المبيدات الزراعية.. قنبلة موقوتة أم حارس يحمي المحاصيل الزراعية من الآفات المضرة
تحقيق - سميرة سالم
رغم أن وظيفة المبيدات الزراعية الاساسية هي قتل الآفات المضرة والحفاظ على المحاصيل، إلا أنها المتهم الأول في الإصابة بالأمراض السرطانية وغيرها، وما بين مؤيد ومعارض لاستخدامها، كان للخبراء رأي آخر نرصده لكم فيما يلي.
مصر لا يوجد بها مبيدات مسرطنة
بداية صرح المهندس ماهر أبو جبل، مستشار الأمانة العامة لاتحاد المهندسين الزراعيين العرب، بأن مصر لا يوجد بها مبيدات مسرطنة، مؤكدا أن لدينا مهندسين زراعيين أكْفَاء قادرين على ضبط السوق بالكيفية التي تجعلنا نخرج منتجات نظيفة نغزو بها العالم، مضيفا أن مصر اليوم هي الأولى في إنتاج وتصدير كثير من الحاصلات، مما يجعلها تمثل رمانة ميزان الأسعار.
وقال بأن المبيدات واحدة من أهم التطبيقات لمكافحة الآفات والحفاظ على جودة المحاصيل في العالم، واعترفت بها جميع المدارس الكبرى في عالم الزراعة وعالم البيئة سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي أو اليابان، مفسرا بأن التطبيق الخاطئ هو ما يؤدي إلى الوصول إلى نتائج سلبية، بينما إذا تم التطبيق طبقا للموصي به من الجهات الرسمية سنصل إلى نتائج رائعة.
وأكد بأن كل ما تم ايقاف تداوله من مبيدات عند المدارس التي تعتمد عليها مصر كمرجع من المرجعيات الكبرى في العالم سواء الأمريكية أو الأوروبية أو باليابانية تم منعه في مصر، وقولا واحدا لا يوجد مبيد في مصر يتم تداوله إلا بتصريح وبواسطة تداوله في دول المنشأ من الدول الكبرى، ولا يزال حتى هذه اللحظة كل ما يتداول في مصر بالمثل يتم تداوله في المدارس الكبرى.
وبخصوص برنامج مطبقي المبيدات، أشار إلى أن وزارة الزراعة اتجهت منذ عشرة أعوام لتطبيق برنامج مطبقي المبيدات؛ لتأهيل كوادر بالقطاع الخاص تستطيع أن تراقب وتنفذ وتطبق المبيدات طبقا لما تصرح به وزارة الزراعة، وهو برنامج رائع أثمر عن تخريج الآلاف من مطبقي المبيدات.
وفيما يخص الزراعة العضوية، قال بأن لا شك أن مصطلح عضوي مصطلح رائع، ويعني أننا نستخدم جميع مدخلات الطبيعة في الزراعة، وهو ما يتطابق تماما مع جميع احتياجات البيئة، إلا أن كم انتاجها أقل من كم انتاج الزراعات التي تعتمد على الأسمدة المعدنية، خاصة وأن أعداد السكان تضاعف في مصر عن القرن الماضي، حيث تخطى 110 مليون نسمة، بالإضافة لوجود الأشقاء من الدول العربية مثل سوريا واليمن وليبيا ولبنان والسودان، فاصبح عدد قاطني مصر يتجاوز 130 مليون نسمة، لذلك نحتاج للعمل بكثافة، ومصر حتى عام 1903 كانت تعمل بالكامل بنظام الزراعة العضوية، والأسمدة المعدنية تم اكتشافها واستخدمت بشكل اقتصادي عام 1905، ومنذ ذلك التاريخ انخفض حجم وكم المجاعات حول العالم عن القرون السابقة لزيادة الإنتاج الزراعي.
وتابع بأن الأسمدة المعدنية من مواد طبيعية من البيئة وتم إعادة تشكيلها لتتناسب مع بيئة النبات، واستخدامها ساهم في زيادة جودة شكل المنتج فاصبح أكثر قيمة وأكثر قبولا عند المستهلك، ومن حيث كم الإنتاج اصبح أكبر كما.
وأضاف بأن بعض المستثمرين اتجهوا للزراعات العضوية، مضيفا بأن الزراعات العضوية في مصر لا زالت تتراوح نسبتها من 3 إلى 5%، وبالتالي لا تزال في بدايتها بالسوق المصري، وذلك عدم اقبال المصريين عليها نتيجة قلة الإنتاج وارتفاع التكاليف وبالتالي ارتفاع أسعارها.
