السوق العربية المشتركة | الاقتصاد العالمى مرشح للنمو.. وسط تحديات

السوق العربية المشتركة

الإثنين 18 أغسطس 2025 - 15:11
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
نائب رئيس مجلس الإدارة
م. حاتم الجوهري
الاقتصاد العالمى مرشح للنمو.. وسط تحديات

الاقتصاد العالمى مرشح للنمو.. وسط تحديات

هناك احتمال كبير جدّاً بأن ينمو الاقتصاد العالمى. فقد سجّل الاقتصاد العالمى نموّاً فى كل عام منذ الحرب العالمية الثانية، مع استثناء وحيد فى عام 2009، وهو العام الذى اندلعت فيه الأزمة المالية العالمية، عندما انكمش، بواقع %2 فى أسعار الصرف فى السوق، وبقى ثابتاً تقريباً من حيث معادل القوة الشرائية.



يتوقّع صندوق النقد الدولى أن ينمو الاقتصاد العالمى بنسبة 4٪ تقريباً من حيث معادل القوة الشرائية. وهى بداية جيدة ومهمة أيضا: فحين يسجل النمو السنوى 4٪، فان الاقتصاد العالمى يتضاعف كل 18 عاماً.

كما يمكن أن نكون متأكدين الى حد ما من أن الاقتصادات الناشئة ستسجل نموا بوتيرة أسرع من الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، كما أن اقتصادات آسيا الناشئة، أى اقتصادات شرقى وجنوبى آسيا، سوف تنمو بوتيرة أسرع من الجميع. وكان هذا أيضا نمطاً طويل الأجل.

اذ حققت الاقتصادات الناشئة الآسيوية نموا بوتيرة أسرع من الاقتصادات الناشئة مجتمعة فى كل عام تقريبا منذ 1980، حتى فى عام 1998، وهو العام الأسوأ فى الأزمة المالية الآسيوية. الاقتصاد فى آسيا يتباطأ حاليا، ويُعزى ذلك الى حد كبير الى التباطؤ الاقتصادى فى الصين. لكن لا يزال من المتوقع أن يسجل نموا بمعدل سنوى يتجاوز 6٪.

ومن المتوقع أن تنمو الاقتصادات الناشئة ككل بنسبة قريبة من 5٪ سنويا. وفى غضون ذلك، من المتوقع أن تحقق الاقتصادات ذات الدخل المرتفع نموا بنسبة أعلى قليلا من 2٪. السبب الرئيسى وراء نمو الاقتصادات الناشئة بوتيرة أسرع من الاقتصادات ذات الدخل المرتفع هو اللحاق بركبها، أى امكانية تطبيق المعرفة القائمة بالفعل، وهى امكانية لم تستنفد بعد. وباستثناء وقوع كارثة من نوع ما، فمن المتوقع أن يستمر هذا الأمر، لكونه القوة العاملة الأقوى فى الاقتصاد العالمى منذ عقود عدة.

من بين الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، من المنطقى أيضا أن نراهن على أن الولايات المتحدة سوف تنمو بوتيرة أسرع من أوروبا واليابان فى أى سنة بعينها. ويعود ذلك جزئيا الى أن الديموغرافيا فيها أفضل، وبسبب أيضا التقدّم التقنى الأسرع فيها.

ومن ثم، الى أى مدى يمكن أن نذهب أبعد من ذلك فى تقييم عام 2015 على وجه التحديد؟

تركّز التوقعات قصيرة الأجل دائما على الطلب. الا أنه من المنطقى أن ندرج العرض أيضا. فالاقتصادات التى تعانى من ركود استثنائى فى النشاط الاقتصادى يمكن أن تنمو بوتيرة أسرع من المعتاد. ومن بين الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، تعتبر بلدان الأطراف فى منطقة اليورو الأكثر ركوداً، وهى التى يمكن أن تحقق الآن نموا أسرع نسبيا.

ويمكن أن يبدأ التحسّن حتى فى 2015، لكون أسعار الفائدة طويلة الأجل منخفضة، والميزانيات العمومية للقطاع الخاص باتت أقوى والعجز المالى تحت السيطرة. واذا تجاوز البنك المركزى الأوروبى جميع المعوقات، فان الارتفاع فى مستوى الثقة ربما يدهشنا.

صدمة ايجابية أخرى لجهة العرض ربما تتمثل فى حدوث انتعاش فى نمو الانتاجية فى الاقتصادات ذات الدخل المرتفع التى ضربتها الأزمة، ومنها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. ومن شأن حدوث ذلك أن يشكل مفاجأة صغيرة.

