السوق العربية المشتركة | تغيير السلوك مقدمة التنمية

السوق العربية المشتركة

الخميس 14 أغسطس 2025 - 03:39
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
تغيير السلوك مقدمة التنمية

تغيير السلوك مقدمة التنمية

«13» سلوك إرادة مكافحة الإرهاب

المعروف لدى القاصى والدانى أن الإرهاب أحد أكبر معوقات التنمية، فصاحب رأس المال وطنياً كان أو عربياً أو أجنبياً يخشى على استثماراته ويترد فى الاستثمار فى أية بيئة اقتصادية يُمارس فيها الإرهاب، وكذلك يبتعد السياح عن تلك البيئة. ولم يكن فى مصر حتى قيام ثورة الخامس والعشرين إرهاباً، ثم ظهر الإرهاب مع إقصاء الشعب لحكم الجماعة الإرهابية المسماة بالإخوان، وكانت كل أحاديث تلك الجماعة قبل عزلها متوعدة بأن يسود الإرهاب جميع أرجاء الوطن، وهذا وحده دليل قاطع على أن الإرهاب الأسود الذى تشهد مصر اليوم من عمل تلك الجماعة الإرهابية.



والإرهاب جريمة بشعة لا تجدى معها أساليب مكافحة الجرائم العادية، الأمر الذى يستلزم إرادة سياسية لسرعة مكافحة الإرهاب للقضاء عليه فى أقل وقت ممكن، وهذا ما تسير عليه جميع الدول.

وسبق للشعب المصرى أن أعلن صراحة عن رغبته وعزمه فى مكافحة الإرهاب فخرج منه إلى الشوارع أكثر من ثلاثين مليون مواطن أيدهم ضعفهم وهم فى أعمالهم أو منازلهم، وكان ذلك استجابة سريعة لطلب الرئيس عبدالفتاح السيسى وقت أن كان وزيراًللدفاع حيث طلب منهم تفويضاً وأمراً بتكليفه لمكافحة العنف والإرهاب المحتمل، وكانت تلك نظرة مستقبلية ثاقبة من الرئيس.

ولا نشك مطلقاً فى أن لدى الرئيس إرادة سياسية حقيقية فى مكافحة الإرهاب وسرعة القضاء عليه، لأنه رجل وطنى يحب بلده، ولأنه حازم بطبيعته.

وإذ نقدر جهود قواتنا المسلحة ورجال الشرطة وتضحياتهم اليومية لمكافحة الإرهاب، إلا أن الفترة الماضية وحتى هجوم العريش الأخير، لم نلحظ السرعة والحزم المطلوب الذى يريده الشعب فى القضاء على الإرهاب، الأمر الذى أزعج الشعب المصرى وبدأنا نسمع أصواتاً عالية تطالب بسرعة القضاء على الإرهاب، والجميع يردد: لقد أصدرنا التفويض والأمر المطلوب.

ولا أشك ولا يشك أى مواطن فى جهود قواتنا المسلحة ورجال شرطتنا البواسل وتضحياتهم العظيمة، أو فى رغبتهم الأكيدة فى سرعة القضاء على الإرهاب.

وطالما توافرات الإرادة السياسية وإرادة قواتنا المسلحة وشرطتنا لسرعة القضاء على الإرهاب، فإن العائق فى نظرى كان الحرص من الجميع قيادة سياسية وجيش وشرطة على عدم الإضرار بالأبرياء، خاصة أن الإرهابيين سواء فى سيناء أو فى باقى أنحاء مصر يندسون بين المواطنين ويحتمون بهم، الأمر الذى يعيق جهود القضاء بسرعة على الإرهاب وجرائم الإرهاب وظروف مكافحتها تختلف عن الجرائم العادية وظروفها، الأمر الذى يخلف ضحايا عند مكافحة الإرهاب، وهذا يحدث فى العالم كلة، وأقرب وأكبر مثال على ذلك ما حدث فى فرنسا فى واقعة صحفية شارل إبدو حيث سقط العديد من الضحايا عند تصفية الإرهابيين، وما كان ممكناً تصفيتهم دون سقط أبرياء.

وهذه الحقيقة تدركها القيادة السياسية وتدركها جهات المكافحة فى القوات المسلحة وفى الشرطة، ولا ينبغى أن يكون سقوط أبرياء عائقاً امام مكافحة الإرهاب، إلا أنه يجب أن يدرك رجال النيابة العامة ورجال القضاء حقيقة ضرورة سقوط أبرياء فى عمليات المكافحة، فالقضاء على الإرهاب رغم سقوط ضحايا نتيجة للمكافحة انفع وأصلح للمجتمع من بقاء الإرهاب، ورحم الله زكى بدر وزير الدخلية الأسبق الذى لم يعيقه عائق فى مكافحة الإرهاب إلى الحد الذى كان يطالب فيه بتصفية الإرهابى دون القبض عليه. كما يجب أن يدركوا أن ضابط عدم التجاوز فى استخدام حق الدفاع الشرعى الذى يطبق فى الجرائم العادية لا يصلح لأن يطبق فى جرائم الإرهاب، فالمعروف أن من حق رجال السلطة العامة ومن حق المواطن أيضاً أن يستخدم حق الدفاع الشرعى عن نفسه وعن ماله.

