السوق العربية المشتركة | ارتفاع أسعار الكتب الجامعية مشكلة تواجه الطلاب وأولياء الأمور

السوق العربية المشتركة

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 20:49
رئيس مجلس الإدارة
أمانى الموجى
رئيس التحرير
أشرف أبوطالب

ارتفاع أسعار الكتب الجامعية مشكلة تواجه الطلاب وأولياء الأمور

محرر السوق العربية يتحدث مع الطلاب
محرر السوق العربية يتحدث مع الطلاب

فى ظل وجود أزمة اقتصادية وتدنى المستوى المعيشى لكثير من المصريين وكأن الأسر المصرية فى حاجة إلى أزمات جديدة؛ فبالإضافة إلى الكثير من الأزمات التى تعانى منها الأسر المصرية تبرز إلى السطح هذه الأيام مع العام الدراسى الجديد مشكلة ارتفاع أسعار الكتب الجامعية، وهنا يأتى السؤال وهو: على من تقع مسئولية الأزمة؟ هل على الإدارة الجامعية التى لا تدعم الكتاب بعرضه داخل منفذ الكليات بأسعار مخفضة؟ أم على الأساتذة الذين يستهدفون الربح ويعرضون كتبهم بأسعار عالية فى مكتبات خارجية ويجبرون الطلبة على شرائها؟ أم على الطالب الذى يقبع فى مكانه راضيا بالوضع دون اعتراض؟



ونبدأ فى كلية التجارة بجامعة القاهرة، حيث هناك معاناة لدى الطلبة لارتفاع أسعار الكتب التى يصل إجمالى سعرها إلى حوالى 450 جنيها للترم الواحد، ويقول الطالب احمد على بالفرقة الثانية، إنه لا يهتم كثيرا بشراء الكتب الدراسية لارتفاع سعرها ووجود اكثر من كتاب فى المادة الواحدة، وأضاف أن أغلبية المحتوى الكتابى يكون باللغة الإنجليزية، وهو لا يستطيع استيعابه بشكل كبير، كما أشار إلى أن الامتحان غالبا ما يخرج عن محتوى الكتاب المقرر، بل يعتمد على المحاضرات التى يلقيها الدكتور، لذلك يضطر الطلبة إلى حضور المحاضرات أو الكورسات ليسهل فهم المادة.

وحين حاولت الاستفسار عن مدى استعانة أحمد بالدعم الذى يقدمه قسم التكافل الاجتماعى بالكلية للكتب قال إنه لا يفضل اللجوء إلى التكافل لصعوبة شروطه ويحتاج إلى “لف ودوران”على حد تعبيره، موضحا أن أسهل طريق هو حضور المحاضرات.

أما بالنسبة لكلية الصيدلة فالأمر متشابه إلى حد كبير، حيث يصل إجمالى سعر الكتب للترم إلى 500 جنيه، وكلها تباع داخل منفذ خاص بكل قسم داخل الكلية.

يقول محمود سعيد، الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الصيدلة، إن الطلبة يضطرون إلى شراء كتب المواد العلمية بنسبة أكبر من المواد النظرية لما فيها من تجارب علمية ينبغى تطبيقها، مضيفاً إنه ليس هناك إجبار من الدكاترة على الشراء، لكننا نعتمد بشكل كبير على الكورسات التى يصل سعرها إلى 1000 جنيه شهريا، للمادة الواحدة ونضطر لحضورها “عشان منشلش المادة ونفهمها”.

ومن ناحية أخرى فالأمر يختلف فى الكليات الأدبية، حيث إن الأسعار أقل منها فى الكليات العملية، تقول امانى محمد، الطالبة بكلية الآداب، إن إجمالى أسعار الكتب يصل إلى حوالى 180 جنيها، فى حين أن جميع الكتب تباع خارج الكلية، لكنها فى كل الأحوال لا تعتمد على الكتب إلا التى بها نظام الشيت للحصول على الدرجات، فكل اعتمادها على الملازم والمذكرات، وترى مها أن الدكاترة لا يستغلون الطلاب لأنهم يساعدون غير القادر بحيث يوفرون له الكتب مجانا.

وفى كلية التجارة لا يلتزم الطلبة أيضا بشراء الكتب لضخامة حجمها وصعوبة استيعابها، حيث إن كل اعتمادهم على حضور المحاضرات أو الملازم والكورسات.

أما بالنسبة لكلية الألسن فالأمر يسير عكسيا، حيث تقولى منى صبرى، الطالبة بقسم إنجليزى، إن المنفذ يبيع الكتب بأسعار غالية “الكتاب يباع هنا فى المنفذ بأربعين جنيها، فى حين أستطيع شراءه من خارج الكلية بخمسة وثلاثين فقط”.

