زيارة الأمير بن سلمان إلى القاهرة.. خطوة نحو تعزيز التضامن العربي
عندما تطأ قدم أي قائد عربي أرض مصر، فإن ذلك يحمل في طياته معاني كبيرة تتجاوز البروتوكول السياسي، ولهذا فإن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لجمهورية مصر العربية ولقاءه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا يمكن النظر إليها إلا من خلال عدسة أوسع، تلتقط معاني الأخوة، وتعيد تذكيرنا بمدى أهمية التضامن العربي في هذه اللحظة التاريخية.
إن اللقاء بين الزعيمين يأتي في وقت تعيش فيه المنطقة اضطرابات وأحداثاً ساخنة، من التوترات في غزة، إلى الوضع المتأزم في لبنان، وليس انتهاءً بالأوضاع الاقتصادية والتحديات الأمنية التي تواجه مختلف دولنا العربية. وفي ظل هذه الظروف، تعكس هذه الزيارة رسالة واضحة، وهي أن التعاون العربي هو الطريق الأمثل لمواجهة هذه الأزمات، وأن مصر والسعودية تقفان كركيزتين أساسيتين لاستقرار المنطقة.
ومن خلال متابعتي للحدث استطيع أن أقول إن المحادثات التي أجراها الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس السيسي تتناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وهي علاقات لطالما كانت حجر الزاوية في التضامن العربي.
وبالحق أقول إننا حينما نتحدث عن مصر والسعودية، فنحن نتحدث عن دولتين تشكلان عموداً فقرياً للأمة العربية، فالمواقف السياسية والدبلوماسية التي تتبناها كل من القاهرة والرياض كانت ولا تزال مواقف ثابتة، تتسم بالحكمة وبعد النظر.
وإن ما يميز هذه الزيارة هو أنها لا تقتصر فقط على تبادل المجاملات الدبلوماسية، بل تأتي لترسيخ أسس التعاون الاستراتيجي والاقتصادي بين البلدين، ولعل من ثمار الزيارة التوقيع على تشكيل مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي برئاسة كل من الرئيس السيسي وولي العهد السعودي، واتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين البلدين.
والحديث عن تدشين مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي هو خطوة ملموسة نحو تحويل الرؤية المشتركة إلى واقع ملموس يخدم مصالح الشعبين. فمجلس التنسيق هذا سيكون الجسر الذي تعبر من خلاله طموحاتنا المشتركة إلى المستقبل، خاصة في مجالات الاستثمار والتجارة والطاقة.
في ضوء ما نشهده من تحديات إقليمية، من الضروري أن تواصل مصر والسعودية التنسيق المشترك لتجاوز المرحلة الدقيقة التي تمر بها منطقتنا. فالتحديات التي تواجه الأمة ليست مقتصرة على دولة دون الأخرى، بل هي تحديات جماعية تتطلب منا تعزيز العمل العربي المشترك. وما يحدث في غزة أو لبنان يؤثر في جميع العرب، لأن المصير واحد.
إن زيارة الأمير محمد بن سلمان للقاهرة ليست مجرد زيارة دبلوماسية تقليدية، بل هي خطوة نحو بناء تحالف أقوى وأكثر تماسكا، يعزز صمود المنطقة أمام الضغوطات الخارجية. ومع تصاعد التحديات الاقتصادية والأمنية، تبدو الحاجة إلى تحالف مصري سعودي أشد من أي وقت مضى، ليس فقط لصالح البلدين، بل لصالح الأمة العربية ككل. وختامًا، فإن هذه الزيارة تفتح آفاقًا جديدة للعلاقات بين مصر والسعودية، وتجدد الأمل في أن التضامن العربي يمكن أن يكون حجر الزاوية في استقرار المنطقة وتحقيق طموحات شعوبنا. حفظ الله بلادنا العربية وشعوبنا ووفق ولاة أمورنا لما فيه خير الأمة وصلاحها.
د. يوسف العميري