وعن نفس ومال الغير ولو اقتضى ذلك القتل، إلا أن القضاء يقيد ذلك الحق فى الجرائم العادية بضرورة تناسب وسيلة الدفاع الشرعى مع وسيلة الشروع فى الاعتداء، فإن تجاوزتها كان هناك تجاوزاً فى استخدام حق الدفاع الشرعى. وكما قلنا هذا القيد يطبق فى الجرائم العادية ولا يصلح للتطبيق فى جرائم الإرهاب بسب طبيعتها وظروف واسلوب ارتكابها والوسائل المستخدمه فيها ونوعية الإرهابيين وعقائدهم الخاطئة، فضلاً عن عنصر الغدر والمباغة التى تتصف بها جرائم الإرهاب، فلو أن شخصاً ملثماً حاملاً سلاحاً يسير فى الشارع فلا يجوز تقيد حق الدفاع الشرعى تجاهه بقيد عدم التجاوز فى استخدام ذلك الحق، لأن الملثم الذى يحمل سلاحاً فى الشارع لا شك فى أنه إرهابى يشرع فى ارتكاب جريمة إرهابية ويجب استخدام حق الدفاع الشرعى حيالة لمنع ارتكاب الجريمة الإرهابية دون انتظار لاستخدامه للسلاح الذى يحمله، والشخص الذى يحمل كيساً ثقيلاً فى الشارع يشتبه فى كونه عبوة ناسفة ولا ينصاع لأمر رجل السلطة العامة أو طلب المواطن العادى بالوقوف لمعرفة ما يحمله هو إرهابى يشرع فى ارتكاب جريمته، ولا يجب تقييد استخدام حق الدفاع الشرعى حياله، وعدم تصفية أمثال هؤلاء فى تلك الظروف يعد إهمالاً من جانب رجال مكافحة الإرهاب.

ويجب أن ندرك جميعاًَ ما تقدم، وأن نحمى رجال المكافحة عند استخدامهم لحق الدفاع الشرعى فى مثل الظروف التى أشرت إليها.

وبغير تلك الحماية سيتردد رجال المكافحة فى استخدام حق الدفاع الشرعى ما يؤثر سلباً على أدائهم، والمثال الواضح على ذلك ما حدث مؤخراً عندما رفض راكب دراجة بخارية يركب معه شخص آخر الوقف بأحد الكمائن فاطلق عليهما ضابطان الرصاص فقتلا، فأمرت النيابة العامة بحبس الضابطين احتياطياً، ذلك أن العبرة فى هذه الحالة بالظروف التى تمر بها البلاد وعدم معرفة سبب هروب راكب الدراجة البخارية والتى ولدت لدى الضابطين اعتقاداً جازماً أنهما إرهابيان يشرعان فى تنفيذ عمل إجرامى، وقد ترك قرار حبس الضابطين احتياطياً أثراً سيئاً لدى جميع الضباط والأفراد بالدخلية وفضل بعضهم التهاون فى أداء عملهم عن الحبس الاحتياطى.

وأتمنى من حاملى لواء حقوق الانسان أن يدركوا خطورة الإرهاب وضرورة مكافحته حتى لو مس ذلك بعض حقوق بعض المواطنين، لأننا فى ظروف غير عادية ونواجه خطرا مدمراً للدولة وللمجتمع، وقد استمعت مؤخراً لمداخلة تليفزيونية للأستاذ حافظ أبوسعدة عضو مجلس حقوق الإنسان، وهو محامٍ يعلم القانون جيداً وقت أن كان يعلق على أحداث العريش الأخيرة وندد بها، وتزيد فى حديثه وأشار إلى أن الشرطة ما كان لها أن تتصدى لمظاهرة ميدان طلعت حرب بمقولة أنها سلمية، فى حين المظاهرة أصلاً مخالفة للقانون، لأنها قامت بدون إذن كما تطلب القانون ومن واجب الشرطة ليس فضها فقط بل القبض على جميع المتظاهرين حتى لو كانوا سلميين وتقديمهم للمحاكمة لخرقهم لقانون التظاهر، فطالما وجد القانون فيجب علينا أن نحترمه ونطبقه.

ومقتضى وجود الإرادة السياسية لمكافحة الإرهاب اتخاذ جميع الإجراءات العاجلة والحاسمة التى تساعد فى القضاء على الإرهاب فى سيناء، ومن ذلك توسيع نطاق المنطقة الآمنة على حدود قطاع غزة لتصل إلى عشرة كيلومترات تحسباً لتطور آلية حفر الانفاق مستقبلاً، ونقل جميع الجهات الحكومية إلى ما بعد تلك المنطقة، ويمكن الاستعانة فى إقامة المساكن والمبانى الجديدة للمواطنين والمصالح الحكومية بأموال صندوق تحيا مصر، لأنها أموال مخصصة لتحيا مصر المهددة بالإرهاب، ويمكن لجهاز الخدمة المدنية بالقوات المسلحة تنفيذ كل ذلك بدقة وكفاءة عالية وبأقل التكاليف خلال فترة وجيزة، ومن ذلك أيضاً جعل المنطقة العازلة بطول حدودنا مع غزة وبعرض عشرة كيلومترات منطقة تنمية خالية من الأشجار والمبانى، كأن تستخدم كمزارع أسماك تعيش على مياه من البحر الأبيض المتوسط، وتدار بمعرفة العسكريين المتقاعدين تحت إشراف جهاز الخدمة المدنية بالقوات المسلحة.

إذا نشكر إرادة الرئيس واستجابته الفورية لمطالب الشعب لسرعة مكافحة الإرهاب ومن ذلك إسناد المهمة إلى قيادة عليا موحدة معروفة بالحزم، وتخصيص عشرة مليارات جنيه لمكافحة الإرهاب والتنمية فى سيناء، لندعو الله أن يوفقه فى سرعة مكافحة الإرهاب.

حمى الله جيش مصر العظيم وشرطتنا الباسلة الذين يضحون بأرواحهم لكى نحيا وتحيا مصر، وشعب مصر كله يقف خلف قواته المسلحة وشرطته الباسلة.