السوق العربية المشتركة | «السوق العربية» ترصد الوجه الآخر لبوابة مصر الغربية:

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 20:42
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

«السوق العربية» ترصد الوجه الآخر لبوابة مصر الغربية:

 الوجه الآخر لبوابة مصر الغربية
الوجه الآخر لبوابة مصر الغربية

هنا مطروح: خدمات «غائبة».. وتنمية «محلك سر»

مشكلات كثيرة تعوق عملية التنمية الاقتصادية والخدمية بمحافظة مرسى مطروح، وغيرها من المناطق الواقعة بطول الساحل الشمالى، خاصة ما يتعلق منها بزراعة واستصلاح الأراضى وتنمية الثروة الحيوانية باعتبارهما مصدر الدخل الرئيسى، وإن لم يكن الوحيد لسكانها.



فمطروح التى تعد واحدة من أكبر محافظات الجمهورية من حيث المساحة، ربما تكون تسميتها بـ”الأرض المفقودة”، والتى أطلقها عدد من سكانها عليها فى الآونة الأخيرة، خير دليل على ما تعانيه من حرمان، وعدم تطوير للخدمات والمرافق، بالإضافة إلى عدم الاستغلال الأمثل لمواردها الطبيعية، خاصة فى ظل موقعها الجغرافى المميز فى الشمال الغربى بطول 450 كم حتى الحدود الليبية، وعمق فى صحراء الجنوب يصل إلى 400 كم من ناحية، وحاجة الدولة إلى النهوض بالاقتصاد وتحقيق الاكتفاء الذاتى خلال المرحلة الحالية والمقبلة.

“السوق العربية” تجولت داخل عدة مناطق متفرقة بالمحافظة ورصدت عن كثب الوجه الآخر لبوابة مصر الغربية، الذى قد لا يراه كثير من رواد القرى والشواطئ السياحية، فكانت السطور التالية.

فى بداية منحدر صخرى بالقرب من إحدى المناطق القريبة من الساحل الغربى للمحافظة، انشغل قاسم حميدة، ذلك الشاب الثلاثينى، بزيه البدوى، فى محاولة جمع قطيع الغنم الذى يرعاه فى المنطقة المحيطة بمنزله المكون من طابق واحد، والذى يقول عنه إنه يمثل كل ما لديه من رأس مال إلى جوار قطعة من الأرض تقبع فى مصبات الأمطار، خاصة وأن مفهوم الزراعة لديهم لا يتعدى أشجار الزيتون أو التين أو الشعير فى الوديان التى تصنعها الأمطار والسيول وسط الجبال والهضاب.

ويشكو “حميدة” من مشكلة وصفها بـ”العويصة” لدى جميع سكان مطروح، وهى عدم توافر المياه الصالحة للشرب أو رى الأراضى.

ويقول وهو يشير إلى تبة خرسانية لا يتجاوز ارتفاعها المتر ونصف المتر تقبع إلى جوار الطريق الأسفلتى: “هذا البئر الذى يقع فى مصب الأمطار والسيول، نقوم بتنظيفها وتطهير مجراها قبل بداية الشتاء لأنها مصدر المياه الوحيد للزراعة والشرب بالنسبة لنا والمواشى التى نقوم بتربيتها، خاصة أنها تحمل مخزونا من المياه يتراوح بين 200 و300 متر مكعب”.

لحظات قليلة تمر.. يقترب بعدها “قاسم” من البئر، وهو يمسك بحبل طويل يتدلى فى نهايته دلو بلاستيكى ذو 4 فتحات أسقطه داخلها، ثم جذبه يميناً ويساراً، ليسحبه إلى أعلى بعد دقيقة ليجده مليئاً بالمياه النقية التى شرب منها، ثم صب بقيتها فى إناء على الأرض ليسقى عدداً من الماعز والخراف الصغيرة، التى تجمعت حوله وكأنها تخبره بعطشها.

يواصل “قاسم”، حديثه وهو يحاول منع الشال البدوى الذى يغطى جانب كبير فى وجهه من التدلى على فمه بفعل تيار الهواء الشديد فى المنطقة: “لا يوجد أدنى اهتمام بنا، فالثروة الحيوانية التى تعتبر مصدر رزقنا الوحيد تحتاج إلى تنمية حقيقية لم نجدها من قبل الحكومات المصرية السابقة، وهناك حاجة إلى توفير الأعلاف، بالإضافة إلى مشكلة عدم توافر المياه اللازمة لزراعة واستصلاح الأراضى، خاصة فى فترات الجفاف التى تمر علينا”.

