رسالة دكتوراه في إدارة المخاطر والأزمات توصي بإنشاء وزارة تواصل مجتمعي واستخدام الإعلام الرقمي لمواجهة حروب الجيل الرابع والخامس

السوق العربية
حصل الكاتب الصحفي عبدالمنعم حلاوة، على درجة الدكتوراه في إدارة المخاطر والأزمات من جامعة القاهرة، عن "دور الإعلام الرقمي في تحسين استجابة المؤسسات الحكومية لإدارة الأزمات في مصر"، ومواجهة تكتيكات حروب الجيل الرابع والخامس من خلال استراتيجية إعلامية فعالة تقودها المؤسسات الحكومية الرسمية والمؤسسات الإعلامية أيضا الحكومية والخاصة، وأوصت بإنشاء وزارة للتواصل المجتمعي.
تضمنت الدراسة المقدمة إلى قسم الدراسات المهنية بكلية الدراسات العليا للبحوث الإحصائية بجامعة القاهرة،
حضر المناقشة لفيف من خبراء الإعلام والباحثين والأكاديميين والمختصين من مؤسسات حكومية، مجلس الوزارء وهيئة الرقابة الإدارية والقوات المسلحة، وأعضاء من مجلس نقابة الصحفيينوالباحثين.
وضع استراتيجية عمل شاملة قابلة للتطبيق لتطوير أداء المؤسسات الرسمية في مصر بمختلف توجهاتها وتخصصاتها لإدارة الأزمات، والتنبوء بها قبل حدوثها، وكانت بإشراف الأستاذة الدكتورة آمال سليمان، والأستاذة الدكتورة إيمان مسلم، وتضمنت لجنة الحكم الأستاذ الدكتور عبدالله عبدالفتاح، والأستاذ الدكتور/ السيد خاكر عميد الكلية السابق.
كما سعت لوضع خطة عمل متكاملة مساعدة المؤسسات على وضع الخطط الاستراتيجية والتكتيكة للتعامل مع الأزمات لها والاستحابة لها وتقليل خسائرها سواء البشرية أو المادية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، بل وتحويل الأزمة إلى فرصة، وذلك من خلال منصات الإعلام الرقمي (مواقع إلكترونية- منصات تواصل اجتماعي -تطبيقات أخبرا وفيديو- راديو رقمي وبودكاست)، والذي يكتسب خطورته من انتتشاره الهائب وتأثيره غير المحدود.
الإعلام الرقمي يفوق السلاح النووي
واشارت الدراسة التي تضمنت جزء نظري وجزء عملي تطبيقي على المؤسسات الحكومية والإعلامية في مصر، إلى أن الإعلام عموما والرقمي خصوصا أخطر أسلحة حروب الجيل الرابع والخامس (الهجومية والدفاعية).
وكانت حروب الجيل الرابع تستهدف بصورة مباشرة الدولة الوطنية وتفكيكها والقضاء على سيطرتها على السلطة وعلى المجتمع والجيش، ويصبح الولاء ليس للدولة ولكن لأفكار أو طوائف أو عرقيات متنازعة، مع ضرب عمق المجتمع واستهداف المدنيين بالأسلحة التقليدية العسكرية والإعلام والشائعات.
ولا تواجه الدولة المستهدفة عدوا مباشرا بل يمكن أن تواجه جماعة أو طائفة يحركها العدو من الخارج، للتشكيك ف يالهوية والثوابت الوطنية، لذلك تستخدم سلاح الحرب النفسية الإعلامية بمصطلحات تثير الشك في النفوس مثل التشكيك في أي عملية إرهابية تحدث، ووصف الإرهابيين بأنهم معارضة مسلحة، ومحاولة تحميل مسؤولية أي عمل إرهابي للدولة وأنها من دبرته ومن صنع المخابرات وأجهزة الدولة لإيجاد مبرر للقمع والاستحواذ على السلطة وبالتالي إفقاد الشعب الثقة في الجيش وأجهزة الدولة.
أما حروب الجيل الخامس فهي الأخطر حاليا، لأنها تستهدف ضرب أمور غير مادية مثل المبادئ والقيم والتماسك والقيم داخل المجتمع ومثل الهندسة الاجتماعية، من خلال المعلومات الخاطئة والهجمات الإلكترونية، إلى جانب التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والأنظمة المستقلة بالكامل. ووصف دانيال أبوت حرب الجيل الخامس بأنها حرب "معلومات وإدراك".
وهذا النوع من الحروب يؤثر على كافة عناصر القوة الوطنية للدولة (السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية والعلمية، والثقافية، والنفسية)، ويعني هذا تآكل إرادة الدولة ببطء لإرغامها على تنفيذ إرادة أعدائها فى النهاية أو السقوط فى تبعية فكرية واقتصادية دائمة.
