبيرة لنا، حيث إن هذا التأثير السلبى يمتد على ما نشتريه من أسلحة، ومواد صحية، وغذائية، وزراعية.

■ هل تعتقد أن ما يحدث مؤامرة على الشرق الأوسط والدول العربية؟ أم أنها ظاهرة طبيعية؟

- لا، فهذه دورة اقتصادية تدور نتيجة للتطور التقنى فى الحفر الأفقى.

■ هل تعتقد أن ذلك سيؤثر على دول
الخليج المنتجة للبترول؟

- بالطبع، والمحافظة على الحصص هى الأساس وليس السعر، فالحرب حرب حصص، وليست حرب أسعار، وهذه هى النظرية التى تبلورت فى السوق.

■ إلى أين وصلت المفاوضات الخاصة بإطلاق الاتحاد الجمركى العربى الموحد.. وكان مقررا له مطلع العام الجارى؟

- بالفعل كان مقررا له مطلع عام 2015، ولكن واجهتنا عدة صعوبات، فالاتحاد الجمركى يتطلب أشياء كثيرة جدا،ً ومن أهمها توحيد الجمارك، فنحن لدينا دول تطبق 45% جمارك، فى حين أن هناك دولا أخرى تطبق 5% جمارك، فكيف لى أن أوحد هذه النسبة، فى ظل وجود هذا الفارق الكبير، ونحن حضرنا القانون الجمركى، والإجراءات، وأمور اجرائية كثيرة جداً، ولكننا لم ننته من الرسوم الجمركية، ونرى أنه بعدم وجود اتفاق سيكون صعبا جدا تطبيق التجربة، ولكننا نطمح أن تكون هناك مخارج أخرى لهذا الوضع، لأن هناك بعض البضائع والسلع من الممكن أن تمر، وبعضها الآخر لا، ونحن الان نمتلك منطقة تجارة حرة تسير بشكل جيد، وهى تسبق الاتحاد الجمركى، وباقى أمامنا المنشأ سننتهى منه خلال السنة الحالية، لزيادة التجارة البينية بين الدول العربية، ولكن الاتحاد الجمركى يحتاج لما يقرب من ثلاث سنوات حتى يمكن تطبيقه بعد القضاء على تلك الفوارق الجمركية، والعائق الثانى يتمثل فى أنه ليست كل الدول مهيأة للانخراط فى الاتحاد الجمركى، فعلى سبيل المثال كم دولة عربية لديها منفذ برى مهيأ للاتحاد الجمركى؟ فهى تعد على الأصابع مثل دول الخليج، ومصر، والأردن، وباقى الدول لا تملك ذلك، فكيف لنا أن ننشئ الاتحاد الجمركى وكثير من الدول غير مهيأة؟ وهذه أحد العوائق الموجودة حالياً، ولكن هناك اتفاقا بين الدول العربية لكى يهيئ الوضع، حتى يلحق القادر بالاتحاد الجمركى، والباقى يمكن إلحاقه بعد ذلك حينما تهيأ بالشكل المناسب، ونحن نمتلك الحلول، ولكننا نريد وجود توافق.

■ هل يمكننا القول إننا بصدد التغلب على أول معوق لبناء سوق عربية مشتركة؟

- لا السوق العربية المشتركة غير مطروحة الآن، فلكى نصل إلى تحقيق هذا الحلم لا بد أن نمر بخمس مراحل، وهى التكامل الاقتصادى، ومنطقة تجارة حرة، ثم الاتحاد الجمركى، وسوق عربية مشركة، واتحاد اقتصادى، ووحدة نقدية، ونحن مازلنا فى المرحلة الأولى ونواجه تعثرا. ودعينا نتحدث بصراحة فالوضع الاقتصادى الحالى للدول العربية يعتبر "نصرا"، خاصة بعد مرحلة الحروب التى مرت بها دولنا العربية، فالدول المستقرة المتمتعة بالامان وعدم وجود حروب هى من تنجح، لكننا دول بنيت على الحروب، وهذه مشكلتنا.