لخص “قاسم” فى حديث لم يستغرق ربع من الساعة جانب كبير مما تعانيه المحافظة، من تجاهل حكومى وحرمان خدمى، أما عبدالبارى سعيد، أحد سكان منطقة القصر، فيحكى عن المشكلات التنموية من خلال ورقة صغيرة حملها فى يده، قائلاً: “دى المشكلات اللى أنا شايفها وعايشها فى المدينة طوال 30 عاماً”.

يعدد “عبدالبارى”، فى الورقة مطالبه للمسئولين، التى يقول عنها إنها تعبر عن جزء كبير من آراء سكان المحافظة، فبينما يطالب بأن تكون الأولوية فى التعيين لأبناء القبائل داخل القطاعين العام والخاص، يشدد فى مطلب آخر على ضرورة أن يكون لهم نسبة من العمالة بشركات البترول الواقعة داخل نطاق المدينة، إلا أن أهم مطلب يراه ذلك الشاب الثلاثينى، تمثل فى اهتمام الحكومة باستصلاح الأراضى الصحراوية بجميع مراكز ومدن المحافظة، بالإضافة إلى مساهمتها فى حفر آبار المياه الجوفية وتنمية الثروة الحيوانية.

وفى منطقة قريبة من قرية أم الرَخَمْ، يلفت انتباهك وجود آثار لأعمال حفريات أثرية غير مكتملة تظهر فقط مدخل ما يشبه المعبد الجنائزى، عرفت فيما بعد من أحد سكان المنطقة التى تقطنها قبيلة العميرات، أنه معبد رمسيس الثانى، الذى اكتشف فى 1941، والذى ما أن خطونا تجاهه إلا واعترضنا رجل خمسينى، يدعى خير الله عبدالقادر، يرتدى الزى البدوى التقليدى، وهو يقول بعد أن اطمأن لمقصدنا: “هذا معبد أثرى، نقبت عنه بعثات إنجليزية لكنها لم تستكمل أعمالها حتى الآن”.

يتمنى “عبدالقادر”، اهتمام مسئولى الآثار والسياحة بتنمية المنطقة واستكمال أعمال التنقيب عن المعبد، لتحقيق ما سماها “تنمية سياحية حقيقية” تستطيع توفير فرص عمل لأبناء المنطقة وليس للوافدين عليها من المحافظات الأخرى، بالإضافة إلى ارتقاء المسئولين عن التعليم فى الدولة بمستوى العملية التعليمية فى المحافظة، من خلال إنشاء جامعة داخلها، والاهتمام بتطوير جميع المدارس والمنشآت فى القرى والمراكز التابعة لها.

ويلتقط الشيخ خالد عبدالسلام، أحد السكان، طرف الحديث، من “عبدالقادر” بقوله: “عندنا شركات بترول كثيرة فى المحافظة، تبلغ حوالى 20 شركة حفر وتنقيب، وما يزيد على 230 شركة مساعدة آخرى، ورغم ذلك لا يوجد بها عمالة من سكان مطروح بها، وذلك نتيجة عدم وجود تعليم فنى جيد يؤهل أبناءنا للعمل فى هذه الشركات”.

وتساءل “عبدالسلام”، كيف يعقل أن نكون مواطنين مصريين ولا نشرب من مياه النيل؟ هل يتخيل أحد أن سكان السلوم وسيدى برانى والنجيلة يشربون مياهاً محلاة من البحر؟ ومتى ستحين لحظة عدم اعتمادنا على شراء جرارات المياه بمبالغ تتراوح بين الـ50 والـ120 جنيها للواحد منها؟ ولماذا لاتكون التنمية شاملة تسير فيها السياحية إلى جانب الزراعية دون الاكتفاء بالتركيز على واحدة منهما فقط مع مراعاة ما يتلائم منها مع طبيعة المنطقة وإمكانيات وقدرات أبنائها؟!”.

يواصل الشيخ خالد، حديثه عقب تنهيدة قصيرة بقوله: “أنبوب المياه الوحيد القادم من العلمين يخدم مارينا وقراها فقط، أما الخط القادم من الإسكندرية فيغذى مطروح وضواحيها بحصة معينة ومحدودة، وعدم استغلال ترعة الحمام حتى الآن يزيد من سوء الوضع فى المنطقة الواقعة فى الجهة الغربية منها”.

“قاسم”: نعانى نقصاً حاداً فى الخدمات.. والثروة الحيوانية تشكو قلة المراعى والأعلاف
خالد: لدينا 20 شركة بترول و230 شركة مساعدة لا يوجد بها عمالة من أبناء المحافظة
عبدالله: عدم تقنين أراضى وضع اليد ساهم فى تأخر تنمية أجزاء كبيرة من الساحل ومطروح