أشرف كاره
«معلومات.. حكومة «أبلة» ذكية؟!»
مع استعدادات مصر للدخول إلى مرحلة اقتصادية واعدة جديدة، خاصة بعد ما أعلن عن المردودات الإيجابية للقمة الاقتصادية العربية الأخيرة بشرم الشيخ وهو الأمر الذى لا بد أن يجعلنا نهتم بطبيعة الحال بدعم مراكز المعلومات العامة والخاصة (سواء الحكومية منها أو المرتبطة بالقطاع الخاص).. الأمر الذى يفرض علينا أن نتساءل: هل ما تملكه الدولة من مراكز معلومات باختلاف تخصصاتها كافية لإعطاء كافة البيانات للراغبين من المستثمرين والباحثين؟ الجواب (لا) بطبيعة الحال، حتى الآن.
إن عصرنا الحالى هو عصر المعلومات، فبتوافر المعلومات يتيسر قيام العديد من المشروعات كما تكتمل العديد من البحوث لما فيه خير البشرية بشكل عام، وخير مصر وشعبها بشكل خاص، وإذا أردنا أن نشير إلى فكرة توافر المعلومات ونوعياتها يمكننا الإشارة إلى بعض المواقف التى مرت بنا لنصل إلى قرار صائب حول هذا التوافر من عدمه:
■ عندما تم توجيه السؤال إلى المهندس مصطفى حسين- رئيس مجلس إدارة مجلس معلومات سوق السيارات (آميك)- حول إمكانية توافر بيانات حقيقية حول ما تم بيعه فعلياً من سيارات جديدة سنوياً لاحتساب ما تمت إضافته فعلياً لعدد السيارات المسجلة بالدولة.. أشار إلى أن المصدر الرئيسى لمثل هذه المعلومات هو الإدارة المركزية للمرور، إلا أنها لا تتوافر بشكل مكتمل لديها من منطلق تسجيل كافة السيارات المباعة خلال العام- سواء جديدة لأول مرة أو مستعملة يتم إعادة بيعها لمشتر آخر على أنها سيارات جديدة- وبالتالى لا تظهر هذه المعلومات بشكل دقيق، وبالرغم من أن تعديل بسيط بأنظمة التسجيل (الإلكترونى) للتفرقة بين مبيعات السيارات الجديدة كلياً والمعاد بيعها كسيارات مستعملة.. إلا أن النظام المتبع حالياً لايزال متمسكاً بأخطاء الماضى.. فأين صحة المعلومات؟!
■ عندما ترك (؟) عمله بالمملكة السعودية بعد أن قضى ما يزيد على 20 عاماً من منطلق رؤيته المستقبلية بالاستقرار مع الأسرة فى بلده مصر.. أراد أن يستحدث مشروعا يختص برياضة السيارات وبالتحديد حلبة لسباقات الكارتينج، وبعد تعاقده على أرض المشروع بدأ رحلة العذاب مع الجهات الرسمية (وغير الرسمية) للبدء فى مشروعه، فطلب منه أوراق من وزارة الزراعة والبترول والآثار والإسكان، والمفرقعات.. وغيرها كثير، ولتمتد رحلة عذابه لأكثر من ثمانية أشهر دون الوصول لمبتغاه، فأخذ قراره بتصفية ما تم، وليلملم شمل أسرته وأمواله وتوجه راحلاً إلى (دبى) وليتقدم بأوراق مشروعه التجارى لإدارة (منطقة جبل على الحرة) ليحصل على الموافقات والتصاريخ اللازمة وكذا توصيل كافة الخدمات من هاتف وإنترنت ومياه وكهرباء.. بأربع ساعات فقط؟! فلا يمكن التعليق سوى أن نظام توافر المعلومات على (أسرع المستويات) بخلاف انعدام البيروقراطية والروتينية المتخلفة بمثل هذا البلد العربى المتحضر.
■ كانت انطلاقة الألفية الثالثة فى مصر إعلاناً بالتقدم الموعود مع (الحكومة الذكية) التى أعلنها رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف (وبغض النظر عما تعرض له من تداعيات ثورة 25 يناير)، إلا أن هذا الأمر كان من الدعايا الحسنة (فقط) لعصره- مع الاعتراف بتطوير بعض القطاعات فى هذا الاتجاه- إلا أن طبيعة المعلومات الحديثة والإلكترونية يجب لها أن ترتبط كافة المصالح والقطاعات الحكومية ببعضها البعض بل ومع القطاع الخاص أيضاً وهو ما لم يحدث، وليبقى العديد من الجهات الرسمية والحكومية تعمل بالنظام اليدوى العقيم والمتخلف والمعطل لمصالح المواطنين شأن الشهر العقارى، المحاكم، والعديد من الهيئات والوزارات الأخرى.. فأين ذهبت الحكومة الذكية المزعومة؟!
إن تطور هذا البلد العريق لن يقوم إلا بتوافر المعلومات السريعة والدقيقة والمميكنة من جانب، وإدارة وتعليم أبنائه أهمية هذا التطور وكذا الإلمام بتلك الأنظمة للمعلومات.. وإلا سنظل على قمة الأمم التى من حولنا- ولكن- فى عهد الفراعنة القديم الذى طالما تباهينا به أمام العالم.