وفى سياق متصل تقول نهى احمد، الطالبة بكلية التربية، إن هناك دكاترة يتعمدون عدم شرح المحاضرات كاملة ووضع نظام الشيت فى آخر الكتاب ليضطر الطلبة لشرائه.

وحين تطرقنا إلى مشكلة وجود الكتب خارج الجامعة وبيعها بأسعار غالية فى المكتبات، وجدنا أن موضوع بيع الكتب الجامعية مستقطب لكثير من المكتبات الخارجية لما فيه من ربح، حيث يقول ايمن سعيد، صاحب مكتبة علاء الدين: إن كتب معظم أقسام آداب تقريبا توجد لديهم، ويرى أنه من المفترض أن يتواجد الكتاب الجامعى بالكلية، لكن الدكاترة يفضلون التعامل مع المكتبات الخارجية بشكل أكبر من مكتبة الجامعة لأنها مربحة أكثر، خاصة إذا طلب الدكتور تسجيل أسماء الطلبة الذين يشترون الكتاب ما يجعل الطلبة يضطرون للشراء.

اما بالنسبة لحسن محمود، صاحب مكتبة الرواد، فهو يرى الأمر من منظور مختلف، حيث يشير إلى أن عملية بيع الكتب الجامعية تعتبر وسيلة تعريفية للمكتبة فيسهل التعامل معها لأن المكتبات الخارجية لا تعتمد اعتمادا مطلقا على بيع الكتب بل تقدم خدمات تعليمية أخرى كثيرة، مضيفاً أنه بالرغم من أن عملية بيع الكتب مربحة جدا لكن المكتبة لا تأخذ سوى 5% من ثمن الكتاب.

أما أساتذة الجامعة فيرون شيئا آخر، حيث تقول دكتورة سهى عبدالرحمن، الأستاذ بكلية الآداب، إنها تؤيد بشكل كبير طرح الموضوع الدراسى للنقاش وبحث الطالب عن المعلومات بنفسه ليكتسب مهارات البحث، مضيفة أن توفر الدعم الجامعى للكتاب يتوقف على شراء الكلية لحقوق نشر المادة من الدكتور، وتقوم بنشره وطباعته، كما كشفت دكتورة سهى أن هناك مقترحا مقدما لإدارة الكلية بأن تكون أسعار الكتب ضمن المصروفات الدراسية.

ومن جانبه رأى الدكتور محمد الهوارى، الأستاذ بكلية الآداب قسم اللغة العربية، أن لكل مادة ظروفها، وليس كل المواد تستحق طبع كتاب لها، كما أكد أن هناك سلبيات كثيرة فى موضوع الكتاب يرفضها هو شخصيا، كأن يضع الأستاذ نظام الشيت فى الكتاب بحيث يجبر الطلاب على شرائه، أو أن يقرر للطلبة أكثر من كتاب فى المادة الواحدة بالترم الواحد بغرض الحصول على أموال أكثر خاصة فى الأقسام قليلة العدد، فى حين المقرر من الكتاب فى المادة جزء صغير جدا.

وأيضا كشف الهوارى عن وجود سرقة لحق ملكية المؤلف تتم فى الجامعة، حيث إن هناك كتب فى الجامعة مصورة من كتب ومراجع أخرى ثم يضع الأستاذ عليها اسمه دون تأليفه لها، وهذا يسىء للأستاذ الجامعى بشكل كبير.

وفى سياق آخر كانت نسبة الطلبة المستفيدة من صندوق دعم التكافل الاجتماعى ليست كبيرة، حيث يقول سمير حمزة مدير إدارة التكافل الاجتماعى بكلية العلوم، إن الإدارة تتكلف 70 ألف جنيه سنويا لدعم الكتاب الجامعى، فى حين أن عدد الطلبة المستفيدين من هذا الدعم 36 % من إجمالى الطلبة، وتعد هذه النسبة ضئيلة لضخامة عدد الطلبة بالكلية الذى يصل إلى خمسة آلاف طالب.

وأضاف حمزة أن الدعم لا يقدم لكل الكتب المقررة، حيث يفضل توجيه الدعم للكتاب العملى أكثر، إذ يوجد به تجارب علمية تحتاج إلى تنفيذها فى المعامل والسكاشن، كما أن الطالب لا يستطيع تصويره، أو استعارته من المكتبة، أما الكتاب النظرى فيمكن تصويره أو استعارته من المكتبة أو حتى أخذه من طالب فى دفعة سابقة له.