مفاجأة ايجابية أخرى على صعيد العرض قد نشهدها فى الهند، التى ستكون صاحبة الاقتصاد الكبير الأسرع نموا فى العالم، خلال العقدين أو العقود الثلاثة المقبلة.

ومن العوامل المساعدة الأخرى استمرار انخفاض معدل التضخم. وهو ما يسمح للسلطات النقدية بأن تبقى متساهلة فى سياساتها. ومن المتوقع أن يحدث التشديد فى السياسات النقدية فى بريطانيا والولايات المتحدة بوتيرة بطيئة. أما فى منطقة اليورو واليابان، فستسير السياسة النقدية فى الاتجاه المعاكس، وذلك بسبب أن المخاوف من الانكماش لا تزال قوية. ولأن الاقتصاد الصينى يضعف، تجد بكين نفسها مدفوعة للتخفيف من سياساتها النقدية.

العامل الايجابى الأكثر أهمية يتمثل فى انخفاض أسعار النفط. وتتوقع مدونة لصندوق النقد الدولى مثيرة للاهتمام أن يزداد الناتج العالمى بنسبة تتراوح بين %0.7 و %0.3 فى عام 2015 نتيجة لذلك. ويساعد انخفاض أسعار النفط عن طريق الحد من التضخم ورفع مستوى الدخل الحقيقى للمستهلكين. واذا ما بقيت الأسعار عند مستويات منخفضة، فان هذه الفائدة قد تدوم لفترة من الوقت.

ولننظر الآن الى السلبيات المحتملة. تشير التجارب الى أن اندلاع أزمة مالية كبيرة هو الحدث الاقتصادى الأكثر تأثيراً وتسبباً فى اعاقة النمو العالمى. ومن المخاطر الواضحة التى قد تهدد النمو العالمى حدوث انهيار مالى فى الصين وانهيار فى منطقة اليورو أو أزمة حادة فى الاقتصادات الناشئة مع ارتفاع قيمة الدولار وارتفاع أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة الأمريكية وهروب رءوس الأموال.

وتبدو جميع تلك الاحتمالات ممكنة. لكن لا يبدو أن أيا منها سيحدث، ويعود ذلك الى حد كبير الى أن صانعى السياسات فى جميع تلك الحالات سيكونون على الأرجح قادرين على التعامل مع المخاطر. بيد أن الخطر الأكبر سيكون فى تفكك منطقة اليورو. وهو مشروع سياسى، أسسه السياسية التى يستند اليها هشّة وضعيفة. ان تنجو المنطقة من التفكّك أمر وارد، لكنه غير مؤكد.

مصدر آخر محتمل لاحداث اضطراب وتعطيل شديدين، يتمثل فى وقوع صدمة جيوسياسية. لكن تلك الصدمة لا بد أن تكون كبيرة. حرب 1973 بين الدول العربية واسرائيل وهجوم العراق على ايران فى 1980 ارتبطتا بشكل وثيق بالصدمات النفطية. الهجمات الارهابية الأخيرة لم تلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد العالمى. بيد أن اندلاع الصراع بين القوى الكبرى أو حدوث حرب نووية فى الخليج أو ارهاب نووى، ربما تكون أحداثا تغيّر قواعد اللعبة. لكن صراعا مباشرا بين القوى العظمى لم يحدث منذ الحرب الكورية. وقد ثبت خلال الحرب الباردة أنه يمكن التعامل والتحكم فى النتائج الاقتصادية للحروب بالوكالة. ولا يسع المرء سوى أن يأمل فى أن ينطبق الأمر ذاته على الحرب الباردة الجديدة بين روسيا والغرب.

أنْ نشهد عاماً آخر من النمو المعقول فى الاقتصاد العالمى هو باختصار أمر بعيد. وهذه هى النتيجة الأكثر ترجيحا فى 2015. مع ذلك، يمكن أن يكون 2015 عاما جيدا نسبيا، تحديدا فى الولايات المتحدة. لكن، وهنا نضع «لكن» كبيرة، تبقى التحديات الهيكلية العميقة قائمة.

وعلى وجه التحديد، نستمر فى الاعتماد على البنوك المركزية لادارة ما أطلقت عليه «متلازمة نقص الطلب المزمن». بيئة أسعار الفائدة المنخفضة جدا هى العارض الأكثر تعبيراً عن هذا الوضع. ومع تراجع معدلات الاستثمار المرتفعة على نحو غير عادى فى الصين، فان نقص الطلب سيزداد سوءا على الأرجح. ونقص الطلب فى ألمانيا يجعل من حل أزمة منطقة اليورو أمراً صعباً للغاية. لكن يجب على البنوك المركزية أن تكون قادرة على التكيّف لعام آخر