د. مظهر شاهين يطالب بتنظيم الإشراف الدعوي لرحلات الحج والعمرة

أحمد الأشعل
أصدر الدكتور مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم بالقاهرة، بيانًا مهمًّا يناشد فيه شركات السياحة ووزارة الأوقاف المصرية بتنظيم الإشراف الدعوي المصاحب لرحلات الحج والعمرة، بما يليق بجلال الشعائر وقدسية المناسك. استهل شاهين بيانه بحمد الله والصلاة على رسوله الكريم، مشيرًا إلى أن الحديث عن الإشراف الدعوي المصاحب للرحلات يتجدّد في كل موسم، وأنه في ظل ما رُصد من مظاهر وممارسات تستوجب التصويب والتنظيم، بات ضروريًّا أن يكون الإشراف الدعوي تحت مظلة واضحة تحمي قدسية هذه الرحلات.
وجّه شاهين حديثه إلى شركات السياحة المنظمة لرحلات الحج والعمرة، مشيرًا إلى أن الدولة، عبر وزاراتها المعنية، تتعاون بشكل منضبط في الإشراف الدعوي من خلال ترشيح مشرفين معتمدين من الأئمة والدعاة المؤهلين، في مقدمتهم وزارة الداخلية. لكنه أكد بأسفٍ بالغ أن بعض شركات السياحة الخاصة قد سلكت مسلكًا مغايرًا يبعث على القلق، بعدما لجأت إلى اختيار المشرفين الدعويين على أساس “الشهرة” أو الجاذبية الإعلامية، لا على أساس الفقه والعلم والاعتدال. وقال شاهين: “لقد تحولت بعض الرحلات إلى وسيلة للتربح والظهور، بدلًا من كونها ميدانًا للعبادة والتوجيه، وأصبح المشهد وكأن نجومية الشخص أهم من قدسية المكان، وكأن القبول مرهون بمن يصحب الرحلة لا بمن يقصد الله بقلب خاشع”. وأضاف أن الأمر – في بعض الحالات – وصل إلى حد “السبوبة” أو “الكعكة” التي يتقاسمها بعض القائمين على شركات السياحة مع من يصحبونهم من الدعاة، في مشهد يُسيء إلى رمزية الإمام والداعية، ويُفرغ الإشراف الدعوي من هيبته، مُحذرًا من استغلال “العمامة الأزهرية” في إعلانات تجارية تنقص من قيمتها وتشوه رمزيتها.
وأكد شاهين أن المطلوب من كل مشرف دعوي يصحب الحجيج أن يكون فقيهًا بمناسك الحج والعمرة، مدرّبًا على الإفتاء والتعليم، ومشهودًا له بالكفاءة والاعتدال والوسطية، بعيدًا عن أي شهرة زائفة أو مصالح خاصة. وناشد شركات السياحة الخاصة الالتزام التام بالمسار المؤسسي في اختيار المشرفين، عبر وزارة الأوقاف، وأن تُعلي من مكانة الشعيرة ولا تُفرّط فيها بمنطق السوق أو التكرار، مطالبًا إياها بالتعاون مع الدولة في حماية قدسية المناسك، لا استغلالها تجاريًّا.
وأشاد شاهين بالدور المهم الذي تضطلع به وزارة الأوقاف في إدارة الشأن الدعوي، مقترحًا عليها أن تتبنى آلية عادلة وشفافة لترشيح المشرفين، تضمن العدالة وتمنع الاحتكار، من خلال فتح باب الترشح سنويًّا أمام جميع المؤهلين من الأئمة والدعاة، وإجراء اختبارات ومقابلات علمية ومهارية تحت إشراف لجان متخصصة، وتحديث قوائم المشرفين كل عام، ومنع تكرار الأسماء إلا للضرورة القصوى، وإعطاء الأولوية لمن لم يسبق له الإشراف أو أداء فريضة الحج، وضمان عدالة توزيع البدلات القانونية المقررة، وإغلاق أبواب المحاباة. وأكد شاهين أن وزارة الأوقاف مسؤولة أخلاقيًّا ومهنيًّا عن تحقيق تكافؤ الفرص ومنع احتكار الإشراف الدعوي لفئة محددة، وتدوير الفرص بين الكفاءات، بما يحفظ العدالة ويرفع معنويات العاملين في الميدان الدعوي.
وفي خطوة مهمة، دعا شاهين إلى تفعيل هذا الملف تحت مظلة مجلس الوزراء، من خلال تعاون مباشر بين وزارتي الأوقاف والسياحة، لإصدار تنظيم رسمي ملزم يتضمن ألا يُسمح بسفر أي مشرف ديني إلا بعد اعتماد رسمي مكتوب من وزارة الأوقاف، وأن تكون وزارة الأوقاف هي الجهة الوحيدة المختصة بترشيح المشرفين المؤهلين، وإصدار قرار تنظيمي واضح يُعمم على جميع شركات السياحة الخاصة، وجميع الهيئات المنظمة للرحلات. كما اقترح شاهين أن تتقدم وزارة الأوقاف ووزارة السياحة بمشروع قانون إلى مجلس النواب، أو تعديل تشريعي يضيف فقرة قانونية تنص صراحة على: “تُناط بوزارة الأوقاف دون غيرها مسؤولية إصدار التراخيص للمشرفين الدينيين على رحلات الحج والعمرة، بعد استيفاء الضوابط والإجراءات المقررة قانونًا، ولا يُعتدّ بأي إشراف ديني لم يحصل على اعتماد رسمي صادر عنها.” وقال إن هذا التشريع سيضمن توحيد المرجعية، ويمنع الفوضى، ويحمي قدسية الشعائر من أي استغلال.
وفي ختام بيانه، شدّد شاهين على أن هذه المناشدة لا تهدف إلى طلب موقع أو مصلحة شخصية، وأعلن صراحةً اعتذاره عن الإشراف على أي رحلة حج أو عمرة حاليًا أو مستقبلًا، مؤكدًا أن هدفه الوحيد هو المصلحة العامة، وتنظيم العمل الدعوي بما يليق بقدسية الشعائر. وقال: “﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا ٱلْإِصْلَاحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِيٓ إِلَّا بِٱللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [هود: ٨٨]”. وختم شاهين بالدعاء: “نسأل الله أن يُبارك في كل من يعمل بإخلاص لخدمة حُجّاج بيت الله الحرام، وأن يجعلنا جميعًا من أهل العدل والحق، وأن يُعلي مكانة الشعائر، ويُسدّد القائمين عليها، ويجعل هذا العمل في ميزان القبول والرضا”.