أما فى كلية الألسن فالأمر مختلف تماما، حيث إن قسم التكافل الاجتماعى لا يقدم دعما للكتاب الجامعى، وذلك لكثرة وتعدد أقسام الكلية، حيث يقدم الكتاب المدعم للطلاب المستحقين ممن لديهم بحوث اجتماعية بشكل ودى، عن طريق العلاقة الودية مع الأساتذة، حيث يتبرع الدكاترة بجزء من الكتب للقسم يتم توزيعهم على الطلبة المستحقين.

وبعد عرض الأمر من عدة جوانب، يُطرح هنا تساؤل: هل يمكن للمسئولين النظر إلى الأمر؟ ومحاولة تحقيق آمال الطلبة لرفع مستوى منظومة التعليم الجامعى فى مصر؟

مشكلة خطيرة تسربت فى مراحل التعليم المختلفة حتى وصلت إلى قمتها وهو التعليم الجامعى.إنها الدروس الخصوصية فبعد انتهاء المرحلة الثانوية يتمنى أولياء الأمور أخذ أنفاسهم من وباء الدروس الخصوصية الذى لاحقهم طيلة 3 سنوات لكنهم يصدمون بشبح أكبر وأفظع ”الدروس الخصوصية” لتتحول العملية التعليمية إلى بيزنس استثمارى واسع يجنى من يدخل فيه من أصحاب الضمائر الفارغة من مكاسبه الكبيرة وتحول المعلم من رسولً للعلم إلى رجل أعمال.

لم تعد الكليات النظرية أقل ضغطا فى منظومة الدروس الخصوصية من الكليات العملية، اذ انتشرت بشكل كبير فى كليهما حيث تجد أن كليات الطب والصيدلة والهندسة والمحاسبة والحاسبات والمعلومات واللغات تتصدر القائمة من حيث الدروس الخصوصية سواء كان فى المواد النظرية أو العملية ويتراوح “الكورس” فى المادة ما بين 500 و2000 جنيه حسب طبيعة الكلية وسعر الدكتور أو المعيد.

تقول الطالبة هويدا مصطفى، طالبة بكلية الطب جامعة عين شمس: إن العملية التعليمية لديها فى الكلية تقوم أساسًا على الدروس الخصوصية لكنها فى نفس الوقت ليست إلزامية فكل طالب يملك حرية حضور هذه الدروس أو لا، وفق احتياجه لها، مؤكدة عدم وجود تمييز فى معاملة الأساتذة للطلاب الذين يحضرون معهم الدروس الخصوصية عن الآخرين الذين لا يحضرون وذلك لضخامة عدد الطلبة الذين يحضرون الدروس فتصل نسبة الحضور إلى 75% من عدد طلبة الدفعة.

وأشارت إلى اضطرار الطلاب لحضور تلك الدروس لعدم استطاعتهم الإلمام بالمادة العلمية من خلال شرح الأساتذة فى المحاضرات لصعوبة الفهم على عكس الدروس التى يقوم فيها الأساتذة بتسهيل المادة العلمية عليهم وتلخيصها فى “ملازم” تسهل إدراكها وتحصيلها فى نهاية العام.

أما عن أسعار الكورسات فقالت الطالبة سالى شاهين الطالبة بكلية الطب إنها تتراوح بين 500 و1500 جنيه فى السنة للمادة الواحدة، فيما أشارت إلى أن أفضل ما يميز الدروس هو الملازم التى تسهل تحصيل المادة العلمية عن الكتب الجامعية التى تتشابه كثيرا مع كتب الثانوية العامة بكلامها المتلاصق وشكلها الذى يدعو للنفور على حد وصفها.

وفى النهاية لم ترجح الطالبة نهائيًا فكرة إلغاء الدروس الخصوصية بقولها أنها بذلك سوف “تضيع“ ولن تحصل على تقديرات.

وما بين غياب الضمير والسعى لجنى المال بحجة انخفاض المرتبات وبين تدنى قيمة المعلم وصورته فى الأذهان ينحسر الطالب بين التطلع لتقديرات رفيعة وبين ضيق اليد لتوفير كم هائل من الأموال حيث يقول احد طلبة كلية الصيدلة بجامعة القاهرة إنه يضطر للعمل طيلة العام بجانب دراسته التى تتطلب منه وقتا كبيرًا فى حضور المحاضرات والدروس وأيضًا المذاكرة لكنه مطالب كل شهر بمبالغ كبيرة تصل إلى 1000 جنيه شهريًا لكورس المادة الواحدة مما جعله كشخص مربوط فى ساقية لتلبية مستلزمات دراسته.