■ كيف ترى «عاصفة الحزم» التى تجرى فى اليمن؟

- أرى أنها ستدمر الاقتصاد اليمنى، وهو بطبيعة الحال اقتصاد ضعيف ومتدنٍ، والآن يمكننا القول بأنه تم القضاء نهائيا على الاقتصاد اليمنى، فلا بد أن يبنى اليمن من جديد، ولا بد أن يشارك جميع دول العالم فى هذا، والحل الأساسى أن تذهب الأموال إلى مؤسسات وليس أفرادا، لإعادة بناء البنية التحتية، واقامة مشاريع، ومصانع بأموال الدعم.

■ من وجهة نظرك متى يمكننا أن نرى اليمن السعيد مرة أخرى؟ وهل هناك استجابة عربية ودولية لتحقيق ذلك؟

- بالطبع هناك دول كثيرة ستدعم الاقتصاد اليمنى من بينها دول الخليج، ودول أوروبية، واذا ذهبت أموال الدعم لمشاريع فعلية، من الممكن أن يتحقق ذلك خلال أربع أو خمس سنوات.

■ من وجهة نظرك متى ستنتهى مشكلة اليمن؟

- أرى أنه من الصعب أن يتحقق ذلك، فمشكلة اليمن أن أبناء البلد هم من يدمرون وطنهم بأيديهم.

■ لماذا وصلنا لهذه المرحلة فى دولنا العربية؟

- ذلك نتيجة لتغلغل نفوذ الدول الأجنبية داخل دولنا العربية، مثل إيران التى تدعم الحرب فى اليمن، وكذلك فى سوريا، والعراق، والهجوم الإيرانى بهذه الطريقة يستخدم أعوانا له من داخل البلاد لتدمير أوطانهم، ولا بد من وقف هذا المخطط، فلا يمكن أن نسمح لإيران بأن تتمدد بهذه الطريقة، ويجب القضاء عليها، و«عاصفة الحزم» احدى الوسائل لتحقيق ذلك.

■ هل ترى أن التكتل العربى العسكرى من أجل تكوين جيش عربى واحد تأخر كثيراً.. وأنه السبيل لمواجهة التدخل الإيرانى والغربى فى الدول العربية؟

- عاصفة الحزم كانت استجابة، ودرسا قويا جداً لإيران، وكل من ينتهج نفس أسلوبها، ويجب أن نعتبر أن الدفاع المشترك والقوة المشتركة ليس سبيلا لاعتلاء المناصب والقيادة، ومن الممكن أن يتم ذلك من خلال تخصيص وحدات عسكرية داخل كل دولة سواء كانت برية أو بحرية أو جوية، ويتم التنسيق بين هذه الكتائب، واجراء مناورات مشتركة بين الدول العربية كل عام أو ستة أشهر، وهذا مطبق فى الاتحاد الافريقى الذى يمتلك قوة ردع، فلماذا لا نتمتلك نحن كذلك تلك القوة تحت مسمى "الدرع العربى".

■ من وجهة نظرك متى سيعود الهدوء لمنطقة الشرق الأوسط؟ ولماذا لم تنتبه الحكومات السابقة لهذا المخطط؟

- العرب بطبيعتهم لا يميلون لاشعال الحروب، ومن الممكن أن نبدأ من الآن، فبدون وجود قوة لن نستطيع الدفاع عن انفسنا، و"عاصفة الحزم" أثبتت أننا لدينا قوة نفرضها متى أردنا، خاصة أن القرار صادر من العرب دون تدخل خارجى، ولاقت الدعم من جامعة الدول العربية، لذلك فنحن نسير فى الطريق الصحيح، وسنعود سريعاً، لاننا نمتلك المال والبشر، ونستطيع البناء، وقتالنا الداخلى أهم من الخارجى، فلا بد أن نقضى على الارهاب، ونعيد ترتيب البيت من الداخل.

■ هل ترى أن البطالة بين صفوف الشباب العربى هى المبرر للتدخل الإيرانى والأمريكى بالدول العربية؟

- ايران ليست دولة، لكنها تسعى لاحياء فكرة الدولة الفارسية، وتسعى لدفع الأموال للشباب لتنفيذ ذلك المخطط، وهذا الأسلوب تم اكتشافه، ولكن نحن كعرب لا بد أن نراجع أفكار الشباب، ونؤكد على السفارات الأجنبية لعدم بث أفكار تلك الدول داخل دولنا العربية.