المبيدات تحافظ على إنتاجية المحاصيل الزراعية وجودتها
وقد أكد دكتور محمد هلال، دكتور بالمعمل المركزي للمبيدات بمركز البحوث الزراعية، بأن أهمية استخدام المبيدات تكمن في الحفاظ على كم الانتاجية الزراعية وجودتها، مفسرا بأن الآفات المختلفة والمتنوعة إذا لم تتم مكافحتها ستؤثر على إنتاجية المحاصيل بفقد نسبة هدر لا تقل عن 60: 70% وفي بعض الأحوال تتعدى تلك النسب، وبالتالي تعود بالنقص على الأمن الغذائي، الذي يليه حدوث مجاعات، على سبيل المثال آفة مثل الجراد تسببت في إحداث مجاعات لبعض الدول أو المناطق حيث تغذت على جميع انتاج المحصول.
وأضاف بأن استخدام المبيدات استثناء مهم جدا لا غنى عنه، مؤكدا بأن استخدامه بالطريقة الصحيحة لا يؤثر سلبا على الزراعات أو حياة الإنسان، وعملية استخراج مادة فعالة لاستخدامها كمبيد تتم بعد إجراء العديد من الدراسات المختلفة التي تتكلف ملايين الدولارات للتأكد من فاعليتها ومدى كونها آمنة على الزراعات.
وتابع بأن اتهام المبيدات بأنها المسئولة عن الإصابة بالأمراض مثل السرطان وخلافه أمر غير دقيق، مرجعا أسباب الإصابة بالأمراض السرطانية إلى عدة أسباب من بينها على سبيل المثال لا الحصر الصرف الصناعي الذي يختلط بمياه الري والذي يعد أكثر خطورة من المبيدات، نظرا لأنه يحتوي على ما يسمى بالعناصر الثقيلة والتي تكمن خطورتها في أن90% من أسباب الإصابة بالتوحد وتشوهات الأجنة تكون بسببها، وذلك لاختلاطها بمياه الشرب والري، كما أنها تؤثر على الثروة السمكية.
وأشار إلى أن المبيد في حد ذاته ليس المشكلة بل طريقة استخدامه، مضيفا بأن الاستخدام الخاطئ للمبيد يرجع إلى ثقافة الفلاح، ومدى تحديد الآفة والمبيد المناسب للقضاء عليها، ومعدل الاستخدام المناسب للمحصول وتوقيت استخدام المبيد، كل ذلك يترتب عليه الحصول على نتيجة فعالة ومرضية لتقليل نسب اصابات المحصول والحفاظ عليه وتحقيق أعلى انتاجية له، مؤكدا اذا تمت كل الخطوات بشكل صحيح نحصل على محصول ذو انتاجية عالية وجودة مرتفعة دون اصابات لكائنات غير مستهدفة كالحيوانات الأليفة والطيور وغيرها.
وأوضح بأن وزارة الزراعة تهتم بتوصيل كافة المعلومات للفلاح بالطريقة التي تؤدي إلى تقليل التعرض الخاطئ للمبيدات، وأن عبوة المبيد ملصق بها بطاقة استدلالية مدون عليها من الألف إلى الياء كل ما يتعلق بهذا المبيد، مثل مكوناته وطريقة استخدامه حتى الأضرار التي يمكن أن تترتب عليه وجميع الإجراءات الواجب اتخاذها في حالة حدوث تسمم، ونظرا لاختلاف المستوى التعليمي والثقافي للفلاحين تم وضع علامات استرشادية عبارة عن صور استرشادية على عبوات المبيدات لتوضيح مدى الخطورة وطريقة الاستخدام، كما أن لون البطاقة الاستدلالية يحدد للمستخدم مدى نسبة الخطورة، بداية من الأحمر الأعلى خطورة، ونستخدم أدوات كثيرة لتحجيم حدوث ضرر من المبيدات.
وقال بأن من أشهر الأخطاء التي يقوم بها الفلاحين استخدام المبيدات بكثافة بمعدلات مرتفعة غير طبيعية بخلاف الموصي بها، ظنا منه أن زيادة الجرعة تعطي فاعلية أكبر، فهناك معدلات استخدام تصل بالجرام للفدان وأخرى 5 كيلو للفدان وذلك مرتبط بطبيعة المادة والآفة والمحصول، وتحديدها يرجع للدراسات العلمية التي أجريت لمدة سنتين لتحديدها، لذلك لابد من التزام الفلاح بالجرعات المحددة بدقة.