أما عن كلية الهندسة فإنها تتميز بنظام خاص حيث عدم وجود الكتب الجامعية واعتماد الطالب على ذاته فى التحصيل العلمى لذلك يضطر الطلبة إلى الاعتماد على الدروس الخصوصية للتمكن من استيعاب المادة خاصة أن المعيدين المسئولين عن تلك الدروس يكونون ملمين بالمناهج بشكل أكبر. لذلك تجد أن هناك 90% من الدفعة الواحدة يلجئون إلى الدروس فى بعض المواد وتلك نسبة كبيرة جدا من عدد الطلبة.

وقالت دينا الطالبة بكلية الهندسة إن أهم ما يميز الدروس الخصوصية هو “ملازم” الشرح خاصة فى ظل عدم وجود كتب تجمع المادة العلمية ولكن تلك “الملازم مكلفة جدًا حيث أضطر إلى شراء ملزمة كل أسبوع يصل قيمتها إلى 50 جنيها للواحدة وإلى آخر الشهر أكون دفعت مبلغا هائلا فى كل المواد بجانب ثمن الكورس أساسًا”.

وكشفت دينا أن هناك “بيزنس” يتم داخل الجامعة حيث تحولت المراكز التى خصصتها الجامعة لخدمة الطلبة فى التصوير والطباعة إلى مراكز لبيع “ملازم” الدروس الخصوصية وذلك بعلم إدارة الجامعة والأساتذة أيضًا.

”هدف الدروس الخصوصية فى الجامعات هو الأموال وليس تسهيل المادة على الطلبة” هذا هو ما بدأت به نسمة عاطف الطالبة بكلية الآداب كلامها حيث أكدت أن الطلبة يسعون إلى تلك الدروس إما لأنهم لا يجدون حلاً آخر لتحصيل واستيعاب المادة العلمية إما لأنهم يسيرون مع القطيع أى كما أخذ زملاؤهم يأخذون هم تلك الدروس مجرد تقليد لا أكثر.

وأضافت أنها لا تفضل مثل هذا النظام نهائيًا وأن منعه يعتمد على ضمير الأستاذ الجامعى وثقافته ولا يجب أن يعمم على كل الأساتذة، مؤكدة أن هناك أساتذة يراعون ضمائرهم ويستوفون شرح المادة العلمية داخل المحاضرات مما لا يجعل الطلبة يلجئون إلى مثل تلك الدروس.

وفى تصريح خاص لـ«السوق العربية» أكد الدكتور السيد عبدالخالق وزير التعليم العالى أن الوزارة تضع استراتيجيات جديدة منها تحسين المقررات داخل الجامعات المصرية وتأتى من جانب اعضاء هيئة التدريس وهذه المسألة تحتاج إلى تعديل بعض التشريعات، واعلن عن قيام الوزارة باطلاق 160 برنامجا نوعيا داخل الجامعات المصرية.

من جانبه قال الدكتور عادل عبدالغفار المتحدث الرسمى لجامعة القاهرة انه لا يوجد وقت محدد لانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية فى الجامعات ولكنها تفاقمت مع زيادة تكدس الطلاب بالمدرجات وقلة الإمكانيات بالكليات.

واضاف أن ظاهرة الدروس الخصوصية السبب فيها هو المناهج الدراسية التى تعتمد على الحفظ والتلقين فالطالب منذ نعومة أظافره ومناهج التربية والتعليم تقوم بحشو عقله بالمعلومات بطريقة ميكانيكية تعتمد على الحفظ وتتجاهل باقى الهرم المعرفى من الفهم والتحليل والتركيب بالإضافة إلى طريقة التحاقه بالجامعة التى قد تكون فرضت عليه دراسة علم لا يرغب به ولكن المجموع هو ما أدى به إلى تلك الكلية.

فيما أشار إلى أن استمرار الاعتياد لدى الطالب على تلقى المعلومات بنفس الشكل حتى فى المرحلة الجامعية، ومحتوى المقررات استمرت على نفس الشكل ونفس الأسلوب على الرغم من أنه من المتعارف عليه أن المرحلة الجامعية هى مرحلة البحث عن المعلومة.

وأكد الدكتور عادل أن تدنى مرتبات أعضاء هيئة التدريس ساهم بشكل كبير فى تفاقم تلك المشكلة لأن عضو هيئة التدريس لم يعد قادر على أحوال معيشته ومتطلباتها من خلال راتبه الحكومى، وبالتالى هذا الاحتياج ساهم بشكل كبير فى ظهور سلبيات عديدة قد يكون منها استغلال البعض للطلاب وربط أعمال السنة بالدروس الخصوصية وربط شراء الكتاب الجامعى بأعمال السنة.