■ من أين أتت إيران بهذه الأموال الطائلة على الرغم من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها؟

- إيران تبيع البترول لدول أخرى فى آسيا، والعقوبات الاقتصادية مفروضة عليها من أوروبا فقط، و70% من ميزانيتها تذهب لتصدير الثورة الإيرانية، و30% منها تذهب لداخل الدولة، ولو أى دولة نفذت هذه السياسة تستطيع أن تنشر أى فكر تريده، وايران تعانى من فقر كاسح، وهى مكونة من اقليات كثيرة، والفرس يمثلون 25% من السكان، وهى عبارة عن خليط من السكان.

■ لماذا لم تقف الدول العربية مع «الأحواز» داخل ايران لتحرضهم ضد الدولة الايرانية؟

- من المفترض أن تفعل الدول العربية ذلك من خلال اللجوء لهيئة الأمم المتحدة، لان الاحواز دولة عربية استعمرت من قبل إيران.

■ ماذا عن حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة داخل الدول العربية؟ وهل تراجعت فى ظل الأحداث الجارية؟

- بالفعل تراجعت فى جميع دول الربيع العربى، ودول الخليج الوحيدة التى لم تتراجع فيها تلك الاستثمارات، بالإضافة إلى المغرب والجزائر.

■ من وجهة نظرك أين تذهب الاستثمارات العربية، على الرغم من أن رجال الاعمال العرب على قائمة أغنياء العالم؟

- أى شخص لديه استثمارات لن يأتى فى دول عربية مضطربة بها أزمات وحروب، لذلك يذهب للاستثمار بالخارج، والظروف والقوانين الاقتصادية فى بعض الدول العربية طاردة للاستثمار، وهذا عيب قوانين وتشريعات.

■ أين يقف الاقتصاد المصرى الآن؟

- الاقتصاد المصرى جيد، ودول الخليج ضخت استثمارات داخل مصر، وهذا حمى الجنيه المصرى، وعزز الاقتصاد، ونحن نرى ان الاقتصاد المصرى واعد، وممتاز جداً، وأعتقد أن مصر خلال الخمس سنوات القادمة ستستطيع أن تصعد اقتصادياً.

■ كيف نظرت للمؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ؟

- أرى أنه ممتاز ورائع، وكنا نتابعه، ولكن الفيصل هنا كيف سيتحقق هذا الكلام على أرض الواقع، وأمامنا عام ونصف حتى تخرج تلك المشروعات إلى النور بعد الانتهاء من الدراسات الاقتصادية الخاصة بها.

■ هل ترى جدية فى المشروعات التى تم طرحها خلال المؤتمر الاقتصادى؟

- بالفعل، فالكل متحمس لتنفيذ تلك المشروعات، وننتظر الأفعال، ولكن الفصيل هنا هل القوانين المصرية مشجعة للاستثمار أم لا.

■ كيف ترى قانون الاستثمار الجديد الذى طرحته الحكومة المصرية؟

- يمثل تحسنا نسبيا، ولكن هناك بعض الملاحظات عليه، فعلى سبيل المثال لا يمكن تحويل أموال من مصر سوى 100 ألف دولار فى العام، وهذا قانون موجود فى مصر ولم يتغير، وهو قاتل للاستثمار، والمستثمر لن يرحب به، لذلك لا بد من احداث التوازن، ولابد من ثبات القوانين الاقتصادية، وعدم تغييرها بتغير الحكومات المتعاقبة.

■ ما وجهة نظرك فى الضريبة التى تم فرضها على البورصة المصرية؟

- أعتقد أنها ليست جيدة، فهى ستوفر كسب مال سريعا للدولة، ولكن لها تأثيرات سلبية على المدى البعيد.

■ كيف ترى العلاقات المصرية- الخليجية؟ وهل تمثل نواة لشراكة اقتصادية عربية؟

- أعتقد أن الالتحام العربى الاقتصادى سيؤدى إلى قوة العرب، طالما وجد الولاء العربى، مهما كانت الحكومات، ولا بد ان نلتحم اقتصادياً قبل أن نلتحم سياسياً، لان الاقتصاد هو الاساس.