مثّل منشور الرئيس عبد الفتاح السيسي، عقب الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية لعام 2025، لحظة محورية في مسيرة الحياة السياسية المصرية، يعكس حرصه الشديد على نزاهة العملية الانتخابية، وضمان أن يعبّر البرلمان القادم عن إرادة حقيقية للشعب، لا مجرد نتائج شكلية.

ووجّه الرئيس السيسي، في المنشور، اللغة الصريحة إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، مطالبا بتدقيق عميق في الأحداث والطعون التي رُفعت في بعض الدوائر، وضمان اتخاذ قرارات تعكس صوت المواطن بدقة وفقا لمبدأ العدالة والشفافية.

قال الرئيس السيسي: "وصلتني الأحداث التي وقعت في بعض الدوائر الانتخابية التي جرت فيها منافسة بين المرشحين الفرديين"، مؤكدا أن هذه القضايا تخضع في فحصها والفصل فيها للهيئة الوطنية للانتخابات دون غيرها لأنها هيئة مستقلة وفق قانون إنشائها. 

وأصدر الرئيس السيسي توجيهات واضحة، قائلا: يجب على الهيئة التدقيق التام في الطعون المقدمة، وأن تتخذ القرارات التي ترضي الله وتكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية، كما طالب بأن تُعزز الشفافية من خلال التأكد من حصول مندوب كل مرشح على نسخة من كشف حصر الأصوات في اللجنة الفرعية، ليكون التمثيل البرلماني نابعا من إجماع ديمقراطي حقيقي، وليس مجرد بيانات رسمية بلا تحقّق. 

ونتيجة لذلك، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة القاضي حازم بدوي، إلغاء نتائج الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب في 19 دائرة انتخابية موزعة على 7 محافظات بعد رصد مخالفات تمس نزاهة الاقتراع والفرز.

لم يكن كلام الرئيس مجرد تأكيدات نظرية، بل لقي صدى واضحا من الأحزاب والقيادات السياسية التي أشادت بتوجيهات السيسي باعتبارها سابقة تاريخية تُظهر التزاما رئاسيا بنزاهة الانتخابات، ودليل على أن الدولة تسعى لتشكيل برلمان يعكس إرادة المواطنين دون تلاعب، ويضمن مصداقية العملية الانتخابية. 

جسّد الرئيس السيسي بهذا المنشور، انتصارا لإرادة الشعب المصري، فبدلا من القبول التلقائي بالنتائج مهما كانت، رفض أن تكون هناك نتائج غير دقيقة إذا كان هناك شك في الإرادة الشعبية الصافية، فهذه خطوة لها رمزية كبيرة، فالرئيس وضع أمام الهيئة مبدأ العدالة الانتخابية كأولوية وطنية، ورسخ بذلك رسالة قوية للمواطنين مفادها "صوتك مهم ويجب أن يُحترم".

هذا التوجّه الرئاسي يمهّد لمرحلة جديدة في الحياة السياسية، حيث تكون الانتخابات أكثر شفافية، ويعزز ذلك بناء مؤسسات برلمانية قوية وقادرة على تمثيل المجتمع بشكل حقيقي، كما يبعث برسالة إلى جميع المرشحين عنوانها المنافسة يجب أن تكون نزيهة، ومن حق كل ناخب أن يرى أن صوته مسموع، ومن حق كل مرشح أن يطمئن إلى أن العدالة تُمارس.

في النهاية فإن منشور الرئيس السيسي يعكس رؤية واضحة لمسار انتخابي عادل ونزيه، ويؤكد التزام الدولة بتمكين إرادة الشعب، وأنه لا تراجع عن مبدأ أن البرلمان القادم يجب أن يكون تجسيدا حقيقيا لصوت الناخبين، حتى وإن لزم الأمر إعادة الانتخابات.

وقد تلقى هذا المنشور ترحيبا واسعا من المصريين، بعدما جاء بمثابة انتصار لإرادتهم ورسالة قوية بأن الديمقراطية النيابية ليست مجرد شكل، بل جوهر ينبغي حمايته وتعزيزه.