رسالة أمل.. طفلة تُعيد الاعتبار لكرامة "قادرون باختلاف"
مساء أمس، كتبت مقالًا تناولت فيه جهود رجال الشرطة عامة، وضباط وأفراد الإدارة العامة لشرطة النجدة خاصة، في حفظ الأمن والسلم الاجتماعي. واليوم، جاءتني رسالة مؤثرة من طفلة تُدعى أمل محسن، حملت بين سطورها شهادة حية صدّقت ما كتبته، بل أضفت إليه بُعدًا إنسانيًا يصعب أن يُعبَّر عنه بالحبر وحده.
أمل، واحدة من أطفال “قادرون باختلاف”، باتت رمزًا حيًّا لكرامة لا تُقاس بالعمر أو الإمكانيات، بل تُصان بقوة القانون وإنسانية رجاله.
القصة بدأت بخطوات بسيطة من منزلها في قرية صلاح الدين بمحافظة البحيرة، خرجت لشراء كارت شحن وبعض الحلوى. دخلت أحد المحال، وسألت عن السعر، لكن البائع قابلها بتجاهل غليظ وتنمّر فج، وصل إلى حد إلقاء النقود في وجهها وطردها من المكان.
تجربة قاسية لفتاة صغيرة، لكن أمل لم تستسلم. لم تبكِ في صمت، بل حملت جُرحها وطلبت النجدة. حرفيًّا. اتصلت بشرطة النجدة، في نداء لم يخذلها.
وصلت الدورية بسرعة، ونزل الضباط بهدوء، لم تكن هناك تحقيقات جافة أو إجراءات روتينية. بل سؤال بسيط:
“قوليلي إيه اللي يرضيكي وأنا أعملهولك؟”
كان كافيًا لتسيل دموع الطفلة، لا من الألم، بل من الإحساس بأن صوتها وصل، وأن الدولة لم تتركها وحيدة.
وقف البائع بعدها معتذرًا علنًا، وانحنى ليقبّل رأسها، لتشعر أمل أن كرامتها عادت، وأن العدالة ليست حكرًا على الكبار.
الضابط حرّر محضرًا بالواقعة، رغم تنازل أمل، تأكيدًا أن كرامة المواطنين – كل المواطنين – لا تسقط بالتنازل.
وفي بيتها، كتبت على “فيسبوك”:
“شكرًا سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، شكرًا وزارة الداخلية، بجد غيرتوا حياتنا.. إحنا قادرون باختلاف.. بس مش لوحدنا.”
كلماتها وصلت، وتفاعل معها الاتحاد المصري للإعاقات الذهنية، مؤكدًا أن في هذا الوطن لا شيء أغلى من الإحساس بالأمان.
ما حدث لم يكن مجرد استجابة أمنية، بل موقف إنساني نبيل، ورسالة قوية بأن الشرطة المصرية اليوم أكثر قربًا من الناس، وأكثر وعيًا بأن مهمتها لا تقتصر على فرض النظام، بل تمتد لحماية الكرامة، ودعم الفئات الأكثر احتياجًا.
شكرًا لأمل التي ذكّرتنا جميعًا بأن الكرامة لا تتجزأ.
وشكرًا لشرطة النجدة التي جسدت المعنى الحقيقي للأمن.. حين يصبح الحارس على الإنسان قبل القانون.