وحذر من أن زيادة جرعات المبيدات تجعلها شديدة السمية على المحصول والمزارع، ومن الممكن أن تعرض المزارع للتسمم وبالتالي زوجته والأطفال الرضع، كما أن وجود متبقيات المبيد داخل المحصول بعد جمعه يؤدي إلى تعرض المستهلكين للتسمم وغيره من الأمراض الخطيرة.
وتابع بأن لتجنب ضرر متبقيات المبيدات شديدة السمية داخل الأغذية لابد من ترك مسافة زمنية تقدر بـ 10 أيام ما بين رش آخر جرعة مبيد والحصاد، كما يمنع رش المبيدات بالقرب من المجاري المائية، حتى لا تعرض الكائنات للتسمم، كما أن هناك بعض أنواع المبيدات يحذر استخدامها خارج الصوب الزراعية، مؤكد أن ضرر متبقيات المبيدات يمكن أن يصل إلى منتجات الألبان بعد تعرض الحيوانات لمتبقيات المبيدات.
وقال بأن ما اشيع عن أضرار المبيدات المسئول عنه سلوكيات بعض مطبقي المبيدات ومخالفة كل ما سبق من تعليمات، بما يسبب أضرار تجعل استخدام المبيدات أكثر خطورة وسمية حسب ما هو شائع عنه، لذلك لابد من وضع قواعد تنظيمية للوصول لأفضل نتيجة من استخدام المبيد.
وأشار إلى أن لجنة المبيدات الزراعية التابعة لوزارة الزراعة هي من تضع جميع الإجراءات المقننة لاستخدام المبيدات، وقد تم تعظيم دورها بدلا من الاكتفاء بالتسجيل والبطاقة الاستدلالية وتوصيل كافة المعلومات المتعلقة بالفلاح، بل اصبحت تجري دورات توعوية للفلاحين واطلاق برنامج مطبقي المبيدات لتخريج جيل جديد من الشباب خبراء بمجال تطبيق المبيدات زراعية من شتى الأماكن والمجالات والتخصصات، ليكونوا مسئولين عن عملية التطبيق، وهو ما أتى ثماره بالفعل.
واضاف بأن الهيئات الحكومية والرقابية تقوم ببذل اقصى ما عندها للقيام بدورها لإنجاح المنظومة دون حدوث أضرار تترتب عن التطبيق الخاطئ للمبيدات، مؤكدا أن المبيدات التي نقوم باستخدامها في مصر يتم استخدامها في جميع دول العالم ومصنعة بالخارج.
برنامج "مطبقي المبيدات" ساهم في زيادة الوعي وتقليل الأضرار
كما أشار دكتور إيهاب مصطفى، مدرس بكلية الزراعة جامعة الأزهر، إلى الـ PHI أو ما يطلق عليه فترة الأمان للمبيدات الزراعية، موضحا أن كل نوع من المبيدات محدد له فترة أمان تكون ما بين تطبيق المبيد على المحصول وجمعه، وأكبر خطأ يقع فيه الفلاح عدم ترك فترة أمان كافيه بعد تطبيق المبيد على المحصول وجمعه على الفور، وهي من أشهر مسببات الأمراض.
وتابع بأن من أشهر أخطاء المزارعين عدم التمييز ما بين عبوة المبيد الأصلية وغير الأصلية، والتي ظهرت نتيجة بحث بعض التجار عن زيادة الربح من خلال بيع مبيدات غير مسجلة بوزارة الزراعة ومصنعة تحت بير السلم بأسعار أقل من المبيدات المسجلة، وفي كثير من الأحيان تأتي بنتائج أكثر فاعلية نتيجة زيادة التركيز المبيد وزيادة مواد فعالة اضافية.
وحذر بأن كثرة استخدام تلك المواد يؤدي إلى نتائج عكسية أو ما يسمى "المقاومة"، وذلك نتيجة استخدام أكثر من مبيد في فترة زمنية قصيرة، مما يؤدي إلى زيادة مقاومة الآفة ضد المبيد وبالتالي لا يؤثر عليها نهائيا.
وأكد بأن الدولة حينما اطلقت دورة مطبقي المبيدات واصبح الشباب الخريجين مسئولين عن تطبيق المبيدات؛ ادى ذلك إلى زيادة الوعي وتقليل الأضرار بنسب تتجاوز أكثر من 70%.