وزارة تواصل مجتمعي
وخرجت الدراسة بعدة نتائج وتوصيات لتطوير أداء المؤسسات الرسمية وتحسين استجابتها للازمات من خلال الإعلام الرقمي، منها:
إنشاء وزارة تواصل مجتمعي، لتعزيز الثقة بين المواطنين والمؤسسات ونشر المعلومات بسرعة وبطرق إيداعية وعبر منصات رقمية متعددة، والتواجد النشط والفعال في وقت الأزمات ونشر الحقائق والمعلومات في الوقت الحقيق، على أن تكون وزارة دولة تعمل وفق خطط استراتيجية إعلامية، نظرا لأن هناك حاجة ملحة لسد الفجوة بين المجتمع والمؤسسات الحكومية إعلاميا.
ووضعت الدراسة خطة عمل كاملة لهذه الوزار، وأهدافها وآلياتها واستراتيجاتها، على ان الوزير هو وزير دولة، يستخدم كل إدارت الإعلام في المؤسسات والهئيات الحكومية في جميع أنحاء مصر.
كما أوصت الدراسة بتطوير تطبيقات ومنصات رقمية تسهل عمليات إدارة الأزمات في كل المؤسسات الحكومية، تستطيع نشر النصائح والتوجيهات وجمع المعلومات ومعالجتها ونشر المفيد منها للجمهور بسرعة ودقة خاصة في المراحل الأولى لوقوع الأزمة لتحجيم الأضرار والسيطرة على المواقف سواء المتضررين من الأزمة، والذين يكونون في حالة ذعر وخوف، أو من يريدون المساعدة فيتم تنسيق الجهود بين الفرق المختلفة لإدارة الأزمة
نظرية المؤسسة هي الوسيلة والرسالة.
طرحت الدرسة نظرية جديدة تعتمد على تحويل المؤسسات الحكومية إلى مؤسسات إعلامية تقوم بدورها المجتمعي بجانب دورها الخدمي، لتصبح المؤسسة هي وسيلة الإعلام وتضع الرسالة الإعلامية التي تنقلها عنها المؤسسات الإعلامية التقليدية.
حيث تحتاج المؤسسات الحكومية إلى إدارات إعلام مستقلة وإدارات خاصة بالأزمات تضم الكوادر المدربة على التعامل مع وسائل الإعلام المختلفة وجميع المنصات الرقمية، وفهم آلية عملها والمحتوى المناسب لكل منصة سواء كانت مكتوبا او مصورا، وعندها ستكون أقدر على مواجهة الأزمات التي ستستهدف المجتمع وكلك الأزمات الطبيعية والتصدي لجميع أشكال الحروب وخاصة حروب الجيل الرابع والخامس.
ويجب على كل المؤسسات أن تهتم بتقديم رسالة إعلامية مناسبة للمواطنين، وتقدم لهم المعلومات بشفافية ووضوح بوالطريقة المناسبة لهم، ويجب الاهتمام بوسائل نقل هذه الرسالة، لتصبح الوسيلة هي الرسالة بحسب أقدم النظريات الإعلامية التي صاغها مارشال ماكلوهان.
أنه في العصر الحالي والظروف الحالية التي تمر بها المجتمعات والتطور الهائل في الإعلام وتغير طبيعة الأزمات وأساليب صناعتها فإن المؤسسات الحكومية تحتاج إلى أن تكون هي وسيلة الإعلام في حد ذاتها وهي وسيلة التواصل مع الجمهور والتأثير فيهم وتكون هي صاحبة الرسالة من خلال أدوات التأثير والاتصال الحديثة، ومنصات الإعلام الرقمي المتنوعة.
كما أوصت بصرورة توفير المتحدث الرسمي المهني في كل المؤسسات الحكومية وكذلك تجهيز كوادرالمدربة مهنيا وإعلاميا لكتابة المحتوى الإعلامي الفعال لجميع المنصات الرقمية، والتواصل مع الجماهير وقت الأزمات، وتأهيل كتاب المحتوى والفنيين والمتخصيين في السوشيال ميديا وتجهيز مقاطع الفيديو والجرافيك لنشر التعليمات السريعة للمواطنين وقت الأزمة.
واستخدام تحليل البيانات لفهم أفضل للأزمة وتنبؤ بالتطورات المستقبلية، مما يمكن من اتخاذ قرارات مستنيرة، لأن الأرقام هي أصدق حقيقة عن الأزمة ونجاح التصدي لها، واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في كل المؤسسات الحكومية لمعالجة تدفق كم هائل من المعلومات والأرقام وقت الأزمة، والتي يحتاج القائمين على إدارة الأزمة والاستجابة السريعة لها للتعامل بسرعة مع هذه المعلومات وتصنيفها وترتيبها وتحليلها وبث الأرقام الصحيحة.
وأخيرا تطوير تطبيقات ومنصات رقمية لتسهيل الاستحابة للأزمة أصبح ضروريًا في عالم اليوم حيث تزداد متطلبات العمل والحياة الشخصية تعقيدًا. هذه التطبيقات تساعد الأفراد والمؤسسات على تحسين الاستجابة للأزمات.